المباهلة في اللغة
يوم المباهلة
من البهل، والبهل في اللغة بمعنى تخلية الشيء وتركه غير مراعى، هذه عبارة الراغب في كتاب المفردات.
عدد الزوار: 237
قوله تعالى: ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ .
هذه الاية تسمّى بـ "آية المباهلة".
المباهلة في اللغة
المباهلة: من البهل، والبهل في اللغة بمعنى تخلية الشيء وتركه غير مراعى، هذه عبارة الراغب في كتاب المفردات.
وعندما تراجعون القاموس وتاج العروس وغيرهما من الكتب اللغوية ترونهم يقولون في معنى البهل أنّه اللعن.
لكنّي رأيت عبارة الراغب أدق، فالبهل هو ترك الشيء غير مراعى، كأنْ تترك الحيوان مثلاً من غير أن تشدّه، من غير أن تربطه بمكان، تتركه غير مراعى، تخلّيه وحاله وطبعه.
وهذا المعنى موجود في رواياتنا بعبارة: "أوكله الله إلى نفسه"، فمن فعل كذا أوكله الله إلى نفسه.
وهذا المعنى دقيق جدّاً.
تتذكّرون في أدعيتكم تقولون: "ربّنا لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين أبداً"، وإنّه لمعنى جليل وعميق جدّاً، لو أنّ الانسان ترك من قبل الله سبحانه وتعالى لحظة، وانقطع ارتباطه بالله سبحانه وتعالى، وانقطع فيض الباري بالنسبة إليه آناً من الانات، لانعدم هذا الانسان. لهلك هذا الانسان.
ولو أردنا تشبيه هذا المعنى بأمر مادّي خارجي، فانظروا إلى هذا الضياء، هذا المصباح، إنّه متّصل بالمركز المولّد، فلو انقطع الاتصال آناً ما لم تجد هناك ضياءً ولا نوراً من هذا المصباح.
هذا معنى إيكال الانسان إلى نفسه، تقول "ربّنا لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين أبداً".
هناك كلمة لامير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة، أُحبُّ أن أقرأ عليكم هذه الكلمة، لاحظوا، أمير المؤمنين عليه السلام يقول:
"إنّ أبغض الخلائق إلى الله رجلان، رجل وكله الله إلى نفسه فهو جائر عن قصد السبيل، مشغوف بكلام بدعة ودعاء ضلالة، فهو فتنة لمن افتتن به، ضالٌّ عن هدي من كان قبله، مضلٌّ لمن اقتدى به في حياته وبعد وفاته، حمّالٌ لخطايا غيره، رهنٌ بخطيئته" .
وجدت عبارة الراغب أدق، معنى البهل، معنى المباهلة: أن يدعو الانسان ويطلب من الله سبحانه وتعالى أن يترك شخصاً بحاله، وأنْ يوكله إلى نفسه، وعلى ضوء كلام أمير المؤمنين أن يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا الشخص أبغض الخلائق إليه، وأيّ لعن فوق هذا، وأيّ دعاء على أحد أكثر من هذا ؟
لذا عندما نرجع إلى معنى كلمة اللعن في اللغة نراها بمعنى الطرد، الطرد بسخط، والحرمان من الرحمة، فعندما تلعن شخصاً ـ أي تطلب من الله سبحانه وتعالى أن لا يرحمه ـ تطلب من الله أن يكون أبغض الخلائق إليه، فالمعنى في القاموس وشرحه أيضاً صحيح، إلاّ أنّ المعنى في مفردات الراغب أدق، فهذا معنى المباهلة.
إذن، عرفنا لماذا أُمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمباهلة، ثمّ عرفنا في هذا المقدار من الكلام أنّه لماذا عدل القوم عن المباهلة، لماذا تراجعوا، مع أنّهم قرّروا ووافقوا على المباهلة، وحضروا من أجلها، إلاّ أنّهم لمّا رأوا رسول الله ووجوه أبنائه وأهله معه قال أُسقفهم: "إنّي لارى وجوهاً لو طلبوا من الله سبحانه وتعالى أن يزيل جبلاً من مكانه لازاله" .فهذا معنى المباهلة إلى هنا1 .
1-آية المباهلة / السيد علي الحسيني الميلاني.
2013-10-29