كلمة الإمام الخامنئي دام ظله أثناء لقائه بالمنتسبين لمجموعة مبنا الصناعية
2014
أشكر الله تعالى على توفيقه اليوم للحضور في اجتماعكم المتحمّس المحتشد أيها الأعزاء في هذا المركز البالغ الأهمية من مراكز العمل والاقتصاد والصناعة، واللقاء بكم أيها الأعزاء بمناسبة يوم العامل، الذي كان على الدوام مناسبة مهمة بالنسبة لنا.
عدد الزوار: 89كلمة الإمام الخامنئي دام ظله أثناء لقائه بالمنتسبين لمجموعة "مبنا" الصناعية بمناسبة يوم العمال_30-04-2014
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكر الله تعالى على توفيقه اليوم
للحضور في اجتماعكم المتحمّس المحتشد أيها الأعزاء في هذا المركز البالغ الأهمية من
مراكز العمل والاقتصاد والصناعة، واللقاء بكم أيها الأعزاء بمناسبة يوم العامل،
الذي كان على الدوام مناسبة مهمة بالنسبة لنا. الارتياح اليوم مضاعف بالنسبة لي، ولأقل إن من البرامج الجذابة بالنسبة لي بشكل طبيعي على طول السنة هو اللقاء بالعمال
بمناسبة يوم العامل. وقد ترافقت هذه المناسبة في هذه السنة بزيارة هذا المركز
النشيط والرائد، ومجموعة "مبنا" التي جمعت - والحمد لله - خصوصيات متعددة من
تجليات العمل المنشود في البلاد إلى جوار بعضها، وهذان العاملان - [اللقاء
بالعمّال وزيارة مجموعة مينا] - هما اليوم مبعث ارتياح وفرحة. كانت الزيارة اليوم
مغتنمة جداً بالنسبة لي، واللقاء بكم أيها الأعزاء والعمال والناشطون هو أيضاً
فرصة مغتنمة أخرى.
إننا على أعتاب شهر رجب، ورجب شهر العبودية لله، وشهر التوجّه لله وذكره. ونحن
أبناء البلاد والمحبّين لمصير البلد والشعب، نعتقد - والجميع في البلاد تقريباً
يعتقدون - أنه يمكن بمعونة الله وهدايته وتسديده القيام بالكثير من الأعمال، وقطع خطوات واسعة.
أذكر نقطتين على وجه الاختصار والإيجاز: النقطة الأولى تتعلق بقضايا العمل والعامل. ما شدّدنا عليه دوماً
ونؤمن من أعماق كياننا بأنه ضرورة للبلاد ولثقافة
البلاد العامة عبارة عن تكريم واحترام العمل والعامل. للعامل معنى عام. كان
الإمام الخميني (رضوان الله عليه) يقول: كان الأنبياء أيضاً عمالاً. وهذا هو
الواقع. في مجموعتكم أيضاً مدراؤكم وناشطوكم ومخططوكم وصناع فرص العمل عندكم
الذين يوفرون إمكانية تنمية العلم وتطويره ورفع جودته، وصولاً إلى كل واحد من
العمال - العمال المتعلمين الخريجين، والعمال المهرة، والعمال أصحاب التجربة، إلى
العمال العاديين - كلهم عمال. العمل نفسه محترم، والتحرك والسعي في الاتجاه
الصحيح له احترامه بحدّ ذاته. هذه هي نظرة الإسلام. كل شيء يجب أن يتقوم على أساس
هذا التكريم والاحترام. إذا طرحنا شيئاً باسم حقوق العامل ومنزلته فيجب أن يكون
على أساس هذا الاحترام للعمل وللعامل. وواقع القضية هو أن الحضارات الإنسانية والتقدم المادي في العالم في كل العهود
والعصور وكذلك التقدم المعنوي والروحي والداخلي لكل إنسان لا يمكن أن يتحقق إلّا بالعمل. لا بدّ من العمل
ولا مندوحة من
السعي والمثابرة. هذه الآية التي تلاها لنا اليوم المقرئ حسن الصوت:
﴿وَ اَن لَيسَ
لِلاِنسانِ اِلّا ما سَعي﴾ 1.. معناها أن مكتسباتكم ليست إلّا في ظل مساعيكم
وجهودكم وعملكم. ينبغي أن نفكر بهذا الشكل على كل المستويات. يجب أن نعمل.
النظرة الخصامية بين العامل ورب العمل وما إلى ذلك، هذا تفسير خاطئ لحقيقة. الكل
يجب أن يتعاونوا. بل إن نظرة التضاد والتعارض والتزاحم التي سادت الأفكار الغربية -
وهي لا تختص بالماركسيين، فقد كانت هناك قبل الماركسيين أيضاً نظرة شائعة دارجة
في الأفكار الغربية تقوم على التضاد والتعارض - نظرة مرفوضة من وجهة نظر الإسلام.
إنها ليست بالنظرة المقبولة. في الإسلام هناك دعوة للألفة والائتلاف والوحدة والتعاون
والتراحم. هذا هو أساس الفكر الإسلامي في كل الأنشطة. وطبعاً للتعامل
حدوده وضوابطه، ولكل شخص حقوق ينبغي مراعاتها، وهي ممكنة التحقيق في ظل الحكومة
الإسلامية. النظرة التعارضية خاطئة. والنظرة الصحيحة في الإسلام هي نظرة التعاون والتعامل
والتواصل. هذه فكرة يجب أن تكون في كل شؤوننا وكل القضايا المتعلقة
بالحياة. يضطر المرء للدفاع في مقابل الشخص الذي يريد توجيه الضربات للمكانة
النفسية والروحية والفكرية والوجودية للإنسان والمجتمع، لكن السياق الأصلي هو
التعاون والتعامل والائتلاف. هذه هي النظرة الأساسية للإسلام. نعتقد أن مجتمعنا
العمالي يجب أن يكرّم ويحترم. نعتقد أن كل من يعمل ويقوم بعمله ويقوم به بشكل
حسن جيد فهو محظيّ بالرحمة الإلهية. يقول: "رَحِمَ اللهُ اِمرَءً عَمِلَ عَمَلاً
فَأَتقَنَه". الذي يقوم بعمله بوجه حسن وصحيح مشمول بالرحمة الإلهية. هذه هي
النقطة الأولى وإحدى النقطتين الأساسيتين التي كان من اللازم أن أذكرهما.
النقطة الثانية تتعلق بالحقيقة التي يمكن مشاهدة واحدة من تجلياتها الجميلة في هذه
المجموعة العاملة أي مجموعة مينا. إنها حقيقة الكفاءة.. الكفاءة الناتجة عن العلم والذكاء
والمثابرة والإبداع والعزيمة الراسخة، والتي نشاهدها لحسن الحظ في هذه
المجموعة. هي هذه نظرتنا لكل حركة البلاد.
"العزيمة الوطنية والإدارة الجهادية" هو الشعار الذي طرح لهذا العام 1393 ، لكنه
ليس بالشيء الذي يتعلق بهذه السنة فقط، بل هو هويتنا وسمعتنا ومستقبلنا والشيء
الذي يرسم مصيرنا. إذا كانت العزيمة الوطنية وإذا توفرت الإدارة الجهادية فسوف
يتقدم الاقتصاد وتتطور الثقافة. والشعب الذي يكون له اقتصاد متقدم وثقافة متقدمة
يرتقي إلى الذرى ولا تناله إهانة. قبل الثورة أهانونا لعشرات السنين. الشعب
الإيراني بهذه السوابق وبهذه الحضارة العريقة، وبكل هذا التراث الثقافي العميق، وبكل هؤلاء العلماء في مختلف الحقول
والميادين على مرّ التاريخ، وصل به الأمر إلى
حيث أن حكام هذا الشعب ومن أجل أمور البلاد الأساسية كان يجب أن يبعثوا أناساً إلى
السفارة البريطانية وسفارة أمريكا ليحصلوا على إذن من السفير البريطاني والسفير
الأمريكي. فهل إهانة أسوء من هذه لشعب؟ يوم لم يكن هناك أثر للعلم والمعرفة في
أوربا والغرب، ويوم كان الجهل سائداً على تلك البلدان بالمعنى الحقيقي للكلمة،
قدّمت إيران للعالم أمثال الفارابي وابن سينا ومحمد بن زكريا الرازي والشيخ
الطوسي وغيرهم من الشخصيات العظيمة. هذا هو تراثنا، وهذا هو ماضينا. ما كان يجب
أن نهان، وما كان يجب أن نسمح للقوى العالمية الناهبة أن تأتي وتمسك اقتصادنا
بيدها، وتنهب نفطنا وتسيطر على مصادرنا، وتهين شعبنا من النواحي السياسية والاجتماعية. لكن هذا حصل.
إذا أراد الشعب الإيراني أن يكسب مكانته اللائقة فإن هذه المكانة معروفة. لقد قلت
مراراً إن شعبنا يجب أن يصل إلى حيث يضطر الباحثون في العالم من أجل أن يبلغوا قمم
العلم إلى إتقان اللغة الفارسية. هذه مكانة معرّفة ومطروحة. وقد نصل إلى هذا
المستوى بعد خمسين عاماً، لا بأس.. فليكن. إذا أردنا أن نصل إلى هذه المكانة
المعرّفة المطروحة يجب أن نستخدم العلم والذكاء والقدرة العالية على الحراك والفعل،
والقدرة على الإبداع والابتكار، والعزيمة الراسخة في كل المجالات. يجب
الارتفاع بمستوى الاقتصاد، والارتفاع بمستوى الاقتصاد غير ممكن ولا مفيد من دون
نمو ثقافي. ينبغي للثقافة أيضاً أن ترتفع وتترقى. إذن شعار هذه السنة شعار حياتنا وهو شعارنا الدائمي.
ولحسن الحظ فإن هذا هو ما يشاهده المرء في مختلف قطاعات
المجتمع الاقتصادي والصناعي الناشط للبلاد بما في ذلك مجموعة "مينا" هذه. طبعاً
كان لديّ تقارير، وقد شاهدت اليوم جوانب من ما كنا قد قرأناه في التقارير. هذا يدل
على أن الشعار الذي رفعه إمامنا الخميني الجليل، أي شعار "نحن قادرون" هو شعار
واقعي وليس مجرد شعار لفظي. هذا هو الحال حقاً. الأعمال التي كانت بالنسبة لبلادنا
- من وجهة نظر بعض الخواص والمدارء - غير ممكنة تحصل اليوم بسهولة وانسيابية في
مجموعتكم هذه.
لا أنسى في الأعوام الأولى من عقد الستينيات [الثمانينيات من القرن العشرين للميلاد]
حينما كنت رئيساً للجمهورية، في منطقة من البلاد لا أروم ذكر اسمها، كان لدينا محطة
طاقة غازية نصف منتهية، وكنا نصرّ ونقول لهم إننا يجب أن ننهي هذه المحطة بأنفسنا.
وجاءني بعض المسؤولين - والبعض منهم على قيد الحياة وبعضهم انتقل إلى رحمة الله وفارق الحياة
- وقالوا: يا سيدي، هذا غير ممكن، لا تجهدوا أنفسكم عبثاً، ولا
تبذلوا مساعي عبثية. جاءوا ليثبتوا لي ويقنعوني بأننا لا نستطيع، ويجب أن نطلب من
تلك الشركة الصانعة وشركة أخرى في العالم أن تأتي، وكان ذلك في بحبوحة الحرب وفترة الحرب كانت فترة ضغوط كثيرة
وحظر عسير.
واليوم استطعتم أنتم شباب هذا البلد والناشطون فيه ومدراؤه الجهاديون الأعزاء أن
ترفعوا أنفسكم إلى مرتبة عليا في إنشاء محطات الطاقة الغازية - المرتبة السادسة في
العالم - هناك شركة في أمريكا وشركة في ألمانيا وشركة في فرنسا وشركة في إيطاليا وشركة في اليابان،
وأنتم تحتلون المرتبة السادسة في العالم، وأنتم تصنعون محطة
طاقة غازية.. هذا شيء مهم جداً. في تلك الأعوام كانوا يقولون لنا إن هذا غير ممكن،
ولكن بفضل المثابرة والهمّة والتوكّل على الله تعالى، وبتشجيع الطاقات الموهوبة، وبالعزيمة الراسخة التي أبداها المدراء الإيرانيون، حصل هذا الشيء. أريد أن أقول:
يا أعزائي.. هذا المستوى الذي أنتم فيه اليوم ضاعفوه عشرة أضعاف، فهذا الشيء أيضاً
قابل للتحقيق والحصول، وسوف يحصل. بعض الأشياء لا تستطيع الهمم الدانية والنظرة
القاصرة أن تدركها وتفهمها، لأنها لا تعرف طبيعة الإنسان، ولأنها لا تفهم المعونة
الإلهية، ولا تدرك قدر وقيمة العزيمة الراسخة، وتنكر مواهبنا الداخلية الذاتية. وهذه بدورها من البلايا التي نزلت بشعب إيران. سنوات طويلة من الهيمنة الثقافية
والسياسية والاقتصادية للأجانب على هذا البلد، رسّخت في الأدمغة فكرة أن الإيراني
لا قدرة لديه، لاحظوا أية خيانة كبرى! الموهبة الإيرانية أعلى من المتوسط العالمي.
الشاب الإيراني والموهبة الإيرانية تحتل درجات عالية في سلّم المواهب البشرية في
العالم، وإذا بهم يتظاهرون بأنه لا توجد هنا مواهب. هذا ما يتعلق بقبل الثورة وقد
بقي للأسف إلى سنوات بعد انتصار الثورة، فقد كان هناك أفراد تجذرت هذه الأفكار
الخاطئة في أذهانهم.
ولأروي لكم أيها الأعزاء - الإخوة والأخوات - هذه الذكرى فأقول: جاءني شخص ليثبت
أننا يجب أن لا نتابع مشاريع الطرق والطرق السريعة التي نريد إنشاءها. كان يقول
إننا ليس لدينا مدير مشاريع.. ليس لدينا مدراء.. وكان يسوق الأمثلة. الأشياء التي
تجعل الشعب متخلفاً هو هذه الأفكار. الحمد لله أنتم في هذه المجموعة عمل عمالكم ومدراؤكم
ومسؤولوكم ومصمموكم كلهم بشكل جيد، وصارت مجموعة "مينا" هذه اليوم
مجموعة باعثة على الفخر والاعتزاز والمباهاة.. مباهاة البلد بكم ومباهاتكم أنتم
الذين استطعتم أن توجدوا هذه القدرات وتعرضوها على الصديق والعدو.. يجب أن
تتباهوا وتفخروا بذلك. كلكم في أي موقع كنتم، من عمال ومدراء ومسؤولين ومصمّمين ومبرمجين
وقطاعات مختلفة يجب أن تفخروا لأنكم ساهمتم في تكوين هذه النتائج
الجميلة والباعثة على الفخر. طبعاً ينبغي دعم أنشطة هذه المجموعة والمجاميع
المماثلة. ومن جملة أعمال الدعم أن تجد الأجهزة الحكومية نفسها مكلفة بعدم نحت
منافسين أجانب لمنتجات هذه المجاميع. هذا أحد جوانب الاقتصاد المقاوم الذي تحدثنا
عنه. الإنتاج الداخلي هو العمود الفقري للاقتصاد المقاوم. إذا أريد للإنتاج الداخلي
أن يزدهر فمن المتيقن أنه يجب ضخّ المساعدات فيه والحيلولة دون الأمور والأشياء
التي تمنع نموه وازدهاره، وكذلك يجب أن توفر لمنتجاته الأسواق، وتجري السيطرة
بشكل من الأشكال على استيراد المنتجات المشابهة لمنتجاته - ولا نستخدم هنا كلمة
المنع - بل يجب أن تخضع هذه العملية لمراقبة دقيقة وفق حسابات. كما يجب على الحكومة
أن تساعد في خصوص العقود الخارجية التي تبرمها هذه المجموعة وأمثال هذه المجموعة.
قلنا إن اقتصادنا داخلي التدفق خارجي النظرة. علينا أن ننمو ونتدفق وتتضاعف
إمكانياتنا وقدراتنا من الداخل، ولكن يجب أن تكون لنا نظرتنا للخارج. الأسواق
العالمية لنا، وينبغي أن نستطيع بهممنا وإبداعاتنا أن نتواجد ونشارك في هذه
الأسواق، وهذه المشاركة غير متاحة من دون دعم الحكومة. طبعاً يمكن لقطاعات مختلفة
من الحكومة أن يكون لها نصيبها وإسهامها في هذا المجال.
عامل "الإدارة الجهادية" المهم عبارة عن الثقة بالذات، والاعتماد على النفس، والتعويل على العون الإلهي. حين أشرت إلى الاسم المبارك للإمام الباقر (عليه السلام)
والاسم المبارك للإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) والتبرك
بأيام شهر رجب في بداية حديثي، فهذا هو السبب. لنستمد العون من الله ونتوكل عليه
في كل أعمالنا، ولتكن لنا ثقتنا بالعون الإلهي. حينما تطلبون العون من الله تعالى
فستنفتح الطرق أمامكم:
﴿وَ مَن يتَّقِ اللهَ يجعَل لَهُ مَخرَجًا ، وَ يرزُقهُ مِن
حَيثُ لايحتَسِب﴾ 2.. هذا الرزق الذي تذكره هذه الآية والوارد في آيات أخرى، يصل
لنا أنا وأنتم بأشكال مختلفة. أحياناً تنقدح في أذهانكم أفكار كالبرق وينفتح طريق
كان مغلقاً، هذا بدوره رزق إلهي. وفي فترة ضغوط متراكمة يشرق فجأة أمل وافر في
قلوبكم، هذا أيضاً من الرزق الإلهي. إذن، يجب الاعتماد على العون الإلهي، واستخدام
الذكاء والعلم وهذا بدوره من أركان المقاومة الاقتصادية، وقد جرى شرحه في
موضعه.. لا بدّ من المجاميع العلمية المحور ومجموعتكم هذه لحسن الحظ من النماذج
البارزة للمؤسسات العلمية المحور.. والاستعانة بالمثابرة والسعي الدؤوب، إذ ينبغي
عدم الاستهانة والاستخفاف بالعمل، فلا تقنعوا بالتقدم الذي أحرزتموه، وتطلعوا وتشوقوا إلى مزيد من التقدم. الاقتناع بهذه الحدود التي توصلنا لها يصيبنا بالتوقف
والركود والمراوحة. لا بدّ من إبداع وسير في طرق جديدة وانتهاج طرق اختزالية.
من جملة النقاط التي سجلتها لأذكرها، ولحسن الحظ شاهدت اليوم أثناء زيارتي وتجوالي أنها تحظى بالاهتمام، قضية البحث العلمي
والتنمية وهي على جانب كبير من
الأهمية. الحمد لله وجدت أنهم خصصوا قطاعاً وقسماً مهماً للبحث العلمي والتنمية.
قضية أخرى هي التعاون والتواصل بين القدرات والطاقات في القطاعات المختلفة، حتى
تكون على معرفة واطلاع بعضها ببعض. هل هذه الإمكانيات والقدرات الموجودة في "مينا" معروفة لدى القطاعات الاقتصادية
والصناعية الناشطة في البلاد؟ هل هم مطلعون
عليها؟ هل جامعات البلاد على اطلاع كامل بإمكانيات وقدرات "مينا"؟ وهل أنتم
مطلعون على قدرات الجامعات؟ طبعاً يقول الأعزاء الذي رفعوا التقارير 3 إنهم
ناشطون في هذا المجال، لكنني أروم التأكيد على هذه القضية.. قضية التعاون والاستفادة من إمكانيات البعض كما هي الأواني المستطرقة. لينتفع الكل من الكل، فهذا
التعاضد والتكامل يؤدي إلى مزيد من التقدم.
ذكر المدير المحترم السيد علي آبادي في حديثه نقطة اعتقد أنا أيضاً بها
وأؤيدها وتنبهت لها دوماً. قال إنهم يرفعون الحظر عن أيّ موضع نكتسب فيه القدرات اللازمة.
وهو على حق. الحظر يفرضونه على الأشياء والمواقع التي تكون فيها أيديكم مغلولة. وفي أي قطاع تستطيعون أن تبدوا عن أنفسكم تحركاً
وتقدماً يشعر الطرف المقابل أن
الحظر عملية عبثية وحمقاء ولا طائل منها. والمثال الواضح لذلك هو هذا اليورانيوم
المخصب بنسبة عشرين بالمائة الذي كنا بحاجة ماسة له لمحطة طاقة طهران للأبحاث. كان
مخزون البلاد آيلاً للنفاد، وبذلك سوف تتعطل محطة الطاقة هذه، وتغيب بذلك الأدوية
الإشعاعية التي يحتاجها الناس وكانت تنتج هناك. وحاول المسؤولون أن يحصلوا على
اليورانيوم المخصب بنسبة عشرين بالمائة. وقصة الألاعيب والتمثيليات التي أطلقها
عتاة العالم - وعلى رأسهم أمريكا وبعض القوى الأخرى - بشأن اليورانيوم المخصّب
بنسبة عشرين بالمائة قصة طريفة وطويلة وجديرة بالسماع لمعرفة ما الذي فعلوه! كنا
على استعداد لشراء هذه المادة، لكنهم تشبثوا بأنواع الحيل والألاعيب ليخلقوا
عراقيل، إلى أن وصلت الجمهورية الإسلامية أخيراً إلى نتيجة أن تنتج بنفسها
اليورانيوم المخصب بنسبة عشرين بالمائة. لكنهم لم يكونوا يصدقون أن هذا سيحدث، ولم
يكونوا يصدقون حتى لو تم إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة عشرين بالمائة، أن نستطيع
بعد ذلك إنتاج الوقود منه، أي إنتاج قضبان الوقود وصفحات الوقود من هذا
اليورانيوم. وقد استطاع شباب الجمهورية الإسلامية - شباب أمثالكم - والعلماء
الشباب بذكائهم وإبداعاتهم وبالإدارة الجيدة أن يقوموا بهذا العمل. وبعد أن أدرك
العالم كله الآن أن الجمهورية الإسلامية حصلت على هذه التقنية وأنتجت هذا المحصول وتستطيع الاستفادة من هذا المنتج، إذا بهم يتحركون،
ويقول هذا الطرف تعالوا واشتروا منا، ويقول ذاك الطرف تعالوا واشتروا منا.. يقولون: إننا على استعداد
لبيعكم هذه المادة، ولكن لا تنتجوها بأنفسكم.
هكذا هو العالم.. ضغوط العالم وألاعيبه والتمثيليات السيئة للقوى المختلفة الكبرى والصغرى في العالم أمام نظام الجمهورية الإسلامية
وأي نظام مستقل تابع لضعف هذا
النظام وقوّته. أين ما كنتم ضعفاء ازدادت غرابة أطوارهم وألاعيبهم، وأين ما
كنتم أقوياء ومقتدرين وتقفون على أرجلكم وتعتمدون على أنفسكم يضطرون أن يتعاملوا
معكم بأدب أكثر ومنطق أكثر. هذا هو مفتاح حلّ كل مشكلات البلاد. يجب أن تتدفق
البلاد من الداخل. يجب أن تأمّنوا أنفسكم داخلياً وذاتياً على المستوى الاقتصادي ولأجل مستقبلكم.
والشعب الإيراني شعب موهوب وقادر، وطاقاتنا الإنسانية لا نهاية
لها، كما أن ذخائرنا الطبيعية أيضاً كثيرة جداً لحسن الحظ. نتمنى أن يوفقكم الله
تعالى جميعاً، ويوفقنا ويوفق مسؤولي البلاد وكل واحد من أبناء الشعب لنستطيع إن
شاء الله العمل بواجباتنا.
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1 - سورة النجم، الآية 39 .
2 - سورة الطلاق، أجزاء من الآيتين 2 و3 .
3 - السيد علي ربيعي وزير التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي، والسيد عباس علي
آبادي رئيس الهيئة الإدارية في مجموعة "مينا".