الوصايا النبوية الخمس في بناء الذات
وصايا الأولياء
أُوصِيكَ بِخَمْسٍ: بِالْيَأْسِ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ فَإِنَّهُ الْغِنَى، وَإِيَّاكَ وَالطَّمَعَ فَإِنَّهُ الْفَقْرُ الْحَاضِرُ، وَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ، وَإِيَّاكَ وَمَا تَعْتَذِرُ مِنْهُ، وَأَحِبَّ لِأَخِيكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ
عدد الزوار: 264
نصُّ الوصية:
ورد في أمالي الشَّيْخ الطوسي قدس سره بإسناده إِلَى الإِمام الرِّضا عَنْ آَبَائِهِ
عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ)،
قَالَ: جَاءَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه
وآله وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله أَوْصِنِي وَأَقْلِلْ لَعَلِّي أَنْ أَحْفَظَ.
قَالَ: "أُوصِيكَ بِخَمْسٍ: بِالْيَأْسِ عَمَّا فِي
أَيْدِي النَّاسِ فَإِنَّهُ الْغِنَى، وَإِيَّاكَ وَالطَّمَعَ فَإِنَّهُ الْفَقْرُ
الْحَاضِرُ، وَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ، وَإِيَّاكَ وَمَا تَعْتَذِرُ مِنْهُ،
وَأَحِبَّ لِأَخِيكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ"1.
ربانيّة المنهج التربوي عند النبي صلى الله عليه وآله
وسلم وأهل بيته عليهم السلام
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وأهل بيته عليهم السلام عنوانٌ مضيءٌ وشامخٌ في حياة الإنسانية وحركة التاريخ
والمسيرة الإنسانية. فهم أعلام الهدى وقدوة المتّقين، عُرفوا بالعلم والحكمة والحلم
وسائر صفات الكمال في الشخصية الإسلامية، فما يصدر منهم صادرٌ عن ربّهم, ولهذا صحّ
القول بأنّ منهجهم ربانيّ، كما تدلّ أحاديثهم الشريفة على ذلك أيضاً. فهذا أمير
المؤمنين يقول فِي وَصِيَّتِهِ إِلَى كُمَيل: "إِنَّ
رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم أَدَّبَهُ الله عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ
أَدَّبَنِي وَأَنَا أُؤَدِّبُ الْمُؤْمِنِينَ وَأُوَرِّثُ الْأَدَبَ
الْمُكَرَّمِينَ"2. وقال الإمام جعفر الصادق عليه السلام:
"وَاللهِ مَا نَقُولُ بِأَهْوَائِنَا وَلَا نَقُولُ بِرَأْيِنَا وَلَا نَقُولُ
إِلَّا مَا قَالَ رَبُّنَا"3.
وكان النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام يتّخذون من العبرة
والموعظة وسيلة تربوية لتنوير العقل والقلب, إذ بهما يعي الإنسان حركة الحياة من
حيث الشدّة والرخاء وأسباب التقدّم والتأخّر للمجتمعات، ويُقلع عن الممارسات
المنحرفة، ويتوجّه لإصلاح نفسه لتسمو وتتكامل. وقد أثبت هذا المنهج التربوي قدرته
على بناء الإنسان بناءً متكاملاً، فقد تخرّج على هذا المنهج مئات الشخصيات التي
كانت قمةً في السُّمو الروحي والتكامل النفسي والسلوكي، وقدوة لجميع بني الإنسان,
لاستشعارها بأنّ المنهج ربانيّ النشأة والمصدر، وعلى الرغم من ابتعاد أغلب المسلمين
عن هذا المنهج التربوي إلا أنّ آثاره بقيت حاكمة على كثيرٍ من المواقف والممارسات،
وكان المسلمون، خصوصاً أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام، أقلّ انحرافاً من غيرهم.
اليأس عما في أيدي الناس، والطمع بما في أيديهم
اليأس المذكور يحصل بقطع الطمع عمّا في أيدي الناس، والطمع شعبةٌ من شعب حبّ الدنيا،
ومن الرذائل المهلكة، قال أمير المؤمنين عليه السلام: "اسْتَغْنِ
بِالله عَمَّنْ شِئْتَ تَكُنْ نَظِيرَهُ وَاحْتَجْ إِلَى مَنْ شِئْتَ تَكُنْ
أَسِيرَهُ وَأَفْضِلْ عَلَى مَنْ شِئْتَ تَكُنْ أَمِيرَهُ"4.
والأخبار في ذمّ الطمع كثيرة، وكفى به ذمّاً أَنَّ كلّ طامعٍ يكون ذليلاً مهاناً
عند الناس.
فعن الإمام الباقر عليه السلام: "بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ
لَهُ طَمَعٌ يَقُودُهُ وَبِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ لَهُ رَغْبَةٌ تُذِلُّهُ"5.
وقيل للإمام الصادق عليه السلام: "مَا الَّذِي يُثْبِتُ
الْإِيمَانَ فِي الْعَبْدِ؟ قَالَ: الْوَرَعُ. وَالَّذِي يُخْرِجُهُ مِنْهُ؟
قَالَ:الطَّمَعُ"6.
فالطامع يكون وثوقه بالناس واعتماده عليهم أكثر من وثوقه بالله, إذ لو كان اعتماده
على الله أكثر من اعتماده على الناس لما نظر إليهم، بل لم يطمع من أحدٍ شيئاً إلا
من الله سبحانه وتعالى.
وفي مقابل الطمع يأتي الاستغناء عن الناس، الذي عُدّ من الفضائل الموجبة لتقرّب
العبد إلى الله تعالى، فمن استغنى بالله عن غير الله أحبّه الله، قال رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم: "لَيْسَ الغِنَى عَنْ كَثْرَةِ
العُرُوضِ إِنَّما الغِنَى غَنَى النَّفْسِ"7. وعَنْ أَبُي
عَبْدِ الله عليه السلام: "إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ
لَا يَسْأَلَ رَبَّهُ شَيْئاً إِلَّا أَعْطَاهُ فَلْيَيْأَسْ مِنَ النَّاسِ
كُلِّهِمْ وَلَا يَكُونُ لَهُ رَجَاءٌ إِلَّا عِنْدَ الله فَإِذَا عَلِمَ الله عَزَّ
وَجَلَّ ذَلِكَ مِنْ قَلْبِهِ لَمْ يَسْأَلِ الله شَيْئاً إِلَّا أَعْطَاهُ"8.
ورَوَى الْحَسَنُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي
جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: "أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ الله
صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: عَلِّمْنِي يَا
رَسُولَ الله شَيْئاً، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِالْيَأْسِ مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ
فَإِنَّهُ الْغِنَى الْحَاضِرُ، قَالَ: زِدْنِي يَا رَسُولَ الله، قَالَ: إِيَّاكَ
وَالطَّمَعَ فَإِنَّهُ الْفَقْرُ الْحَاضِرُ"9.
والطمّاع محبٌّ للدُّنيا متكالبٌ عليها، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
"وَإِيَّاكُمْ وَاسْتِشْعَارَ الطَّمَعِ فَإِنَّهُ يَشُوبُ
الْقَلْبَ شِدَّةَ الْحِرْصِ وَيَخْتِمُ عَلَى الْقُلُوبِ بِطَابَعِ حُبِّ
الدُّنْيَا وَهُوَ مِفْتَاحُ كُلِّ سَيِّئَةٍ وَرَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ وَسَبَبُ
إِحْبَاطِ كُلِّ حَسَنَةٍ"10.
وقطع الطمع عمّا في أيدي الناس يؤدّي بالإنسان إِلَى المراتب العالية، ففي الخبر عن
الإمام الصادق عليه السلام: "قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ
فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَجْمَعَ عِزَّ الدُّنْيَا فَاقْطَعْ طَمَعَكَ عَمَّا فِي
أَيْدِي النَّاسِ فَمَا بَلَغَ الْأَنْبِيَاءُ وَالصِّدِّيقُونَ مَا بَلَغُوا
إِلَّا بِقَطْعِ طَمَعِهِمْ"11.
ويُعالَج الطمع بمعرفة أَنَّ الغنى الحقيقيّ يكون بالقناعة، وأنّ الطمع لا يدفع
فاقةً ولا يمنع مصيبة، وفي الخبر عن الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام:
"مَنْ قَنِعَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَهُ فَهُوَ مِنْ أَغْنَى
النَّاسِ"12.
صل صلاة مودع
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اذْكُرْ
المَوْتَ فِي صَلَاتِكَ، فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا ذَكَرَ المَوْتَ فِي صَلَاتِهِ
لَحَرِيٌّ أَنْ يُحْسِّنَ صَلَاتَهُ، وَصَلِّ صَلَاةَ رَجُلٍ لَا يَظُنُّ أَنْ
يُصَلِّي صَلَاةً غَيْرَهَا"13.
واعلم أَيُّها العزيز أَنَّ تعامل الناس مع الدنيا على نوعين: فمنهم من وطّد علاقته
بها، ورضي بالمتاع العاجل، ويصدق عليه قوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا
لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى
الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ﴾14.
ومنهم مَنْ انقطع إلى الآخرة وأهمل الدنيا، أي: لا يشتغلون للدنيا، فهم غير فعّالين
فيها ولا يبالون بمجتمعهم وأسرهم، وهذا النّوع كسابقه مرفوضٌ. والكلمة الفصل في هذا
المجال لأمير المؤمنين عليه السلام عندما قال: "اعْمَلْ
لِدُنْيَاكَ كَأَنَّكَ تَعِيشُ أَبَداً وَاعْمَلْ لآِخِرَتِكَ كَأَنَّكَ تَمُوتُ
غَداً"15.
وعندما يرشد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى صلاة المودّع لا يعني ذلك ترك
الدنيا وإهمالها، بل ليكون التفكير بالموت حافزاً على العمل الخالص لله تعالى في
الدنيا.
والمؤمن بصلاته يعرج إلى ربّه، والصلاة لها حالةٌ خاصةٌ يُشعر المؤمن نفسه بأنّها
آخر صلاة خصوصاً في صلاة العشاء, فهي آخر صلاة في اليوم وبعدها سوف يعرض عليه النوم
الَّذِي هو نوع من أنواع الموت:
﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ
مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى
عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾16.
فالموت والنوم أخوان قريبان، ومن أين للإنسان الضمان أنّ الله يُرجع له الروح بعد
النوم، ولهذا من الممدوح جدّاً عندما يستيقظ من النوم أن يخرّ ساجدًا ويقول:
(الْحَمْدُ لِله الَّذِي أَحْيَانِي بَعْدَ مَا أَمَاتَنِي وَإِلَيْهِ النُّشُورُ).
إياك وما تعتذر منه
أيْ: لا تعرّض نفسك للمواقف الخاطئة التي تضطرك للاعتذار ممّن قد أخطأت بحقّهم، ولا
ينبغي للمؤمن أن يكون إنساناً كثير الخطأ وكثير الاعتذار، رغم أنّ من يعتذر خيرٌ
ممّن يخطئ ولا يعتذر. لكنّ العاقل لا يجعل نفسه في موضع الاعتذار، ولا بُدّ للمؤمن
أن يكون متذللاً بين يدي ربّه وليس أمام البشر. وفي الخبر:
"لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ، قُلْتُ: مَا يُذِلُّ
نَفْسَهُ؟ قَالَ: لَا يَدْخُلُ فِيمَا يَعْتَذِرُ مِنْهُ"17.
وفي الخبر: "إِيَّاكَ وَمَا تَعْتَذِرُ مِنْهُ، فَإِنَّ
الْمُؤْمِنَ لَا يُسِيءُ وَلَا يَعْتَذِرُ،وَالْمُنَافِقُ يُسِيءُ كُلَّ يَوْمٍ
وَيَعْتَذِرُ"18. وهذا الخبر الحكمة يُبيّن لنا أهميّة
اعتناء المؤمن بكرامته وعزّته. فالإنسان إذا تجاوز حدّه يسيء ويعتذر، نعم يلزم على
الإنسان إذا صدرت منه معصية أن يستغفر الله تعالى منها، فقد ورد في الدعاء:
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ تُبْتُ إِلَيْكَ مِنْهُ ثُمَّ
عُدْتُ فِيهِ"19، وليس ذلك إِلَّا لأنّ الوقاية خيرٌ من
العلاج، والدفع خير من الرفع. فوقاية المعاصي خير من علاجها، والمؤمن لا يُسيء (هذا
دفعٌ) حتى لا يعتذر، والمنافق كلّ يوم يسيء (هذا مرضٌ) ويعتذر لرفع المرض. وربّما
لا يوفّق الإنسان للتوبة فيأتيه ملك الموت أثناء المعصية.
وأحب لأخيك ما تحب لنفسك
إنّها باختصار النصيحة القيّمة التي تقول لنا: اجعلوا المقياس بينكم وبين إخوانكم
أنفسكم، فالإيجابيّ بالنسبة لأنفسنا إيجابيٌ بالنسبة لهم، وكذلك السلبي. والعمل
بهذه النصيحة تحوّل ساحة الحياة المزروعة بالأشواك إلى ساحة تكثر فيها الورود
والأزهار، بل تحوّلها إلى جنة مصغّرة. وقد اهتمّ الإسلام بالأخوّة الإنسانية
والإسلامية، وجعل لها قواعد وأسس لنجاحها، ومن تلك الأسس "وأحبّ لأخيك ما تحبّ
لنفسك"، وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ
أَكْرَمَ أَخَاهُ بِكَلِمَةٍ يُلَطِّفُهُ بِهَا وَمَجْلِسٍ يُكْرِمُهُ بِهِ لَمْ
يَزِلْ فِي ِظِلِّ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَمْدُوداً عَلَيْهِ بِالْرَّحْمَةِ مَا
كَانَ فِي ذَلِكَ"20. وكان صلى الله عليه وآله وسلم إذا فقد
الرجل من إخوانه ثلاثة أيام سأل عنه، فإنْ كان غائباً دعا له، وإنْ كان شاهداً زاره،
وإن كان مريضاً عاده21. والإنسان الجاهل قبل الإسلام كان منكفئاً على
ذاته متقوقعاً داخل أسوار نفسه، وبفضل الإسلام غدا إنساناً اجتماعياً يشعر بمعاناة
إخوته، يمدّ يد العون لهم، ويشاركهم في مكاره الدهر، وهذه النقلة الحضارية يشير
إليها القرآن الكريم بصورة جليّة في قوله تعالى:
﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا
وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء
فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ
عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا﴾22.
وللسنّة النبوية الأثر البالغ في تدعيم وترسيخ مبدأ الأخوة وما يستلزمه من التزامات
اجتماعية كقضاء حوائج الإخوان وإعانتهم، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ
مَشَى فِي عَوْنِ أَخِيهِ وَمَنْفَعَتِهِ فَلَهُ ثَوَابُ الْمُجَاهِدِينَ فِي
سَبِيلِ الله"23.
وما انفكّ صادق آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم يوصي بمبدأ الأخوة في مختلف
الأحوال والظروف، فعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: أَتَانِي رَجُلٌ مِنْ
أَهْلِ الْجَبَلِ، فَدَخَلْتُ مَعَهُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام، فَقَالَ
لَهُ عِنْدَ الْوَدَاعِ: أَوْصِنِي. فَقَالَ: "أُوصِيكَ
بِتَقْوَى الله وَبِرِّ أَخِيكَ الْمُسْلِمِ، وَأَحِبَّ لَهُ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ،
وَاكْرَهْ لَهُ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ، وَإِنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَإِنْ كَفَّ
عَنْكَ فَاعْرِضْ عَلَيْهِ، وَلَا تَمَلَّهُ خَيْراً فَإِنَّهُ لَا يَمَلُّكُ،
وَكُنْ لَهُ عَضُداً فَإِنَّهُ لَكَ عَضُدٌ، إِنْ وَجَدَ عَلَيْكَ فَلَا
تُفَارِقْهُ حَتَّى تَسُلَّ سَخِيمَتَهُ، وَإِنْ غَابَ فَاحْفَظْهُ فِي غَيْبَتِهِ،
وَإِنْ شَهِدَ فَاكْنُفْهُ وَاْعْضُدْهُ وَوَازِرْهُ وَأَكْرِمْهُ وَلَاطِفْهُ،
فَإِنَّهُ مِنْكَ وَأَنْتَ مِنْهُ"24.
* كتاب وصايا الأولياء، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1- شيخ الطَّائفة، مُحَمَّد بن
الحسن الطُّوسي، الأمالي، ص508، المجلس الثامن عشر، تحقيق: قسم الدَّراسات
الإسلاميَّة في مؤسسة البعثة، الطَّبعة الأُولى 1414، نشر: دار الثقافة للطَّباعة
والنَّشر والتَّوزيع، قم.
2- المحدث النوري، الميرزا حسين، مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، ج17، ص267، نشر:
مؤسسة آل البيت عليهم السلام، الطبعة الأُولى 1408، بيروت.
3- العلامة المجلسي، محّمَّد باقر، بحار الأنوار، ج27، ص102، الطَّبعة الثَّالثة
1403، دار إحياء التُّراث، بيروت.
4- الشَّيْخ المفيد، مُحَمَّد بن النُّعمان العكبري، الإرشاد في معرفة حجج الله على
العباد، ج1، ص303، تحقيق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لتحقيق التُّراث، الطَّبعة
الثَّانية 1414، نشر دار المفيد، بيروت.
5- الشيخ الكُلَيْني، مُحَمَّد بن يعقوب، الكافي، ج2، ص320، تصحيح وتعليق على أكبر
غفاري، الطَّبعة الثّالثة 1367ش، دار الكتب الإسلاميَّة، طهران.
6- م. ن.
7- انظر: النراقي، الملا محمد مهدي، جامع السعادات، ج2، ص83، تحقيق وتعليق:
السَّيِّد محمد الكلانتري، تقديم: الشَّيْخ محمد رضا المظفّر، نشر: دار النعمان،
الطبعة الرابعة.
8- الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص148.
9- الصدوق، محمد بن علي بن بابويه، من لا يحضره الفقيه، ج4، ص410، باب النوادر، ح
5762، نشر: مؤسسة النّشر التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة، 1413هـ.
10- المحدث النوري، الميرزا حسين، مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، ج12، ص70، نشر:
مؤسسة آل البيت عليهم السلام، الطبعة الأُولى 1408، بيروت.
11- المصدر نفسه: 69.
12- الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، وسائل الشّيعة، ج15، ص258، كتاب الجهاد، الباب:
(23)، تحقيق ونشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام، الطَّبعة الأُولى 1412، قم.
13- الديلمي، ابن شيرويه، الفردوس، ج1، ص431.
14- سورة التوبة، الآية: 38.
15- الأشتري، ورام، تنبيه الخواطر ونزهة النواظر، ج2، ص234، دار صعب ودار التعارف
بيروت.
16- سورة الزمر، الآية: 42.
17- الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج16، ص158.
18- الحر العاملي، محمد بن الحسن، هداية الأُمة إِلَى أحكام الأئمة، ج5، ص578، نشر:
مجمع البحوث الإسلامية، الطبعة الأُولى 1412هـ، مشهد.
19- الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد، ص219، مؤسسة فقه الشيعة، ط.أولى، 1990م.
20- العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج71، ص316.
21- م. ن، ج16، ص233.
22- سورة آل عمران، الآية: 103.
23- الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج12، ص286.
24- الشَّيْخ الطوسي، أمالي، ص98.