ما معنى رجعة الأئمّة عليه السلام، وما دليلها؟
الإمامة والخلافة
وردت عدّة نصوص تتحدّث عن رجعة الأئمّة عليه السلام وعودتهم وإيابهم، منها:1- عن الإمام الصادق عليه السلام: "ليس منّا مَنْ لم...يؤمن برجعتنا"1.وعنه عليه السلام: "أوّل من تنشقّ الأرض عنه، ويرجع إلى الدنيا الحسين بن علي..."2.
عدد الزوار: 294
رجعة الأئمّة عليه السلام
وردت عدّة نصوص تتحدّث عن رجعة الأئمّة عليه السلام وعودتهم وإيابهم، منها:
1- عن الإمام الصادق عليه السلام: "ليس منّا مَنْ لم...يؤمن برجعتنا"1.
وعنه عليه السلام: "أوّل من تنشقّ الأرض عنه، ويرجع إلى الدنيا الحسين بن علي..."2.
وعنه عليه السلام: "... وليحضرن السيّد الأكبر محمّد رسول الله، والصدّيق الأكبر
أمير المؤمنين، وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة..."3.
وعنه عليه السلام في تعليم زيارة الإمام الحسين عليه السلام بما يقوله الزائر: "...وأشهد
أنّي بكم مؤمن وبإيابكم موقن"4.
وفي زيارة آل يس عن الناحية المقدّسة: "...وأنّ رجعتكم حقّ لا ريب فيها"5.
رجعة المؤمنين والكافرين
لم تحصر الروايات الرجعة بالأئمّة عليه السلام، بل عمّمتها لكلِّ من محّض الإيمان
ومحّض الكفر، وفي بعضها محّض الشرك، فعن الإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالى:
﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا ﴾6، قال عليه السلام: "ليس أحد من
المؤمنين قُتل إلاّ
يرجع حتى يموت، ولا يرجع إلاّ من محّض الإيمان محضًا، أو محّض الكفر محضًا"7، وعنه
عليه السلام: "إنّ الرجعة ليست بعامة، وهي خاصة، لا يرجع إلاّ من محّض الإيمان
محضًا أو محّض الشرك محضًا"8.
قال الشيخ المفيد في تصحيح الاعتقاد: "روى عن الصادق عليه السلام أنّه قال في
الرجعة: إنّما يرجع إلى الدنيا عند قيام القائم من محّض الإيمان محضًا أو محّض
الكفر محضًا، فأمّا ما سوى هذين، فلا رجوع لهم إلى يوم المآب"9.
كثرة أحاديث الرجعة
ذكر العلامة المجلسيّ في البحار أنّ أحاديث الرجعة تقارب "مئتي حديث صحيح، رواها
نيّف وأربعون من الثقاة العظام، والعلماء الأعلام"10.
رتبة الاعتقاد بالرجعة
رغم كثرة الأحاديث الواردة في الرجعة، إلاّ أنّها لم تصل إلى حدّ كونها ضرورة
مذهبيّة يستوجب إنكارها الخروج من المذهب، فضلاً عن كونها أصلاً في المذهب.
قال الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء: "ليس التديّن بالرجعة من مذهب التشيّع
بلازم، ولا إنكاره بضارّ..."11.
رأيان للشيعة في الرجعة
أمام الأحاديث السابقة، برز عند الشيعة رأيان في تفسير الرجعة:
الرأي الأوّل: هي رجعة الأجسام
ولبيان صحّة رأيهم خطَوا الخطوات الآتية:
الأولى: إمكان الرجعة
من الواضح أنّه قبيل الدخول في وقوع أيّ شيء، لا بدّ من إحراز كونه ممكنًا، فلو كان
مستحيلاً لدى العقل، لما وصل الدور إلى البحث عن وقوعه، ومن الواضح أنّ حال الرجعة
هي كحال بعث الأحياء يوم القيامة في كون كلِّ منهما ممكنًا من الناحية العقليّة.
الثاني: وقوع الرجعة في الماضي
قال الشيخ الصدوق: "اعتقادنا في الرجعة أنّها حقّ، وقد قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ
إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ
لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ﴾12، كان هؤلاء سبعين ألف بيت، وكان يقع
فيهم الطاعون كلّ سنة، فيخرج الأغنياء لقوتهم،
ويبقى الفقراء لضعفهم. فيقلّ الطاعون في الذين يخرجون، ويكثر في الذين يقيمون،
فيقولون الذين يقيمون: لو خرجنا لما أصابنا الطاعون، ويقول الذين خرجوا: لو أقمنا
لأصابنا كما أصابهم. فأجمعوا على أن يخرجوا جميعا من ديارهم إذا كان وقت الطاعون،
فخرجوا بأجمعهم، فنزلوا على شط بحر، فلما وضعوا رحالهم، ناداهم الله: موتوا، فماتوا
جميعًا، فكنستهم المارة عن الطريق، فبقوا بذلك ما شاء الله. ثمّ مرّ بهم نبي من
أنبياء بني إسرائيل يقال له إرميا، فقال: ( لو شئت يا ربّ، لأحييتهم، فيعمروا بلادك،
ويلدوا
عبادك، وعبدوك مع من يعبدك) . فأوحى الله تعالى إليه: أفتحبّ أن أحييهم لك؟ قال:
نعم. فأحياهم الله، وبعثهم معه. فهؤلاء ماتوا ورجعوا إلى الدنيا، ثمّ ماتوا
بآجالهم"13.
الثالث: وقوع الرجعة في المستقبل
استدلّوا على وقوع الرجعة بآيات قرآنيّة وأحاديث شريفة نعرض منها:
الآيات القرآنيّة
1- قوله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ
بِآيَاتِنَا ﴾14، فالكلام في هذه الآية عن حشر خاصّ، بينما في يوم القيامة يكون
الحشر عامًا، بدليل قوله تعالى: ﴿وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ
أَحَدً﴾15.
ورد عن أبي بصير: "قال لي أبو جعفر أي الإمام الباقر عليه السلام ينكر أهل العراق
الرجعة؟ قلت: نعم، قال: أما يقرؤون القرآن: ﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ
فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَ﴾16"17.
2- قوله تعالى: ﴿ قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا
اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ ﴾18،
باعتبار أنّ الإماتتين هما إماتة هذه الحياة الدنيا، والإماتة في الرجعة، والإحياء
هما إحياء الرجعة وإحياء القيامة.
والملاحظ أنّ تفسير هذه الآية ينحصر بالرجعة، إذ يمكن تفسيرها بمعنى آخر مناسب وذلك
بالقول: إنّ المراد من الإماتتين هما الإماتة في هذه الحياة الدنيا، والإماتة بعد
نفخ الصور الأوّل حيث يموت أهل البرزخ، وأنّ المراد من الإحيائين هما الإحياء في
عالم
البرزخ حيث يجعل الله تعالى من محّض الإيمان ومن محّض الكفر بعد موته في جسم مثاليّ،
أمّا الإحياء الثاني، فهو إحياء يوم القيامة.
الرأي الثاني: هي رجعة الحكم
أَوَّلَ جماعة من الشيعة أحاديث الرجعة بكون المراد منها رجوع الحكم في زمن الإمام
المهدي|، وقد اعتبر السيد المرتضى أنّ تأويل هؤلاء كان بسبب عجزهم عن الدفاع عن
قضيّة الرجعة، قال: "...فأمّا من تأوَّل الرجعة من أصحابنا على أنّ معناها رجوع
الدولة
والأمر والنهي، دون رجوع الأشخاص، وإحياء الأموات، فإنّ قومًا من الشيعة لمّا عجزوا
عن نصرة الرجعة، وبيان جوازها، وأنّها تنافي التكليف عوَّلوا على هذا التأويل
للأخبار الواردة في الرجعة"، وقال الشيخ الطبرسيّ: "...على أنّ جماعة من الإماميّة
تأوّلوا ما
ورد في الأخبار في الرجعة على رجوع الدولة والأمر والنهي دون رجوع الأشخاص لما
ظنّوا أنّ الرجعة تنافي التكليف".
وهذا ما يفتح المجال لمناقشة ما استشكل به على القول برجعة الأجسام.
إشكالات حول رجعة الأجسام
الإشكال الأوّل: إنّ القول برجعة الأجسام يتنافى مع التكليف الإلهيّ للإنسان، إذ
كيف يكلَّف الإنسان بعد أن عرف الحقيقة؟
والجواب:
* ليس من المعلوم أنّ في الرجعة تكليفًا لجميع الراجعين، إنّما الرجعة لإذلال بعض،
وإعزاز آخرين بإراءتهم الإمام| ودولته.
* إنّ حال الراجعين كحال الذين أحياهم النبيّ عيسى عليه السلام بعد موتهم، وعاشوا
مع الناس، فإنّه من الطبيعيّ أنّهم عاشوا كغيرهم من المكلّفين، إضافةً إلى أنّ
مشاهدة الحقيقة ومعرفة الحقّ لو كانت مانعة من التكليف، فكيف نفسِّر حال أولئك
الذين رأوا
بأمّ أعينهم المعجزات الباهرة كفلق البحر لموسى عليه السلام، وتحوُّل عصاه إلى
حيّة!!
الإشكال الثاني: كيف يعود الكفار بعد الموت إلى طغيانهم، وقد عاينوا عذاب الله
تعالى في البرزخ، وتيقّنوا بذلك أنّهم على باطل؟
الجواب:
ليس من المعلوم أنّهم سيعودون إلى طغيانهم، بل قد تكون العودة للمحاكمة
فقط، ولرؤية الإمام| ودولته التي طالما كانوا عقبة أمام تحقيقها، ممّا يزيد عذابهم
النفسيّ.
وللشيخ المفيد إجابة أخرى طرحها على فرض أن يرجعوا إلى طغيانهم، فقال: "ليس ذلك
بأعجب من الكفار الذين يشاهدون في البرزخ ما يحلّ بهم من العذاب، ويعلمونه ضرورة
بعد المدافعة لهم والاحتجاج عليهم بضلالهم في الدنيا، فيقولون حينئذٍ: ﴿يَا
لَيْتَنَا
نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾19، فقال
الله عزّ وجلّ: ﴿ بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ
رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾20"21.
الإشكال الثالث: أليست الرجعة هي من أنواع التناسخ والتقمُّص؟
الجواب: هذا غير صحيح، لأنّ التناسخ (التقمُّص) يعني حلول أرواح الأموات في أجساد
أخرى يراد لها الحياة، بينما الرجعة تعني عودة أرواح بعض الناس إلى أجسامهم كما هو
الحال يوم القيامة.
قال السيد المرتضى: "اعلم أنّ الذي تذهب الشيعة الإماميّة إليه أنّ الله تعالى
يعيد، عند ظهور إمام الزمان المهديّ عليه السلام، قومًا ممّن كان قد تقدّم موته من
شيعته، ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ومشاهدة دولته. ويعيد أيضًا قومًا من أعدائه،
لينتقم منهم،
فيلتذوا بما يشاهدون من ظهور الحقّ وعلوّ كلمة أهله"22.
وقال الشيخ المفيد في أوائل المقالات: "القول في الرجعة...إنّ الله تعالى يردّ
قومًا من الأموات إلى الدنيا في صورهم التي كانوا عليها، فيعزّ منهم فريقًا، ويذلّ
فريقًا، ويدلّ المحقّين من المبطلين، والمظلومين منهم من الظالمين، وذلك عند قيام
مهديّ آل محمّد عليه
السلام "23.
ويمكن تعميق فلسفة الرجعة من خلال استحضار هدف خلق الله تعالى للإنسان وهو أن يسير
في طريق كماله، وكون هذا الكمال يتصوّر في مسارين:
الأوّل: مسار الفرد الذي يحقّق كماله من خلال تزكية نفسه، والسير في طريق العبادة.
الثاني: مسار المجتمع، فكما أنّ الفرد يسير باتجاه كماله، فإنّ قافلة الإنسانيّة
تسير باتجاه كمالها الاجتماعيّ.
وإذا تأمّلنا المسار العام لقافلة البشريّة في التاريخ من خلال المحطّات الأساسيّة
التي برزت مع الرسل من أولي العزم، فإنّنا نلاحظ الآتي:
* واجه نبيّ الله نوح عليه السلام مجتمعًا بشريًّا لا يؤمن بالتواصل بين الله
والإنسان عبر الرسل، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ
فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا
تَتَّقُونَ * فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا
بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ
أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا
سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ ﴾24.
وقد استطاع نوح عليه السلام أن يبني المجتمع المؤمن بذلك التواصل في من بقي معه في
السفينة.
* بعدها أتى نبيّ الله إبراهيم عليه السلام ليواجه مجتمعًا يشرك بالله تعالى، قال
عزّ وجلّ حكاية عن إبراهيم: ﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ
التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا
لَهَا عَابِدِينَ * قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ
مُّبِينٍ * قَالُوا
أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ * قَالَ بَل رَّبُّكُمْ
رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ
الشَّاهِدِينَ﴾25. وقد استطاع إبراهيم عليه السلام أن يبني المجتمع التوحيديّ.
* بعدها أتى نبيّ الله موسى عليه السلام ليؤسّس مجتمع التشريع، بنقل التشريع من
الإنسان الفرد إلى المجتمع ليتحوّل إلى مجتمع تشريعيّ. قال تعالى: ﴿ وَآتَيْنَا
مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾26، وقال عزّ وجلّ:
﴿ وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ
شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ﴾27.
* كان مقتضى هذا التطوّر أن ينتقل المجتمع البشريّ إلى مجتمع الحكومة الإلهيّة التي
تطبِّق أحكام الله تعالى على الأرض، وكان من المتوقَّع أن يكون النبيّ عيسى عليه
السلام صاحب هذا الدور، إلاّ أنّ العقبات التي واجهها، لا سيّما من اليهود، اقتضت
أن يرفعه
الله تعالى إليه، ليكون له هذا الدور مع الإمام المهديّ|، الذي سيحقّق الدولة
الإلهيّة المحمّديّة العالميّة الكبرى التي بشّر القرآن الكريم بها قائلاً عزّ
وجلّ: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ
عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾28.
لذا كان النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم يتحدّث عن حتميّة وجود هذا التكامل
الاجتماعيّ الإنسانيّ بقوله: "لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد، لطوّل الله ذلك
اليوم حتى يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً وقسطًا، كما ملئت ظلمًا
وجورًا"29.
إنّ دولة الإمام المهديّ| تمثّل قمة التطوّر البشريّ، ولهذا يبذل العارفون بها أقصى جهدهم في التمهيد لها، وقد يُقتَلون في سبيل تحقيقها، وهنا تأتي أهميّة الإيمان بالرجعة التي من خلالها سيرجع أولئك الواعون من أهل البصائر، ليروا الدولة التي طالما سعَوا للتمهيد إليها، وليروا إمامهم الذي طالما كانوا يعبّرون عن شوقهم له في دعاء العهد: "اللهمّ، فإنْ حال بيني وبينه الموت الذي جعلته على عبادك حتمًا مقضيًّا، فأخرجني من قبري، مؤتزرًا كفني، شاهرًا سيفي، مجرّدًا قناتي، ملبّيًا دعوة الداعي في الحاضر والبادي"30.
وقد وصل عشق العالم الربانيّ السيد عليّ بن طاوس أنّه أوصى لولده: " فإن دُعيتُ أنا
إلى لقاء الله جلّ جلاله، وتقدمت قبل الظهور، ولم تشملني عناية أهل الرجعة والحضور،
فأوصيك، ثمّ أوصيك، ثمّ أوصي من يلقاه من ذريتي وولدي، وولد ولدي وأشهد الله
جلّ جلاله عليكم وملائكته بهذه الوصية: إنّكم إذا رأيتموه، وتشرّفتم بتلك السعادة
الربانيّة، وأذن لكم في الكلام بين يدي منزلته النبويّة أن تقولوا: إن والدي عليًّا
عبدُ الطاعة ومملوكُ الضراعة ويقبل ما يرضيك أن تقبله بين يديك، ويسأل تشريفه
بالإذن في
إبلاغ التسليم، والصلاة عليك ويضرع بين يديك في كلّ ما هو يحتاج أن يضرع في سؤاله،
وفي كلّ ما أنت صلوات الله وسلامه عليك أهل أن تبلغه من آماله وإقباله، ويسئل من
مراحمك ومكارمك قبول وصيته في هذا العبد المبلِّغ عنه، القايم بين يديك، وأن
يكون ممّن يعزّ عليك ويبلغ ما هو محتاج من الله جلّ جلاله، ومنك إليه وإليك صلوات
الله وبركاته وتحياته وإقباله على آبائك الطاهرين، وعليك"31.
* يسألونك عن الأئمة، الشيخ أكرم بركات.
1- المفيد، محمّد، المسائل السروية، تحقيق صائب عبد الحميد، ط2، بيروت، دار المفيد،
1414هـ، ص30.
2- المجلسيّ، محمّد باقر، بحار الأنوار، ج 53، ص 39.
3- المصدر السابق، ص 14.
4- الفيض الكاشاني، المولى محسن، الوافي، ج14، ص 1582.
5- المجلسيّ، محمّد باقر، بحار الأنوار، ج53، ص 171.
6- سورة النمل، الآية 83.
7- المجلسي، محمّد باقر، بحار الأنوار، ج 53، ص 53.
8- المصدر السابق، ص 39.
9- المفيد، محمّد، تصحيح اعتقادات الإمامية، تحقيق حسين دركاهي، ط2، بيروت، دار
المفيد، 1414هـ، ص 90.
10- المجلسيّ، محمّد باقر، بحار الأنوار، ج53، ص 122.
11- كاشف الغطاء، محمّد، أصل الشيعة وأصولها، تحقيق علاء آل جعفر، ط1، (لا،م)،
مؤسسة الإمام علي، 1415هـ، ص 167.
12- سورة البقرة، الآية 243.
13- الصدوق، محمّد، الاعتقادات في دين الإماميّة، ص 60-61.
14- سورة النمل، الآية 83.
15- سورة الكهف، الآية 47.
16- سورة النمل، الآية 83.
17- المجلسيّ، محمّد باقر، بحار الأنوار، ج53، ص 40.
18- سورة غافر، الآية 11.
19- سورة الأنعام، الآية 27.
20- سورة الأنعام، الآية 28.
21- المفيد، محمّد، المسائل السروية، ص 36.
22- الشريف المرتضى، رسائل الشريف المرتضى، (لا،ط)، قم، دار القرآن، 1405هـ، ج1،
125.
23- المفيد، محمّد، أوائل المقالات، تحقيق إبراهيم الأنصاري، ط2، بيروت، دار
المفيد، 1414هـ، ص 78.
24- سورة المؤمنون، الآيتان 23- 24.
25- سورة الأنبياء، الآيات 52- 56.
26- سورة الإسراء، الآية 2.
27- سورة الأعراف، الآية 145.
28- سورة التوبة، الآية 33.
29- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج51، ص74.
30- المصدر السابق، ج83، ص61.
31- ابن طاووس، علي، كشف المحجة لثمرة المهجة، (لا،ط)، النجف الأشرف، المطبعة
الحيدرية، 1370هـ، ص 154-155.