أسباب انحراف المجتمع
محرَّم
يُوجِّهنا وليُّ أمرنا الإمام الخامنئي المفدَّى (دام ظلّه) في إحدى كلماته ان نستفيد من عبرة عاشوراء محدِّدا معنى العبرة بان يضع الإنسان نفسه في تلك الحالة التي يستلهم منها العبرة ليحدد موقعه وما الذي يلزمه، فإذا مرَّ الواحد منا بجادة ما وشاهد سيارة مقلوبة قد تضرَّر ركابها
عدد الزوار: 285
أسباب
انحراف المجتمع
المناسبة: محرم الحرام
عظم الله أجورنا وأجوركم بمصابنا
بأبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وجعلنا وإياكم من الطالبين بثأره مع وليه
الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) من آل محمّد (صلوات الله عليهم).
يُوجِّهنا وليُّ أمرنا الإمام الخامنئي المفدَّى (دام ظلّه) في إحدى كلماته ان
نستفيد من عبرة عاشوراء محدِّدا معنى العبرة بان يضع الإنسان نفسه في تلك الحالة
التي يستلهم منها العبرة ليحدد موقعه وما الذي يلزمه، فإذا مرَّ الواحد منا بجادة
ما وشاهد سيارة مقلوبة قد تضرَّر ركابها ينبغي أن يقف وينظر ليأخذ العبرة ليتبيِّن
له أية سرعة وأية قيادة أدت إلى حدوث حالة كهذا فهذا هو معنى العبرة.
ثم يحدِّد ولي الأمر (مدّ ظلّه العالي) العبرة الأولى في قضية عاشوراء والتي تجعلنا
ننتبه لأنفسنا بـ أن نرى "ما الذي حدث بعد خمسين عاماً من وفاة الرسول (صلى الله
عليه وآله) ليصل الأمر إلى ذلك الحد الذي يضطر فيه شخص كالإمام الحسين أن يقوم
بتضحية كهذه ؟
…" ما هو الوضع الذي جعل الإمام الحسين (عليه السلام) يشعر بأن الإسلام لا يحيا إلا
بتضحية كهذه وإلا سيزول ؟…
نحن يجب ان نضع هذا في مورد انتباهنا الدقيق، نحن اليوم مجتمع إسلامي، وعلينا ان
ننظر ما هو الداء العفن الذي أصاب ذلك المجتمع الإسلامي حتى انتهى الأمر إلى يزيد،
ما الذي حدث بعد عشرين عاماً من استشهاد أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى ترفع رؤوس
أبناء أمير المؤمنين على رؤوس الرماح، ويطاف بها في تلك المدينة ؟
فالكوفة لم تكن مدينة غريبة عن الدين، إنما الكوفة هي نفس ذلك المكان الذي كان يمشي
أمير المؤمنين (عليه السلام) في أسواقها يأمر الناس بالمعروف وينهاهم عن المنكر،
وكان نداء تلاوة القرآن في أناء الليل وأطراف النهار متصاعداً من ذلك المسجد وتلك
المحامل، هذه المدينة نفسها هي التي طوّفوا فيها وفي أسواقها بنات أمير المؤمنين (عليه
السلام) وحرمه وهم أسرى … ما الذي حدث حتى وصل الأمر إلى هذا الحد؟".
أسباب الانحراف:
ويطرح الإمام القائد (مدّ ظلّه العالي) آية من القرآن تجيب على هذا السؤال وهي:
﴿ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ
فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾.
ويقول: "هناك سببان أساسيان لهذا الضلال والانحراف العام:
الأول: هو الابتعاد عن ذكر الله ونسيان ما هو عند الله.
والثاني: هو السعي وراء الشهوات واتباع الهوى .
وبعبارة أخرى حب الدنيا والتفكير بجمع الثروات والمال والتلذذ بشهوات الدنيا
والوقوع فيها… إن نسيان العقيدة هو الألم الأساس والكبير، نحن أيضاً يمكن ان نبتلي
بهذا الألم، فإذا ذهبت حالة المواظبة على العقائد الإسلامية في المجتمع الإسلامي أو
ضعفت… أصبح كل واحد يفكِّر كيف ينجو بنفسه من المعركة، وعندما نتعوّد مجاراة
الأخرين في اللهاث وراء الدنيا وعندما نعطي الترجيح لأنفسنا ولمصالحنا فوق مصالح
المجتمع فإن الوضع سيجُّرنا إلى هذا المستوى …عندما تتغير الموازين الإلهية كل من
لديه حب أكثر للدنيا والأكثر اتباعاً للشهوات والأكثر حنكة في كسب مصالحه الشخصية،
والأكثر تلفيقاً في لغة الصدق والحقيقة يأتي لتولي الأعمال وبالتالي أمثال عمر بن
سعد لعنه الله وشمر وعبيد الله بن زياد (عليهم اللعنة) يصبحون الرؤساء، وأمثال
الحسين بن علي (عليهما السلام) يُذهب بهم إلى المذبح ويقتلون شهداء في كربلاء،
وتصبح هذه المعادلة هي الصواب، ينبغي على المصلحين أن لا يسمحوا بتغير القيم
والموازين الإلهية في المجتمع، فإذا تغير معيار التقوى في المجتمع يصبح إنسان تقي
كالحسين بن علي (عليهما السلام) مهدور الدم، إن كانت الحنكة والتسلط والتحكم بأمور
العالم والدسيسة والاحتيال والكذب وعدم الاعتناء بالقيم الإسلامية أصبحت ملاكاً
طبعاً فإن شخصاً كـ يزيد سيتولى زمام الأمور، وشخصاً كعبيد الله بن زياد سيصبح
الرجل الأول في العراق، إذا استطعتم الحفاظ على قيم الإسلام الأصيل فلن يؤخذ أمثال
الحسين بن علي (عليهما السلام) إلى المقتل أو المذبح، أما إذا لم نحافظ عليها فماذا
سيحصل ؟ ماذا سيحصل إذا حُرّرنا من معنوياتنا الجهادية ؟ وماذا سيحصل إذا فكرنا
بالكماليات الشخصية متجاهلين الواجب الإلهي والتكليف والعقيدة والأحكام الإلهية ؟
إذا جعلنا شاباً تعبوياً، شاباً مؤمناً شاباً مخلصاً ملتزماً والذي لا يريد سوى
ساحة يجاهد فيها في سبيل الله، إذا جعلنا مثل هذا الشاب في عزلة من أمره، وجعلنا
ذلك الإنسان الوقح، الطمّاع، والمجرد من الصفات الحميدة والمعنويات يتحكم، ماذا
سيحصل ؟ طبيعي أن كل شيء سينقلب، والفوضى ستعمّ.
إذا كانت المسافة الزمنية بين وفاة النبي الأكرم واستشهاد سبطه الامام الحسين (عليه
السلام) في صدر الاسلام قد بلغت خمسين عاماً، فهذه الفترة قد تكون أقصر بكثير في
عصرنا، وربما ذهبت فضائلنا وأصحاب الفضائل إلى المذبح أو المقتل أسرع من ذلك بكثير،
يجب أن نحول دون ذلك وأن نصمد بوجه الانحرافات التي ربما يفرضها علينا العدو" إذاً
هذه هي العبرة من عاشوراء أن لا نسمح لأحد أن يحجّم روح الثورة في المجتمع ويحجّم
ابن الثورة في المجتمع ".
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
2014-11-06