التّوبة باب الرَّحمة الإلهيّة الدّائم
الأخلاق والثقافة الإسلامية
عندما يجلس الكاتب أمام الحاسوب، ويبدأ بطباعة ما يجول في خاطره على صفحات حاسوبه، ويتعثّر فكره في أيّة فكرة، فإنّه مباشرة ينتقل إلى خيار التَّراجع عمّا كتب، ليقوم بتصحيح الفكرة، أو تصحيح الجملة الّتي كتبها بشكل خاطئ.
عدد الزوار: 120
تمهيد
عندما يجلس الكاتب أمام الحاسوب، ويبدأ بطباعة ما يجول في خاطره على صفحات حاسوبه،
ويتعثّر فكره في أيّة فكرة، فإنّه مباشرة ينتقل إلى خيار التَّراجع عمّا كتب، ليقوم
بتصحيح الفكرة، أو تصحيح الجملة الّتي كتبها بشكل خاطئ.
وعندما يشتري الواحد منّا حاجة من حاجاته، ويرجع بها إلى بيته مسروراً، ليجد أنّه
قد أخطأ في خياره إذا بان عيبها، فإنّه مباشرة يعود إلى الكفالة ليستعملها في
التَّراجع عن الشراء. وحين يتقدّم الجيش في المعركة إلى أرض تصل إليه فيها نار
الأعداء ولا يجد مفرّاً ولا ملاذاً للاحتماء منها، فإنّه سرعان ما يتراجع إلى
الوراء حفاظاً على قوّته، ولإعادة الهجوم بشكل أفضل.
وكذا الإنسان في كلّ مواقف حياته، عندما يتفوّه بكلمة تسيء لصديق مثلاً، فإنّه
يسارع للتَّراجع عنها محاولاً توضيح موقفه، وقد يعتذر عمّا صدر منه.
وأمثال هذه المواقف الّتي تمرّ في حياة الإنسان كثيرة. ولو تأمّلنا بشكل دقيق في
تفاصيل حياتنا، فإنّنا نجد أنّنا دائماً ما نحتاج إلى خيار التَّراجع هذا.
وفي علاقتنا مع الله تعالى، لا بدّ لنا من هذا الخيار أيضاً. فلماذا نحتاج لذلك؟
الحاجة للتّوبة
دعانا القرآن الكريم إلى التّوبة، واستعمل في الدّعوة إليها كلمات ملؤها الرَّحمة،
مع علمنا جميعاً بأنّ الله تعالى غنيّ عن عذابنا، وغنيّ أيضاً عن عبادتنا، لنتأمّل
في قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا
تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا
إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا
لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ﴾1.
هنا دعوة بلسان الرَّحمة، فقول الله تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ﴾ دائماً ما يُشعر
بالرَّحمة، كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ
أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾2.
وقوله تعالى: ﴿قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ﴾3.
وقوله تعالى: ﴿ نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾4.
وهذا خطاب يستعمله الله تعالى لخطاب المؤمنين، ويُشعرَ المستمع له بالرَّحمة،
فلماذا يدعونا الله تعالى بهذا الخطاب؟
إنّ دعوة الله تعالى لنا للتّوبة والإنابة لأجل أمور:
1- إنّه رحيم بنا، ومن صفات الرّحيم أن يقبل عذر المعتذر ويقيل عثرة المستقيل، وهذا
معنى قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا
آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾5.
2- إنّ التّوبة هي بوّابة الأمل للمؤمن المتعثّر، ولولاها لهيمن القنوط على كلّ
البشر، لأنّ كلّ البشر خطّاؤون إلّا من عصم الله، وقد نهى الله تعالى عن القنوط من
رحمته. يقول،ـ عزّ من قائل،: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى
أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾6.
وفي الرّواية أنّ الإمام أبا عبد الله الصَّادق عليه السلام استقبل القبلة قبل
التكبير وقال: "اللهمّ لا تؤيسني من روحك ولا تقنطني من رحمتك ولا تؤمنّي مكرك
فإنّه لا يأمن مكر الله إلّا القوم الخاسرون" قلت (أي: الرّاوي): "جعلت فداك ما
سمعت بهذا من أحد قبلك"، فقال عليه السلام: "إنّ من أكبر الكبائر عند الله اليأس من
روح الله والقنوط من رحمة الله والأمن من مكر الله"7.
وفي رواية أخرى عن إمامنا الرّضا عليّ بن موسى عليه السلام قال: "سمعت أبا الحسن
موسى بن جعفر عليه السلام يقول: دخل عمرو بن عبيد البصريّ على أبي عبد الله عليه
السلام فلمّا سلّم وجلس عنده تلا هذه الآية قول الله عزّ وجلّ: ﴿الَّذِينَ
يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ﴾8 ثمّ أمسك فقال له أبو عبد الله عليه السلام:
ما أسكتك؟ قال: أحبّ أن أعرف الكبائر من كتاب الله عزّ وجلّ، فقال: نعم يا عمرو
أكبر الكبائر الشرك بالله، يقول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ
فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا
لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ﴾9، وبعده اليأس من روح الله، لأنّ الله عزّ وجلّ
يقول:﴿وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ
اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾10..."11.
فلا بدّ إذاً من بوّابة يتخلّص بها الإنسان من عذاب الضمير، الّذي يحلّ به حينما
يرتكب الذّنب، وإلّا، فإنّه سيقضي عمره ملازماً للشُّعور بالألم والذَّنب، وهذا ما
سيكون معرقلاً له في الحياة، فضلاً عن الخسران اللَّاحق في الآخرة، إذ لا مفرّ من
الحساب، ولكن مع وجود التَّوبة يقطع الطّريق أمام اليأس ويفتح باب الإنابة
والصَّفحات البيضاء الجديدة.
معنى التّوبة
التوبة لغةً: تعني الرُّجوع والإنابة، يُقال:
تاب فلان، أي: رجع عن ذنبه فهو تائب.
التّوبة في المصطلح: هي ترك الذّنب علماً
بقبحه، وندماً على فعله، وعزماً على ألّا يعود إليه إذا قدر، وتداركاً لما يمكن
تداركه من الأعمال، وأداءً لما ضيَّع من الفرائض، إخلاصاً لله، ورجاءً لثوابه،
وخوفاً من عقابه. وتعتبر التّوبة من الأصول المهمّة في الإسلام، لأنّها تدعو كلّ
المذنبين إلى العمل لإصلاح أنفسهم والدُّخول في دائرة الرَّحمة الإلهيَّة، والسَّعي
لجبران ما مضى.
وقال الإمام الخمينيّ قدس سره في التّوبة: "التوبة من المنازل المهمّة الصّعبة، وهي
عبارة عن الرُّجوع عن عالم المادّة إلى روحانيّة النّفس، بعد أن حُجبت هذه
الروحانيّة ونور الفطرة بغشاوات ظلمانيّة من جراء الذُّنوب والمعاصي"12.
التَّوبة في الكتاب
جاء ذكر التّوبة في القرآن في أكثر من 85 موضعاً، وقد خُصَّت التّوبة بسورة "التّوبة"
إضافة لسورة "غافر"، ونادراً ما تخلو سورة من ذكر التّوبة، كما في قوله تعالى:
﴿وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ
وَدُودٌ﴾13، وقوله عزّ وجلّ،: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا
الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾14، وقوله عزّ اسمه: ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ
رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنً﴾15.
أدلّة وجوب التَّوبة
التّوبة: هي الرجوع الاختياري عن المعصية إلى الطّاعة والعبودية لله وحده لا شريك
له، وهي واجب وتكليف إلهيّ كما في قوله تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾16. وقوله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ
عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ﴾17.
ويظهر من هاتين الآيتين توجيه الخطاب إلى المذنبين من المؤمنين. أمّا المجرمون
ونحوهم فإنّ الله سبحانه كثيراً ما كان يحذِّرهم في آياته عذاباً أليماً وينذرهم
عاقبة أعمالهم السَّيِّئة، ثمّ يدعوهم إلى التّوبة: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ
وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ﴾18.
وروي عن الإمام الصَّادق عليه السلام أنّه قال: "التَّوبة حبل الله ومدّد عنايته،
ولا بدّ للعبد من مداومة التّوبة على كلِّ حال، وكل فرقة من العباد لهم توبة، فتوبة
الأنبياء من اضطراب السِّرِّ، وتوبة الأولياء من تلوين الخطرات، وتوبة الأصفياء من
التنفُّس، وتوبة الخاص من الاشتغال بغير الله تعالى، وتوبة العام من الذُّنوب، ولكلِّ
واحد منهم معرفة، وعلم في أصل توبته ومنتهى أمره وذلك يطول شرحه ها هنا"19.
وعنه عليه السلام أيضاً: "إنّ الرَّجل ليذنب الذّنب فيدخله الله به الجنّة! قلت:
يدخله الله بالذّنب الجنّة؟ قال: نعم، إنّه يذنب فلا يزال خائفاً ماقتاً لنفسه،
فيرحمه الله فيدخله الجنة"20.
ومن فتوى الفقهاء ما ورد في تحرير الوسيلة للإمام الخمينيّ قدس سره: "من الواجبات
التّوبة من الذَّنب، فلو ارتكب حراماً أو ترك واجباً تجب التّوبة فوراً، ومع عدم
ظهورها منه أمره بها، وكذا لو شكَّ في توبته، وهذا غير الأمر والنهي بالنِّسبة إلى
سائر المعاصي، فلو شكَّ في كونه مقصّراً أو علم بعدمه لا يجب الإنكار بالنّسبة إلى
تلك المعصية، لكن يجب بالنّسبة إلى ترك التَّوبة"21.
آثار التّوبة وفوائدها
للتّوبة فضائل جمّة وأسرار بديعة وفوائد متعدِّدة، وبركات متنوِّعة، فيما يلي بعض
هذه الآثار:
1- التّوبة تكفِّر السَّيِّئات: فإذا تاب
العبد توبة نصوحاً، كفَّر الله بها جميع ذنوبه وخطاياه. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن
يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ﴾22.
2- التّوبة تبدّل السّيئات حسنات: فإذا حسنت
التّوبة بدَّل الله سيئات صاحبها حسنات، قال الله تعالى: ﴿إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ
وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ
وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمً﴾23. وهذه أعظم بشارة للتائبين بشرط أن تقترن
توبتهم بالإيمان والعمل الصّالح.
3- التّوبة سبب لزيادة النِّعم والبركات: قال
تعالى على لسان هود عليه السلام: ﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ
تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً
إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ﴾24.
4- الله تعالى يحب التَّوبة والتَّوَّابين:
قال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾25.
5- الستر على ذنوب التائب: فَيُنْسِي الله
تعالى الملائكة الكاتبين ذنبه، ويأمر أعضاء بدنه بأن لا تشهد عليه. روي عن الصَّادق
عليه السلام: "إذا تاب العبد توبة نصوحاً، أحبّه الله وستر عليه في الدُّنيا
والآخرة، فقلت كيف يستر؟ قال: ينسي ملكيه ما كتبا عليه من الذُّنوب، ويوحي إلى
جوارحه: اكتمي عليه ذنوبه، ويوحي إلى بقاع الأرض اكتمي ما يعمل عليك من الذُّنوب:
فيلقى الله حين يلقاه وليس عليه شيء يشهد عليه بشيء من الذُّنوب"26.
أركان التَّوبة وشرائطها
حقيقة التّوبة كما ذكرنا هي رجوع العبد إلى الله تعالى، وإقلاعه عن المعاصي، ولا
يتحقَّق ذلك إلَّا بمراعاة شروط التّوبة والالتزام بأركانها. فالتّوبة ما لم تقترن
بندم حقيقيّ على الفعل الّذي هو حاجب بين العبد وربه، وتصميم على عدم العودة إلى
أصلاً، والسّعي لمحو كلّ آثاره الباطنيّة، والخارجيّة من خلال إفراغ ذمّته من أيّ
حقِّ متعلِّق فيها سواء الحقّ الإلهيّ أو حق النّاس، فإنّ التَّوبة تبقى ناقصة وغير
مكتملة، ولا يتوقع منها أن تؤتي ثمارها الطّيبة والمرجوَّة. قال تعالى: ﴿إِلاَّ
الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ
وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾27.
جاء في نهج البلاغة أن أمير المؤمنين عليه السلام قال لقاتل قال بحضرته: "أستغفر
الله". قال عليه السلام: "ثكلتك أمك أتدري ما الاستغفار؟ إنّ الاستغفار درجة
العلّيِّين وهو اسم واقع على ستّة معان:
أوّلها: النّدم على مضى.
والثّاني: العزم على ترك العود إليه أبداً.
والثالث: أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتّى
تلقى الله أملس ليس عليك تبعة.
والرابع: أن تعمد إلى كلّ فريضة عليك ضيّعتها
فتؤدّي حقَّها.
والخامس: أن تعمد إلى اللَّحم الّذي نبت على
السحت فتذيبه بالأحزان حتّى تلصق الجلد بالعظم وينشأ بينها لحم جديد.
والسّادس: أن تذيق الجسم ألم الطاعة، كما
أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك نقول: أستغفر الله"28.
وممّا تقدم في كلام الإمام عليّ عليه السلام نستنتج أن للتّوبة ركنين وأربعة شروط:
ركنين وأربع شروط.
1- الركن الأول: النّدم على الذّنب.
2- الركن الثاني: العزم على ترك الذّنب وعدم
العود إليه. ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: "إن النّدم على الشّرِّ يدعو إلى
تركه"29.
وأمّا الشُّروط فهي على قسمين:
شروط القبول:
1- تأدية حقوق المخلوقين بإرجاعها إلى أهلها:
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "أيّها النّاس إنّ الذُّنوب ثلاثة، فذنب مغفور وذنب
غير مغفور، وذنب نرجو لصاحبه ونخاف عليه. قيل: يا أمير المؤمنين عليه السلام
فبِّيّنها لنا. قال: نعم. أمّا الذّنب المغفور فعبد عاقبه الله على ذنبه في الدنيا،
فالله أحلم وأكرم من أن يعاقب عبده مرّتين. وأمّا الذّنب الّذي لا يغفر فظلم العباد
بعضهم لبعض، إنّ الله،ـ تبارك وتعالى، إذا برز لخلقه أقسم قسماً على نفسه، فقال:
وعزّتي وجلالي لا يجوزني ظلم ظالم ولو كفّ بكفّ ولو مسحة بكفّ ولو نطحة ما بين
القرناء إلى الحمّاء فيقتص للعباد بعضهم من بعض حتّى لا تبقى لأحد على أحد مظلمة ثمّ
يبعثهم للحساب. وأمّا الذّنب الثّالث فذنب ستره الله على خلقه ورزقه التّوبة منه،
فأصبح خائفاً من ذنبه راجياً لربِّه، فنحن له كما هو لنفسه، نرجو له الرَّحمة ونخاف
عليه العذاب"30.
2- تأدية حقوق الخالق سبحانه وتعالى: يجب على
التّائب تدارك ما فوته من حقوق الله تعالى وان يعيد إلى تداركها كلِّها حسب ما
قرَّرت الشّريعة الإسلاميّة فيقضي الصَّلاة، ويقضى الصّوم ويكفِّر عما فاته أيضاً
إلى غير ذلك من الأمور المتعلِّقة بحقوق الله تعالى.
شروط الكمال:
1- إذابة اللّحم الّذي نبت على الحرام (كأكل الربا).
2- إذاقة الجسم ألم الطاعة.
* كتاب منار الهدى، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1- سورة الزمر، الآيتان، 53-54.
2- سورة البقرة، الآية 186.
3- سورة إبراهيم، الآية 31.
4- سورة الحجر، الآية 49.
5- سورة المؤمنون، الآية 109.
6- سورة الزمر، الآية 53.
7- الكافي، ج2، ص544.
8- سورة النجم، الآية 32.
9- سورة المائدة، الآية 72.
10- سورة يوسف، الآية 87.
11- الكافي، ج2، ص285.
12- الأربعون حديثاً، ص 257.
13- سورة هود، الآية، 90.
14- سورة النور، الآية 31.
15- سورة هود، الآية 3، وراجع الآيات: طه، 72، والفرقان، 70، والشورى، 25، والمائدة،
74، وهود، 52، وص، 25.
16- سورة النور، الآية 31.
17- سورة التحريم، الآية 8.
18- سورة البروج، الآية 10 وراجع سورة البقرة، الآية 16.
19- بحار الأنوار، ج 6، ص 31.
20- الكافي، ج 2، ص 426.
21- تحرير الوسيلة، ج 1، ص 470.
22- سورة التحريم، الآية 8.
23- سورة الفرقان، الآية 70.
24- سورة هود، الآية 52.
25- سورة البقرة، الآية 222.
26- الكافي، ج2، ص 430-431.
27- سورة البقرة، الآية 160.
28- نهج البلاغة (عبده)، ج 4، ص 97-98.
29- وسائل الشيعة، ج 16، ص 61.
30- الكافي، ج2، ص 443.