الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
مدرسة عاشوراء
إنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجتُ لطلب الإصلاح في أمّة جدّي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي وأبي عليّ بن أبي طالب عليه السلام
عدد الزوار: 281
في رسالة الإمام الحسين عليه السلام إلى أخيه محمَّد بن الحنفيّة تحدّث عن أسباب
نهضته قائلاً: "إنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجتُ
لطلب الإصلاح في أمّة جدّي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. أريد أن آمر
بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي وأبي عليّ بن أبي طالب عليه السلام "1.
من بديهيَّات التعاليم الإسلامية أنّها رفضت الانزواء في المجتمع، فلا رهبانيّة في
الإسلام الذي بدَّل بصومعة التكامل الفردي المسجدَ الجامع الذي يتفاعل فيه أهله في
مختلف قضاياهم الاجتماعية مع عباداتهم فيه.
ولعلَّ من أهمّ العناوين الإسلامية التي تُبرز اهتمام الإسلام بالمجتمع هو "الأمر
بالمعروف والنهي عن المُنكر" اللَّذيْن ورد عن الإمام الباقر عليه السلام أنّهما:
"سبيل
الأنبياء ومنهاج الصلحاء"2.
سرُّ المرتبة
وخلفيَّة ذلك تكمن بالهدف الإلهيّ من خلق الله تعالى للإنسان، وهو الكمال الذي يريد
عزّ وجلّ أن يتحقّق من خلال أمرين:
الأول: كمال الإنسان الفردي.
الثاني: كمال المجتمع الإنساني وقافلة البشرية.
فكما أنّ الإنسان عليه أن يسعى لكمال نفسه، فعليه أن يتحمّل مسؤوليته في كمال
المجتمع الذي بدونه لا يتحقّق الكمال الفرديّ.
الأمر بالمعروف
من هنا كانت القيمة العالية للأمر بالمعروف بين الناس، فعن الرسول الأكرم صلى الله
عليه وآله وسلم: "والذي نفسي بيده، ما أنفق الناس من نفقةٍ أحبّ من قول الخير"3. وعنه صلى الله عليه وآله وسلم:
"الدالُّ على الخير كفاعله"4.
وقد أكَّدت النصوص الدينية وسيرة الأنبياء والأوصياء على التزام الحكمة في أسلوب
الأمر بالمعروف، ولنا في موقف الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام خير شاهد على
ذلك، حينما رأيا شيخاً يتوضأ ولا يحسن الوضوء، فأظهرا تنازعاً يقول كلُّ منهما
للآخر: "أنت لا تحسن الوضوء، وقالا: أيّها الشيخ، كن حكماً بيننا فتوضأ، وقالا:
أيّنا يحسن الوضوء؟ فقال الشيخ: كلاكما تحسنان الوضوء، ولكن هذا الشيخ الجاهل هو
الذي لم يحسن، قد تعلَّم الآن منكما، وتاب على يديكما ببركتكما وشفقتكما على أمّة
جدّكما"5.
يُعلّمنا الحسن الحسين عليهما السلام في هذه القصة كيف ندعو إلى الله تعالى بما
يُقرِّب الآخرين إلى الإسلام بالأسلوب الهادىء الحكيم، لا كما يفعل بعض الناس
الذين يُنفّرون الناس من الدين والإيمان، كذلك الشخص المسلم الذي أسلم جاره
النصرانيّ، وبعد إسلامه طرق عليه بابه عند الفجر، ففتح الباب متفاجئاً، ما الأمر؟
فطلب منه المسلم أن يذهبا إلى المسجد لأداء صلاة الفجر، فذهبا وبعد الصلاة أراد من
كان نصرانيّاً الرجوع إلى بيته، إلاَّ أنّ جاره أصرَّ عليه أن يقرأ القرآن لا سيّما
أنّ الوقت بين الفجر وطلوع الشمس من الأوقات المباركة... طلعت الشمس لكنّ جاره لم
يدعه يذهب إلى بيته، إذ أخذ يلقّنه أدعية مستحبّة في ذلك الوقت، إلى أن جاء وقت
صلاة الظهر فصلّى، وحين همَّ بالذهاب إلى بيته استبقاه جاره في المسجد لقراءة بعض
الأدعية حتى يأتي وقت صلاة العصر، وحلّ وقت العصر، وأبى جاره إلاَّ استبقاءه لصلاة
المغرب، ولم يدعه يرجع إلى بيته إلاَّ بعد صلاة العشاء.
وفي اليوم التالي جاء المسلم عند الفجر، وطرق باب جاره (النصرانيّ سابقاً)، ففتح له
الباب، وسأله: ما الأمر؟ فطلب منه الذهاب معه إلى المسجد، لكنَّه تفاجأ حينما أجابه
النصرانيّ: "اذهب يا هذا، وابحث لدينك عن رجلٍ غيري، فإنّي رجل ذو عيال".
وقد ورد أنّ أحدهم روى هذه القصّة للإمام الصادق عليه السلام الذي علَّق عليها بأنّ
الذي "أدخله في شيء أخرجه منه"6.
النهي عن المنكر
أمَّا الموقف من المنكر، حينما يواجهه المؤمن، فقد تعرَّضت الأحاديث الشريفة لعدّة
صور له:
1-أن يداهن أهل المنكر، ولا ينهاهم عنه.
ومصيره ورد، في رواية عن الإمام أبي جعفر عليه السلام: "أوحى الله إلى شعيبٍ النبي
عليه السلام: إنّي معذِّب من قومك مئة ألف: أربعين ألفاً من شرارهم، وستين ألفاً من
خيارهم، فقال عليه السلام: يا ربّ هؤلاء الأشرار، فما بال الأخيار؟ فأوحى الله عزّ
وجل إليه: داهنوا أهل المعاصي، ولم يغضبوا لغضبي"7.
2-أن يثبِّط عزيمة الناهين عن المنكر
ومصيره ورد في القرآن الكريم، في قصة بني إسرائيل الذين حرَّم الله تعالى عليهم صيد
السمك يوم السبت، وابتلاهم تعالى بكثرة السمك على شواطئهم، في يوم التحريم بخلاف
الأيَّام الأخرى، قال تعالى:
﴿واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ
حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ
يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ
نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ
﴾8.
فما كان من أولئك الصيادين إلا أن قاموا بحفر أحواض قرب الساحل، وتركوها مفتوحة
لتدخل إليها مياه البحر والأسماك، ثم بعد ذلك كانوا يقفلونها إلى أن يجيء يوم الأحد،
ليخرجوا منها السمك. وقد التفت المؤمنون إلى أنّ هذا هو نوعٌ من التلاعب بالشريعة،
والتفافٌ على الحرام بحرام، فأقبلوا ينهون الصيَّادين عن هذا المنكر، إلا أنّ فريقاً
تدخّل يحاور الناهين مستنكراً نهيهم للصيَّادين الفاسقين، قال تعالى:
﴿ وَإِذَ
قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ
مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ
يَتَّقُونَ
﴾9. وقصّ علينا القرآن نهاية هذه القصّة بقوله تعالى
﴿ فَلَمَّا عَتَوْاْ
عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ
﴾10.
فمن هم الذين مسخهم الله إلى قردة خاسئين ؟
تفيد بعض التفاسير أنّ الممسوخين هم: الصيادون، والمستنكرون نهي الصيادين عن
المنكر11.
3-أن يسكت فلا يداهن، ولا يمانع، بل يسكت بدون أيّ تفاعل.
ومصيره ورد في رواية عن الإمام الباقر عليه السلام: "إنّ الله بعث ملكين إلى أهل
مدينة ليقلباها على أهلها، فلمّا انتهيا إلى المدينة فوجدا فيها رجلاً يدعو ويتضرّع
"إلى أن قال عليه السلام: فعاد أحدهما إلى الله، فقال: يا ربّ إني انتهيت إلى
المدينة، فوجدت عبدك فلاناً يدعوك ويتضرَّع إليك فقال: امضِ لما أمرتُك به، فإنَّ
ذا رجلٌ لم يتمعّر وجهه غيظاً لي قطّ"12.
وحينما يترك المجتمع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنّ هناك عواقب سوف يواجهها
يمكن بيانها في العناوين الآتية:
1-تسلّط الأشرار على المجتمع
عن الإمام علي عليه السلام: "لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيولَّى
عليكم شراركم"13.
2-عدم استجابة الدعاء
ويكمل الإمام علي عليه السلام الحديث السابق بقوله: "... ثم تدعون فلا يُستجاب
لكم"14.
3- نزع البركات من المجتمع
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تزال أمتي بخير، ما أمروا بالمعروف، ونهوا
عن المنكر، وتعاونوا على البرّ، فإذا لم يفعلوا ذلك، نزعت منهم البركات"15.
أسباب عدم الإقدام على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وقد تعرَّض الإسلام للأسباب التي تدعو المؤمن لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
والتي يمكن جمعها في عنوان الضعف، وهو إمّا ضعفٌ في فهمه أو ضعف في سلوكه، وبالتالي
فهو إمّا ضعيف على مستوى البنية المفهوميّة الدينيّة، أو ضعيف على مستوى الالتزام
الدينيّ، من هنا ورد أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إن الله عزَّ وجلَّ
ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا دين له، فقيل: وما المؤمن الضعيف الذي لا دين له ؟ قال:
الذي لا ينهى عن المنكر"16. وقد تدخل الإسلام لمعالجة هذا الضعف.
أمّا معالجة الضعف المفهومي فمن خلال التفقّه الصحيح في الدين، فقد يعتقد البعض
أنَّ الله تعالى لا يمانع أن ينشغل الإنسان بنفسه، من دون أن يكلِّفها بهداية
الآخرين، وذلك استفادةً من قوله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ
عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى
اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
﴾17 وهي
استفادةٌ خاطئة، لأن الآية تدعو المؤمنين إلى ملازمة سبيل الهداية، من دون أن
يوحشهم ضلال من ضلَّ من الناس، فإن الله سبحانه هو المرجع الحاكم على الجميع حسب
أعمالهم18.
أما معالجة الضعف المسلكي، فإنّ الإسلام قارب الهواجس التي من خلالها يخاف المسلم
من الإقدام على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا سيَّما الهاجسين المتعلقين
بعنوانين حسَّاسَيْن في حياته هما:
1-أن يصيبه ضرر في نفسه، قد يؤدّي إلى موته بسبب الإقدام على هذه الفريضة.
2-أن ينقطع رزقه بسبب هذا الإقدام.
وفي مقام رفع هذين الهاجسين أعلن الإمام علي عليه السلام في خطبة له عن ضمانة إلهية
تتعلّق بذلك، فقال عليه السلام: "... اعلموا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لن
يقرِّبا أجلاً ولن يقطعا رزقاً"19.
4- أن يتدخل، وينهى عن المنكر
وهو الموقف الذي يُحبُّه الله تعالى، ويتكامل به الإنسان، وقد ذكر الإمام الباقر
عليه السلام سبعة آثار إيجابيّة لهذا الموقف، حينما يتحلّى به المؤمنون في المجتمع،
فعنه عليه السلام: "إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...فريضة عظيمة بها:
1. تُقام الفرائض.
2. وتأمن المذاهب.
3. وتحلّ المكاسب.
4. وتُردّ المظالم.
5. وتعمر الأرض.
6. ويُنتصف من الأعداء.
7. ويستقيم الأمر"20.
وقد حدَّدت الشريعة ثلاث مراحل لهذا النهي عن المنكر:
الأول: الإنكار بالقلب
فعن الإمام علي عليه السلام: "أدنى الإنكار أن يُلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرّة"21.
إنّ أقلّ ما يمكن أن يواجِه المؤمن به من يحمل كأس خمر يشربها، أو يتناول الطعام
دون عذر، في نهار شهر رمضان، أو يغتاب الآخرين، أو نحو ذلك، أن يظهر علائم السخط
على وجهه من عمله القبيح.
الثاني: الإنكار باللسان
إنَّ الكلمة الناهية عن المنكر قد تغيِّر مصير الناهي والمنهيّ من قعر جهنّم إلى
عوالي الجنّة. وهذا ما نلاحظه في قصّة ذلك العابد من بني إسرائيل الذي احتال عليه
إبليس حتى ذهب إلى فاجرة يريد الزنا بها، فقالت له: "إنّ ترك الذنب أيسر من طلب
التوبة. وليس كلّ من طلب التوبة وجدها. فانصرف، وماتت من ليلتها، فأصبحت وإذا على
بابها مكتوب: احضروا فلانة، فإنّها من أهل الجنة. فارتاب الناس فمكثوا ثلاثاً لا
يدفنونها ارتياباً في أمرها، فأوحى الله عزّ وجل إلى نبيٍّ من الأنبياء، ولا أعلمه
إلا موسى بن عمران أن ائتِ فلانة فصلِّ عليها، ومُرِ الناس فليصلّوا عليها، فإنّي
قد غفرت لها، وأوجبتُ لها الجنّة بتثبيطها عبدي فلاناً عن معصيتي"22.
وأفضل كلمة ناهية عن المنكر، هي تلك التي تنطلق بوجه سلطان جائر، فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"23.
ومن مصاديق هذه الكلمة ما جرى مع العبد الصالح عبد الله بن عفيف الأزدي، فقد ورد
أنَّه، بعد ملحمة عاشوراء، صعد ابن زياد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال، في بعض
كلامه: "الحمد لله الذي أظهر الحق وأهله، ونصر أمير المؤمنين وأشياعه، وقتل...، فما
زاد على هذا الكلام شيئاً حتى قام إليه عبد الله بن عفيف الأزدي، وكان من خيار
الشيعة وزهَّادها، وكانت عينه اليسرى ذهبت في يوم الجمل، والأخرى في يوم صفّين،
وكان يلازم المسجد الأعظم، فيصلِّي فيه إلى الليل، فقال: يا ابن مرجانة إنَّ الكذاب
ابن الكذاب أنت وأبوك، ومن استعملك وأبوه، يا عدوَّ الله أتقتلون أبناء النبيين،
وتتكلَّمون بهذا الكلام على منابر المؤمنين؟! فغضب ابن زياد، ثم قال: من هذا
المتكلِّم؟ فقال: أنا المتكلم يا عدوَّ الله، تقتل الذريَّة الطاهرة التي قد أذهب
الله عنهم الرجس، وتزعم أنَّك على دين الإسلام؟ واغوثاه! أين أولاد المهاجرين
والأنصار، لا ينتقمون من طاغيتك اللعين ابن اللعين على لسان محمّد رسول ربّ
العالمين؟! فازداد غضب ابن زياد حتى انتفخت أوداجه، وقال: عليَّ به، فبادر إليه
الجلاوزة من كلِّ ناحية ليأخذوه، فحمته قبيلته، لكن بعد ذلك استطاع جند ابن زياد أن
يأسروه، عقب مقاومة شديدة منه، وأُتي به إلى ابن زياد، فما كان من عبد الله بن عفيف
الأزدي إلا أن قال:
"الحمد لله رب العالمين، أما إنّي قد كنت أسأل الله ربي أن يرزقني الشهادة قبل أن
تلدك أمّك، وسألت الله أن يجعل ذلك على يدَيْ ألعن خلقه وأبغضهم إليه، فلما كُفَّ
بصري يئست من الشهادة، والآن الحمد لله الذي رزقنيها بعد اليأس منها، وعرَّفني
الإجابة منه في قديم دعائي. فقال ابن زياد: اضربوا عنقه! فضربت عنقه وصلب"24.
الثالث: الإنكار باليد
عن الإمام علي عليه السلام: "من رأى عدواناً يُعمل به، ومنكَراً يُدعَى إليه،
فأنكره بقلبه، فقد سلم وبرئ، ومن أنكره بلسانه فقد أُجِر، وهو أفضلُ من صاحبه، ومن
أنكره بالسيف، لتكون كلمةُ الله العليا، وكلمة الظالمين السفلى، فذلك الذي أصاب
سبيل الهدى، وقام على الطريق، ونوِّر في قلبه اليقين"25.
وهذا الإنكار هو الذي قام به الإمام الحسين عليه السلام في أعلى مشهد إنكار، ليس
فقط باليد، بل ليس فقط بالسيف، بل كان بالدم المقدّس، لأنّ الإمام عليه السلام واجه
أعلى منكر، وهو محاولة حرف قافلة البشرية عن مسارها عبر إماتة الدين، وهو ما بيّنه
الإمام الحسين عليه السلام بعدّة كلمات منها:
- "إنَّ السُنّة قد أميتت، وإنَّ البِدعة قد أُحييت"26
- "وعلى الإسلام السلام، إذ قد بُليت الأمّة براعٍ مثل يزيد"27.
ومع ذلك سكتت الأمَّة ولم تقم بواجبها، بل كان موقفها الذي عبَّر عنه الإمام عليه
السلام: "ألا ترون إلى الحقّ لا يُعمل به؟ وإلى الباطل لا يُتناهى عنه؟!"28.
لقد رأى الإمام الحسين عليه السلام أنّ مواجهة ذلك المنكر، وأنَّ المحافظة على
الإسلام هما المعروف الأول الذي لا يتحقّق بمجرد إظهار الغضب، وإعلان الموقف، بل لا
بُدَّ من مواجهة مسلَّحة يقدّم عليه السلام فيها نفسه وأهل بيته وأصحابه، لتكون
النتيجة كما كانت هي: انتصار الدم على السيف.
* وأتممناها بعشر، سماحة الشيخ أكرم بركات.
1 المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج44، ص324.
2 الحر العاملي، محمد بن الحسن، ج16، ص 119.
3 المصدر السابق، ص 123.
4 المصدر السابق، ص 124.
5 الأمين، محسن، أعيان الشيعة، ج1، ص564.
6 الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج2، ص 43- 44.
7 الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، ج16، ص 146.
8 سورة الأعراف، الآية 163.
9 سورة الأعراف، الآية 164.
10 سورة الأعراف، الآية 166.
11 انظر: المشهدي، محمد بن محمد، تفسير كنز الدقائق وبحر الغرائب تحقيق حسين
دركاهي، ط1، طهران، شمس الضحى، 1387هـ.ش، ج5، ص209.
12 الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، ج16، ص 144.
13 نهج البلاغة، خطب الإمام علي عليه السلام، ج3، ص 77.
14 المصدر السابق نفسه.
15 النوري، حسين، مستدرك الوسائل، ج12، ص 182.
16 الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، ج16، ص 122.
17 سورة المائدة، الآية: 105.
18 الطباطبائي، محمد حسين، تفسير الميزان، ج6، ص162.
19 المصدر السابق نفسه.
20 الحلي، الحسن بن يوسف، مختلف الشيعة، تحقيق مؤسسة النشر الإسلامي، ط1، قم، مؤسسة
النشر الإسلامي،1413هـ، ج4، ص 461.
21 الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام، تحقيق حسن الخرسان، ط4، طهران، دار الكتب
الإسلامية، 1365ش، ج6، ص 177.
22 انظر: الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، ج16، ص 132.
23 الري شهري، محمدي، ميزان الحكمة، ج2،ص 206.
24 انظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج45، ص 119-121.
25 الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، ج16، ص 133.
26 الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، ج4، ص 266.
27 المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج44، ص 326.
28 المصدر السابق، ص 381.