يتم التحميل...

الاقتداء بالائمة في ضوء التعدد

فكر الشهيد مطهري

الناظر في تاريخ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام يلاحظ اختلافاً في مناهجهم ومواقفهم اتجاه القضايا المختلفة. ففي الوقت الذي نرى فيه خروج الإمام الحسين عليه السلام ثائراً مضحياً، نرى بقيّة الأئمة عليهم السلام يمارسون "التقيّة" ويأمرون شيعتهم بها، حتى صارت "التقيّة" سمةً ملازمة للتشيّع ملازمة الكرم لحاتم!

عدد الزوار: 85

 الإختلاف واضح

الناظر في تاريخ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام يلاحظ اختلافاً في مناهجهم ومواقفهم اتجاه القضايا المختلفة. ففي الوقت الذي نرى فيه خروج الإمام الحسين عليه السلام ثائراً مضحياً، نرى بقيّة الأئمة عليهم السلام يمارسون "التقيّة" ويأمرون شيعتهم بها، حتى صارت "التقيّة" سمةً ملازمة للتشيّع ملازمة الكرم لحاتم!

وعندما نراجع سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم نجد أنّه عاش فقيراً، يأكل خبز الشعير ويلبس المرقَّع، وكذلك كان أمير المؤمنين عليه السلام، ونحن مأمورون بالتأسّي برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على لسان القران الكريم: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْاخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرا1.

لكن عندما نراجع سيرة الإمام المجتبى عليه السلام أو الإمام الصادق عليه السلام أو الإمام الرضا عليه السلام، نلاحظ خلاف ذلك، فقد عاشوا سعةً من الرزق وأكلوا الطعام الجيّد ولبسوا الثياب الجيّدة، بل كانوا يأمرون الناس بالتوسعة على أنفسهم في مساكنهم!. وأمثال هذا التفاوت والتعارض الظاهري ملحوظ بشكل واسع في مواقفهم عليهم السلام.

هل الإختلاف نقطة ضعف؟
وبما أنّنا نؤمن بإمامتهم وضرورة اتباعهم، فأيّ منهجٍ نتّبع وعلى أيّ سيرة نسير؟! وماذا نفعل بهذا التراث الغني والأخبار الوفيرة والحِكم الأخلاقية والاجتماعية الواردة عنهم عليهم السلام؟ وما نمتلكه من أحاديث في كتاب الكافي لوحده يتجاوز ما في الصحاح الستّة عند أهل السنة!.

هذا الأمر الذي يعدّ من مفاخر الشيعة ومن نقاط القوّة عندهم، والذي أغناهم عن الأخذ بالقياس والاستحسان، من الممكن أن يتحول إلى نقطة ضعف ما لم نجب على الإستفهام المتقدّم. وعند ذلك ستكون النتيجة مع تعدّد المعصومين عليهم السلام ومناهجهم الوقوع في الحيرة والضلال والفوضى والتشتت، ونصبح مصداقاً للمثل القائل: "إذا تعدّد أطباء المريض صعب شفاؤه".

جواب الشبهة
الحقّ هو أنّ ذلك كلّه من نقاط القوّة عند الشيعة، ولتوضيح ذلك نقدّم المثال التالي:
إذا كان عندنا معصوم واحد عاش عشرين أو ثلاثين عاماً أو عاش مائتين وخمسين سنة، فمن الطبيعي أنّه في الفرض الأوّل لم تطرأ تحولات وتغييرات وموضوعات مختلفة وبمقدار كافٍ نتمكّن معه من ملاحظة طريقة تعامل المعصوم معها، بحيث نصبح ماهرين بكيفية تطبيق قواعد الدين الكليّة على الموضوعات المختلفة، وذلك لأنّ في الدين جهة بيانيّة وأخرى تطبيقيّة وعمليّة، تماماً كما في الدروس النظريّة والدروس التي تطبّق تلك النظريّات على الموضوعات الجزئيّة.

أمّا في الفرض الثاني وهو ما إذا كان عندنا معصوم ومقتدى لمدّة مائتين وخمسين عاماً، فإنّه يواجه أنواع القضايا المختلفة ويوضح لنا طرق التعامل معها، وبذلك نتمكّن أكثر من معرفة روح التعاليم الدينيّة وننجو من الجمود والجفاف الذي يؤدّي إلى تفسير المعلولات بغير عللها، وإلى الخلط بين الأصيل وغير الأصيل في الشريعة.

الأئمّة عليهم السلام ومقتضيات الزمان
لا شك في أنّ أئمّة الدين عليهم السلام قد عاشوا في زمان ومحيط له مقتضياته الخاصّة به، وكان لا بدّ لكلّ منهم من مواكبة مقتضيات زمانه، وبهذا نكتشف أنّ في الدين مرونة تسمح للناس بالأخذ بمقتضيات زمانهم.

إذن، تعدّد الأئمة عليهم السلام أو طول عمر الإمام الواحد يوفّر للإنسان قدرةً أكبر على إدراك روح التعاليم الدينيّة المرتبطة بمقتضيات الزمان، فمن الممكن أن يأتي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعمل بحكمِ أنّ الدين يقتضي ذلك، وقد يأتي بعمل بحكمِ مقتضيات الزمان، كالمثال الذي قدّمناه من أنّه صلى الله عليه وآله وسلم عاش فقيراً بينما الإمام الصادق عليه السلام مثلا لم يكن فقيراً.

قصة وعبرة
هناك قصة توضّح هذا المطلب بشكل جليّ‏ٍ ذكرها الكليني في كتاب الكافي وهي: مرّ سفيان الثوري في المسجد الحرام فرأى أبا عبد الله الصادق عليه السلام وعليه ثياب كثيرة القيمة حسان، فقال والله لاتينّه ولأوبّخنّه، فدنا منه فقال: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لبس رسول الله مثل هذا اللباس ولا علي عليه السلام ولا أحد من ابائك. فقال أبو عبد الله عليه السلام: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في زمن قتر مقتر وكان يأخذ لقتره وإقتداره، وإنّ الدنيا بعد ذلك أرخت عزاليها فأحقّ أهلها بها أبرارها، ثم تلا: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ2، ونحن أحقّ من أخذ منها ما أعطاه الله، غير أنّي يا ثوري ما ترى عليّ‏َ من ثوب إنما لبسته للناس، ثم اجتذب يد سفيان فجرّها إليه ثمّ رفع الثوب الأعلى وأخرج ثوباً تحت ذلك على جلده غليظاً فقال هذا ألبسُه لنفسي غليظا وما رأيتَه للناس، ثم جذب ثوبا على سفيان أعلاه غليظ خشن وداخل ذلك ثوب ليّن فقال: "لبستَ هذا الأعلى للناس ولبستَ هذا لنفسك تسرّها"3.

موافقة سلوك المعصومين عليهم السلام لقوانين الإسلام
فالإمام عليه السلام يبيّن لنا من خلال خطابه مع سفيان أنّه علينا أخذ عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعين الاعتبار، فما فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن جزءاً من قانون الإسلام وإنّما قانون الإسلام هو المواساة والمساواة والعدل والإنصاف، فلو كانت سعة العيش متوفّرة في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم للناس لم يكن صلى الله عليه وآله وسلم ليعيش كما عاش.

وتظهر روح المواساة في سلوك الصادق عليه السلام نفسه في قصّة الجفاف الذي ضرب المدينة المنوّرة، حيث أمر عليه السلام ببيع مخزون القمح الذي يمتلكه وعرضه بالسوق ليكون بمتناول جميع المسلمين، واكتفى هو وعياله بخبز السوق المخلوط من القمح والشعير. فالإمام عليه السلام لا يقول: كُلْ خبز القمح أو كُلْ خبز الشعير، وإنّما يقول: يجب أن تكون سيرتك في الناس على أساس العدل والإنصاف والإحسان.

ثمرة الاختلاف
لولا هذا الاختلاف في سيرة المعصومين عليهم السلام وبيانهم لروح الإسلام، لحسبنا عمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثلاً المرتبط بمقتضيات عصره جزءاً من الشريعة، ولبقي الناسيرزحون تحت نير الفهم الخاطى‏ء للتأسّي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى يوم القيامة.

فالصادق عليه السلام قد أعطانا درساً حول سلوك النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخرجنا من الجمود وأخذ بيدنا لنلامس الروح والمعنى، ولولا ذلك لاحتجنا إلى قوّة اجتهادية وعقليّة خارقة لرفع هكذا تناقض مفترض.
الحلّ الذي قدّمه يعتبر جمعاً عرفيّا للمتعارضين، أي أنّ العرف العقلائي يقبل تفسير اختلاف السيَر باختلاف مقتضيات الزمان.

مثال اخر:
عُرض على أمير المؤمنين عليه السلام حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "غيّروا الشيب ولا تشبهوا باليهود" ولم يكن عليه السلام يخضب شعره، فأوضح عليه السلام أنّ ذلك كان من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأجل الخطط العسكرية والتكتيك العسكري، لأنّ الخضاب يخفي الشيب، فلا يرى العدو في المسلمين عجوزاً أو مسنّاً، أمّا اليوم فامرؤ وما اختار، فلولا بيان الأمير لعلّة الأمر لكنا ملتزمين إلى يوم القيامة بمراقبة شعر الناس هل هو مخضّب أم لا؟

لفت نظر
من المؤكّد أنّ التمييز بين الأحكام والأفعال الصادرة عن الأئمّة عليهم السلام من مقتضيات الزمان، وبين الأحكام والقوانين الكليّة والمصالح العامّة والثابتة لجميع البشر بعنوان كونهم بشراً، يحتاج إلى قراءة شاملة ومطالعة دقيقة وكاملة.

نماذج ومشكلات
يمكن القول إنّ الناظر في سيرة أمير المؤمنين عليه السلام وحده، يشاهد مخزوناً ضخماً من التجارب التي اختلفت فيها مواقف المعصوم عليه السلام في مواجهة كلّ‏ِ نوع من أنواع المشاكل، فتارةً يصبر وأخرى يوجّه وينصح، وثالثة يقاتل، ولزيادة الفائدة نتعرض لبعض المشكلات التي واجهت أمير المؤمنين عليه السلام كنموذج واضح من السيرة المليئة بالدروس المختلفة.

في كلام له عليه السلام: "دعوني والتمسوا غيري فإنّا مستقبلون أمرا له وجوه وألوان، لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول، وإنّ الافاق قد أغامت والمحجّة قد تنكّرت،واعلموا أنّي إن أجبتكم ركبتُ بكم ما أعلم"4.

لقد صدرت هذه الكلمات عنه عليه السلام بعد مقتل عثمان وتوافد الناس إلى بيته يصرون على مبايعته.
أما موقفه فكان الإعراض عن تولية الأمر، لا لأنّه ليس صاحبا لهذا الحقّ، فقد كان عليه السلام طوال فترة الخلفاء يبرز حقّه ويذكّر الناس به عندما كانت الفرصة مناسبة لذلك.

وقد كانت علّة الإعراض ما بيّنه هو عليه السلام، وهي ما سيواجه المسلمين من إضطرابات وفتن، وذلك لما أصاب المحجّة من غمام والإستقامة من اعوجاج واستنكار.وفي اخر كلامه يتمّ الحجّة على الناس بقوله عليه السلام: "...إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم". وإلا فـ"إنّي لكم وزير خير لكم منّي أمير".

ما تقدّم يكشف لنا علم الإمام عليه السلام بما سيواجهه من مشكلات أثناء خلافته، والتي حدثت بالفعل. فما هي هذه المشكلات؟

1- مقتل عثمان
أوّل مشكلة واجهها أمير المؤمنين عليه السلام هي قصّة مقتل عثمان والتي أشار إليها بقوله: "فإنّا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان".
لقد ورث عليّ عليه السلام الخلافة عن خليفة قتله الثائرون ولم يجيزوا حتى دفنه، وكان موقف عليّ عليه السلام وسطا بين اتجاهين:
الأول: موقف عثمان وحاشيته وكلّ الظلم والإجحاف والامتيازات الخاصّة بأتباعه.
الثاني: موقف المجموعات الغاضبة والثائرة الاتية من أصقاع العالم الإسلامي معترضة ومنتقدة.

أما عليّ عليه السلام فقد وقف بينهما مخالفاً ومنتقداً لسلوك عثمان وساعياً لحجزه عن ضلاله علّه يطفى‏ء بذلك نار الثوّار ويخمد الفتنة القادمة، وفي نفس الوقت كان رافضاً فتح باب دار الخليفة كي لا يقتل. ولكن لا عثمان وأتباعه صحّحوا طريقهم، ولا الثوّار أحجموا عن ثورتهم، وكانت النتيجة المعلومة.

لم تكن الفتنة بنظر عليّ عليه السلام نتيجة لقتل عثمان فحسب، بل كانت هي الغاية من قتله أيضاً، ويظهر ذلك جليّا بما حققه علماء الاجتماع والتاريخ من دخالة بعض أتباع عثمان في قتله وخاصة معاوية الذي استفاد من قتل عثمان بشكل كامل.

2- مشكلة النفاق

يختلف مخالفو علي عليه السلام عن مخالفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإنّ أعداء النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يقاتلونه تحت شعار "أعل هبل" وهو شعار الكفر وعبادة الأصنام، وكان في المقابل شعار النبي صلى الله عليه وآله وسلم "اللَّه أعلى وأجل"، وأمّا أعداء علي عليه السلام فقد كانوا من طبقة المتظاهرين بالإسلام وليسوا بمسلمين واقعاً، وكانت شعاراتهم شعارات إسلامية بينما هدفهم هو القضاء على الإسلام.

لقد حارب أبو سفيان رسولَ الله تحت شعار "أعلُ هبل" فكانت مواجهته سهلة، أمّا ابنه معاوية الذي يمتلك نفس الروح السفيانيّة ونفس الأهداف فقد كان شعاره قرآنيّاً: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً5، مع أنّه لم يكن ولياً شرعيّاً للقتيل، فمن أرحام عثمان من كان أكثر قرابة منه كابنه مثلاً، إلا أنّه كان مصرّاً على المطالبة بدمه. وأكثر من ذلك فكان قد نشر جواسيسه حول عثمان، حتى إذا قُتل أرسلوا إليه قميصه ملطّخاً بالدم قبل أن يجفّ، وكذا أصابع زوجة عثمان، فعلّق القميص على عمود خشبي طويل والأصابع على المنبر، وبدأ بالبكاء وإقامة العزاء في الشام مدّة من الزمن بهدف تعبئة الناس لأجل الأخذ بثأر الخليفة المظلوم، ممّن!؟ من زعيم الثوّار بزعمه الذين بايعوه وانضووا تحت لوائه!. وأدّى ذلك في النهاية إلى حربَي الجمل وصفين تحت هذه الذريعة.

3- الإصرار على إقامة العدل
من المشكلات التي واجهت عليّاً عليه السلام ما له ارتباط بنهجه من جهة، والتغيير الذي طرأ على المسلمين من جهة أخرى.
فعلي عليه السلام كان رجلاً لا يعرف الانحراف والانحناء، وقد مرّت على المسلمين سنوات بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم اعتادوا فيها على إعطاء الإمتيازات للمتنفِّذين.

وهنا كان عليّ عليه السلام يبدي صلابة عجيبة ويقول: "أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه، والله ما أطور به ما سمر سمير"6، فأنا لست ممّن يترك نصرة الضعفاء ويسكت عن الظلم لأجل تحقيق النصر ما دام في السماء أفلاك تجري!.

4- الصراحة والصدق في السياسة

ما كان يمتلكه علي عليه السلام من الصدق والصراحة أدّى إلى أن لا يحتمله حتى أصحابه، فكانوا يطالبونه بإعمال الدهاء والخدعة في العمل السياسي لظنّهم أنّ ذلك جزء من السياسة، بل قال بعضهم: إنّ عليّاً لا علم له بالسياسة، وأما معاوية فهو رجل السياسة، فكان جواب عليّ عليه السلام: "والله ما معاوية بأدهى منّي، ولكنه يغدر ويفجر، ولولا كراهيّة الغدر لكنت من أدهى الناس، لكن كلّ غدرة فجرة وكل فجرة كفرة ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة"7.

الخلاصة
1- إنّ الإيمان بإمامة وعصمة أئمّة أهل البيت عليه السلام وكونهم امتداداً لإمامة النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم يجعل تنوع تجاربهم ومواقفهم تبعاً لظروف زمانهم وعلمهم بالمصالح والمفاسد الواقعيّة عنصر قوّة وإغناء للثقافة الدينيّة عند الشيعة، ويساهم في إخراج المتديّن وحمايته من ظاهرة الجمود على الظواهر الذي يتّخذ أحياناً ثوب القداسة.

2- تبرز أهميّة الفهم الواعي والعميق لروح الإسلام في المواقف السياسيّة والاجتماعية التي تتّخذها القيادات الدينيّة في عصرنا الحاضر، فالذي يمتلك منهم وعياً للتراث الفكري والتجربة الحضارية لأئمّة أهل البيت عليهم السلام يمكنه أن يقود الأمّة في شتى ظروفها إلى المواقف السليمة، ويستطيع ربط المتدينين بالإسلام المحمديّ الأصيل الذي له في كلّ واقعة حكم بعيداً عن القياس والاستحسان وإتباع الظن.

3- إنّ أغنى تراث في الحكم والسياسة عند المسلمين هو ما كان يمثّله أمير المؤمنين عليه السلام من وعي ثابت لمضمون الرسالة المحمّدية، فقد أغنت تجربته في الحكم موسوعةَ القانون والفقه والسياسة عند الشيعة الإماميّة؛ بحيث اتسعت معه هوامش الأحكام والمواقف واختلفت باختلاف طبيعة المشكلات التي واجهها عليه السلام.

والحمد لله ربّ العالمين.

* الاقتداء بالائمة في ضوء التعدد, سلسلة احياء فكر الشهيد مطهري , نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


1- سورة الأحزاب، الاية: 21.
2- سورة الأعراف، الاية: 32.
3- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج 6، ص 443، الحديث 8، ط. الثالثة 1367هـ. دار الكتب الاِسلامية.
4- نهج البلاغة، ج‏1، الخطبة 92، تحقيق محمد عبده، دار التعارف، بيروت.
5- سورة الإسراء، الاية: 33.
6- نهج البلاغة، ج‏2، الخطبة 126، ص 6، تحقيق محمد عبده، دار المعرفة بيروت.
7- المصدر.

2014-09-23