يتم التحميل...

من كلام السيد القائد حول تولي الإمام الكاظم للإمامة

صفر

إنّ حياة الإمام موسى بن جعفر عليه السلام، أي إمامته، بدأت في أصعب المراحل والمقاطع الزمنيّة. فباعتقادي لا يوجد عصر من بعد عصر الإمام السجّاد بشدّة وصعوبة عصر موسى بن جعفر عليه السلام...

عدد الزوار: 256

شذرات من كلام السيد القائد دام ظلّه حول ظروف تولي الإمام الكاظم عليه السلام للإمامة
المناسبة: ولادة الإمام الكاظم عليه السلام


إنّ حياة الإمام موسى بن جعفر عليه السلام، أي إمامته، بدأت في أصعب المراحل والمقاطع الزمنيّة. فباعتقادي لا يوجد عصر من بعد عصر الإمام السجّاد بشدّة وصعوبة عصر موسى بن جعفر عليه السلام، الذي صار إماماً عام 148هـ بعد وفاة أبيه الإمام الصادق عليه السلام. وفي هذا العام كانت أوضاع بني العبّاس قد استتبّت، بعد فراغهم من الصراعات والخلافات والحروب الّتي كانت دائرة فيما بينهم في بداية حكمهم. فلقد نكّلوا بالتهديد الأكبر لخلافتهم والّذي كان يجيء من شخصيات وجيهة كبني الحسن ـ (محمّد بن عبد الله بن الحسن وإبراهيم بن عبد الله بن الحسن) ـ وبقية أولاد الإمام الحسن عليه السلام الّذين كانوا من أشدّ الناس عداءً ونقمةً على بني العبّاس ـ فلقد قَتَل العبّاسيّون عدداً كبيراً من رؤسائهم ووجهائهم، وتبيّن هذا الأمر بعد فتح الأسطوانات والأنبار عند موت المنصور العبّاسي، حيث وجدوا فيها عدداً كبيراً من الشخصيّات والأفراد المقتولين الّذين رُميت أجسادهم وظهرت هياكلهم العظمية أيضاً. فلقد قتل المنصور من الشخصيات المشهورة والمعروفة من بني الحسن وبني هاشم من أقاربه ومن الّذين كان يعدّون من المقرّبين لهم، بحيث أنّه بنى لذلك مخازن خاصّة. وبعد أن فرغ من كلّ هؤلاء وصل الأمر إلى الإمام الصادق عليه السلام، فقتله بالسمّ غيلةً. ولم يعد في أجواء الحياة السياسية للعبّاسيين أيّ غبارٍ، في مثل هذه الظروف الّتي كان يتمتّع فيها المنصور بأوج السلطة الظاهرية والقدرة، جاء دور خلافة موسى بن جعفر عليه السلام، الّذي كان شابّاً في مقتبل العمر، وكان يخضع لكلّ هذه الرقابة. وكان الأمر بحيث أنّ الّذين كانوا يريدون أن يعرفوا إلى من يرجعون بعد الإمام الصادق عليه السلام كانوا يجدون صعوبة بالغة في شقّ الطريق والوصول إلى موسى بن جعفر عليه السلام. وكان موسى بن جعفر عليه السلام يوصيهم بالحذر لأنّه لو عُرف أنّهم قد سمعوا منه وأخذوا من تعاليمه وارتبطوا به سيكون مصيرهم الذبح. ففي مثل تلك الظروف، وصل الإمام موسى بن جعفر عليه السلام إلى الإمامة وبدأ جهاده.

وهنا لو سألتم أنّه كيف بدأ موسى بن جعفر جهاده عندما وصل إلى الإمامة، وماذا فعل، ومن جمع، وأين ذهب، وأيّة أحداثٍ جرت عليه طيلة هذه الـ 35 سنة. هناك أشياءٌ متفرّقة يمكن أن نفهم من مجموعها أشياء كثيرة.

إحداها أنّ هناك أربعة خلفاء حكموا في مرحلة إمامة موسى بن جعفر في هذه السنوات الـ 35. ومنهم المنصور العبّاسي والّذي امتدّ حكمه في بداية إمامة الإمام موسى بن جعفر لمدة 10 سنوات، ثم جاء ابنه المهدي من بعده وحكم أيضاً لعشر سنوات. ومن بعد المهدي، جاء الهادي العبّاسي ليحكم سنةً واحدة، ومن بعده هارون الرشيد الّذي حكم لمدّة 12 سنة تقريباً، وقد كان الإمام موسى بن جعفر مشغولاً بالتبليغ والدعوة إلى الإمامة. وكلّ واحد من هؤلاء الخلفاء الأربعة، ضايقوا موسى بن جعفر وضغطوا عليه.

انظروا أنتم طيلة هذه السنوات الـ 35 حينما كان موسى بن جعفر عليه السلام مشغولاً بالدعوة إلى الإمامة والقيام بالتكليف والجهاد قد استُدعي عدّة مرّات وأُحضر. هذا بالإضافة إلى أنّ خلفاء عصره عزموا عدّة مرّات على قتله، وأعدّوا لذلك خطّته. فالمهدي العبّاسي ابن المنصور بمجرّد أن وصل إلى الحكومة قال لوزيره أو حاجبه الربيع أنّه عليك أن تعدّ العدّة لقتل موسى بن جعفر والقضاء عليه. كان يشعر أنّ الخطر الأساسي يأتي من جانب موسى بن جعفر عليه السلام. والهادي العبّاسي كما قلت قد عزم في بداية حكومته على قتل الإمام. حتّى أنّه أنشد شعراً وقال: لقد مرّ الزمان الّذي نعامل فيه بني هاشم باللين ونستسهل أمرهم، وإنّني عازمٌ وحازمٌ على أن لا أبقي منهم أحداً، وأوّل من سأقضي عليه هو موسى بن جعفر عليه السلام. وفيما بعد كان هارون الرشيد أيضاً يريد أن يفعل نفس هذا الأمر، وقد فعله وارتكب هذه الجريمة الكبرى. فانظروا أيّة حياةٍ مليئة بالأحداث مرّت على موسى بن جعفر عليه السلام.

وآخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين

2013-12-04