الحجاب والستر
مواعظ الكتاب
فرض الله الستر والحجاب للحفاظ على العفاف والطهر والروحي والأخلاقي وتحصين المجتمع في مواجهة عوامل الفساد والفسق والانحراف، ومن العبث والتبذّل. وللحفاظ على قيم ثابتة في حياة الأسرة، والمجتمع، تشكل حاجة وضرورة لا تتغير بتغير الزمان والمكان.
عدد الزوار: 172
يقول الله تعالى في محكم كتابه:
﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء
الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن
يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾
1
تمهيد
فرض الله الستر والحجاب للحفاظ على العفاف والطهر والروحي والأخلاقي وتحصين المجتمع
في مواجهة عوامل الفساد والفسق والانحراف، ومن العبث والتبذّل. وللحفاظ على قيم
ثابتة في حياة الأسرة، والمجتمع، تشكل حاجة وضرورة لا تتغير بتغير الزمان والمكان.
قال تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء
الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن
يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾2.
علاقة حجاب المرأة بالأمن والإيمان
الحجاب يحقّق الأمن فهو حماية من إرسال النظر وحفظ للفرج، وحماية للقلب من مرض جموح
الشهوة.
وكلّ هذه تتحقّق بأن تحتجب المرأة المسلمة وأن تغطّي محاسنها ومواضع الفتنة فيها
وأن تبقى كما قال الله عزّ وجلّ:
﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ
الْأُولَى﴾3
لأنّ التبرّج والسفور يعقبه ذلك النظر المحرّم وقد يتلوه ارتكاب الفاحشة، وارتكاب
الفاحشة مؤذن بعقوبة الله وبغضب الله وبتعكير الأمن، فلن يقرّ أمن مجتمع أبداً إلّا
بأن تحتجب المرأة.
فليس هناك مجتمع تتبرج نساؤه إلّا وعاقبته الانحلال الأخلاقي والتفكّك الأسري،
ويكون ذلك مقدّمة لانتشار الرذائل والمخدّرات، والأفكار الهدّامة، لذلك يحرص أعداء
الله على أن يفسدوا المرأة المسلمة، ثمّ يدخلوا من خلاله إلى إفساد القلوب فيقضون
على العقيدة والإيمان، وعلى الأخلاق والتماسك الاجتماعي.
شروط الحجاب الشرعي
وضع الإسلام مجموعة مواصفات يجب أن تتوفّر في اللباس لكي يكون "لباسا شرعيّا"
و "زيّا إسلاميّا" وحتّى يكون مؤدّيا للغرض والهدف الّذي فرض من أجله،
فالمرأة المسلمة الملتزمة هي الّتي تحافظ على هذه المواصفات في لباسها، وفي زيّها،
وقد ظهرت في هذا العصر "أزياء متنوّعة باسم الأزياء الإسلاميّة" قد لا تشكّل"لباسا
شرعيّا" وفق ما يأتي من ضوابط.
حيث يشترط أن يتوفّر"لباس المرأة" على مجموعة مواصفات وشروط، من خلالها
يتحدّد الفاصل بين "الزيّ الشرعي" و "الزيّ غير الشرعي"، وإذا جاز
أن تتعدّد الأشكال بتعدّد الأزمان وتعدّد المجتمعات فإنّه لا يجوز أبداً أن تسقط
المواصفات والشروط والضوابط، فهي من الثوابت الّتي لا تتغيّر بتغيّر الأعصار
والأمصار.
من هذه المواصفات والشروط:
1- أن يكون اللباس واسعاً فضفاضاً: أي غير ضيّق حتّى لا يصف شيئاً من جسمها أو يظهر
أماكن الفتنة من الجسم.
2- أن يكون مستوعبا لجميع البدن باستثناء الوجه والكفّين. قال تعالى:
﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾4.
3- ألّا يكون الحجاب زينة في نفسه لقوله تعالى
﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾.
4- أن لا يترتّب على اللباس بعض العناوين الفاسدة: كالتشبّه بالكفار فقد ورد عن
الإمام الصادق عليه السلام - عن آبائه عليهم السلام -: "أوحى الله إلى نبيّ من
الأنّبياء أن قل لقومك: لا تلبسوا لباس أعدائي، ولا تشاكلوا بما شاكل أعدائي،
فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي"5.
وعن الإمام عليّ عليه السلام: "قلّ من تشبه بقوم إلّا أوشك أن يكون منهم"6.
ويظهر من الرواية أنّ من تشبّه بقوم وتأثّر بهم بالقليل لم يأمن على نفسه الزيادة
في هذا الأمر حتّى يكون منقاداً لكلّ ما يفعلونه أو يأتون به.
تشبّه الرجال بالنساء وبالعكس، عن الإمام الصادق عليه السلام - عن آبائه عليهم
السلام -: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يزجر الرجل أن يتشبه بالنساء،
وينهى المرأة أن تتشبه بالرجال في لباسها"7.
نشر الثقافة الغربيّة، فلو كان ارتداؤه يعد إشاعة للثقافة الغربيّة المعادية فلا
يجوز استيرادها ولا بيعها وشراؤها ولبسها، وكونه نشرا للثقافة الغربية المعارضة
للثقافة الإسلامية فموكول إلى نظر العرف8.
الترويج للمنكر، كارتداء الألبسة الّتي تحمل شعار الخمر والترويج للمحرمات9.
منافاته للعفّة والأخلاق الإسلامية10.
5- ألا يكون لباس شهرة: وهو اللباس الّذي لا يتوقّع من الشخص أن يرتديه من أجل لونه
أو كيفيّة خياطته أو من أجل كونه خلِقا أو غير ذلك، بحيث لو ارتداه بمرأى من الناس
ومنظرهم لفت أنظارهم إلى نفسه وأشير إليه بالبنان11.
ولباس الشهرة في المصطلح الفقهي هو اللباس الّذي يثير الاستهجان والاستقباح عند
عامّة الناس في البلد وبتعبير آخر هو اللباس الّذي يعرّض صاحبه للتشهير والتشنيع
وحديث الناس.ويشمل اللباس الّذي يتزيّا فيه الرجل بزي المرأة أو العكس، بحيث يصدق
عليه تأنّث الرجل واسترجال المرأة.
وهو محرّم حيث يعرّض صاحبه إلى الهتك والإذلال، حيث يحرم على المؤمن أن يهتك نفسه
وأن يذلّها، ولكن إذا أصبح هذا الزيّ الجديد المتوافر على الشروط الشرعيّة زيّا
مألوفا لا يوجب التشهير والاستقباح والاستهجان خرج عن كونه "لباس شهرة" وخرج عن
كونه محرّما.
وقد ورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "من لبس مشهورا من الثياب أعرض الله
عنه يوم القيامة"12.
لباس الشهرة يختلف من زمن لآخر
فقد يُعد لباس في زمن ما شهرة ولا يُعد في زمن آخر، كذلك وما يُعتبر شهرة في بلد أو
مجتمع قد لا يكون كذلك في غيره من البلاد والمجتمعات.لذلك ورد في الروايات الشريفة
أن خير لباس كل زمان لباس أهله.
فعن حماد بن عثمان: كنت حاضرا عند أبي عبد الله عليه السلام إذ قال له رجل: أصلحك
الله، ذكرت أنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام كان يلبس الخشن، يلبس القميص بأربعة
دراهم، وما أشبه ذلك، ونرى عليك اللباس الجيّد ! قال: فقال له عليه السلام: "إنّ
عليّ بن أبي طالب عليه السلام كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر، ولو لبس مثل ذلك اليوم
لشهّر به، فخير لباس كلّ زمان لباس أهله، غير أنّ قائمنا إذا قام لبس ثياب عليّ
عليه السلام وسار بسيرته"13.
أخطاء المرأة المتعلّقة باللباس والزينة
ـ خروج المرأة متبرّجة
التبرّج: هو أن تبدى المرأة زينتها ومحاسنها و ما يجب أن تستره مما تستدعي به شهوة
الرجال. وهذا فعل الجاهليّة الأولى والّتي نهى الله عنه قال تعالى
﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾14.
فقد تكون المرأة محجّبة الرأس والبدن ولكن تضع المساحيق والزينة والعطور الّتي تثير
الفتنة وكلّ ذلك حرام.
ـ لبس الحجاب غير الواجد للضوابط الشرعيّة (الحجاب العصري)
فقد يتخيّل بعض أنّ المطلوب فقط هو ستر الشعر والبدن، وتغفل عن الضوابط الأخرى
أو تتجاهله، فترتدي اللباس الضيق، أو اللباس ذي الألوان المثيرة، وكلّ هذا لا
ينسجم مع الأهداف الّتي شرّع من أجلها الستر والحجاب.
وقد يكون بعض الثياب زينة في نفسه فيدخل في قوله تعالى:
﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ...﴾
فليس المحرّم فقط لبس الزينة فوق الثياب أو إظهار محاسن المرأة، بل يحرم كلّ ما هو
زينة حتّى لو كان الثوب نفسه وهذا هو الطاغي على ما يسمى بالحجاب العصري.
* قد جاءتكم موعظة ، سلسلة الدروس الثقافية ، نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
1- سورة الأحزاب،
الآية: 59.
2- سورة الأحزاب، الآية: 59.
3- سورة الأحزاب، الآية: 33.
4- سورة النور، الآية: 31.
5- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج11، ص111.
6- نهج البلاغة، الحكمة 207.
7- مكارم الأخلاق، الطبرسي، ج1، ص 256.
8- أجوبة الإستفتاءات، المعاملات، ج 1، س 295.
9- م. ن، ج 1، س 305.
10- أجوبة الإستفتاءات، المعاملات، ج 1، س 295.
11- م. ن، ج 1، س 282.
12- غرر الحكم، ح4596.
13- الكافي، الشيخ الكلينيّ، ج6 ، ص444 .
14- سورة الأحزاب، الآية: 33.