مَنْ ذا الَّذِي يُقرض الله (القرض الحسن)
الأخلاق والثقافة الإسلامية
يُحيط القرآن بكلّ ما يحتاج إليه الإنسان في حياته، ويُهيّء له سُبلَ الوصولِ إلى أهدافهِ مهمَا تعدّدت تلك الأهداف، ومهما كثرت الصّعاب الّتي تُعيق حركة الإنسان في طريقه.
عدد الزوار: 118نص الموعظة القرانية:
قال الله تعالى: ﴿مَّن ذَا الَّذِي
يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللّهُ
يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾1.
تمهيد
يُحيط القرآن بكلّ ما يحتاج إليه الإنسان في حياته، ويُهيّء له سُبلَ الوصولِ إلى
أهدافهِ مهمَا تعدّدت تلك الأهداف، ومهما كثرت الصّعاب الّتي تُعيق حركة الإنسان في
طريقه.
فإذا أراد الإنسان أن يُحاور أخيه الإنسان يُريه الله تعالى طُرق التّحاور فيقول له:
﴿وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾2، وإذا قرّر الإنسان القيام بعمل ما، فيقف
القرآن مُنبِّهاً له: ﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ
وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾3، فالله يراقب أعمالنا، ويدعونا إلى
العمل وفق القوانين الّتي يضعها لنا، وهكذا يحدّد لنا القرآن البوصلةَ الّتي تُنير
لنَا درباً مُشْرَّعاً وواسعاً للوصول إلى الغايات المنشودة.
ويوطِّد القرآن عُرى الرّوابط الإنسانيّة بين النّاس، فيحُثّهم على التّعاون فيما
بينهم حيث يقول: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ
عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾4.
القرض الحسن وآثاره الاجتماعية
القرآن الكريم دستورُ حياةٍ حقيقيّة، تَراه يُرصِّع لنَا مفاهيمَ مهمّة جداً
لاستقامة حياة الإنسان، ومن هذه المفاهيم مفهوم (القرض الحسن).
قال تعالى: ﴿مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾5.
وقال سبحانه: ﴿مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ
وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾6.
لنحاول معاً أن نَغْرفَ من ينبوع المعرفة، فنرى ما هو معنى القرض؟ ولماذا رَبط الله
القرض بذاته المقدّسة؟ وما هو القرض الحسن؟ وكيف يُضاعف أضعافاً كثيرة؟ ولماذا
يُضاعف بهذه الأضعاف؟
القرض في اللّغة: ما يَتَجازَى به الناسُ فيما بينهم ويَتَقاضَوْنَه، وجمعه: قرُوضٌ،
وهو ما أَسْلَفَه من إِحسانٍ، والقِرْضُ بالكسر، لغة فيه حكاها الكسّائيّ7.
وفي الاصطلاح الفقهي عبارة عن: "معروف أثبته الشارع إمتاعاً للمحتاجين مع ردّ عوضه
في غير المجلس غالباً"8.
فالقرض فعل خيرٍ، يؤدّيه الإنسان مع أخيه، وهو من البلاء الحسن.
والقرض يأتي بمعنى القطع، يعني يقطتع المقرِض من نفسه وماله ما يربطه بالمقترض.
أقسام القرض
وقد قُسّم القرض إلى قسمين:
1- قرض حاجة: وهذا لا يُتصوَّر في حقّ الله تعالى، فهو الغنيّ المطلق غير المحتاج
لأحدٍ، والكلّ محتاج إليه، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء
إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾9.
2- قرض ربحٍ: أي أنّ هذا المال المستَقرَض يرجع إلى المقرِض مع الرّبح الحلال، وهذا
متصوّر في حقّه تعالى، وهو محور فكرة القرض الحسن، فيصرف المقرِض المالَ في المنافع
العامّة، ومن ثمّ يعود النّفع إلى صاحبه، بشرط خضوعه للموازين الشّرعيّة.
والمعنى المراد في المقام: هو جميع ما يقدّمه الإنسان من أفعال خيّرة، ترجع منفعتها
إلى النّفس أو المجتمع، وتعبيره تعالى بالقرض إنّما هو للتّنظير وتقريب الفكرة،
وليس المراد القرض الاصطلاحيّ الّذي يُؤخذ لرفع الحاجة والعَوَز.
يُقرض الله تعالى
إنّما ارتبط القرض بالله تعالى في هذه الآيات الكريمة للحثّ والتّشجيع والتّرغيب
على البذل والإنفاق في سبيل النّفس الإنسانيّة والمجتمع.
وتَتبيّنُ هذه الفكرة في قوله تعالى: ﴿وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا
تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا
وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾10.
فهذه الآية توضّح لنا المراد من القرض الّذي يقدِّمه الإنسان إلى النّاس على صعيد
الفرد والمجتمع.
والدّليل على هذا قوله تعالى: ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ
تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرً﴾، من جهة كون القرض تقدمة
لنفس المقرِض عبر مساعدته للآخرين، فالمنفعة الحقيقيّة هي لصاحب القرض، وليس لمن
طلب القرض والمساعدة!!
ولمَّا كانت رغبة الإنسان في الإنفاق ضعيفة بشكل عامّ، حثّ الله تعالى الإنسان على
الإنفاق، ورَبَط القرض بذاته المقدّسة كتشجيع على فعل الخير، والبذل والعطاء لوجهه
عزّ وجلّ.
ومن الأدلّة، ما في الخبر الصّحيح، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبد الله عليه السلام
أنّه قال: "مَا مِنْ مُؤْمِنٍ أَقْرَضَ مُؤْمِناً يَلْتَمِسُ بِهِ وَجْهَ اللهِ
إِلَّا حَسَبَ الله لَهُ أَجْرَهُ بِحِسَابِ الصَّدَقَةِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِ
مَالُهُ"11.
فالمؤمن عندما يقرض الله تعالى، هو في حقيقة الأمر يقدّم لنفسه الخير والأجر الجزيل
الّذي يفوق كلّ أجرٍ آخر، فيعتبر القرض كالصّدقة من جهة رجوع الصّدقة إلى صاحبها
مضاعفة، كذلك القرض يرجع إلى صاحبه أضعافاً كثيرة، وهو في بعض الرّوايات يتخطّى
الصدقة بثمانية أضعاف، فالصدقة بعشرة، والقرض بثمانية عشر!
ما هو القرض الحسن؟
كلّ قرض كان مُخلَصاً لله تعالى، أي: خالٍ عن الشوائب من الشرك، والرياء، والسّمعة،
ومن المنِّ والأذى، وفيه الخير والمنفعة العامّة العائدة على الصّالح العامّ، فهو
من القرض الحسن. من أجل ذلك علينا أن نتنبّه إلى كمائن الشّيطان الّذي لا يترك فرصة
إلّا وينتهزهَا ليُوقِعنا في شرك الرّياء والسّمعة، فنقدّم المال لأجل أن نُذكر على
المنابر، أو يقال انظروا إلى فلان وفلان ما الّذي قدّمه لبناء المسجد، وغير ذلك من
الحبائل الّتي قد يَحيكها إبليس بطريقة يغفل الإنسان عنها!!
نعم، في بعض الأحيان قد يكون من باب التّشجيع للآخرين كي يقدّموا ويَبذلوا قروضاً
حسنة، فهذا شيءٌ ممدوحٌ ومطلوب، ولكن لا بدّ من الاحتياط والالتفات إلى خدع
الشّيطان الّتي تَقتنص كلّ فرصة لتسقطنا في حفر المعاصي والذّنوب، فنكون من الّذين
يظنّون أنّهم يحسنون صنعاً، وما لهم في الآخرة من نصيب، قال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ
نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعً﴾12.
وفي هذا السّياق تُروى في سبب نزول آية الإقراض حادثة جرت مع النّبي صلى الله عليه
وآله وسلم وأحد أصحابه، وهو أبو الدّحداح، وفيها من العبر ما ينفعنا، فإليك خلاصتها
وعبرها:
"لما نزل: "مَنْ ذَا الذي يقرض الله قرضاً حسناً" قال أبو الدحداح: فداك أبي وأمي
يا رسول الله! إِنَّ الله يستقرضنا وهو غنيٌّ عن القرض؟
قال صلى الله عليه وآله وسلم: "نعم يريد أن يدخلكم الجنة به".
قال: "فإنّي إنْ أقرضتُ ربّى قرضاً يضمن لي به ولصبيتي الدحداحة معي الجنة؟"
قال صلى الله عليه وآله وسلم: "نعم".
قال: "فناولني يدك"، فناوله رسوله الله صلى الله عليه وآله وسلم يده. فقال: "إِنَّ
لي حديقتين إحداهما بالسافلة والأخرى بالعالية، والله لا أملك غيرهما، قد جعلتهما
قرضاً لله تعالى".
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اجعل إحداهما لله والأخرى دعها معيشة لك
ولعيالك".
قال: "فأشهدك يا رسول الله أنّى قد جعلت خيرهما لله تعالى، وهو حائط فيه ستمائة
نخلة".
قال: "إذاً يجزيك الله به الجنة".
فانطلق أبو الدحداح حتى جاء أمّ الدحداح وهي مع صبيانها في الحديقة تدور تحت النخل
فأنشأ يقول:
هداكِ ربّي سبلَ الرشاد***إِلَى سبيل الخير والسداد
بيني من الحائط بالوداد***إفقد مضى قرضاً إِلَى التناد
أقرضتُه اللهَ على اعتمادي***إبالطّوعِ لا منٌّ ولا ارتداد
إِلَّا رجاء الضعف في المعاد***إفارتحلي بالنفسِ والأولاد
والبرُّ لا شكّ فخير زاد***إقدّمه المرء إِلَى المعاد
قالت أمُّ الدحداح: رَبِحَ بيعك! بارك الله لك فيما اشتريت، ثم أجابته أمُّ الدحداح
وأنشأت تقول:
بشّرك الله بخيرٍ وفرح مثلك أدّى ما لديه ونصح
قد متّع الله عيالي ومنح بالعجوةِ السوداء والزهو البلح
والعبد يسعى وله ما قد كدح طول الليالي وعليه ما اجترح
"ثمّ أقبلت أمُّ الدحداح على صبيانها تخرج ما في أفواههم وتنفض ما في أكمامهم، حتى
أفضت إلى الحائط الآخر، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: كم من عذق13 رداح ودار
فياح (أي: واسع) لأبي الدحداح"14.
العبرة من القصّة
العِبر الّتي تستفاد من هذه الحادثة الحقيقيّة التي جرت بين يدي رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم كثيرة نشير إِلَى أهمّها:
- الغِنى المطلق لله تعالى، ومع ذلك يَستقرض الله من النّاس قروضاً حسنةً لمنفعتهم.
- جزاء القرض ليس مكسباً دنيويًّا بل هو جزاء أخرويّ، فالنّبيّ صلى الله عليه وآله
وسلم يدعو المؤمنين للتعلّق بالآخرة من خلال أفعالنا في هذه الحياة الدّنيا.
- تأكيد رسول الله (الصّلاة) على أبي الدحداح بأن لا يتصدّق بكلّ ما لديه، فيبقي
بستان له ولعياله، ويتصدّق بالآخر. وإن كان البستان الباقي هو صدقة أيضاً، ولكن
صدقة يجريها على عياله، فالبذل على العيال صدقة، وبذلك لا يصير أبو الدّحداح عالةً
على غيره، فالتّواكل على الغير وطلب المعونة من الغير مذمومٌ عند الله تعالى.
- الزّوجة المخلصة لله تعالى تحثّ زوجها على فعل الخير وعلى الإقراض الحسن، ولا
تصدّه عن أداء المعروف مع النّاس. وانظروا إِلَى المقام الَّذِي وصلته هذا المرأة،
حيث إِنَّها بمجرّد ما سمعت من زوجها أَنَّه تصدّق بكلّ ما يملك بادلته الرضا
والحثّ، وسارعت إِلَى أولادها أخذت تمر الصدقة من أفواههم، خلافاً لبعض نساء هذا
العصر، حيث قد تبادر زوجها بالاعتراض والقطيعة.
فحريٌّ بنا جميعاً رجالاً ونساءاً أن نَعتبر من هذه الدّروس الّتي أعطانا إيّاها
النّبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأنْ نبذل ما لدينا في سبيل الله تعالى، ونكون من
أهل القروض الحسنة.
فيضاعفه أضعافاً كثيرة
إنّ الله تعالى قد طلب منّا في أوّل هذه الآية الكريمة طلباً، فقال عزّ من قائل:
﴿مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنً﴾، ثمّ جاء الجواب من قِبَلِهِ
سبحانه وتعالى: ﴿فَيُضَاعِفَهُ
لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾، أنْ يَا عباديَ أجيبوني، فأعطيكم من العطاء المضاعف،
ومن العطاء الكثير، ما لا عين رأت، فما تقدِّمه من قرضٍ لأخيك المؤمن لا يضيع عندي،
بل يعود عليك بمنافعَ ليس لها إحصاء.
وهنا أشار بعض أهل اللّغة إلى الفرق بين الضّعف والذي هو أداء المثل وزيادة، وبين
قوله تعالى (أضعاف)، فإنّ فيه تأكيداً على معنى الزيادة أكثر من كلمة (يضعّف)، لأنّ
معنى ضعّفت، أي: ضعفت مرّتين، بينما ضاعفت، يعني جعلته مرّتين فصاعدا.
وفي الصحيح عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام: "مَكْتُوبٌ عَلَى بَابِ
الْجَنَّةِ الصَّدَقَةُ بِعَشَرَةٍ، وَالْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ"15
فالقرض بثمانية عشر ضعف، والصّدقة أقلّ منه في الأجر والثّواب كما هو ظاهر الحديث
الشّريف، ومع ذلك لم يكتف الله تعالى بذلك، فعقَّب التّضعيف بالكثير، أي أضعافًا
كثيرة!!
فجزاء القرض الحسن أضعافاً كثيرة، وهذا الجزاء قد يختلف باختلاف مراتب الإخلاص في
إعطاء القروض الحسنة، فتراة يكون بعشرة كما في قوله تعالى: ﴿مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ
فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا...﴾16، وتارة أخرى يكون بسبعمائة، كما في قوله تعالى:
﴿مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ
أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ
يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾17.
هذا هو بعض جزاء من يقرض الله قرضاً حسناً، فالله يُعطي كلّ من يُنفق في سبيله
الكثير الكثير، كمثل حبّة أنبَتت سبعَ سنابلَ، وكلّ سنبلة تُعطي مائة حبّة، وبعد
ذلك يضاعف الله تعالى لمن يشاء من عباده أضعافًا كثيرة!!
يقبض ويبسط
بعد كلّ العطاء الّذي قرنه الله تعالى بذاته المقدّسة، وأنّ الّذي يقرض الله قرضاً
حسناً يضاعفه له، علينا أن نبقى متيقّظين إلى أنّ ما نبذله ونقدّمه لا يساوي شيئاً
أمام كرم الله تعالى علينا، ولا يُمكن في لحظة ما أن يقوم الإنسان بالتّفكير فيما
بينه وبين نفسه أنّه قد فعل الكثير، وأعطى ما لا يمكن أن يعطيَه غيره.
من هنا كان تنبيه الله تعالى لنا عندما قال سبحانه: ﴿وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ
وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾.
لكي نضع في بَالِنا ـ وبشكل دائمٍ ـ أنّنا مهما قدّمنا يبقى تقديمنا قليلاً جداً
مقابل قدرة الله القابض والباسط علينا، من نعمة الخلق، والصّحة والعافية، والأمن،
والأمان في كلّ شعب حياتنا، فالله عزّ وجلّ إذا أراد منعَ عنّا كلّ شيء، وإذا أراد
أعطانا كلّ شيء...
فيا أيّها المؤمن! أقرض الله قرضاً حسناً يُضاعفه لك أضعافًا كثيرة جدًا، ولا تغفل
عن أنّ الله سبحانه هو المعطي الحقيقيّ، وهو المانع الحقيقيّ أيضاً، فإذا أراد أن
يُضَيِّق علينا منع عنّا الهواء الّذي نتنفّسه.
هذا، وإليه المرجع والمصير، والمبدأ والمنتهى...
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله المعصومين.
* كتاب وزدناهم هدى، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1- سورة البقرة، الآية: 245.
2- سورة النحل، الآية: 125.
3- سورة التوبة، الآية: 105.
4- سورة المائدة، الآية: 2.
5- سورة البقرة، الآية: 245.
6- سورة الحديد، الآية: 11.
7- انظر: لسان العرب، مادة (قرض).
8- الشهيد الأول، محمد بن مكي، الدروس الشرعية في فقه الإمامية، ج3، ص 318، نشر:
مكتب النشر الإسلامي التابع لجماعة المدرسين، الطبعة الثانية 1417، قم.
9- سورة فاطر، الآية: 15.
10- سورة المزمل، الآية: 20.
11- الشيخ الكُلَيْني، الكافي، ج 4، ص 34.
12- سورة الكهف، الآيتان: 103 - 104.
13- العذق (بفتح فسكون): النخلة. وبكسر فسكون: العرجون (الغصن) بما فيه من
الشماريخ. ورداح: ثقيلة.
14- القرطبي، محمَّد بن أحمد الأنصاري، الجامع لأحكام القرآن، ج 3، ص 238، تحقيق:
أحمد عبد العليم البردوني، نشر دار إحياء التُّراث العربي 1405، بيروت.
15- الشيخ الكليني، الكافي، ج 4، ص 33.
16- سورة الأنعام، الآية: 160.
17- سورة البقرة، الآية: 261.