خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في العاملين في القوة القضائية
2013
أرحّب بكم وأبارك لكم أيّها الإخوة والأخوات، وأتمنّى من الله المتعال ببركة هذا الشهر الفضيل والمولود العظيم الشأن في هذه الأيّام، حضرة بقية الله الأعظم(أرواحنا فداه)، أن يشملكم وجميع الشعب الإيراني بفضله ورحمته وهدايته.
عدد الزوار: 96خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في العاملين في القوة القضائية_26-6-2013
باسمه تعالى
أرحّب بكم وأبارك لكم أيّها
الإخوة والأخوات، وأتمنّى من الله المتعال ببركة هذا الشهر الفضيل والمولود العظيم
الشأن في هذه الأيّام، حضرة بقية الله الأعظم(أرواحنا فداه)، أن يشملكم وجميع الشعب
الإيراني بفضله ورحمته وهدايته.
إنّ مناسبة "7 تير"1 (28 حزيران)، لهي مناسبة بارزة ومهّمة، والتي
تتزامن مع تكريم السلطة القضائيّة، وعرض جهودها وأعمالها على العموم، وهو عمل صائب
ومناسب، لكنّ حادثة "7 تير"، مرتبطة بمصير الثورة ونظام الجمهوريّة الإسلاميّة، وهي
حادثة مصيريّة للجمهورية الإسلامية. صحيح أنّ شهداء هذه الحادثة هم من أهم وأبرز
عناصر نظام الجمهوريّة الإسلاميّة والثورة الإسلامية، وأنّ ذكراهم لن تُمحى أبداً،
على الخصوص الشخصيّة البارزة والنورانيّة للمرحوم آية الله بهشتي (رضوان الله عليه)2،
وغيره من الشهداء، لكن مع كلّ هذا، تبقى أهميّة حادثة "7 تير"، في أنّها كشفت وجه
النّفاق في البلاد، وكُشفت من خلفهم وجوه الاستكبار، وافتضاح وجوه الأعداء لنظام
حديث التأسيس ليس بالأمر الهيّن. فقد فضح المنافقون الذين ادّعوا الولاء لله
وللرّسول والإسلام ونهج البلاغة، أنفسهم في هذه الحادثة. وأظهروا مدى معارضتهم
وعدائهم لأركان النّظام الإسلامي، للوجوه المسؤولة، والشخصيّات البارزة، والعلماء
الكبار، والخدّام الصادقين والكفوئين. لقد افتُضح أمرهم. لولا بعض الحوادث كحادثة
"7 تير"، وخسارة تلك الثروة الوطنيّة. فباليقين أنّ الشعب الإيرانيّ العزيز لم يكن
ليقدر على كشف وجه المنافقين بهذا الوضوح، وكانوا (أي المنافقين) أقدر على النّفوذ
والتغلغل، "ولأوضعوا خلالكم"3 ولاستطاعوا أن يبرّروا وجودهم. لقد كشفت
هذه الحادثة خبث المنافقين. لقد كان أعداء الإسلام، أي الاستكبار والصهيونيّة
يقدّمون لهم الدّعم، لذا فقد افتُضح أمرهم أيضاً. صحيح أنّ هذه الحادثة سلبتنا
الثروات، لكن هذه الشهادة، وهذه الدّماء التي أريقت بغير حقّ، جلبت معها مكتسبات
عظمية للشعب الإيراني، مثل أيّ شهادة أخرى، هكذا هي الشهادة. إن للقتل في سبيل الله،
ولإراقة دماء المظلومين في سبيل الله، أثرُه الجبري والطبيعيّ الذي يقدّم مع تلك
المكتسبات إلى الأمّة الإسلاميّة، وإلى الشّعوب الإسلاميّة، وإلى التاريخ الإسلامي.
لن ننسى ذكرى هذه الحادثة. إنّ قيمة التضحيات في ذلك الجمع الذي انعقد في سبيل الله،
وتعرّض لذلك الهجوم الظالم والوحشي، سيبقى محفوظاً عند الله المتعال وعند الشّعب
الإيراني.
ولديّ بعض الكلام لأقوله بخصوص السّلطة القضائيّة، أوّلاً أشكر رئيس القضاء، لقد
كانت كلمته اليوم وافية ومفيدة جداً، وواضحة أيضاً. وكان خلف تلك الكلمة إنجازات
وجهود قيّمة، تستحق بالفعل أن نشكره ونشكر المسؤولين رفيعي المستوى في القضاء، وشكر
جميع الموظفين والقضاة المحترمين، والموظّفين القضائيين وغير القضائيين في هذا
السلك، عليها. فما أُنجز كان قيّما جدّاً، في سبيل تفعيل السلطة القضائيّة. ما أريد
قوله، أنّه يجب أن يكون للقضاء هدفان رئيسيّان، ويجب أن تكون جميع الأعمال في سبيل
تحقيق هذين الهدفين، فإذا ما تحقّق هذان الهدفان فإنّ فائدته ستعمّ المجتمع
الإسلامي. وهذان الهدفان هما: سلامة السلطة القضائية والثاني فعاليّة السلطة
القضائيّة.
إذن يجب أن تنصبّ جميع الجهود في سبيل تفعيل وسلامة السلطة القضائيّة بشكل كامل.
وإذا ما تحقّق هذا الأمر، فسيجني النّاس ثمارها. وما هي الثمار؟ هو الشعّور بالرضا،
والشعور بالأمان وهذا ببركة حضور السلطة القضائية. وهو أمرٌ لازمٌ لأيّ بلد، ولأيّ
مجتمع.كثيراً ما أكّد الإسلام، والنصوص الإسلاميّة، والقرآن الكريم، والرّوايات على
مسألة القضاء وإصدار الأحكام في النّزاعات، والسّبب هو أن يشعر المجتمع بالرّضى،
وأن يشعر كل مظلوم بأنّه قادر على أن يرسو على شاطئ أمان القضاء، والتصدّي للظلم.
وهو أمرٌ لازم.
لقد قلت مراراً، وقد أشار رئيس السّلطة المحترم إلى ذلك الآن، وهو أنّه ينبغي
الانتباه إلى النتائج، وإلى تطوّر الأعمال. كل الأمور التي ذكرناها مطلوبة الآن كما
كانت مطلوبة في السّابق. وسنحصل على النتائج المطلوبة عندما تُتابع هذه الأعمال
بدقّة، وتُراعى وتُراقب خطوة بخطوة، وإذا تمّ ذلك، فستصبح السّلطة القضائيّة بإذن
الله كما شاء الإسلام والقرآن لها ولهذه المجموعة الفعّالة في المجتمع أن تكون.
بالطبع هناك بعض الثغرات، وصحيح ما تفضّل به أنّه وعلى الرغم من كل هذه الإنجازات
وهذه الجهود الإيجابيّة، عن وجود مسافة بين ما يصبو إليه المسؤولون في القضاء
ومقاصد الإسلام والقوانين الإسلاميّة وبين ما هو موجود على أرض الواقع. قول هذا سهل،
لكنّه بالفعل عملٌ شاقّ جدّاً، طيّ هذه السّبل وصون هذه الخصوصيّة خطوة بخطوة لهو
أمرٌ شاقّ. لكن يجب طلب العون من الله المتعال. ويجب طيّ هذه المسافة. بالطبع، نحن
لا نتوقّع طيّ هذه المسافة خلال سنتين أو خمس سنوات، لكن يجب الاستمرار في ردم
الثغرات هذا ما أردت تبيانه. على جميع المسؤولين في السّلطة القضائيّة وفي جميع
المستويات أن يجنّدوا أنفسهم في سبيل وصول القضاء إلى هاتين الخصيصتين وأعني بهما
خصيصة السّلامة وخصيصة الفعّاليّة. وبالطبع، فإنّ الثغرات واضحة بالنسبة للسّادة
المحترمين ولمسؤولي السّلطة القضائية. فالتقارير المقدّمة تظهر بأنّهم على دراية
بتلك الثّغرات، كما يشعر الإنسان من خلال المباحثات أنّ مسؤولي السّلطة القضائيّة
على علم بتلك الثّغرات. تظهر في بعض الأحيان نقاط ننقلها إلى رئيس السّلطة
القضائيّة المحترم وإلى بعض المسؤولين في هذه السلطة، ونلفت أنظارهم إليها. على أيّ
حال فإنّ الثغرات واضحة. ويجب شحذ الهمم في سبيل ردم تلك الثّغرات. يجب أن لا نيأس
وأن نثابر يوماً بعد يوم إلى أن تتفتّح براعم القضاء أكثر فأكثر.
هناك نقطة في هذا الإطار وهي أنّ التقدّم والوصول إلى الأهداف أمرٌ ميسّر إذا ما
اتّبعنا البرامج والخطط،وبالتخطيط يمكن تحقيق ذلك. لحسن الحظ، فقد تمّ تصويب الخطّة
الثالثة، وتمّ إبلاغها وأصبحت في عهدة السّلطة القضائيّة. وكما قالوا يتم تنفيذ هذه
المراسيم المختلفة والقوانين، وهذه الخطط. ويجب عدم التغاضي عن أي بند من بنودها،
وإذا ما تحقّق هذا الأمر، فسيتحسن وضع القضاء إن شاء الله يوماً بعد يوم.
سأستغلّ هذه الفرصة، لأشكر الشّعب العظيم البصير والواعي على إنجازه المهم في هذا
المجال، أعني به الانتخابات. لا يمكن إخراج هذه المسألة المهمّة الأساسيّة من دائرة
التحليل والتذكير والاهتمام. الحادثة التي ومنذ عام تقريباً، أخذ خصوم الجهورية
الإسلاميّة وأعداء الجمهوريّة الإسلاميّة، بالتواطؤ عليها، أنفقوا الأموال، ووضعوا
الأفكار، وأطلقوا النداءات وقاموا بالعديد من الأعمال ومارسوا الضغوط من أجل أن
تكون هذه الحادثة كما يرغبون، أو أن لا تحدث هذه الانتخابات على الإطلاق، أو أن لا
يُقبِل عليها الناس كما يجب، أو أن يهملوها، أو أن يختلقوا الذرائع بعد الانتخابات
من أجل أن يتمكّنوا من تحقيق مبتغاهم في البلاد. لقد وضعوا الخطط من أجل كلّ هذا.
كلّ هذه ليست أخبار خافية، وليست معلومات خاصّة وخفيّة، فالكثير منها واضح بيّن.فكلّ
من تابع سلوك المعسكر المعادي للجمهورية الإسلامية، خلال سنة تقريباً، أو سمع به،
يدرك أي خطط رسموها لنا.
لكنّ ما حدث كان مغايراً بنسبة 180 درجة عمّا كانوا يرغبون به، فهل هذا بالأمر
اليسير؟ وهل هي حادثة صغيرة حتى يمرّون عليها مرور الكرام من خلال تحليلاتهم
السطحيّة؟ لا أبداً.لقد سطع الشعب الإيراني، وقام بعمل عظيم يُمدح عليه، ولقد أظهر
مهارة في مواجهة خصومة وحقد الأعداء الدوليين، فلمَ يُخفون هذا؟ ولمَ لا نكرّر
الحديث عنه مراراً؟
كان في الانتخابات عدّة نقاط رئيسية. بالطبع هناك الكثير من النقاط. ولكني سأتطرّق
لنقطتين أو ثلاثة، الأولى وهي مشاركة الناس، فمنذ مدّة زرعوا الشك والتّرديد حول
سلامة الانتخابات، وحول المنفذين والقيّمين والمشرفين عليها، وذلك بهدف بث روح
التراخي والترديد المؤدي بالتالي إلى عدم مجيء الناس إلى صناديق الاقتراع، ولكن
الناس قاموا بعكس ما كانوا يرسمون، وبشكل لم تستطع فيه أجهزة الأعداء الدعائية
انكاره وغض النظر عنه.فقد أعلنت الوسائل الإعلامية للأعداء يوم الانتخابات وفي
الساعات الأولى لعملية الاقتراع بأنّ مشاركة الناس كثيفة وحماسية، فقد جاء الجميع
منذ الصباح.كانت ظاهرة مهمة جداً. إذن فالأمر الأول مشاركة (حضور) الناس، والذي حمل
مغزىً هاماً.
إن مشاركة الناس كانت تعني أنّهم مهتمون بمصير بلدهم، واثقون بجهاز إجراء
الانتخابات، سواء المنفذين أو المشرفين، وكلّهم أمل بمسيرة التطور في البلاد.هذه
الثقة مسألة مهمة جدا، فإنّ ثقة الناس إلى جانب الوعي والبصيرة أمر مهم.الأمر
الملفت هنا بأنّ شعبنا العزيز يحب نظامه، فيأتون ويصوّتون، وحتى لو وجد من لا يروق
له النّظام الإسلامي فإنّه يأتي من أجل بلاده، ومن أجل مصالح بلاده.لا بدّ بأنّ من
هم في هذا الفريق، قد جاءوا وشاركوا في الانتخابات أيضا. علامَ يدلّ هذا الأمر؟ يدلّ
على أنّ من هم معارضون للنظام الإسلامي يثقون به.إنّهم يعلمون بأنّ نظام الجمهورية
الإسلامية قادر على حفظ مصالح البلاد والعزّة الوطنية والدفاع عنها. ولكن مشكلة
الدول الأخرى هي أنّها غير قادرة على الدفاع عن شعوبها، وعن مصالحها وعن عزّتها في
مواجهة الهجمات العالمية وفي مواجهة الأطماع الدولية، بينما تقف الجمهورية
الإسلامية بمنعةٍ واستحكامٍ كالأسد في وجه الأعداء، وقد صدّق الأشخاص الذين شاركوا
في عملية الاقتراع ممن لا يؤمنون بالنظام أنفسهم وأثبتوا أنّ الثقة بنظام الجمهورية
الإسلامية أمرٌ عام وعمومي. وهذه نقطة مهمة جداً.
هناك نقطة أخرى مهمة في مسألة الانتخابات كان يتمّ التغاضي عنها وهي أنّ هذه
الانتخابات، انتخابات رئاسة الجمهورية وانتخابات الشورى4 (المجالس
البلدية)، كانت مترافقة في آن واحد. تترافق انتخابات رئاسة الجمهورية في العديد من
الدول مع التخاصم والمشاجرة والتنازع والتضارب، وأحيانا مع إراقة الدماء.وانتخابات
الشورى في المناطق النائية، أكثر حساسية من هذه الوجهة، من الانتخابات الرئاسية.
ويمكن حدوث نزاع أو خلاف في القرية الفلانية، وفي البلدة الفلانية، وبين طائفتين،
وفي القرية "الفوقا" و"التحتا"، وبين الجماعات المختلفة في القرية الواحدة، او
البلدة الواحدة.لكن لم يقع في هذا الوطن الفسيح والمترامي الأطراف، في عشرات الآلاف
من القرى والمدن في كافة أنحاء البلاد، أيّة حادثة تدل على عدم استتباب الأمن فيه.
فهل هذا بالأمر اليسير؟ " نعمتان مجهولتان الصحة والأمان"5. الأمن من
الأمور الرئيسية التي يحتاجها أيّ شعب ما. فإذا وُجد الأمن، حدث التقدّم، وتطور
العلم، وازدهر الاقتصاد، وتوفرت إمكانية البناء والإعمار. لقد عبّر وجود الأمن
وانتشاره عن نفسه في البلاد أثناء هذه الانتخابات. ومهما حاولت أجهزتنا الأمنية
إظهار هذه الحقيقة من خلال الدعاية، لم تُفلح كما فعلت الانتخابات. فقد أظهرت هذه
الانتخابات أنه وبحمد الله، وبفضل تعاون الناس، وبفضل وعي المسؤولين وفي مختلف
أنحاء البلاد، هذه البلاد الفسيحة، بأن الأمن هو السائد. وهذه نقطة أخرى.
نقطة أخرى بارزة في هذه الانتخابات بنظري وتستحق أن يحمد الإنسان الله عليها، هي أنّ
المرشّحين كافّة تصرّفوا بعد الانتخابات بنجابة وانصياعٍ للقانون وتفاعلوا مع
الواقع، وهذا أمر غاية في الأهمية. لقد ذهبوا للقاء الرئيس المنتخب بكلّ أخوة ومحبة
فباركوا له، وعبّروا له عن سرورهم. ويتوجّب عليّ في هذا المقام أن أشكرهم. فسلوكهم
هذا يُثلج صدور الناس، ويُشعرهم بالفوز. لكن لو أنّهم أظهروا الغضب، وتصرّفوا بحدّة
وساقوا الحجج وافتعلوا الجدال والشجار، ويمكن افتعال الشجار لأي سبب كان، لكانوا
جعلوا الناس تشعر بالمرارة. وهذا هو سبب شكاوانا وانتقاداتنا وعتابنا لحوادث عام
1388( 2009)6. ففي انتخابات رائعة عظيمة، يشعر الناس بالنصر، ثم يأتي
شخص أو شخصان أو أربعة أشخاص ليسبّبوا المرارة للناس، والخال أن هناك طرقا قانوينة
وإمكانية الالتجاء إلى القانون لحلّ النزاع. هذا ما حدث ذلك العام، لقد سببوا
المرارة للناس وحرموهم حلاوة الانتخابات، ولكن ليس هذا ما حدث في انتخابات هذا
العام، فبحمد الله شعر الناس بحلاوة النصر وأقاموا الاحتفالات، يجب التصرّف وفق
القانون. لذلك كنّا نصرّ على رعاية القانون، وهذه هي النتيجة فعندما يراعى القانون،
تُثلج قلوب الناس ويفرحون، ويجب أخذ العبرة مما حدث. فالناس يدقّقون (يتفرّسون) في
مثل هذه الأمور، يراقبون ويتعرّفون على الوجوه السياسيّة، والناس تنشد إلى الوجوه
التي تتعاطى مع القضايا بنجابة وانصياع للقانون. بينما الأشخاص الذين يُهملون
القانون ويتهربون منه- بأي ذرية - هؤلاء أيضا يعرفهم الناس فينفرون منهم، وهذه أيضا
نقطة أساسية.
على أيّ حال فإنّ الانتخابات ظاهرة فريدة ومهمّة، وهذا بفضل الله ولطفه الذي هدى
قلوب الشعب، ونزلت الحشود الشعبية العظيمة إلى الساحة وخلقت هذه الملحمة. لقد تحولت
الانتخابات إلى ملحمة بحق. وحقق الشعب ما كان يتمناه أهل الخير وخلقوا هذه الملحمة
السياسية.
والآن على الجميع مساعدة الشخص الّذي اختاره الشعب، الأجهزة المختلفة، وهذا طلبي
إليكم، إنّ إدارة البلاد أيّها الإخوة والأخوات لأمرٌ صعب، إذ يمكن الجلوس بعيداً
وسوق الانتقادات، ولقد ذكرت هذا المثال عدّة مرات: "كشخص يجلس على حافّة المسبح
وينتقد شخصاً يحاول يريد الغطس في الماء عن منصّة من فوق عدة طوابق، بأنّه قد ثنى
قدمه هنا، وأنّ يده لم تكن مستقيمة هناك، فلذلك لم يغطس بالشكل الصحيح". هذا سهل،
ولكن إذا أردنا الصعود إلى أعلى والغطس بأنفسنا، فسنجد بأننا لا نملك الجرأة لفعل
ذلك. إن الاعتراض والانتقاد أمر سهل. نحن لا نقول بأن لا ينتقدأحد، أو أن لا
يعترض،لمَ لا، فالانتقاد والاعتراض البنّاء مهمّ لتطور البلاد. لكن يجب الالتفات
إلى أنّ الإجراء والتنفيذ صعب. لقد اختار الناس وبحمد الله، رئيساً للجمهورية، وعلى
الجميع تقديم العون له. ويجب أن لا نتوسّع كثيراً في توقّعاتنا، وأن لا نستعجل في
التعاطي مع الأمور والحكم عليها، إلى أن تُنجز الأمور المهمّة للبلاد إن شاء الله.
قلت قبل الانتخابات بأنّ لديّ ما أقوله حول ما ورد على لسان المرشّحين في المناظرات.
فعلاً، لا يتّسع الوقت للتحدّث عنها بالتفصيل. لكن هذا واحد من الأمور التي أردت
التحدّث عنها. أجل، هناك نقاط ضعف، لكن يجب الالتفات إلى نقاط القوة، فللحكومة
الحالية الكثير من نقاط القوة. وحتى لو كان لديها نقاط ضعف، وأيّ منّا ليس لديه
نقاط ضعف في عمله؟ علينا أن لا نُغفل نقاط القوة أيضا. فقد أُنجزت أعمال مهمّة في
البلاد. الخدمات المقدّمة، وأعمال البنى التحتية والبناء..يجب أن لا نتغاضى عنها.
لقد أُغفلت هذه الأمور في أغلب حملات ومناظرات المرشّحين المحترمين الانتخابية وعلى
مدى الأسابيع الثلاثة قبل الانتخابات. كم كان من الجيّد لو أنّهم عندما كانوا
يطرحون موضوع الأزمة الاقتصادية، أزمة الغلاء والتورم، وهذه أمور واقعية، قد
تطرّقوا إلى الأعمال التي أُنجزت، وإلى الجهود التي بُذلت. فهذا النوع من التعاطي
بعيد عن الإنصاف والعدالة.على الإنسان رؤية الأمور الإيجابية والسلبية معاً. من
الطبيعي أن يتحدث الإنسان في معرض العموم عن النقاط السلبية، ويعدّدها لهم، ولا
مشكلة في هذا الأمر، لكن يجب أن لا يكون هذا في المطلق، بل يجب ذكر النقاط
الإيجابية والنقاط السلبية في آن.
ولديّ ما أقوله بخصوص القضية النووية، وسأتحدث عن هذا الأمر بشكل مفصّل إذا لزم
الأمر. لقد ذكرت في كلمتي بداية هذا العام (السنة الإيرانية1392)، بأن الجبهة
المخالفة لنا منحصرة في عدد من الدول المتغطرسة والطماعة، والتي اختارت لنفسها،
كذباً ودجلاً اسم "المجتمع الدولي"، وعلى رأسهم أمريكا والمحرّض الأساس الصهاينة.
مشكلة هؤلاء أنهم لا يريدون حل مسألة الملف النووي الإيراني. ولولا عنادهم لحُلّ
هذا الملف بكل سهولة. فقد توصلنا لاتفاق أكثر من مرة، ووقّعوا عليه، وقعت عليه
الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ووافقت على أن الإشكالات (المخالفات أو المشاكل) قد
رُفعت، لدينا وثائق بهذا الشأن، ولا يمكن إنكارها، كان يجب إنهاء الأمر، كان يجب
إنهاء ملف الطاقة الذرّية للبلاد. لكن الأمريكيين كانوا يطرحون إشكالية أخرى مباشرة.
هم لا يريدون إنهاء الملف. لدينا أمثلة كثيرة على هذا الأمر. فحلّ ملف الطاقة
النووية الإيرانية، إذا ما اتخذ مجراه الطبيعي، أمر سهل ويسير. لكن عندما لا ينوي
الجانب المقابل حلّ هذا الأمر، فلن تكون النتيجة غير ما ترون.
لذا عليهم الالتفات إلى هذا الأمر، وهو أنّ الجمهورية الإسلامية قد تعاطت مع هذا
الملف بشكل قانوني وشفّاف، سواء لناحية الاستدلال أو المنطق، لكنّهم ارتؤوا بأنّ
هذا الملف مناسب لإعمال الضغوطات على الجمهورية الإسلامية. ولو لم يتيسر لهم هذا
الأمر لوجدوا قضية أخرى يتحججون بها بهدف الضغط على بلادنا. فالهدف هو التهديد
والضغط وجعلنا نَكِلّ. لقد قالوا هذا بأنفسهم، قالوا بأنّ الهدف تغيّر النظام
السياسي، وفي بعض كلامهم الخاص، أو في بعض رسائلهم الخاصة، كانوا يقولون لا، لا
نريد تغيّر النظام، لكن هذا الأمر واضح جليّ في مغزى أحاديثهم وكلماتهم، وفي سلوكهم.
فالشعب الّذي لا يكون تحت سلطتهم، ولا يعمل طبقاً لميولهم، وطبقاً لرغباتهم
وأذواقهم، هو شعب مغضوب عليه. بينما لا يهمهم في الدول والحكومات التي تخضع لهم
ويرضون عنها، قضاياكالديمقراطية، أو حقوق الإنسان، أو الطاقة النووية. المشكلة أن
الجمهورية الإسلامية تقف على قدميها، وتعتمد على قدراتها الخاصة وتتوكل على الله
المتعال، وتتطور في عددٍ من المجالات، وهذا ما لا يعجبهم في الأمر. لكن أظهرت
الجمهورية الإسلامية أن المنتصر في هذا المجال والمسير، هو الشعب الإيراني، وهو من
سيوجه الصفعة للأعداء.
إنّ سبيل نظام الجمهورية الإسلامية، هو سبيل إلهيّ وأهدافه أهداف إلهية، اتكاله
وإرادته إلهية، وهكذا سبيل لن يصل إلى حائط مسدود أبداً. وليطمئنوا أنّه وبالتوفيق
الإلهي، لن يكون من مانع في طريقنا بإذن الله. أرجو من الله المتعال الذي طوّر شعب
إيران يوما بعد يوم، أن يستمر هذا التطور بابتكارات المسؤولين، وبحركة المسؤولين،
وبهمة وتوكل المسؤولين، وأن تشمل الأدعية الزكية لحضرة بقية الله ( أرواحنا فداه)
الشعب الإيراني وروح إمامنا الطاهرة، وأرواح الشهداء ويرضى عنّا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1- حادثة 7 تير (28 حزيران
1981م), تفجير مقر الحزب "الجمهوري الاسلامي" في طهران واستشهاد رئيس المحكمة
العليا في البلاد(آية الله بهشتي) و72 من ممثلي الشعب وكبار كوادر الثورة والوزراء.
قامت بهذا العمل الاجرامي منظمة منافقي خلق المعارضة للنظام والمدعومة من الأنظمة
والمخابرات الأجنبية.
2- آية الله محمد حسين بهشتي(1928), أول رئيس للمحكمة العليا بعد انتصار الثورة,
سياسي وفقيه, أمين عام الحزب الجمهوري الإسلامي, خريج الحوزة العلمية في قم و تلميذ
الإمام الخميني والعلامة الطباطبائي,
3- سورة التوبة, 47. (لو خرجوا فيكم ما زادوكم الا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم
الفتنة..)
4- تجري انتخابات الرئاسة والمجالس البلدية في ايران بشكل متزامن كل دورة انتخابية (مدة
4 سنوات).
5- فتنة انتخابات عام 2009 (ادعاء التزوير وعدم الالتزام بالقانون من قبل الطرف
الخاسر مدعوما بكل أطياف المعارضة الداخلية والخارجية وكذلك
الأجهزة الاستخبارية الغربية التي حركت وبثت الدعايات وروجت لدعوى التزوير .. بهدف
زعزعة النظام والانقلاب عليه من الداخل.. وهذا ما لم يحدث بفضل وعي الشعب وخروجه
بالملايين مطفئا نار فتنة كاد يقضي على كل انجازات الثورة والشعب لثلاثين سنة مضت).
6- ارتفاع الهتافات المنادية