كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء طلّاب الجامعات
2014
نشكر الله تعالى على أنه في هذه المرحلة من الزمان، يشهد بلدنا وجود وحضور جمعٌ من الشباب المؤمن والمفعم بالنشاط والحماس والدافع ومن أهل المنطق والرأي في القضايا الرئيسية للبلاد. لقد كان لقاؤنا اليوم لقاءً جيداً جداً؛ وهذا يعود إلى مسألتين: إحداهما تتعلق بتفاصيل الكلمات التي ألقاها الأصدقاء هنا، نعم، لقد ذكرت نقاط ومطالب جيدة ومفيدة.
عدد الزوار: 234كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء طلّاب الجامعات في حسينية الإمام الخميني (رضوان الله عليه) _ 25 – شهر رمضان 1435هـ.ق. 23-7-2014
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله ربّ
العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
نشكر الله تعالى على أنه في هذه المرحلة من الزمان، يشهد بلدنا وجود وحضور جمعٌ من
الشباب المؤمن والمفعم بالنشاط والحماس والدافع ومن أهل المنطق والرأي في القضايا
الرئيسية للبلاد. لقد كان لقاؤنا اليوم لقاءً جيداً جداً؛ وهذا يعود إلى مسألتين:
إحداهما تتعلق بتفاصيل الكلمات التي ألقاها الأصدقاء هنا، نعم، لقد ذكرت نقاط
ومطالب جيدة ومفيدة.
من الممكن هنا ان أكون أنا - العبد الحقير- موافقاً على بعض هذه الأفكار أو غير
موافق؛ المضمون هو جزء من القضية. لكن الجزء المهم في نظري والذي يستحق الثناء
والتقدير، هو عبارة عن "الروح المفعمة بالنشاط والمطالبة عند جمع الطلّاب
الجامعيّين" والتي ظهرت جليّةً في كلمات هذا العدد المحدود من الطلّاب، هذا أمر مهم.
الجامعيّون؛ روح ونشاط وحيوية
فمن الممكن أنّه في بعض هذه المطالبات، يوجد ما هو غير منطقي أحياناً أو
ما هو غير ممكن التحقق أو غير مقبول، لكن نفس هذه الروحية المطالبة والدافعيّة
للطلب والإرادة والتفكير والاقتراح والانتقاد أمر جيد ومطلوب.
وبالتأكيد ينبغي في جميع الأمور مراعاة الأخلاق والتديّن والحدود الشرعية؛ ينبغي
الإنصاف وعدم التحيّز واجتناب "القول بغير علم"، وهذه الأمور كلها محفوظة في مكانها؛
الامر المهم هو ان شبابنا الجامعيّ ينبغي ان يكون مطالِباً وعنده حوافز ودوافع، ان
يكون نشيطاً وحاضراً في الميدان ومشرفاً على قضايا البلاد؛ وهذا ما ألاحظ وجوده
اليوم بحمد الله.
حسن، سنقف قليلاً عند بعض المطالب التي طرحها الأصدقاء. الأمر الأول، هو ما ذكرته
وهو أني راضٍ ومسرور من روحية الشباب الجامعيّين – والذين هم على الأغلب ممثلو
ونواب المنظمات الشبابية الجامعيّة – وأشكر الله على ان المرء يلمس فيهم النشاط
والفكر والاندفاع والمطالبة وآمل ان شاء الله ان تبقى هذه الروحية عندكم إلى الوقت
الذي ستتحملون فيه مسؤوليات الأعمال المختلفة في البلاد؛ لأنكم في المستقبل ستكونون
مسؤولين ومدراء القطاعات في البلاد، وان شاء الله تبقى وتستمر عندكم هذه الروحية
والنظرة الانتقادية والمطالبة المتلازمة مع الشعور بالمسؤوليّة والتكليف؛ فان حصل
هذا فان البلاد ستنجو من مشاكلها وتصل إلى النجاح والتقدم.
العمل العلميّ وحاجات البلاد
لقد ذكر الأصدقاء عدة مسائل أعتقد أنها تستحق الاهتمام والمتابعة، وهي
مسائل مهمّة؛ هذه المسألة: "النظرة إلى العلم دون الاهتمام بفائدة العلم للبلاد"،
والتي تكررت في كلمات عدد من الأصدقاء، هي كلام صحيح بشكل كامل، ولقد ذكرناه مراراً
وتكراراً. ان العمل والجهد العلميّ الموجود في البلاد والجامعات اليوم، هو جهد حيوي
وناجح ومورد مدح وتشجيع، لكن في نهاية الأمر ينبغي الالتفات وعلى الجميع الاهتمام،
بان يكون العلم مقدمة للعمل، العلم النافع هو عبارة عن ذلك العلم الذي يلبي حاجات
وأعمال البلاد ويكون مفيداً لحل مشكلات البلاد بمجرد ان تنشر، مثلاً، مقالاتنا
العلميّة في مواقع ISI وما شابه أو حتى ان تصبح مرجعيات علمية؛ فان هذا مجد علمي
وافتخار ولكنه ليس المطلوب النهائي؛ يجب ان يتوجه العمل العلميّ نحو حاجات البلاد.
وهذا ما قاله الأصدقاء وأنا أعيد التأكيد عليه أيضاً: مسؤولو التعليم العالي
والمدراء الأساسيون حاضرون هنا وان شاء الله يهتمون بهذه النقطة.
النظرة الى الثقافة؛ أساس
هناك أمر آخر ذُكر في الكلمات وهو صحيح وأودّ التأكيد عليه، وهو العلاقة
بين أساليب الإدارة الاقتصادية وثقافة المجتمع.
ما قيل "بأننا قد طرحنا مسألة الغزو الثقافيّ في السبعينيّات [التسعينيّات] في حين
أنه كان هناك غزو اقتصادي"، فهذا كلام صحيح، ولا ننكره؛ لكن النظرة إلى الثقافة
كمسألة أساسية وحياتية، ينبغي ان يلتفت إليها الجميع وعلى مختلف المستويات. في ذلك
الزمان جرى اعتراض، أيضاً، على أساليب الإدارة الاقتصادية، ولكن الذي كان يحوز على
الأهميّة أكثر [من غيره] حينها واليوم هو كذلك، هو النظرة إلى الاتجاهات الثقافيّة.
بالطبع نحن نقبل فكرة ان أساليب الإدارة الاقتصادية تترك تأثيرات على الثقافة؛ كذلك،
فان العكس صحيح.
الزواج والمعيشة؛ لا منافاة
هناك مسألة طرحت على الهامش وفي رأيي أنها ليست هامشية بل هي مسألة
مهمّة. " مسألة زواج الشباب"، توقعنا ان تكون ردّة فعلكم هكذا: ان زواج الشباب هو
مسألة مهمّة. انني قلق وأخشى ان تؤدّي نظرة اللامبالاة بمسألة الزواج – والتي مع
الأسف توجد اليوم بشكل أو بآخر – إلى عواقب وخيمة في المستقبل وأن تُنزل بالبلاد
خسائر جسيمة. حسنْ، لقد طرحتم اليوم مسألة الخدمة العسكريّة [خدمة العلم] وفي رأيي
ان الخدمة العسكريّة ليست مشكلة، ويمكن إيجاد أفكار وحلول عملية لها أيضاً؛ وليس
سبيل حل مشكلة الخدمة العسكريّة كمانعٍ لأمر الزواج، هو أن نقلل مدّة الخدمة؛ بل
يمكن إيجاد أساليب أخرى؛ ولكن هذه مسألة واحدة.
الدافع للزواج، يجب ان يُبدّل ويتحوّل إلى إجراء عمليّ، أي: ان الزواج يجب ان يحصل
ويتحقّق. حين يقول الله تعالى
﴿ان يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن
فَضْلِهِ﴾ فهذا وعد إلهيّ، ويجب علينا ان نؤمن ونثق بهذا الوعد كباقي الوعود
الإلهيّة التي نثق بها. ان الزواج وتأسيس الأسرة لم يؤدِ يوماً ولا يؤدّي إلى تدهور
الوضع المعيشيّ للشباب، لا أحد تصعُب معيشته بسبب الزواج! بل ان الزواج ربّما يؤدّي
إلى الفرج واليسر. الأجواء الجامعيّة هي أجواء جيّدة ومناسبة لتوفير الأرضيّة
اللازمة للزواج. في رأيي على الطلّاب أنفسهم وكذلك على أوليائهم وأهاليهم
والمسؤولين المعنيّين في الجامعات، ان يفكّروا مليّاً بموضوع زواج الشباب، وأن
يتخذوا القرارات الّلازمة؛ فلا نسمح بأن يستمرّ ارتفاع معدّل سن الزواج – ومع لأسف،
فإنه اليوم مرتفع وخاصّة عند الفتيات –. يوجد بعض التصوّرات والأعراف والسنن
الخاطئة حول الزواج؛ وهي راسخة والتمسّك بها مانع لترويج زواج الشباب؛ يجب ان
تُعارض هذه السُنن وتُنقض عمليّاً.
كسر التقاليد الخاطئة في الزواج
أنتم كشباب؛ انكم مفعمون بالنشاط والمطالبة، وأنتم تقترحون وترغبون بكسر
الكثير من العادات والتقاليد، وأرى أنّه يجب عليكم كسر هذه الأعراف والسنن الخاطئة،
الموجودة في مسألة الزواج؛ هذه قضيّة أرى من الضروريّ التأكيد عليها. في الماضي كان
من المتعارف ان يقوم بعض المؤمنين وأهل الخير بالتوسّط، والتعريف بفتيات مناسبات أو
شبان مناسبين للزواج، وكانوا يسهلّون الزواج. يجب القيام بهكذا أعمال، في الواقع
يجب ان توجد حركة في هذا المجال في المجتمع.
هناك نقطة أخرى وردت في كلمات بعض الأصدقاء وكذلك في الأسئلة التي طرحها الطلّاب
بشكل تقديريّ – طُرح سؤال على الطلّاب – وهو أنّه لو أُتيح لكم المشاركة في هذا
اللقاء فماذا ستطرحون وماذا ستسألون؟! وجاءت الإجابات على شكل كتاب أكثر من 100
صفحة أحضروه لنا، وفيه آراء وأسئلة الطلّاب الجامعيّين، وهناك أيضاً قرأت هذا
السؤال – : أنّه كيف يجب ان تتطابق المواقف السياسيّة، للطلّاب الجامعيّين أو
المنظمات الطلّابيّة، مع آراء القائد؟ وهذا السؤال قد طُرح هنا، أيضاً، بشكل آخر.
برأيي ان هذا السؤال ليس سؤالاً مبرّراً؛ ولا ينبغي ان يكون الأمر هكذا، بأنّ كل
المواقف التي يتّخذها أفراد الشعب – ومن جملتهم الطلّاب الجامعيّون والذين هم من
الفئات الرائدة – يجب ان تكون متماثلة، وصدى للآراء التي يطرحها القائد! كلّا، أنتم
بعنوان أناس مسلمين ومؤمنين وأهل فكر، يجب ان تنظروا وتستشعروا تكليفكم، وان يكون
عندكم تحليل ورأي – وسأوضح الأمر لاحقاً –حول الأشخاص والتيارات والسياسات
والحكومات، ان تمتلكوا مواقف وآراءً خاصة. ولا يكن الأمر هكذا؛ ان تبقوا منتظرين
لتروا ما هو الموقف الذي يتّخذه القائد بالنسبة إلى الشخص الفلانيّ، أو الحركة
الفلانيّة، أو العمل الفلانيّ، أو السياسة الفلانية، ومن ثمّ تتخذون موقفاً على
أساس ذلك الموقف؛ كلّا، فبهذا الشكل ستصل الأمور إلى حائط مسدود. لدى القائد واجبات،
وسيقوم بها ان أعانه الله تعالى ووفقه لإنجازها؛ وكذلك أنتم لديكم واجبات، أيضاً.
التقوى؛ المعيار
أنظروا الى الساحة ومن ثم خذوا الموقف المناسب؛ منتهى الأمر أنّ المعيار
ينبغي ان يكون التقوى،فلتكن التقوى معيارا للمواقف والآراء. التقوى هي ان لا يصبح
الإنسان أسير هوى النفس في تأييده ودعمه أو في مخالفته ومعارضته ولا في انتقاده أو
مدحه [للأشخاص أو التيارات]، راعوا التقوى في مواقفكم، فإذا فعلتم، فسيكون الانتقاد
جيداً وكذلك التأييد والمدح، سواء كانا للشخصيات أو الحكومة أو التيار السياسي
الفلاني أو الحادثة السياسية الفلانية؛ لا يوجد أي إشكال في هذا. بالتأكيد إذا طُرح
رأي ما من قبل هذا العبد الحقير في مجال ما، فان أولئك الذين عندهم حسن ظن به
ويوافقون ويؤمنون بهذا الرأي، فمن الممكن ان يكون رأي القائد حينها من العوامل التي
تؤثر في تشخيصهم للمسائل؛ ولكن هذا لا يعني بان يسقط واجب الناس في مجال اتخاذ
المواقف وإعلان الآراء! كلا، على كل واحد ان ينظر [ويحلل ويقوم بواجبه]. لقد ذكرت
بان المعيار هو ان يراعي التقوى؛ أي دون توجّه إلى هوى النفس؛ فإذا انتقدنا أو
دعمنا أو رفضنا أحد ما أو حركة ما أو سياسة ما؛ فليكن في الواقع ناتجاً عن الشعور
بالمسؤوليّة وأداء التكليف ودون تأثير الأغراض النفسانية؛ هذه نقطة أخرى أيضاً.
النوم ؛سُلب من عيون الطلّاب
أحد الأصدقاء قال بان "النوم قد سُلب من عيون الطلّاب"، هذا أمر جيّد
جداً.
في الواقع إذا شعر الطلّاب بهذا من جراء القلق والهواجس، بالتأكيد أتمنى ان تناموا
بشكل كامل وفي الوقت المناسب! ولكن هذا التعبير "النوم سُلب من عيون الطلّاب "هو
تعبير جيد! وإذا حصل هذا في الواقع فنحن سنكون راضين ومسرورين.فهذه الحالة من القلق
والحساسية إزاء الأحداث المختلفة توجب على الإنسان أن ينظر إلى المسائل بعينٍ بصيرة.
الطالب الجامعيّ؛ وجدان واعي ويقظ
بالنسبة الى ما دوّنته هنا لكي أطرحه، يشمل قسمين أو ثلاثة، أعرضها
بشكل متناسب مع الوقت. أولاً: فلنعد طالبنا الجامعيّ كجزء من الجمع المعبّر عن
الوجدان الواعي واليقظ للشعب والبلد؛ وهذه هي الحقيقة والواقع. إذا كان للطلّاب
الجامعيّين في مجتمع ما توجّه معين وقاموا بحركة وطالبوا بمطالب معينة، فان عملهم
علامة على التوجه العام في المجتمع؛ والأمر هكذا في كل العالم.
ان الطالب الجامعيّ في الواقع هو من المجموعات التي تُظهر وتمثل الوجدان اليقظ
للشعب واتجاهاته ومطالبه، لذلك يجب على الطالب الجامعيّ ان يتعامل بشكل واعٍ جداً
وحساس، مع المسائل؛ عليه ان يدرك وضعه ووضع البنية المحيطة به ويتعرف على التهديدات
والفرص والأعداء والعداوات. وبالتأكيد لا نتوقع أن يهمل الطالب درسه وأبحاثه
وأعماله المتنوعة، ويتصدى فقط للعمل السياسي؛ كلّا، فليس هذا ما نقصده؛ إننا نتوقع
أن ينظر الطالب إلى المسائل بعين ثاقبة، ونظرة واضحة، وشعور بالمسؤوليّة والتكليف،
وبحافز كافٍ؛ هذا توقعنا من الطالب الجامعيّ.
أحداث غزة؛ حقيقة الكيان الغاصب
من المسائل التي نواجهها اليوم؛ مسائل تتعلق بمحيطنا الخارجي، مسائل
المنطقة. المسائل الإقليمية ليست منفصلة عن مسائل البلد؛ هناك مسألة أساسية ومهمّة
اليوم، هي مسألة فلسطين ومسألة غزّة. حسنٌ، ان مسائل غزّة والمصائب التي تنزل اليوم
على أهالي غزّة –وما حدث له سوابق مشابهة أيضا- ينبغي النظر اليها من زاويتين:
الأولى: بأنّ هذه المسائل دليل على واقع النظام الصهيوني وحقيقته؛ هذا هو النظام
الصهيوني؛ وان هذا الأمر في رأيي: هو الأقل أهميّة في المسألة، فالنظام الصهيوني هو
نظام قد قام، منذ ولادته غير الشرعية، على العنف الواضح وهم لا ينكرون هذا أيضاً؛
أسّسوا كيانهم وفق منهج "القبضة الحديدية" وهم يعلنون هذا ويقولونه في كل م كان
ويفتخرون به: ان سياستهم هي هذه.
الاستفتاء العام؛ إزالة إسرائيل
منذ العام 1948 وحين قام هذا النظام المزوّر بشكل رسمي وحتى اليوم، مضت
66 سنة وسياسة النظام الصهيوني هي هكذا. وبالطبع، قبل ان يُعلن هذا النظام رسمياً،
وقبل ان يفرضه المستعمرون على العالم وعلى المنطقة، ارتكب الصهاينة في فلسطين جرائم
ومجازر كثيرة؛ لكن هذه السنوات الـ66 وتحت اسم حكومة ونظام سياسي قد قاموا بكل ما
استطاعوا من جرائم، بكل ما يخطر على الذهن من العنف والهمجية التي يمكن لنظام ان
يقوم به ضد شعب ما، قاموا بكل هذا دون أي اكتراث؛ هذه هي حقيقة النظام الصهيوني؛
ولا علاج له ولا حلّ إلّا بزوال هذا النظام من الوجود. وزوال النظام الصهيوني من
الوجود، لا يعني بأي شكل من الأشكال قتل اليهود في المنطقة؛ بل يعني ان هذا المنطق
الذي طرحه إمامنا العظيم "يجب ان تزول إسرائيل من الوجود" (6) هو منطق إنساني، ولقد
عرضنا للعالم آليات عملية لهذا، ولا أحد يقدر ان يرفض منطقياً هذه الآليات وهذا
الحل؛ لقد اقترحنا ان يجرى بين الناس الذين يعيشون في هذه المنطقة، وهم أهل هذه
الأرض، استفتاءٌ عام واستطلاع لآرائهم، ويتم تحديد نوع النظام الحاكم على هذه
المنطقة عبر الاستفتاء العام، فالناس هم الذين يحدّدون؛ هكذا يكون زوال النظام
الصهيوني، ووسيلته هو هذا؛ [الاستفتاء] عملٌ يمكن إدراكه وفهمه وتقبّله بمنطق
العالم اليوم وهو حل عملي. حتّى أننا أوضحنا وحددنا شكل هذا الاستفتاء وعلاقته
بالأمم المتحدة وبعض المراجع الدولية، وقد تم بحث هذا الأمر ومطالعته؛ أي: أنّه لا
علاج لهذا النظام المتوحش وذي الطبيعة الذئبية، والذي تقوم سياسته على القبضة
الحديدية وقسوة القلب، وعلى قتل الناس والأطفال والهجوم على المناطق، فلا يبالي
بالتدمير والهمجية وكأنه لا يقوم بأي شيء، لا علاج له سوى الزوال والقضاء عليه؛ فان
جاء ذلك اليوم وزال من الوجود فما أحسن هذا، ولكن مادام هو موجوداً حالياً ولا يزال
قائماً، فما هو العلاج والعمل؟ العلاج هو المقاومة الحازمة والمسلحة لهذا النظام؛
في المواجهة مع النظام الصهيوني، يجب ان تظهر يد القدرة من قبل الفلسطينيين. لا
يظنن أحد بأنه ان لم تكن صواريخ غزّة، فان النظام الصهيوني كان ليسالم ويتراجع؛ كلا.
يجب تسليح الضفة الغربية
انظروا الان لتشاهدوا ماذا يفعل في الضفة الغربية! لا يوجد صواريخ في
الضفة الغربية، لا يوجد سلاح، ولا حتّى بندقية، الوسيلة الوحيدة هناك والسلاح
الموجود هو الحجر؛ لاحظوا ماذا يفعل هناك ؛يقوم بكل ما يقدر عليه وتصل اليه
يداه،يدمر بيوت الناس ويخرب أراضيهم وحقولهم، ويقضي على حياتهم ويعمل يومياً على
إذلالهم وإهانتهم؛ يقطع عنهم الماء والكهرباء متى شاء؛ حتى شخصية مثل ياسر عرفات
والذي تصالح معهم وقدّم لهم كل هذه التنازلات، لم يستطيعوا تحمله فحاصروه وأهانوه
ثم دسّوا له السم وقتلوه. وليس الأمر بأننا ان لم نُظهر يد القدرة والقوة في وجه
الصهاينة فإنهم سيرحمون الناس ويراعونهم ويؤدون حقوقهم، كلّا؛ ان العلاج الوحيد
الموجود وإلى ما قبل الزوال النهائي لهذا النظام، هو عبارة عن قيام الفلسطينيين
بمواجهته بكل ما يملكون من قوة، إذا واجهوا باقتدار وقوة فمن المحتمل ان يتراجع
الطرف المقابل – وهو هذا النظام الذئبي المتوحش -؛ مثلما أنهم الان يحاولون بشتى
السبل الوصول إلى وقف إطلاق النار؛ أي إنهم لا حول لهم ولا قوة. إنهم يقتلون الناس،
يقتلون الأطفال، يمارسون الهمجية والقسوة الخارجة عن أي حد وتصور للعقل البشري،
ولكنهم في الوقت نفسه عاجزون؛ لقد سقطوا في ورطة كبيرة وموقف حرج، لذلك فإنهم يسعون
لوقف إطلاق النار. ولهذا فانني، العبد لله، أعتقد بهذا، اعتقادنا بان الضفة الغربية
يجب ان تُسلّح مثل غزة، أيضاً. يدُ القدرة مطلوبة. كل الذين يهتمون بمصير فلسطين
ومستقبلها، إذا كانوا يستطيعون القيام بعمل ما، فان العمل المطلوب هو هذا؛ يجب ان
يتم تسليح الأهالي في الضفة الغربية أيضاً. الأمر الوحيد الذي يمكن ان يخفف من
معاناة الفلسطينيين ومحنتهم هو امتلاكهم للقوة ويد القدرة وان يتمكنوا من استعراض
قدرتهم، وإلّا فإنه لن يحصل أي أمر او عمل، ينفع الفلسطينيين. وان التعامل الهادئ
والمروّض والمطيع والمتنازل المستسلم لن يخفف شيئاً من عنف ووحشية هذا الكائن
الهمجي والخبيث وذي الطبيعة الذئبية.
يوم القدس؛ كونوا للمظلوم عونا..
بالطبع على شعوب العالم ان تقدم الدعم السياسي أيضاً؛ ولا شك في ذلك
أبداً، كما أنكم اليوم تشاهدون خروج التحركات الشعبية في البلدان الاسلامية، وحتى
في البلدان غير الاسلامية ؛ وسيرى العالم، ان شاء لله، في يوم القدس العالمي صرخة
الغضب المدوية للشعب الايراني، وسيظهر الشعب الايراني، ان شاء الله، في يوم القدس
حجم الدوافع والحماس التي لديه إزاء فلسطين. أرادت مجموعة من خلال شعار "لا غزة لا
لبنان" ان تظهر خلاف ذلك؛ كلا، فالشعب الايراني مؤمن بالدفاع عن المظلوم،" كونوا
للظالم خصماً وللمظلوم عوناً"1 هذا مطلب الشعب الايراني الذي سيظهره
للعالم. هذه نظرة لقضية غزة ورؤية لها. الا ان عالم الاستكبار اليوم. وعلى رأسه
أميركا يدافع عن ارتكاب هذه الفاجعة، وهذه الجريمة، وهذا العنف الخارج عن حدود
الوصف، ويُقدّم الدعم والحماية لها. في نظري، هذه رؤية أكثر عمقاً للقضية، هذا
المهم، واليوم ينبغي الاستناد اليها.
مظلومية غزة؛ قمة التوحش الغربي
وقفت قوى التسلط والهيمنة الغربية- أي بضع دول غربية كبرى وغنية وقوية
وعلى رأسها أميركا، ومن خلفها بريطانيا الخبيثة – وقفت بقوة من أجل الدفاع عن هذا
النظام الغاصب والظالم وعديم الرحمة، هذه مسألة على قدر كبير من الأهميّة. فقد
أعلنوا دعمهم بكل صراحة. هؤلاء عن ماذا يدافعون؟ عن تلك الفجائع والجرائم التي لا
يمكن لأي انسان منصفٍ ولأي انسان عادي ان يقبل بعدم الاكتراث أمامها. يهاجمون منطقة
صغيرة الحجم، جيبا صغيرا، اسمه غزة، بهذا الشكل، بالطائرات والصواريخ وبالقوات البرية
والدبابات، ويصبون على رؤوس الناس هناك حمم النيران بشتى أصنافها وأقسامها؛ إنه
لأمر باعث على الدهشة واقعاً. ان تقتل كل هؤلاء الاطفال، وتدمّر كل هذه البيوت، وان
تقاسي الناس في بيوتها المرارة والألم المصاحب للتعذيب والمحن، ومع ذلك فهؤلاء
الزعماء يدافعون عنها، ويقدمون لها الدعم. وبأي منطق؟ بمنطق يبعث على السخرية: أن
يقول رئيس جمهورية أمريكا ان لإسرائيل الحق في الدفاع عن أمنها ! حسن؛ أليس
للفلسطينيين الحق في الدفاع عن أمنهم؟ هل هذا منطق مقبول، ان تهدد حكومة بهذا الشكل
– من أجل ما تسميه أمنها – حياة شعب وتضرب عليه حصاراً ظالماً ولا يقوم بردة فعل؟
هل من انسان يقبل بذلك؟ كيف سيحكم التاريخ على هذا المنطق؟ ان رؤساء ومسؤولي هذه
البلدان المستكبرة، لا يفهمون أنهم يريقون ماء وجوههم ووجوه بلدانهم وأنظمتهم أمام
التاريخ!
النظام الليبرالي الغربي؛ انعدام القيم الاخلاقية
يقفون بكل وقاحة ويقولون: إننا ندافع عن اسرائيل! ولا يظهرون أي اشارة
عمّا يحصل في المنطقة وأي جرائم ترتكب بواسطة هذا الكيان المخرب و الخطير. هذا مؤشر
على ان منطق الليبرالية الديمقراطية اليوم – هذا المنطق والنظام الفكري الذي يوجّه
البلدان الغربية وتُدار اليوم على أساسه – لا يتمتع بأدنى مستوى من القيم الأخلاقية.
لا يوجد فيه أية قيمة أخلاقية، إنه معدوم الحسّ الإنساني هم يفضحون أنفسهم في
الواقع، إنهم يفضحون أنفسهم في قبال النظرة الحاكمة لشعوب العالم اليوم وأمام
التاريخ غداً. ينبغي ان نحتفظ بهذا كتجربة مهمّة لنا وان نعرف أمريكا. هذه هي
أمريكا، والنظام الليبرالي الديمقراطي هو هذا. فهذا سيترك أثراً، بل ينبغي ان يترك
أثراً في أعمالنا وفي أحكامنا وفي تعاملنا. فتلك الجبهة التي تقف اليوم في قبال
نظام الجمهورية الاسلامية، وفي القضايا المختلفة هي في مواجهة نظام الجمهورية
الاسلامية؛ أي: حكومة الولايات المتحدة الامريكية وأذنابها، هؤلاء هم، وهذه هي
حقيقتهم وواقعيتهم! لا يبدون أي تأثر أو أي شعور إزاء قتل الناس والابرياء البتة،
ويدعمون الظالم والمرتكب للمجازر المهولة والفجائع الكبرى ويدافعون عنه، كما يحصل
على اليوم في غزة. ينبغي أن يشكل هذا الامر معياراً وميزاناً بالنسبة إلينا؛ بمعنى
أنه ينبغي ان لا ينسى شعب إيران، ونظامنا الفكري، وطلّابنا الجامعيّون، ومفكرونا
هذا الامر. هذه هي امريكا اليوم. إن نظام الهيمنة الغربي وأساسه الفكري الذي هو
الليبرالية الديمقراطية هو هذا، وهو اليوم في مواجهة نظام الجمهورية الاسلامية.
رصيد الغرب: المال والقوة وحسب
ان أكثر الناقضين لحقوق الانسان من ساسة العالم اليوم، هم أولئك الذي
يحكمون بضعة بلدان، فهؤلاء لا يؤمنون البتة بالإنسان ولا بحقوق الانسان والانسانية؛
وان سلوكهم في غزة وأمثال هذه الحوادث التي تقع في غزة يثبت ذلك. هؤلاء لا يؤمنون
أبداً بحقوق الانسان، ولا بحرمة الانسان ولا بكرامة الانسان، لا يؤمنون بشيء. وان
الشيء الوحيد الذي يقبلونه ويقيمون له وزنا هو المال والقوة؛ وليس لديهم أي منطق
آخر ؛ وكل ما يتشدقون به فيما يتعلق بالحرية وحقوق الانسان وأمثال ذلك انما هو – في
نظري- استهزاء بالحرية وبحقوق الانسان.
حسن، أمّا ونحن نقول هذا الكلام لا من بابِ النصيحة للأمريكيين والرئيس الأمريكي
وللمسؤولين فيها، فهذا معلومٌ؛ إنما نقوله لأنفسنا حتى نفهم في تحليلاتنا وفي
أحكامنا، وفي واجباتنا وتكليفنا من الذي نقف في مقابله، ومن هم هؤلاء الذين هم في
مواجهتنا؛ ما هي منتهى أفكارهم، ينبغي ان نحدد واجبنا ووظيفتنا. ان ما هو مهم هو ان
يكون لدينا تحليل وإدراك صحيح لسلوك الغرب اليوم. وان معارضتهم للجمهورية الإسلامية
في إيران، وللثورة الإسلامية، والحركة الإسلامية، والصحوة الإسلامية، هو إحدى
سياساتهم الكلية ؛ وان السياسة العامة لنظام الهيمنة هي استعباد الشعوب والاستحواذ
على مصائرها، ومن دون ان يكون لهم أدنى اهتمام بمصالح الشعوب ومطالب أفراد الشعب؛
هذه هي السياسة العامة والعريضة للاستكبار التي ينبغي الالتفات إليها، وان الشعارات
المعادية لأمريكا، والمعادية للغرب والاستكبار والتي تطلق في بلادنا - ناظرة إلى
هذه الحقيقة. لكن بعضهم بمجرد ان يسمع بشعار ضد الغرب أو ضد الأمريكي يتصور مباشرة
ان ذلك ناتج عن تعصب أو أنه لا خلفية منطقية و فكرية له! كلا، ان الرؤية المعادية
للغرب ولأمريكا في الثورة الإسلامية تستند إلى تجربة صحيحة، وإلى رؤية عقلانية
صحيحة، وإلى حسابات صحيحة؛ وقلت في ذلك اليوم عندما التقيت بمجموعة مسؤولي النظام
والمسؤولين التنفيذيين:2 ان الهدف الأساس للعدو هو إيجاد الاختلال في نظام
المحاسبة لدينا. فعندما يختل نظام المحاسبة فسيعطي نتائج خاطئة، حتى لو كانت
المعطيات [ المدخلات] صحيحة؛ بمعنى ان التجارب، أيضاً، لن تكون مفيدة له هي الأخرى،
عندما لا تعمل أجهزة المحاسبة بشكل صحيح، لا يُنْجَزْ العمل بشكل صحيح ولا تجري
المحاسبة الصحيحة، فالتجارب لن تكون مثمرة ومفيدة، أيضاً.
حسنٌ، انظروا كيف كان تعامل الغرب ومسؤولي الحضارة الحالية في الغرب مع بلادنا خلال
القرن الأخير، خلال الثمانين والتسعين سنة الأخيرة. لدينا كل هذه التجارب التي كنا
نتلقى فيها الضربات من الغرب.
المفكرون المتغربون؛ أذلاء
لكن هناك مجموعة في بلادنا- المفكرون المتغربون المغربون المتيمون
بالغرب- تَمْثُلُ هذه التجارب أمام أعينهم؛ إلا أنهم لا يتعلمون منها. حسنّ، هؤلاء
رأوا ان الغربيين أتوا برضا خان وسلّطوه على هذه البلاد وأقيم بواسطة الانكليز نظامٌ
ديكتاتوري "رضاخاني" غريب الأطوار؛ حيث جاؤوا ونصبوا على هذه البلاد شخصاً فظاً
غليظاً فاقداً للمنطق وبعيداً عن أصول البلاد وأعرافها: ثم بعد ذلك أي في [أربعينيّات
القرن الميلادي الماضي] جاءت هذه القوى نفسها واحتلت إيران، وفي واقع الأمر قسّموا
المصالح فيما بينهم؛ فهؤلاء جاؤوا وأحكموا قبضتهم على النفط وفرضوا على البلاد
معاهدات واتفاقيات ظالمة؛ وهم أنفسهم نظموا انقلاب الثامن والعشرين من خرداد3 وأسقطوا حكومة شعبية، مع كل ما في هذه الحكومة من عيوب، فهي في نهاية الأمر حكومة
جاءت بآراء الناس. وهؤلاء أنفسهم حرفوا نهضة تأميم النفط عن مسارها، وقبضوا مرة
أخرى على موارد البلاد الطبيعية والمادية؛ وهم أنفسهم ثبتوا خلال فترة طويلة
ديكتاتورية محمد رضا على هذه البلاد ودعموه بكل وجودهم؛ فخلال حكومة محمد رضا التي
امتدت إحدى وثلاثين عاماً، بيعت ثروات البلاد المادية والمعنوية بأبخس الأثمان
وأوصلوا الشعب الى بئس المصير، فأغرقوه في الفقر والجهل، وأطلقوا الفساد ليستشري في
مختلف أر كان البلاد، في الواقع قضوا على ثقافة البلاد، وعلى دين الناس، وعلى كل
شيء، و كان ذلك بدعم وحماية هذه الدول الغربية نفسها؛ ففي المواجهة مع ثورة الشعب
الإيراني والحركة العظيمة للشعب الإيراني، وضعوا الموانع وعرقلوا كلما استطاعوا
إلى ذلك سبيلاً؛ دعموا صدام ودافعوا عنه- مع أنهم أنفسهم لم يكونوا راضين عنه؛ لكن
لأنه كان في مواجهة الجمهورية الإسلامية فقد دعموه بكل ما استطاعوا- هؤلاء الغربيون،
الانكليز، أمريكا، فرنسا: قد زودوه بالسلاح الكيميائي ووضعوا تحت تصرفه مختلف
الإمكانات العسكريّة؛ حسن، هذه تجاربنا. أما أولئك المثقّفون المتغربون4، فلان
نظام حساباتهم قد تعطل؛ فهم لا يستفيدون من هذه التجارب ولا ينتفعون، ولا يستخلصون
النتائج الصحيحة.
الثورة الاسلامية؛ العقلانية الصحيحة
ان إحدى أهم خدمات الثورة الإسلامية، هي إحياء العقلانية الصحيحة في
البلاد. فان تأتوا أنتم الشباب الجامعيّ فتحلّلوا قضايا المنطقة وتنظروا بعين فاحصة
مدققة إلى المسائل، وتشخصوا العدو، وتحلّلوا حوادث المنطقة وتتحلّوا بالثبات والصمود،
فهذا مؤشر على الحياة العقلانية لبلد من البلدان؛ وهذا ما منحتنا إياه الثورة.
يريد بعضهم اليوم العودة مرة أخرى إلى ذلك الوضع السابق. تريد هذه الحركات المتغربة
نفسها- حركات مغرمة بالغرب تذل الشعب وتحقّر انجازاته وما لديه، وتهين ثقافته
وهويته الوطنية خدمة لمصالح الغربيين- ان يعود أولئك مرة ثانية ويأتوا ليضعوا
معايير لأمور البلاد وثقافتها ووجهتها. هذه الجماعة التي تعمل اليوم ضد الجمهورية
الإسلامية من خارج البلاد وتحت راية أعداء الشعب الإيراني اللدودين هم أولئك الذين
يريدون في الحقيقة ان يعود ذلك الإهمال والغفلة – في نظام المحاسبات- ويسود ذلك
الإغواء الشيطاني فيما يتعلق بعقلانية البلاد الذي كان موجوداّ في هذا البلد في
مرحلة ما، ان يعود مجدداً ويسود. يجب الوقوف بوجههم. فالحركة اليوم في البلاد حركة
صحيحة وعقلانية. ان ما أريد قوله بالنسبة إلى طلّاب الجامعات؛ أوصيهم ان يقوّوا
ويعززوا قراءاتهم ومعارفهم الدينية ومطالعاتهم السياسية إلى جانب أعمالهم العلميّة.
اسعوا إلى تعزيز القدرة على التحليل في أنفسكم. بالطبع، وأنا أنظر اليوم إلى
كلمات5 الطلّاب فإني أشاهد نقاطاً بارزة وجيدة، وهذا في الواقع محل إعجاب وشكر
وتقدير؛ لكن ضاعفوا من أعمالكم في هذا المجال ما استطعتم.
الطلّاب؛ خدمات البحث والتحليل
لم نصل اليوم في كلامنا إلى مسائل البلاد المختلفة- هذا الأمر نبقيه
ونؤجله إلى لقاءات أخرى مع الطلّاب الجامعيّين أو [بقية] المجموعات وان شاء الله
لأعرض مجموعة مسائل- [لكن] ينبغي على الطالب الجامعيّ أن يقدم للشعب التحليل والبحث
في قضايا البلاد المختلفة، القضايا الاجتماعية، القضايا الاقتصادية والسياسية؛
بمعنى انه ينبغي أن تستفيد الناس والشعب من أبحاث الطلّاب؛ ولتكن قدرة الطالب على
البحث والتحليل على هذا النحو. وهذا الأمر يعتمد على المطالعة؛ ينبغي على الطلّاب
ان يطالعوا. فلا تكونن نظرة الطالب صرف نظرة عاطفية وانفعالية ؛ ولا يُقتصر في
معطياتكم الذهنية على الجرائد؛ تعمقوا وغوصوا في المسائل، طالعوا ابحثوا. ان الكثير
من كلمات الطلّاب التي القيت اليوم كلمات ينبغي ان يحدد وضعها في الجلسات الطلّابية
وفي أبحاث الطلّاب ونقاشاتهم الحرة؛ وقد ذكرت سابقا، وما طرحناه [بعنوان] " منبر
الفكر الحر" الذي يستلزم وجود أبحاث حرة للطلّاب في البيئة الجامعيّة؛ وان الكثير
من القضايا التي طرحها الاخوة هنا يمكن ان يحدد وضعها وموقعها وان توضّح وان يحدد
في أبحاث الطلّاب النقاط السلبية والإيجابية لكل مسألة.
المنافسة في البحث والخطاب
النقطة التالية التي أطرحها؛ هي ان "التنافس في تقديم الخطاب" أمر
جيد في الوسط الطالبي الجامعيّ بشرط تحمل الرأي المخالف. فلا ينبغي أن يُعْجَب6 من
وجود الطرف المخالف، ولا ينبغي [له] ان يغضب ولا ان يخاف؛ فمن غير المقبول وجود أي
واحدة من هذه الحالات الثلاث قبال الرأي المخالف؛ فإذا ما أثار وجود المخالف العجبَ
في الانسان فمعنى ذلك هو أنه راض كثيرا عن نفسه فيعجب لوجود شخص مخالف له. ليس
عجيبا! حسنٌ، لكل انسان ولكل فكر ولكل جهة، وحركة، واتجاه مخالفون؛ وليس لنا ان
نقول ان هؤلاء المخالفين على خطأ ؛ كلا، فهناك نقاط ضعف تستدعي ان يخالفها أخرون.
لذلك ينبغي ان لا يثير وجود المخالف تعجبنا ؛ كما انه ينبغي ان لا يثير غضبنا
وحفيظتنا ان هؤلاء مخالفون لنا؛ كلا، فالمخالف قابل للفهم والقبول. وكذلك لا ينبغي
التوجّس والخوف؛ فالتوجس من وجود المخالف يشير إلى ان الانسان غير مهتم بتبيين
موقفه وغير واثق منه ؛ كلا، لدينا منطق، نحكم جيدا أر كان هذا المنطق، وندخل ميدان"
التنافس في تقديم الخطاب" ونبحث؛ ينبغي ان تكون روحية الطالب على هذا النحو. لذلك
فان البيئة الطلّابية ستكمل عملها بحمد الله بهذا النشاط نفسه الذي تمتاز به اليوم.
فليتحمل الواحد منا الآخر، ولنتبادل الحديث والنقاش ولنقوّ الأسس والمباني؛ فليكن
أساس العمل التقوى سواء في المجال العملي أو الميدان الفكري ولتُعرف المعايير
والحدود للفكر الإسلامي وليُعرف العدو وأساليب عداوته.
نسال الله تعالى ان يوفقكم جميعا وان يحفظ وجودكم - أيها الشباب - ويديمكم لتقدم
أهداف الثورة، وان يضاعف يوما بعد يوم نجاحكم وان شاء الله ان تصنعوا - ايها الشباب
- ان شاء الله مستقبلا جيدا لثورتكم ولبلدكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1- نهج البلاغة ,
الرسالة 47.
2- لقاؤه في مسؤولي النظام, في اليوم التاسع من شهر رمضان المبارك 1435(7 7 2014)
3- إسقاط حكومة مصدق
4- بمعنى: المصابون بلوثة التغرب
5- الكلمات التي ألقاها عدد من الطلاب عند بداية اللقاء.
6- بمعنى الإستغراب والدهشة