يتم التحميل...

انتظار الفرج ومعناه الصحيح

الإمام المهدي (عج)

البعض يرى انتظار الفرج في أن يجلس في المسجد أو الحسينية أو المنزل، ويدعو الله تعالى لفرج الإمام الحجة صاحب الزَّمان، سلام الله عليه. إنّ من لديهم مثل هذا التصوّر هم أناس صالحون، بل إنّ بعض الذين أعرفهم كان إنساناً صالحاً للغاية

عدد الزوار: 125

"البعض يرى انتظار الفرج في أن يجلس في المسجد أو الحسينية أو المنزل، ويدعو الله تعالى لفرج الإمام الحجة صاحب الزَّمان، سلام الله عليه. إنّ من لديهم مثل هذا التصوّر هم أناس صالحون، بل إنّ بعض الذين أعرفهم كان إنساناً صالحاً للغاية وقد اشترى له حصاناً وكان عنده سيف، وكان على أهبة الاستعداد في انتظار الإمام صاحب الأمر- سلام الله عليه -. فأمثال هؤلاء كانوا يعلمون واجباتهم الشرعية وكانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولكن الأمر كان يقف عند هذا الحد. وفيما عدا ذلك لا يصدر عنهم شيء ولم يكونوا يفكرون بفعل شي‏ء فيما يخص هذا الأمر الهام.

على صعيد آخر ثمة جماعة ترى في انتظار الفرج أن تدير ظهرها لكل ما يجري من حولها. فلا شأن لها بما يجري على الشعوب وما يعاني منه شعبنا، وكلّ همّها هو العمل بواجباتها الدينية وفيما عدا ذلك فهو من مهامّ صاحب الزَّمان الذي سيأتي ويصحّح كلّ شي‏ء بنفسه. إذ يقول أفراد هذه الجماعة: نحن غير مسؤولين عما يجري وكلّ ما علينا هو أن ندعو لظهور صاحب الزَّمان. هؤلاء أيضاً كانوا أفراداً صالحين.

غير أنّ فئة ثالثة كانت تقول: حسناً، يجب أن يمتلئ العالم بالمعاصي حتّى يمهد لظهور الإمام صاحب الأمر. يجب أن لا ننهى عن المنكر ولا نأمر بالمعروف وترك النّاس يفعلون ما يشاءون لكي تزداد المعاصي ويقترب الفرج. بل هناك فئة تؤمن بأكثر من هذا إذ تقول: يجب التشجيع على المعاصي وارتكاب الذنوب حتّى تمتلئ الدنيا ظلماً وجوراً مما يمهد لظهور الإمام‏الحجة سلام الله عليه. وبطبيعة الحال بين هؤلاء أناس منحرفون وبينهم سذّج أيضاً، وكان المنحرفون يتطلّعون إلى تحقيق أهداف خاصة.

والحقيقة هي، علينا أن نعمل للقضاء على الظلم والجور في أيّ مكان من العالم إذا كان في مقدورنا ذلك. إنّ تكليفنا الشرعيّ يدعونا إلى ذلك ولكن ليس بمقدورنا. وسيأتي الإمام المهديّ ليملأ الأرض قسطاً وعدلًا، غير أنّ ذلك لا يسقط التكليف عنكم بأن تكفّوا عن أداء واجبكم. نحن لدينا تكليف، ومَنْ يقول بعدم ضرورة الحكومة فهذا يعني أن تكون هناك فوضى. فإذا ما غابت الحكومة فسوف يعمّ الفساد البلاد بنحو ليس له حدود. فأيّ عاقل يقبل أن يظلم النّاس بعضهم البعض كي يمهّدوا لظهور صاحب الزَّمان!! وماذا سيفعل صاحب الزَّمان حين يأتي؟ أليس القضاء على الظلم وبسط العدالة؟ فالإنسان إن لم يكن سفيهاً ولا مغرضاً ولم يكن ألعوبة بيد الآخرين، لن يقبل بمثل هذه الأفكار.

القوى الكبرى والترويج لمعنى الانتظار الخاطئ‏

"حقيقة الأمر هي أنّ السياسة تقف وراء ذلك. مثلما لقّنوا الشعوب، لقّنوا المسلمين وجموعاً غفيرة من سكان الأرض أنّ السياسة ليست من شأنكم، أذهبوا أنتم إلى عملكم‏ واتركوا السياسة لأهلها. إنّ مثل هذا الكلام الذي يدعو النّاس للتخلّي عن السياسة وتركها إلى الظلمة، تركها إلى أميركا والاتحاد السوفيتي وأمثالهما كي يتسنّى لهم نهب ثرواتنا وخيراتنا، كي يتسنّى لهم أن ينهبوا ثروات المسلمين والمستضعفين، إنّ مثل هذا الكلام تخريف وسذاجة. وقد ضحكوا به على عقول النّاس، بأن اتركوا السياسة لنا واذهبوا أنتم إلى مساجدكم.

إنّ هؤلاء الذين يقولون ببطلان كلّ راية ترفع وكلّ حكومة تقوم، يتصوّرون أنّ قيام كلّ حكومة هو خلاف لانتظار الفرج. إنّهم لا يفقهون ما يقولون، وإنّما تمّ تلقينهم أن يقولوا مثل هذا الكلام. إنّ غياب الحكومة يعني أن يتكالب النّاس على بعضهم البعض. يقتل بعضهم البعض، ويتصرّفون بما يتعارض ونصّ القرآن الكريم.. فإذا فرضنا أن هناك مائتي حديث في هذا الباب، فإننا نضرب بها عرض الحائط لأنها تتعارض مع نصّ القرآن الكريم. إن كلّ حديث ينصّ على عدم وجوب النهي عن المنكر، يجب أن يضرب به عرض الحائط. لأنه لا يمكن العمل بهذا النوع من الأحاديث، وأنّ هؤلاء الأغبياء لا يعون ماذا يقولون: كل حكومة تقوم هي حكومة باطلة!! بل لقد سمعت أنّ بعض هؤلاء يدعو إلى الكفّ عن تهذيب الأخلاق في إيران اليوم، فلم تعد هناك ضرورة لمثل هذا الكلام!! وهذا يعني أن يكون أستاذ الأخلاق في جمع من الأناس الفاسدين، وأن تكون أبواب الحانات مشرعة ومراكز الفساد ناشطة. لأنه إذا كانت البيئة صالحة فلا حاجة لتهذيب الأخلاق. إنّ مثل هذه الدعوات إن لم تكن مغرضة فهي غبية وبلهاء. بيد أن هؤلاء يدركون جيداً ماذا يفعلون ويتطلّعون إلى عزلنا عن هذا العالم.

أجل، ليس بمقدورنا أن نعمل على سيادة العدل في العالم أجمع، ولو كان بمقدورنا ذلك لفعلنا. ولأننا لا نستطيع أن نفعل ذلك فلا بدّ من ظهور الإمام المنتظر. العالم اليوم يسوده الظلم ونحن في نقطة من هذا العالم. وإذا كان بمقدورنا التصديّ للظلم يجب أن لا نتهاون في ذلك، لأنّه واجبنا. الإسلام والقرآن حدّد مسؤولياتنا وسنّ لنا واجباتنا ولكن لا نستطيع نشر العدل في العالم بأسره ولا بدّ من ظهوره - سلام الله عليه -. ولكن يجب أن نمهّد الطريق له. يجب أن نوفّر الأسباب التي تعجّل في ظهوره. علينا أن نعمل على تهيئة العالم لظهور الإمام المهديّ الموعود - سلام الله عليه -.

على أيّة حال إنّ كلّ هذه المصائب دخيلة على المسلمين وإنّ القوى الخارجية تعمل على إشاعتها لكي يتسنى لها نهب ثرواتنا والقضاء على عزّة المسلمين. وللأسف إنّ الكثير من المسلمين آمنوا بذلك. وربما تجد الآن من يؤمن بعدم ضرورة إقامة حكومة، لأنّ الحكومة يجب أن تكون في عصر الإمام الحجّة، وأنّ كلّ حكومة تقوم في غير عصره تعتبر باطلة، حسب تصورهم. فأمثال هؤلاء يرون ضرورة إشاعة الفوضى واضطراب العالم، حتّى يأتي الإمام المهديّ لإصلاحه!! ولكنّنا عازمون على تمهيد الطريق لظهوره إن شاء الله.. نسأل الله تعالى أن يهدي ‏أمثال هؤلاء. وان يجعل هذا اليوم مباركاً على الجميع، وأن يقطع دابر الظالمين، وأن يمنح الشعوب المظلومة القوّة للقضاء على الظالمين"1.

* من كتاب أمل الإنسان، سلسلة المسابقات الثقافية، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.


1- صحيفة الإمام، ج21، ص21.

2014-10-08