النظافة
كيف نبني مجتمعاً أرقى؟
عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ الله عز وجل يحبّ الجمال والتجمّل، ويبغض البؤس والتباؤس، فإن الله عز وجل إذا أنعم على عبدٍ أحبّ أن يرى عليه أثرها"، سئل عليه السلام: وكيف ذلك؟ فأجاب عليه السلام: "ينظّف ثوبه، ويطيّب ريحه،
عدد الزوار: 354
عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ الله عز وجل يحبّ الجمال والتجمّل، ويبغض
البؤس والتباؤس، فإن الله عز وجل إذا أنعم على عبدٍ أحبّ أن يرى عليه أثرها"، سئل
عليه السلام: وكيف ذلك؟ فأجاب عليه السلام: "ينظّف ثوبه، ويطيّب ريحه، ويجصّص داره،
ويكنس أفنيته"1.
إنّه حديث حول الجمال يبدأ بنظافة الإنسان، وينتهي بنظافة البيئة، المنطلقة من
الكمالات الإلهية، ففي الحديث النبوي الشريف: "إنّ الله طيّب يحبّ الطيّب، نظيف
يحبّ النظافة"2.
إنّ النظافة من القيم التي أكّد عليها الإسلام معتبرًا:
أ- أنّها من الكمالات الإنسانية.
ب- أنّها من أخلاق الأنبياء عليهم السلام، ففي الحديث عن الإمام الرضا عليه السلام:
"من أخلاق الأنبياء التنظّف"3.
ج- أنّها من جنود العقل. ففي وصية الإمام الكاظم عليه السلام
لهشام بن الحكم، في مقام تعداد جند العقل: "النظافة، وضدّها القذارة"4.
د- أنّها من أعمدة البنيان الإسلامي التي لها انعكاس في
الآخرة، فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "تنظّفوا بكلّ ما
استطعتم، فإنّ الله تعالى بنى الإسلام على النظافة، ولن يدخل الجنّة إلا كلّ نظيف"5.
نظافة الجسد
والبدء من نظافة الجسد التي دعا الإسلام إليها باعتبارين:
الأول: احترام الذات، ففي الحديث عن الرسول
الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "طهّروا هذه الأجساد، طهّركم الله، فإنّه ليس
عبد يبيت طاهراً إلا بات معه ملك في شعاره، ولا يتقلّب ساعة من الليل إلاّ قال:
اللهمّ اغفر لعبدك، فإنّه بات طاهرًا"6.
الثاني: احترام الآخر، ففي الحديث عن الإمام
علي عليه السلام: "تنظّفوا بالماء من النتن الريح الذي يُتأذى به، تعهّدوا
أنفسهم، فإنّ الله عزّ وجلّ يبغض من عبده القاذورة الذي يتأنّف به من جلس إليه"7.
نظافة الجسد الواجبة
تماشياً مع ما مرّ، وإضافة إلى أمور معنويّة تساهم في البناء الكمالي للإنسان، أوجب
الله تعالى أنواعًا من الطهارة والنظافة، منها:
1- الوضوء الواجب للصلاة.
2- التطهير الواجب للأعضاء التي تتنجّس كشرط لازم لصحّة الصلاة والطواف.
3- الأغسال الواجبة كغسل الجنابة، وأغسال المرأة في الحالات الخاصة التي تعتريها،
وفي الحديث: "علّة غسل الجنابة النظافة، لتطهير الإنسان مما أصابه من
أذاه، وتطهير سائر جسده"8.
نظافة الجسد المستحبّة
إضافة إلى ما مرّ من الطهارة الواجبة ورد في الروايات الدعوة المستحبّة إلى الكثير
من أنواع الطهارات والتنظيفات منها:
أ- الوضوء لأجل المباشرة في أعمال مطلوبة،
كالوضوء لأجل قضاء حاجة، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "إني لأعجب ممن يأخذ في
حاجة، وهو على وضوء، كيف لا تُقضى حاجته."9 بل ورد استحباب تجديد
الوضوء على وضوء، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "الطهر على الطهر عشر حسنات"10.
ب- الأغسال التي وردت فيها العديد من الروايات منها:
ما ورد عن الإمام الرضا عليه السلام: "...وغسل الجمعة سُنّة، وغسل
العيدين، وغسل دخول مكّة والمدينة، وغسل الزيارة، وغسل الإحرام، وأوّل ليلة من شهر
رمضان، وليلة سبع وعشرين، وليلة تسع عشرة، وليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين من
شهر رمضان، هذه الأغسال سُنّة"11.
ج- النظافة لبعض أنحاء الجسم، فعن الإمام
الكاظم عليه السلام "خمس من السنن... أمّا التي في الجسد فالختان، وحلق العانة،
ونتف الإبطين، وتقليم الأظفار، والاستنجاء"12.
نظافة الفم
ورد في الروايات دعوة إلى تنظيف الفم، يواكبه الأخذ من الشارب بحيث لا يمتدّ الشعر
إلى الشفتين، ففي الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام: "خذ من شاربك وأظفارك في
كلّ جمعة"13.
مع التأكيد على تنظيف الأسنان وتطييب الفم بالسّواك، فعن الرسول الأكرم صلى الله
عليه وآله وسلم: "تخلّلوا، فإنّه من النظافة، والنظافة من الإيمان، والإيمان
وصاحبه في الجنّة"14، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "لولا أن
أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسّواك مع كلّ صلاة"15.
كما ورد أنّ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قال للإمام علي عليه السلام:
"يا علي، عليك بالسّواك، وإن استطعت أن لا تُقِلَّ منه فافعل، فإنّ كلّ صلاة
تصلّيها بالسواك تفضل على التي تصلّيها بغير سواك أربعين يومًا"16،
وكذا ما ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "طيّبوا أفواهكم بالسّواك، فإنّها
طُرق القرآن"17، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "نظّفوا أفواهكم،
فإنّها طُرق القرآن"18.
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "في السواك اثنتا عشرة خصلة:
1- هو السُنّة
2- ومَطهَرَةٌ للفم
3- ومجلاةٌ للبصر
4- ويرضي الرحمن
5- ويبيّض الأسنان
6- ويذهب بالحفر
7- ويشدّ اللثة
8- ويشهّي الطعام
9- ويَذهب بالبلغم
10- ويزيد في الحفظ
11- ويضاعف به الحسنات
12- وتفرح به الملائكة"19.
نظافة اليدين
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "غسل اليدين قبل الطعام، وبعده زيادة في العمر...
ويجلو البصر"20.
نظافة الثياب
أكّدت الأحاديث الشريفة على أهميّة تنظيف الثياب، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم: "من اتخذ ثوبًا فلينظّفه"21، وعن جابر بن عبد الله: أتانا
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فرأى رجلًا شعثًا، قد تفرّق شعره، فقال صلى
الله عليه وآله وسلم: "أما كان يجد هذا ما يسكِّن به شعره"؟! ورأى رجلاً آخر
عليه ثياب وسخة، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "أما كان هذا يجد ماءً يغسِّل به
ثوبه؟!"22.
وعن الأثر الجميل لتنظيف الثياب ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال
لإحدى زوجاته: "اغسلي هذين الثوبين، أما علمت أنّ الثوب يسبّح، فإذا اتسخ انقطع
تسبيحه"23، وعن الإمام علي عليه السلام: "النظيف من الثياب يذهب
الهمّ والحزن، وهو طهور للصلاة"24.
نظافة البيوت
أكّدت الروايات الواردة عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام
على أهمّية الاعتناء بنظافة البيوت بنحو دقيق، وهذا ما نلاحظه في الأحاديث الآتية:
- عن الإمام الباقر عليه السلام: "كنس البيوت ينفي الفقر"25.
- عن الإمام علي عليه السلام: "لا تؤوا التراب خلف الباب"26.
- عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تبيّتوا القمامة في بيوتكم،
وأخرجوها نهارًا، فإنّها مقعد الشيطان"27.
- عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "بيت الشياطين من بيوتكم بيت العنكبوت"28.
- عن الإمام علي عليه السلام: "نظّفوا بيوتكم من حوك العنكبوت، فإنّ تركه في
البيت يورث الفقر"29.
نظافة الشوارع
ذمّت الروايات أولئك الذين يؤذون الناس بوضع القاذورات في الشوارع والطرقات العامّة.
ففي الحديث عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "من سلّ سخيمة30
على طريق عامر من طرق المسلمين، فعليه لعنة الله والملائكة، والناس أجمعين"31.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، والظلّ،
وقارعة الطريق".
وفي مقابل ذلك حثّت الروايات، كما مرَّ، على إزالة ما يؤذي المسلمين في الطرقات
العامّة فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ على كلِّ مسلم في كلِّ يوم
صدقةً، قيل: من يطيق ذلك؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: إماطتك الأذى عن الطريق
صدقة"32-.
* كيف نبني مجتمعاً أرقى؟ سماحة الشيخ أكرم بركات.
1- الأمين، محسن، أعيان الشيعة،
تحقيق حسن الأمين، (لا، ط)، بيروت، دار التعارف، (لا، ت)، ج1، ص 660.
2- الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي، تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان، ط2، دار
الفكر، 1983م، ج4، ص198.
3- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تحقيق علي أكبر غفاري، ط3، طهران، دار الكتب
الإسلامية، 1367هـ، ج5، ص567.
4- الصدوق، علل الشرائع، تحقيق محمد صادق بحر العلوم، (لا،ط)، النجف الأشرف،
المكتبة الحيدرية، 1966، ج1، ص115.
5- الريشهري، محمد، ميزان الحكمة، تحقيق ونشر دار الحديث، ط1، (لا،م)، (لا،ت)، ج4،
ص3303.
6- المصدر السابق.
7- المصدر السابق، ص 3302.
8- العلامة الحلي، الحسن بن يوسف، منتهى الطالب، ط1، مشهد، 1413هـ، ج2، ص 262.
9- الحر العاملي، محمد حسن، وسائل الشيعة، ج19،ص39.
10- المصدر السابق ص376.
11- الحر العاملي، محمد، وسائل الشيعة، ط2، قم، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء
التراث، 1414 هـ، ج3، ص 305.
12- المصدر السابق، ج2، ص1372.
13- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج6، ص490.
14- الميرزا النوري، مستدرك وسائل الشيعة، ج16، ص319.
15- الطوسي، محمد، الخلاف، (لا.ط)، قم، مؤسسة النشر الاسلامي، 1407 هـ، ج11، ص 71.
16- المصدر السابق نفسه.
17- المصدر السابق نفسه.
18- المصدر السابق نفسه.
19- المصدر السابق، ص1395.
20- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج6، ص290.
21- المصدر السابق، ص 441.
22- السجستاني، سليمان بن الاشعث، سنن أبي داود، تحقيق سعيد اللحّامة، ط1، بيروت،
دار الفكر، 1410 هـ، ج2، ص 261.
23- المتقي الهندي، علاء الدين علي، كنز العمَّال، (لا، ط)، بيروت، مؤسسة الرسالة،
1989هـ، ج9، ص 278.
24- المجلسي، محمد تقي، روضة المتقين، تحقيق حسين الكرماني وعلي الاشتهاردي، (لا،
ط)، قم، بنياد فرهنك اسلامي، (الت،) ج7، ص 620.
25- الحر العاملي، محمد، وسائل الشيعة، ج5 ص 317.
26- المجلسي، محمد تقي، روضة المتقين، ج5، ص 318.
27- الحر العاملي، محمد، هداية الامة الى احكام الأئمة، ط1، مشهد، مجمع البحوث
العلمية، 1412هـ، ج2، ص 219.
28- المصدر السابق، ص 220.
29- المصدر السابق، ص 220.
30- السخيمة: الغائط (ابن منظور، محمد، لسان العرب، (لا، ط) قم، نشر أدب الحوزة،
1405هـ، ج12، ص283).
31- النيسابوري، الحاكم، المستدرك، تحقيق يوسف عبد الرحمن المرعشلي، (لا، ط)، (لا،ن)،
(لا،ت)، ج1، ص 186.
32- الراوندي، قطب الدين، الدعوات، ط1، قم، مدرسة الإمام المهدي|، 1407هـ، ص 98.