إختر صديقك
مواعظ حسنة
لقد مضى زمن من الأذواق والمشارب المختلفة أننا نعيش عصراً جديداً يتعين فيه على الجميع تخطي الأذواق والمشارب والاراء الذاتية والعبور إلى رحاب التعاون العام.
عدد الزوار: 222
لقد مضى زمن من الأذواق والمشارب المختلفة أننا نعيش عصراً جديداً يتعين فيه على
الجميع تخطي الأذواق والمشارب والاراء الذاتية والعبور إلى رحاب التعاون العام.
الإنسان والصداقة
الإنسان بطبعه اجتماعي يحن إلى بني جنسه ويحب معاشرتهم بشكل فطري ويأنس إلى أقرانه
من البشر ولذا تراه لا يحب الوحدة ويستوحش من الأماكن المقفرة الخالية ويهاب الدخول
فيها... بل إن الإنسان مضطر إلى معاشرة أبناء جنسه لتستقيم أمور حياته ومعيشته
مادياً لأنه لا يستطيع وحده وبدون اللجوء إلى الاخرين تأمين كل ما يحتاجه لمعيشته
وكذلك يحتاجهم في حياته المعنوية والنفسية ليكونوا عوناً له يعينونه بنصيحتهم
وارشادهم له وليكونوا عيناً له على نفسه يدلونه على عيوبه ويساعدونه في اصلاحها فعن
النبي صلى الله عليه وآله: "المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله..."1.
وقد حث أبو عبد اللَّه عليه السلام على الإكثار من الأصدقاء والإخوان فقال: "استكثروا
من الإخوان فإن لكل مؤمن شفاعة يوم القيامة"2 .
والأخوة والصداقة وسيلة لسكون النفس وطمأنينتها.
قال صلى الله عليه وآله: "إن المؤمن ليسكن إلى المؤمن كما يسكن الظمان إلى الماء
البارد"3.
خطورة أصدقاء السوء:
لكن بقدر ما يكون الصديق والأخ مفيداً إذا كان صالحاً فكذلك قد يكون خطراً يودي
بصاحبه إلى اسوء العواقب بحيث يتلاوم أصدقاء السوء يوم القيامة فيتهم بعضهم بعضاً
ويلقي بعضهم على بعض مسؤولية المصير القاتم جهنم ويندمون حين لا ينفع الندم: يقول
تعالى: ﴿يَا
وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ
الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا﴾4.
فالأخلاق السيئة مرض معدِ يتسلل من صاحب الأخلاق السيئة إلى أصحابه وأصدقائه إذ
ينقل الإمام الصادق عن أبيه قوله له: "يا بني من يصحب صاحب السوء لا يسلم ومن
يدخل مداخل السوء يتهم..."5.
فلا أقل من أن يراك الناس مع أهل السوء فيتهمونك لأن من طبع الإنسان أن لا يألف إلا
من كان على شاكلته.
عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من
يخالل"6.
وحذر الإمام الصادق عليه السلام من صحبة الفاجر فقال عليه السلام: "لا تصحب
الفاجر فيعلمك من فجوره"7.
فهل يرضى أحدنا أن يوصف بالفجور، أو الفسق، أو الكذب، أو غير ذلك من صفات السوء
والأخلاق الرذيلة الذميمة...
وهل يرضى أحدنا أن يتهم أو يرمى بالكذب، والفحش في القول والسفاهة والرذالة
والنذالة والحقارة فإذا كنا لا نرضى ذلك فكيف نرضى الجلوس على قارعة الطريق مع من
يسب ويشتم ولا يلفظ إلا أفحش الأقوال وأكثرها بذاءةً فلو راك أحدهم واقفاً مع هؤلاء
وتحدث بأنك على صفتهم هل يحق لك أن تعترض.... طبعاً لا... لأنك أنت أدخلت نفسك في
هذه المداخل فلا تلومن إلا نفسك لأن "من يدخل مداخل السوء يتهم"8.
ولو كنت واقفاً مع مجموعة من هؤلاء وصدر عن أحدهم تصرف معيب أو لفظ فاحش أو كلام
بذيء بحق فتاة أو شاب.. وظن أنك أنت من فعلها أو قالها هل تستطيع اقناعه واقناع
الناس ببراءتك ونزاهتك...
عزيزي إن من يعبث بالقذارات والذي يجلس عليها والذي يجلس بقربها كلهم يحملون
رائحتها النتنة ويأنف الناس ويفرون منهم لقبح روائحهم، ولذا فحتى لا يكون أحدنا
مغبوناً في من يصادق ويؤاخي أمرنا أمير المؤمنين عليه السلام أن نختبر من نصادق
فقال: "قدم الاختبار في اتخاذ الإخوان، فإن الاختبار معيار يفرق بين الأخيار
والأشرار"9.
من تصادق؟
الصداقة والأخوة في اللَّه:
بعد معرفة أهمية الأصدقاء وخطورتهم لا بد من الإجابة على سؤال:(من تصادق؟) إن أول
ما يفترض في الصداقة أن تكون مبنية على الدين "من اخى في اللَّه غنم، ومن اخى في
الدنيا حرم"10.
لأن كل اخوة تنقلب عدواة ما لم تكن في اللَّه فعنه عليه السلام: "الناس اخوان
فمن كانت اخوته في غير ذات اللَّه فهي عداوة"11.
وذلك قوله عزّ وجلّ ﴿الْأَخِلَّاء
يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾12.
المواسي:
يواجه الإنسان في حياته المصاعب والمصائب ويحتاج إلى من يواسيه بعون أو بكلمة على
الأقل عن أمير المؤمنين عليه السلام: "خير إخوانك من واساك وخير منه من كفاك
وإذا احتاج إليك اعفاك"13.
المعين على الطاعة والمذكر باللَّه:
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "المعين على الطاعة خير الأصحاب"14.
وعن النبي أنه سئل عن خير الجلساء فقال: "من ذكركم باللَّه رؤيته وزادكم في
علمكم منطقه، وذكركم بالاخرة عمله"15.
الأخ والصديق القدوة:
كما أن صديق السوء يعدي بسوء خلقه صاحبه أو على الأقل تورده الصحبة موارد التهم
فكذلك صحبة واخوة. الخيرين تورث حسن السمعة وحسن ظن الناس من جهة وتعلم الأخلاق
الفاضلة.
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "وقارن أهل الخير تكن منهم"16.
وعنه عليه السلام: "خير اخوانك من دعاك إلى صدق المقال بصدق مقاله وندبك إلى
أفضل الأعمال بحسن أعماله"17.
خاتمة: ولذا فقد أمرنا النبي وأهل البيت عليهم السلام بمصاحبة أهل الصدق والعلماء
والحكماء وكرام الناس وكل ذي خلة حسنة.
فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "جالس العلماء يزدد علمك ويحسن أدبك"18.
وعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: "أسعد الناس من خالط كرام الناس"19.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "أكثر الصلاح والصواب في صحبه أولى النهي
والصواب"20، فأنت وأنا يا عزيزي بالخيار بين أن نكون في زمرة
الأخيار وصحبة الأبرار أو في زمرة الأشرار وصحبة الفجار...
لا تصاحب هؤلاء:
1- أهل البدع والضلال
2- من يزين لك الفاحشة والمعصية
3- النمام.
4- بذيء اللسان والفحاش.
5- الفاجر.
6- البخيل.
7- الأحمق.
8- الفاسق.
9- القاطع لرحمه.
10- الجبان.
11- الشرير.
12- كاشف العيوب والمتتبع لها.
13- صاحب اللهو.
14- الخائن والمرتاب.
* دروس وعبر، سلسلة الأنشطة الصيفية، إعداد ونشر جمعية المعارف الإسلامية.
1- مصباح الفقاهة، 349
1.
2- مصادقة الاخوان، 46.
3- مشكاة الأنوار، 316.
4- الفرقان:29 28.
5- البحار، 278 68.
6- الامالي، 518.
7- البحار، 191 71.
8- البحار، 278 68.
9- ميزان الحكمة، 47 1.
10- عيون الحكم والمواعظ، 452.
11- كنز الفوائد، 34.
12- الزخرف:67.
13- ميزان الحكمة، 46 1.
14- عيون الحكم والمواعظ، 45.
15- مستدرك الوسائل، 395 5.
16- بحار الأنوار، 10 75.
17- ميزان الحكمة، 46 1.
18- عيون الحكم والمواعظ، 223.
19- نهج السعادة، 251 7.
20- ميزان الحكمة، 1584-2.