يتم التحميل...

كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في لقائه أعضاء الهيئة الإدارية لجماعة الخيّرين بناة المدارس

2014

وجود جماعة الخيّرين بناة المدارس، وهي من المظاهر المباركة لثورتنا وبلادنا، يثبت عدة أمور: أحد هذه الأمور هو ما سبق أن قيل، وهو أن شعبنا أين ما يشعر بأن الموطن موطن حسن ومناسب لا يتحرج أبداً في الإنفاق. هذه نقطة مهمة جداً.

عدد الزوار: 91

كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في لقائه أعضاء الهيئة الإدارية لجماعة الخيّرين بناة المدارس في إيران_05-05-2014

بسم الله الرحمن الرحيم1

وجود جماعة الخيّرين بناة المدارس، وهي من المظاهر المباركة لثورتنا وبلادنا، يثبت عدة أمور: أحد هذه الأمور هو ما سبق أن قيل، وهو أن شعبنا أين ما يشعر بأن الموطن موطن حسن ومناسب لا يتحرج أبداً في الإنفاق. هذه نقطة مهمة جداً. البعض يعتبون فيقولون لماذا لم يتقدم الناس ويقدموا مساعداتهم في القضية الفلانية مثلاً. يجب بالتالي تقديم الإيضاحات للناس بأن هذا واجب وتكليف وشيء صحيح. وعندئذ سيتقدم الناس ويبادرون من أنفسهم. لاحظوا أن هذه الحوزات العلمية مثال واضح لهذه القضية. الناس ومن دون أن يعرفهم أحد ومن دون أن يبعث عليهم أحد ويطلبهم ومن دون أن يحاسبهم، يأتون ويخمّسون أموالهم التي بذلوا لها الجهود، ويعطوننا خمسها.. يعطونها لرجال الدين، ولعلماء الدين ومراجع التقليد. والحال أننا لا نأخذ منهم كومبالات ولا ضمانات ولا نطالبهم بشيء. أحياناً يبقون خلف أبواب الانتظار وفي طوابير الانتظار أياماً طويلة من أجل أن يأتوا ويعطوا هذا المال. لماذا؟ لأنهم يعتقدون أن هذا العمل صحيح وصالح وحسن.

ونموذجكم هذا نموذج آخر. تراه تاجراً وثرياً ومتمكناً وجمع مالاً هو ماله الخاص، ولن يسائله أحد لماذا تمتلك هذا المال وكيف يجب أن تنفقه، لكنه يأتي بكل رغبته. لقد نقلوا لي بعض النماذج: بُنيت عشرات المدارس من قبل خيّر من الخيّرين. هذه ظاهرة قيمة جداً. من دون أن يكون له أي غرض سياسي أو شخصي من ذلك. طبعاً ثمة في العالم مؤسسات خيرية ظاهرها أنها خيرية لكن باطنها ومحتواها إما سياسي أو أمني أو تجسسي، وهناك دوافع وحوافز تقف وراءها. أما هنا فإن هذا الخيّر المتكفل ببناء المدرسة ليس له أي حافز سوى الخدمة وسوى أداء عمل حسن صالح واكتساب الحسنات.. يأتي ويعطي هذا المال. إذن هذه هي النتيجة الأولى التي نستخلصها وهي أننا إذا استطعنا أن نتفاهم مع الناس وندلل على حسن عمل معين وصحة طريق معين، فإنهم مستعدون لدفع تكاليف كبيرة من دون أن يطلب منهم أحد ذلك. وقد شاهدنا نماذج سابقة لذلك خلال فترة الدفاع المقدس وأمور أخرى. هذه نقطة.

النقطة الأخرى هي اهتمام الناس بأمر المدرسة. كانت هناك أعمال خيرية في السابق أيضاً، فكانوا يبنون الحسينيات والمساجد ويقومون بأعمال متنوعة، لكن الاهتمام بالمدرسة دليل على وجود ظاهرة في البلاد، فهو دليل على أن شعبنا والمتمكنين من المساعدة يدركون جيداً أهمية تعليم الأبناء. هذه بدورها نقطة أخرى يشعر بها المرء في هذه القضية.

والنقطة الثالثة - والنقاط من هذا القبيل كثيرة، لكنني أذكر هنا هذه النقاط المعدودة فقط - التي يمكن للمرء أن يستنبطها من هذه العملية هي أنه في أي عمل وموضوع يحيل مسؤولو البلاد ومدراء البلاد الأصليون الأمور فيه إلى الناس، سينجح ذلك الموضوع ويتقدم إلى الأمام. إنها تجربة ويجب أن نتعلمها، وقد ذكرت هذا مراراً. تارة تكون النظرة ضيّقة ويمسك المسؤول الحكومي بزمام الأمر في يده حصرياً، فتكون النتيجة التوقف والمراوحة في ذلك الأمر. ولكن حين يعطي الأمر للطاقات الشعبية العظيمة اللامتناهية وللناس بمحفزاتهم وقدراتهم المادية والمعنوية، فإن الأمر سينمو ويزدهر.

والأمر على هذا النحو هنا أيضاً. كانت لدينا بالتالي الكثير من المشكلات بخصوص المدارس. في بداية الثورة كانت هناك في البلاد مدارس فيها ثلاثة دوامات أو حتى أربعة دوامات، وقد زالت هذه الحالة والحمد لله. وقد كان لمساعدات الناس دور كبير جداً، وينبغي أن تستمر هذه العملية إن شاء الله. أنتم أيها السادة المسؤولون عن هذه القضية والذين خضتم غمار هذه العملية الكبيرة والجميلة، واصلوا هذا العمل بشوق ورغبة وبتحفز إن شاء الله، واعلموا أن الله تعالى سوف يوفيكم أجوركم، فهذا العمل فيه ثواب وهو حسنة وصدقة جارية. ونواياكم بحمد لله خالصة فحافظوا عليها خالصة وتقدموا بهذه المشاريع إلى الأمام.

طبعاً يجب أيضاً توصية الإذاعة والتلفزيون ووسائل الإعلام لتعمل على توعية الرأي العام بوجود مثل هذه الأعمال والمشاريع. ولحسن الحظ فإن أمثال هذه الأعمال أخذت تنمو وتنتشر في أطراف البلاد، وهي تزداد يوماً بعد يوم. وقد ظهر خيّرو العلاج في غضون هذه الأعوام الأخيرة وهم يقومون الآن بأعمال جيدة. على كل حال الخيرون في البلاد كثر وعددهم كبير ويرغبون في القيام بأعمال صالحة، وينبغي إرشادهم للأعمال والثقة بهم.

سمعت أن الأعزاء الخيّرين بناة المدارس يتوقعون مزيداً من تعاون أجهزة التربية والتعليم معهم، ولحسن الحظ لاحظت أن الدكتور السيد حافظي شكر الوزير المحترم ومعاونه 2، وكان هذا مبعث سرور بالنسبة لي أن أشعر بوجود تعاون. لا يغيّروا أسماء المدارس، لنفترض أن الخيّر باني المدرسة أطلق عليها اسم شهيد له أو اسم شخص يحبّه، ليحفظوا هذه الأسماء، وليسهلوا الأمور على من يروم القيام بعمل بناء المدارس الخيّر، وليكرّموه، وهذا ما سيحصل إن شاء الله.

والنقطة التي ذكرها السيد فاني3 أيضاً نقطة صحيحة تماماً، أي قضية تمتين بناء المدارس، وهي عملية مهمة جداً، ويجب الحفاظ على هذه المدارس التي تُبنى حتى لا تغدو قديمة وبالية بسرعة. تقبّل الله منكم وزاد من توفيقاتكم.

والسلام عليكم ورحمة الله.‌


1- أقيم مهرجان الخيّرين بناة المدارس في المدن من آذار 2013 م إلى نيسان 2014 م، وبدأت مرحلة المحافظات من هذه المهرجان من الثامن من أيار 2014 م وتستمر إلى الحادي والعشرين من حزيران 2014 م.
2- السيد مرتضى رئيسي معاون وزير التربية والتعليم ورئيس مؤسسة تحديث وتنمية وتجهيز المدارس.
3- وزير التربية والتعليم الإيراني.

2014-05-23