يتم التحميل...

خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في مراسم الذكرى 24 لارتحال الإمام الخميني

2013

والحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى محمد وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتخبين الهداة المهدين المعصومين، سيّما بقية الله في الأراضين.

عدد الزوار: 109

خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في مراسم الذكرى 24 لارتحال الإمام الخميني في حرم الإمام (قده)_(6/4/2013)

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى محمد وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتخبين الهداة المهدين المعصومين، سيّما بقية الله في الأراضين.

نحمد الله تعالى لأنه منحنا فرصةً أخرى، وأفسح لنا في المجال، ومدّ في أعمارنا، لنتمكن في هكذا يومٍ، من تكريم إمامنا العزيز، ومن إظهار الولاء والإخلاص لذلك العظيم. مع أن ذكرى الإمام ما تزال حاضرة بين آحاد الشعب الإيراني. إلّا أنّ يوم 14 خُرداد/ 4حزيران، هو مظهر عشق الشعب الإيراني للإمام العظيم، وتصادف الذكرى هذا العام، مع ذكرى استشهاد جدّ إمامنا العظيم، الإمام موسى بن جعفر (عليه الصلاة والسلام). وأيضاً مع الذكرى الخمسين لحادثة 15 خُرداد/ 5 حزيران 1963 المصيريّة. مسألة 15 "خُرداد"، مسألة مهمة، ومرحلة مهمة. وسأتحدث عنها بشكل مختصر كي نصل إلى موضوعنا الأساسي واللازم. ليس الخامس عشر من "خرداد" بداية النهضة الكبرى لرجال الدين والشعب. فقبل 15 "خُرداد"، وقعت حوادث مهمة في عام 1962 وأوائل عام 1963، ففي 22 آذار 1963، وقعت حادثة مدرسة الفيضيّة، حيث ضُرب وجُرح طلاب العلوم الدينية ووُجهت الإهانات إلى المرجع المُعظم المرحوم "آية الله الكلبيكاني". وقبل ذلك التاريخ، أواخر عام 1962، حدثت المظاهرات الشعبية في سوق "بازار طهران"، ووُجهت هناك أيضاً الإهانات للمرجع المُعظم المرحوم آية الله "الحاج السيد أحمد الخوانساري". كلُّ هذه الاحداث تُشير إلى أنّ نهضة رجال الدين، كانت قد بدأت عام 1962 ووصلت إلى أوجها وذروتها عام 1963، بشكل حدا بشرطة "جهاز جبار" والأجهزة الأمنية الأخرى إلى استخدام العنف مع العلماء والطلبة، وحتى مع مراجع التقليد. لكن تبقى حادثة 15 "خُرداد" مرحلة مهمة جداً. ذلك أنّ الحادثة التي جرت في 15 "خُرداد"/ 5 حزيران 1963، قد أظهرت مدى تلاحُم الشعب مع رجال الدين في تلك المرحلة الخطرة والحسّاسة. في عاشوراء ذلك العام - يوم 3 حزيران- ألقى الإمام العظيم خطاباً تاريخياً ومصيرياً في المدرسة الفيضية. بعدها، أُلقي القبض على الإمام. وفي 15 "خرداد"/ 5 حزيران تحركت في "طهران"، بشكل رئيسي، وفي "قُم" وغيرهما من البلدات الإيرانية الأخرى، جموع غفيرة من الناس، فأقدَمَ النظام الطاغوتي بكلّ مكوناته، بجيشه، بشرطته، وأجهزته الأمنية، على قمع هذه الحركة الشعبية. فقد حدثت انتفاضة شعبية في 15"خرداد"، دلت على وجود لُحمة متينة بين أفراد الشعب الإيراني ورجال الدين والمرجعية الدينية، المُتمظهرة في شخص الإمام العظيم. المهم هنا، أنّ هذه اللحمة هي الضامن لتقدُّم النهضة، ووصولها إلى الذروة والانتصار. في أي مكان يحدث حراك ما، نهضة ما، مستندة إلى الشعب فيجاريها، ستستمر وتدوم. لكن إن لم يلتحم الشعب مع ذلك الحراك المعارض، فسوف يفشل. كالأحداث التي جرت بعد "المشروطية" في إيران. فقد بدأ نضالٌ، من قبل اليساريين والوطنيين لكن مصير كل هؤلاء، وعلى مدى تاريخ النهضات في إيران، كان الفشل والهزيمة، ذلك أن الشعب لم يكن معهم. عندما ينزل الشعب إلى الساح، فيدعم نهضة ما، بمشاعره وفكره ومشاركته، عندها ستستمر هذه النهضة ويُكتب لها النجاح. هذا ما أظهرته حادثة 15 "خُرداد"، لقد أظهرت بأنّ الشعب يدعم رجال الدين. فبإلقاء القبض على الإمام العظيم، جرت انتفاضة كُبرى في طهران وفي بعض المدن الإيرانية الأخرى، دفعت الجهاز الأمني إلى التدخل وقمع الانتفاضة بعنف شديد، فقتل عدد غير مُحددٍ- عدد كبير جداً- من الناس وصُبغت شوارع طهران بدماء عباد الله والمؤمنين وشباب هذا الشعب الأبطال.

في 15 "خرداد"، ظهر وجهه الدكتاتور الخشن (العنيف)، ووجه النظام الطاغوتي عديم الرحمة بكل وضوح. لكن هناك نقاط أخرى في حادثة 15 "خرداد"- وعلى شبابنا، وشعبنا العزيز أن يلتفت إليها، فهي مهمة - وهي أنّ أيّ من المنظمات العالمية، وما يُسمى بمنظمة حقوق الإنسان، لم تحرك ساكناً أمام االمجازر الوحشية التي جرت دون شفقة أو رحمة في "طهران"، وفي غيرها من المناطق الإيرانية الأخرى. لم يعترض أحد، وبقي الشعب ورجال الدين وحدهم في الساح. حتى أنّ الماركسيين والدول الإشتراكية واليساريين، أدانوا تحركات الخامس عشر من "خرداد" الشعبية، ووصموها بالإقطاعية، والوطنيون الذين كانوا ينادون للنضال، أدانوا هذه الحركة وقالوا أنّها حركة عمياء بلا هدف، حركة مُتطرفة. ففي كل مكان يطلب الناس فيه الرخاء والراحة، ولا يشقون لأنفسهم مكاناً في ساح الكفاح، ولا يتقبلون خوض المخاطر، تراهم يتهمون المؤمنين والمناضلين بالتشدد والتطرف. قالوا هؤلاء متطرفون، وأنّ حركتهم حركة متطرفة. بقي الإمام وبدعم من هذا الشعب، وحيداً في الساح. لكنه ظهر للناس كافةً وللتاريخ، وبكلّ ما للكلمة من معنى، كقائد سماوي ومعنوي، قاطع ومصمم.

تجلت ثلاث عقائد في إمامنا العظيم، مدّته بالقاطعية، بالشجاعة والصمود: إيمانه بالله، إيمانه بالناس وإيمانه بذاته. وقد ظهرت العقائد الثلاث تلك بمعناها الحقيقي في وجود الإمام، في قرارات الإمام، وفي جميع حركات الإمام. كان الإمام يتحدث إلى الناس من القلب إلى القلب، وكان الناس بدورهم، وبكلّ وجودهم، يقولون له: "لبيك"، فنزلوا إلى وسط الساح، وصمودا بكل شهامة، وكانت الحركة التي لم يُنظر إليها بعين الرأفة، من أيّ بقعة من بقاع الدنيا، ولم تُمدّ لها أيّ يدٍ للمساعدة، تسير تدريجياً نحو الانتصار، ولقد انتصرت في النهاية.

سأبين قليلاً، العقائد الثلاث التي آمن بها الإمام، فهي أمور مهمة، إن وَجَدت لها مكاناً في قلوبنا، فستنير درب مسيرتنا.

بالنسبة إلى إيمانه بالله، كان الإمام مصداق الآية الشريفة: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ1. ﴿حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ لقد أدى الإمام هذا الأمر بكل وجوده، وآمن به من كل قلبه، كان الإمام يثق بالله المتعال، ويُوقن بوعد الله، فكان يتحرك، ويعمل ويتكلم ويُقَدِم في سبيل الله. ويعلم أن ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ2. وعد الله لا بُدّ مفعول، وأنّ الله لا يُخلف الميعاد.

بالنسبة لإيمانه بالناس، فقد كان الإمام العظيم، يعرف الشعب الإيراني بكل ما للكلمة من معنى. لقد آمن الإمام، بأنّ هذا الشعب، شعب عميق الإيمان، ذكي وشجاع، وإذا ظَهَرَ بينهم قادة لائقين، فإن هذا الشعب سيتوهج كالشمس في مختلف المجالات. لقد آمن الإمام بهذا.

وإذا ظَهَرَ في يوم ما رجل غير كُفء، كالشاه "سلطان حسين"، الذي جعل الشعب الإيراني يتقوقع على ذاته، فسيظهر في يوم آخر رجلٌ شجاعٌ كـ"نادر قُلي" - بدون تلك الألقاب والعناوين - بين أفراد الشعب، ويتولى قيادتهم بكل شجاعة، عندها سيتمكن هذا الشعب من توسيع ميادين إفتخاراته، من نيودلهي إلى البحر الأسود. لقد رأى الإمام هذا في التاريخ، وشهد نظائره، كما أنّه آمن بهذا الأمر. كان يعرف الشعب الإيراني، ويثق به. لقد جعل الإمام الخميني إيمان هذا العشب العميق والراسخ، الذي كان مخفياً تحت طبقات طمي المتهافتين على الدنيا، يَتَفتح. وأثار حفيظة الناس الدينية، فأصبح الشعب الإيراني مِثالاً للاستقامة والبصيرة. كان العشب في نظر الإمام، هو الأعز وعدو الشعب هو الأبغض. كما تلاحظون، فإن الإمام لم يقعد لحظة واحدة عن مقارعة المُتسلطين، والسبب الرئيسي، أنّ المُتسلطين هم أعداء سعادة الناس، والإمام عدوٌ لعدو الشعب.

الإيمان بالذات - الثقة بالنفس - لقد علّم الإمام الشعب الإيراني معنى "نحن قادرون". وقبل أن يُلقن الإمام الشعب الإيراني ويعلمهم "نحن قادرون"، كان قد أحياها في داخله، وقد أظهر وأبرز، اعتقاده بقدراته الشخصية بالمعنى الحقيقي للكلمة. في عاشوراء 1963، هدّد الإمام، وعلى الرغم من غربته، وسط طلاب وأهالي قم في المدرسة الفيضية، "محمد رضا شاه"، الذي كان وبالاتكاء على أمريكا والقوى الخارجية، يحكم البلاد بلا قيد أو شرط أو وازع، قائلاً "إذا فعلت كذا، وإن اكملت على هذا المنوال، فسأطلب من الشعب الإيراني أن يطردك من إيران". من الذي قال هذا؟ قاله رجل دين، يعيش في "قم"، لا يملك السلاح، ولا العتاد، ولا المال، ولا الدعم الدولي. مستنداً فقط إلى إيمانه بالله وثقته بنفسه، على أنّه قادر على الصمود في هذا الساح. وفي ذلك اليوم الذي عاد فيه الإمام من منفاه، هدد حكومة "بختيار" في خطابه في "جنة الزهراء (ع)"، وقال بالصوت الملآن: "سأصفع وجه حكومة "بختيار"، وسأعيّن الحكومة". هذه هي الثقة بالذات.

كان الإمام يؤمن بقوته، وبقدراته. وهذا الإيمان بالذات الذي تمثل، في عمل الإمام، في كلام الإمام، قد انتقل إلى الشعب. أعزائي، لقد قاموا بتلقيننا نحن الشعب الإيراني ولمئة سنة، بأننا غير قادرين. أنتم غير قادرين على إدارة بلادكم، غير قادرين على الوصول إلى العزة، غير قادرين على البناء، غير قادرين على الحركة في ميدان العلم، غير قادرين.. غير قادرين. ونحن صدقناهم.

من أساليب الأعداء المؤثرة، في السيطرة على الشعوب، هي تلقين "غير قادرين"، كي تيأس الشعوب، فيقولون "نحن غير قادرين". بهذه الخُدعة، تخلّف الشعب الإيراني لمئة عام في ميادين السياسة، العلم، الاقتصاد، وجميع ميادين الحياة. قَلَبَ الإمام هذه الموازين، فنزع منهم أداة التسلُط هذه، وقال للشعب الإيراني "أنتم قادرون"، أعاد إلينا الشجاعة، القرار، والمنعة. أعاد إلينا الثقة بالنفس، وشعرنا نحن الشعب الإيراني بأننا "قادرون"، فتحركنا وعملنا. لذا فاز الشعب الإيراني في كافة الميادين -التي سأشير إليها- خلال 30 عاماً المُنصرمة.

العقائد الثلاث التي آمن بها الإمام أي الإيمان بالله، الإيمان بالشعب، والإيمان بالذات قد أضحت محور جميع قراراته وإعماله، وجميع سياساته. لقد أعطى هذا الإيمان القُدرة للإمام خلال بدء النهضة، وفي فترة النفي، وأيضاً عندما توجّه إلى "باريس"، وعندما عاد إلى إيران. لقد أعطت هذه العقائد الثلاث للإمام القدرة على العودة إلى "طهران" في تلك الظروف، وأعطته القوة في أحداث شباط 1978، في الفتن الداخلية، في إعلان الجمهورية الإسلامية، في الصمود العلني في وجه النظام العالمي الجائز، في إعلان "لا شرقية، ولا غربية"، في الحرب المفروضة، في جميع قضايا السنوات العشر المليئة بالأحداث من عمر الإمام. لقد تجلت تلك العقائد الثلاث في الإمام. فكانت مصدر قراراته، أعماله، وسياساته.

لم يلحظ أحدٌ في الإمام، وحتى آخر أيام حياته، أيّ أثرٍ للكآبة والتردد، والتعب والإهمال والاستسلام. يصاب الكثير من ثوار العالم بالتردّد عندما يصلون إلى سنّ الكهولة والشيخوخة. وبالتحفظ على بعض الأمور حتى أنهم يتراجعون عن كلامهم الرئيسي في بعض الأحيان. إلّا أن كلام الإمام، في سنوات عمره الأخيرة، كان أحياناً أكثر ثوريّة من عام 1963، وأشدّ وأقوى. كان يشيخ لكن قلبه ظلّ شاباً، وروحه طواقة، إنها الاستقامة التي جاءت في القرآن الكريم: ﴿وَإن لو اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا3 وفي آية أخرى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ4. هذه العقائد الثلاث، أبقت الإمام حياً وشاباً، وخلّدت فكر الإمام وطريق الإمام وطريقة الإمام عند هذا الشعب. ومن ثم عمّت هذه العقائد الثلاث شعبنا وشبابنا وجميع أطيافنا. بعثت الأمل والثقة بالنفس والتوكل على الله. لقد حلّت مكان اليأس والظُلمة والتشاؤم. لقد غيّر الشعب الإيراني روحيته، فغيّر الله ما بهم: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ5. لقد صحح الشعب الإيراني مساره وحركته وحوافزه. فساعدهم الله في ذلك ونصرهم ودعمهم. فماذا كانت النتيجة؟ كانت النتيجة أنّ إيران التابعة، أصبحت إيران المستقلة من تبعية النظام الطاغوتي البهلوي - الذي كان أسوأ من النظام القاجاري المُتخلف السيئ السُمعة - للإنكليز، ومن ثم للأمريكيين. هناك الكثير الذي يتوجب على شبابنا معرفته. لقد وصلت تبعية أولئك إلى حدّ مُخزٍ. وقد ذكر هذا أحدُ الدبلوماسيين الأمريكيين البارزين وكتب عنه بعد الثورة. حيث قال: نحن من كنّا نقول للشاه بأنك بحاجة إلى هذا، ولست بحاجة إلى ذاك. هم من كانوا يقولون، عليكم الاستمرار بهذه العلاقات أو فسخها، عليكم إنتاج النفظ بهذا المقدار، البيع بهذا المقدار، لمن تبيعون ولمن لا تبيعون.

كانت البلاد مُرتهنة للسياسة الأمريكية، للمُخطط الأميريكي، وقبل ذلك للسياسة والمُخطط الإنكليزي. لقد تحوّل هذا البلد، من تابع إلى مستقل، إلى إيران الشامخة. كان يحكم هذه البلاد، قادة فاسدون، خائنون، عابدون للمال وغارقون في الشهوات والملذات المادية والحيوانية. وقد حلّ مكانهم نواب الشعب. لقد أصبحت زمام الأمور بيد نواب الشعب.

لقد حكم خلال الثلاثين عاماً ونيف المُنصرمة، واستلم زمام الأمور في السياسة والاقتصاد، أشخاص هم نواب للشعب. مع كل نقاط الضعف والقوة في هؤلاء الأشخاص، فهم يتمتعون بخصيصة إنّهم نواب الشعب، لم يكونوا من الأشخاص الذين يهدفون لجمع المال وبالطبع هناك القوي والضعيف وهذه مسألة مهمة. أولئك السياسيون الخُبثاء، التبعيّون، الطمّاعون، الوضعيون الأذلاء أمام الأعداد، الأشداء على الشعب، حلّ مكانهم نواب للشعب. وبلدنا المُتخلف علمياً، أصبح بلداً متطوراً علمياً. فلم نكن نملك قبل الثورة أي افتخارات علمية. واليوم، أصبح الآخرون يتحدثون عنّا. وتقيّمنا مراكز التقيم (القياس) العالمية، يقولون أن مستوى النمو والتطور العلمي قد وصل إلى 11 ضعف المتوسط العالمي. فهل هذا بقليل؟ وتتوقع مراكز التقيم العالمية، أن تصل إيران بفضل تطورها العلمي بعد عدّة سنوات - إلى سنة 2017 - إلى المرتبة العلمية الرابعة عالمياً. فهل هذا قليل؟ لقد تحوّل البلد الذي لم يكن يملك أيّ إفتخار علمي إلى هذه الحال.

لقد كُنّا بلداً إذا أراد أن يشق طريقاً أو شارعاً رئيسياً، أو بناء سدّ ومصنع، نمدّ أيدينا للأجانب، كي يأتي مهندسوهم ويبنون لنا السدّ والطريق والمصنع. بينما اليوم يقوم شباب هذا الشعب، ودون الإستعانة بالأجنبي، ببناء آلاف المصانع، ومئات السُّدود والجسور والطرقات والشوارع العريضة في البلاد. لقد وصل النمو العلمي والفني والقُدرات البنائية في البلاد، إلى هذه المكانة، فهل تستحق أن نتجاهلها؟!

وفي المجال الصحي، كان على المريض ومن أجل عملية جراحية بسيطة الذهاب والضياع في المستشفيات الأوروبية، أو عليه الموت إن لم يكن يملك المال. بينما اليوم، تجري في بلادنا أكثر العمليات الجراحية تعقيداً، من زرع الكبد إلى الرئة. هناك إنجازات مهمة في مجال الجراحة والطبابة، ليس فقط في طهران، بل وفي سائر المدن النائية. هذه القدرات موجودة اليوم. ولا يحتاج الشعب الإيراني للأجانب في هذا المجال لقد وصلنا إلى الاستقلال والاكتفاء الذاتي في هذا المجال المهم والحيوي.

كانت مناطق كثيرة قد نُسيت من بلادنا لقد كنت قبل الثورة، أجول على الكثير الكثير من المناطق. لم تكن المناطق النائية في البلاد تلقى أيّ اهتمام. أمّا اليوم فقد توسعت شبكة الخدمات لتشمل أنحاء البلاد. في المدن النائية وفي القرى المختلفة. فلا مجال للقول بأن المنطقة الفُلانية محرومة من الطاقة الكهربائية أو الطرقات وأمثال ذلك. لكن في تلك الأيام إن تمتعت منطقة نائية بهذه الخدمات، لكان أمراً عجيباً. اليوم عكس ذلك يُثير التعجب. في تلك الأيام، (أي قبل الثورة) كان عدد الطلاب 150 ألف طالبٍ من بين 35 مليون نسمة. اليوم زاد عدد السكان إلى الضِعفين، بينما زاد عدد الطلاب حالياً إلى 20 ضِعفاً. بل وإلى 30 ضِعفاً. وهذا يعني الاهتمام بالعلم. إنّ كثرة الطلاب، كثرة الأساتذة وكثرة الجامعة لأمر مُلفت. يوجد في كل مدينة نائية، جامعة أو جامعتان، أو خمسة، وأحياناً عشر جامعات. في تلك الأيام، ربما لم يصل عدد المدارس الثانوية في بعض المحافظات إلى عدد أصابع اليدين. أمّا اليوم فيوجد في تلك المحافظات، وفي كل مدينة من مُدنها، بِضعُ جامعاتٍ، وأحياناً عدد كبير من الجامعات. لقد حدثت هذه الحركة العظيمة للشعب الإيراني ببركة الثورة الإسلامية، وبهمة الشباب والمسؤولين طوال 30 سنة ونيف. هذه حوادث مهمة. فقد بُنيت ببركة الثورة وأُنشئت بُنى تحتيّة عديدة في البلاد، والمنتوجات التي كان علينا شراؤها بالفُتات وبكل مِنةٍ من الأجانب، أصبحت اليوم، تُنتجُ وبوفرة في البلاد. يجب ملاحظة ذلك. وهي من بركات عقائد الإمام الثلاث التي ضخها في الأمة فتألقت فيها: الإيمان بالله الإيمان بالشعب والإيمان بالذات.

نحن لا نقول هذا الكلام لخلق غرور كاذب، لنفرح ونقول أنّه والحمد لله قد انتصرنا وانتهى الأمر. لا، فما زالت الطريق أمامنا طويلة. أقول لكم، أننا إذا قارنّا بين إيران اليوم وإيران زمن الطاغوت، سنرى هذه الإنجازات. لكن إذا قارنّا إيران اليوم مع إيران الإسلامية التي يجب أن تكون، البلد الذي يريده الإسلام لنا، المجتمع الذي يريده الإسلام لنا، المجتمع الذي تتوفر فيه، العزة والرفاه الدنيويين، الإيمان والأخلاق والمعنويات أيضاًـ فإن الطريق ما زالت طويلة أمامنا أقول هذا كي يعرف شبابنا العزيز وشعبنا الشجاع أنّه يمكن متابعة هذا المسير بمعية هذه العقائد الثلاث. اعلموا أن الطريق طويلة، لكنكم تستطيعون، لديكم القدرة، لديكم الإمكانية، ويمكنكم متابعة هذه الطريق للوصول إلى القمم بكلّ الطاقة، والسرعة اللازمة. أقول هذا لتعلموا أنّه إذا أراد الأعداء زرع اليأس فينا، فلأنّهم يناصبوننا العداء، وأنّ كل شيء يوحي لنا بالتفاؤل.

خارطة الطريق أمامنا. لدينا خارطةُ طريق. ما هي خارطة الطريق؟ خارطة طريقنا هي أصول إمامنا العظيم. تلك الأصول التي تمكن الإمام بالاستناد إليها، من تحويل الأئمة المُتخلفة والذليلة إلى أمة متطورة وشامخة. هذه الأصول، التي ستُعينُنا على متابعة المسير، وتشكل لنا خارطة الطريق. أصول الإمام، أصول واضحة. ولحسن الحظ فإن خطابات الإمام وكتابات الإمام، المؤلفة من 20 مجلد تقريباً ، هي في متناول الناس، ونجد خلاصتها في وصيّته الخالدة، ويمكن للجميع الرجوع إليها. فليس من الجيد أن نتمسك باسم الإمام وننسى أصوله، هذا خطأ. ولا يكفي التمسك باسم الإمام وذِكْرِ الإمام فقط، فالإمام خالد بأصوله، بأفكاره وبخارطة طريقه للأمة. خارطة الطريق هي بيد الإمام وقد عرضها علينا. كما أنّ أصول الإمام واضحة.

أصول الإمام في السياسة الداخلية عبارة عن الاعتماد على آراء الناس، تأمين الوحدة واتحاد الشعب، أن يكون الحكّام والممسكين بزمام الأمور، شعبيين لا أرستقراطيّن. اهتمام المسؤولين بمصالح الأمة، العمل والجهد الجَماعي من أجل تطوير البلاد. وفي السياسة الخارجية، فإن أصول الإمام عبارة عن: الصمود في وجه التدخلات الأجنبية والسلطوية. التآخي مع الشعوب الإسلامية، التواصل مع جميع الدول، ما عدا الدول التي وضعت الموسَ على عنق الشعب الإيراني، وتكنُّ له العداوة. مناهضة الصهيونية، النضال من أجل تحرير فلسطين، تقديم العون لمظلومي العالم، والصمود في وجه الظالمين. وصية الإمام موجودة أمام أعيننا، فكتابات الإمام، أقوال الإمام. موجودة في الكتب التي نشرت النصوص الكاملة لذلك العظيم.

وفي مجال الثقافة، فإنّ أصول الإمام عبارة عن الابتعاد عن ثقافة الإباحية الغربية، الابتعاد عن التحجر والجمود. الابتعاد عن الرياء في التمسك بالدين، الدفاع القاطع عن الأخلاق وأحكام الإسلام، مكافحة الترويج للفحشاء والفساد في المجتمع.

تعتمد أصول الإمام في الاقتصاد: على الإقتصاد الوطني، على الاكتفاء الذاتي، العدالة الإقتصادية في الإنتاج والتوزيع، الدفاع عن الطبقات المحرومة، مواجهة ثقافة الرأسمالية واحترام الملكية- هذه الأمور إلى جانب بعضها - رفض الإمام سياسة الرأسمالية الظالمة، لكنه أكد على احترام الملكية، الثروة، واحترام العمل. وأكد أيضاً على عدم الاضمحلال في الإقتصاد العالمي، و على إستقلالية الاقتصاد الوطني. هذه هي أصول الإمام في الاقتصاد، وهي أمور واضحة في خطاباته وكلماته. ويتوقع الإمام من المسؤولين، أن ينفذوا تلك الأصول على الدوام، بالاقتدار والإدارة العاقلة وبالتدبر. هذه هي خارطة طريق الإمام العظيم. وسيتمكن الشعب الإيراني بهمته، بشبابه، بخارطة الطريق هذه، بإيمانه الراسخ، بتذكره لإمامه، من ملئ الهوة للوصول إلى الوضع المطلوب. يمكن للشعب الإيراني أن يتقدم، ويمكنه بقدراته، واستعداداته، وبالأشخاص البارزين، المنتشرين بحمد الله في أنحاء البلاد، من متابعة هذا الطريق بقدرة أكبر وهمّة أقطع، الطريق الذي هو حصيلة ثلاثين عاماً ونيف من التجربة. وإن شاء الله سيصبح مِثالاً حقيقياً وواقعياً للأمم الإسلامية الأخرى.

أمّا بالنسبة للإنتخابات، وهي قضية حيّة وحسّاسة هذه الأيام، أخواني وأخواتي الأعزاء، أيها الشعب الإيراني العزيز، الإنتخابات مظهر من مظاهر العقائد الثلاث التي وُجدت في الإمام، والتي يجب أن تُوجد فينا أيضاً: مظهر الإيمان بالله، وهي تكليف. فواجبنا وتكليفنا أن نتدخل في مصير بلادنا، وهذا تكليف لآحاد الشعب الإيراني. إنها مظهر الإيمان بالشعب، لأن الانتخابات مظهر لإرادة آحاد العشب. فالناس هم من يختارون عبر الإنتخابات، مسؤولي البلاد. ومظهر الإيمان بالذات، لأن كل فرد يضع "صوته" في الصندوق، يشعر أنّه بدوره قد تَدَخل في مصير البلاد وعينه. وهذا أمرٌ مهم جداً. إذن الانتخابات مظهر من مظاهر الإيمان بالناس، ومظهر الإيمان بالذات أيضاً.

أصل الموضوع في قضية الإنتخابات، هو إيجاد المُلحمة السياسية، وحضور الناس الحماسي عند الصناديق. ماذا تعني المُلحمة؟ المُلحمة تعني أن يُنجز هذا العمل الباعث على الإفتخار بكل نشاط وحماس. فكل صوت تعطونه لأحد المرشحين المحترمين - السادة المرشحون الثمانية موجودون بيننا الآن- فكأنكم أعطيتم صوتكم للجمهورية الإسلامية. الصوت للمرشح، يعني صوت للجمهورية الإسلامية، صوت الثقة بالنظام وبعملية الإنتخابات. أن الخوض في الإنتخابات، سواء المرشحين أو الناخبين- أمثالي وأمثالكم – يعني بحد ذاته، الثقة بالجمهورية الإسلامية والثقة بعملية الإنتخابات. ومن الناحية الأخرى، هو التصويت لشخص، ترونه أنتم، أو يراه ذلك الأخ أو تلك الأخت، أو أنا العبد الحقير، بأنه الأصلح لمستقبل البلاد.

يُفكر أعداؤنا، المساكين، في الخارج، أن يشكلوا من خلال هذه الإنتخابات تهديداً للنظام الإسلامي، بينما هي فرصة كبيرة له. هم يأملون إمّا أن تكون هذه الإنتخابات هزيلة، فيقولون بأن لا رغبة للشعب بالنظام الإسلامي، أو أن يصنعوا الفتنة بعدها، كما فعلوا في انتخابات عام 2009 الحماسية.

هذا ما يسعى إليه أعداء الوطن. لكنهم مخطئون، فهم لا يعرفون هذا الشعب بعد. لقد نسي أعداء الوطن يوم 29 كانون الأول، لقد نسي، هؤلاء الذين يعتقدون بوجود أكثرية صامتة ومُعارِضة للنظام الإسلامي في هذا البلد، يوم الأول من شباط، قبل 34 عاماً، حين خرجت الجموع العظيمة دفاعاً عن نظام الجمهورية الإسلامية وردّدوا شعار "الموت لأمريكا".

ومن أجل أن يخففوا من وهج هذه الإنتخابات، يجلس مفكروهم من خلف الوسائل الإعلامية والمحللين السياسيين، فيلفقون الأقاويل ويُقدّمونها للوسائل الإعلامية، تارةً يقولون أن الإنتخابات مُعلبة وتارة أخرى بأنها غير حرّة. أو أنها غير شرعية برأي الشعب. ذلك لأنهم لا يعرفون هذا الشعب ولا يعرفون إنتخاباتنا، كما لا يعرفون نظام الجمهورية الإسلامية. وهم غير منصفين حتى في الأمور التي يعرفونها، ولا يخجلون من هذا الأمر.

في أي مكان من العالم - ومن يعرف بوجود ذلك فليتقدم وليقُل - يُسمح للمرشحين على إختلافهم، سواء من الوجوه المعروفة أو غير المعروفة، باستخدام الوسائل الإعلامية الرسمية للبلاد بشكل متساوٍ؟ في أي مكان من العالم يوجد أمر مشابه؟ هل هو موجود في أمريكا؟ أو في الدول الرأسمالية؟ يُسمح للمرشحين في الدول الرأسمالية، إذا كانوا أعضاء لحزبين أو ثلاثة، ومدعومين من قِبل أصحاب رؤوس الأموال، وأصحاب المصانع، والأثرياء والمافيات، وأن يكونوا هم من أصحاب الثروة والقدرة، باستخدام الوسائل الإعلامية لحملاتهم الدعائية، وإلا فلا يستطيعون شيئاً. المتابعُ للإنتخابات الأمريكية، وقد تابعتها بنفسي، سيؤيد هذا الكلام. فقد وُجد مرشحون لا يتمتعون بدعم الصهيونية ولا بدعم شبكات الرأسمالية، "مصاصة الدماء" العالمية، لكنهم لم يتمكنوا من فعل أي شيء لدخول معترك الإنتخابات. إذ لم تتوفر لهم الوسائل الإعلامية والتلفزيونية، وكان عليهم دفع أموال طائلة لكل ثانية من الظهور الإعلامي. بينما يستطيع جميع المرشحين في بلادنا بشكل متساوٍ، ودون دفع أي (ريال)6 الظهور في الوسائل الإعلامية والمشاركة في البرامج المتنوعة، فيتحدثون لساعات طويلة إلى الجمهور. فهل من أمرٌ مشابه لهذا في العالم؟ الأمر الوحيد الذي يتحكم بمسألة الإنتخابات هو القانون. فطبقاً للقانون، يستطيع عدداً من الأشخاص الترشح أو لا يستطيعون. القانون هو الذي يحدّد الشروط والصلاحية، ويحدّد الأشخاص الذين يشخصون تلك الصلاحية. كل ذلك يجري طبقاً للقانون.

يرى أعداء الخارج هذه الحقائق، فيجلسون ويُنَظِرون، وكما قلت سابقاً، فهم للأسف يمتلكون حناجر وألسن لا تعرف التقوى، فيكرّرون نفس الكلام. لكن الشعب الإيراني وبالتوفيق الإلهي، بمشاركته، بصموده وعزمه الراسخ، سيردّ على كلّ تلك الافتراءات، وسيكون ردّه قاطع وصاعق.

سأوجه الكلام للمرشحين المحترمين، ينتقد المرشحون المحترمون بعض الأمور في البرامج الإعلامية العمومية، وهذا من حقهم، يمكنهم انتقاد أي شيء. لكن يجب الالتفات لأن يكون هذا النقد بهدف الوصول إلى مستقبل بنّاء وزاهر، لا أن يكون من باب التشويه، والسلبية وعدم الإنصاف. يجب الإلفتات لهذا الأمر. لا رأي لي في أيّ أحد، ومنذ الآن، ستقول الوسائل الإعلامية الأجنبية بغيظٍ وحقدٍ، بأن فلان مع "زيد أو عَمْرٍ أو بكرٍ أو خالدٍ. هذا مناف للواقع، لا رأي لي في أيّ أحد.

أنا أقول الحقائق، وأنصح الأخوة الذين يهدفون إلى جذب آراء الناس إليهم، أن يتحدثوا بإنصاف. إنتقدوا، لكن لا بقصد التشويه وإنكار الأعمال العظيمة، سواء التي أُنجزت في هذه الحكومة أو في الحكومات السابقة. فقد وصل أشخاص مثلهم إلى سُدة الحكم وقاموا بجهود كبيرة وأنجزوا الأعمال. لا يكون النقد بإنكار الأعمال الإيجابية. النقد هو التحدث عن نقاط القوة ونقاط الضعف. اليوم، لا يحتاج من يصل إلى سُدّة الحكم لأن يبدأ من الصفر، فقد أُنجزت الآلاف من الأعمال المهمة، أُنجزت آلاف مشاريع البُنى التحتية على مدى السنوات الطوال، وفي عهود الحكومات المتوالية. فقد تطور العلم، والصناعة، وأعمال البُنى التحتية، ووضعت الخطط وأُنجزت المشاريع، في مختلف المجالات، يجب أن لا تُهمل، بل أن تُستكمل، يجب عدم إنكار كل تلك الإنجازات بحجة ما نعانيه اليوم من مشاكل إقتصادية وتورم وغلاء. هذا غير صحيح. أجل لدينا مشاكل إقتصادية وتورم إقتصادي. وإن شاء الله سيتمكن الرئيس القادم من حلّ هذه المشاكل، ومن حلّ هذه العُقد، فهذا أمل الشعب الإيراني. لكن لا يعني هذا، ولأنه نملك رؤى وحلولاً لهذه المشاكل، أن نُنكر كل ما أُنجز حتى اليوم. والنصيحة الأخرى أن لا تقدموا الوعود المستحيلة. أطلب من جميع المرشحين، أن تتحدثوا بطريقة لا تجعلكم تشعرون بالخجل في حزيران العام القادم، إذا ما عُرض عليكم شريط تسجيلات ما قلتوه هذا اليوم. قدّموا الوعود التي إذا سُألتم عنها فيما بعد، لا تضطرون لأن تلقوا باللائمة على فلان وفلان بأنّهم أعاقوا تحقيقه. قدموا الوعود بما تستطيعون فعله.

يتمتع رئيس الجمهورية وطبقاً للقانون الأساسي (الدستور) بالكثير من الصلاحيات. صلاحيات رئيس الجمهورية، في الدستور، واسعة جداً، فميزانية البلاد بيده جميع المراكز التنفيذية في البلاد بيده، تنظيم تنفيذ القوانين، إمكانية الإستفادة من جميع أهل الرأي وفي جميع أنحاء البلاد، كما أنّ يده مطلقة في جميع الأمور والقضايا، الحدود الوحيدة الموضوعة لرئيس البلاد، هي حدود القانون، القانون فقط مَنْ يضع الحدود له. وهي ليست بحدود، فالقانون، يَهدي ولا يُحد. القانون، يدل على الطريق وعلى كيفية التصرف.
على الذين يتحدثون اليوم إلى الناس، أن يعدوهم بالوعود القادرين على تنفيذها، وبما يحتاج الناس. ليعدوهم بأنهم سيعملون بتعقل ودراية، وإن كان لديهم برامج في أيٍ من المجالات، فليقدموها للناس، وليعدوا بأنهم سيخوضون هذا الميدان بكل جهد وثبات، وليعدوهم بأنهم سيستفيدون من جميع بنود القانون الأساسي (الدستور) في سبيل القيام بواجبهم المُلقى على عاتقهم. أن يعدوا بأنهم سيديرون أوضاع البلاد بكل حنكة، وأن يهتموا بموضوع الإقتصاد الذي يتعرض اليوم للكثير من الضغوط الخارجية، بكل جدّية.

أن يعدوا بأنهم لن يتخذوا لأنفسهم الحاشية، وأن لا يطلقوا العنان للمحيطين والمُقربين منهم. أن يعدوا بعدم ترجيح مصالح الأجانب، بحجة التنوع، على مصالح شعبهم. فالبعض وبتحليل خاطئ للأمور، يقولون بإعطاء بعض الإمتيازات للأعداء كي نخفف من غضبهم علينا، وعملياً، هذا ترجيح لمنافعهم على منافع الأمة. هذا خطأ. فهم غاضبون من وجودكم، من وجود الجمهورية الإسلامية، ومن خلود الإمام في أذهان الناس وفي برامج البلاد، غضبهم لإن الشعب في الرابع من حزيران- ذكرى ارتحال الإمام- ينتفضون ويموجون في أنحاء البلاد، غضبهم هو بسبب كل هذه الأمور. يجب معالجة غضب الأعداء، والتعويض عنه بالإقتدار الوطني. إذا كانت الأمة قادرة مقتدرة، ستتمكن من تأمين إحتياجاتها، ومن حلّ مشاكلها. فاليوم، المشكلة الإقتصادية هي الأساس، فإذا تمكنت الأمة من حلّ مشاكل الإقتصاد، حينها سنجرد الأعداء من سلاحهم في مواجهة الأمة.

ما يهم على أي حال، العزم والإرادة، الإيمان بالله، الإيمان بالشعب، والإيمان بالذات. هذا مهم للمرشحين في الإنتخابات ولآحاد الشعب الإيراني. بعد عشرة أيام، أيها الأخوة، أيها الأعزاء، سنخوض إمتحاناً كبيراً، وأتمنى إن شاء الله، أنّ يوفقنا الله في هذا الإمتحان، وأن نقدم "مُلحمة" تفيض بالبركة والنتائج الباهرة لهذا الشعب "ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

1- سورة آل عمران، الآية: 173.
2- سورة محمد، الآية: 7.
3- سورة الجن، الآية: 16.
4- سورة فصلت الآية 30
5- سورة الرعد، الآية: 11.
6- ريال واحد العملة الإيرانية و كل 100 ريال يساوي واحد تومان

2013-06-15