يتم التحميل...

خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في لقائه حشداً من العمّال

2013

كلمة السيد القائد في لقائه حشداً من العمّال

عدد الزوار: 92

خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في لقائه حشداً من العمّال والناشطین في قطاع الإنتاج من كل أنحاء البلاد_27/04/2013

بسم الله الرحمن الرحیم

أرحّب بكم أیها الإخوة والأخوات الأعزاء الطاقات المكرّمة العاملة علی ازدهار البلاد وتقدّمها. أنتم شخصیات كریمة ونجیبة وملتزمة أخذتم علی عواتقكم واحدةً من أصعب مهمّات إدارة البلد وتقدّمه، وتحمّلتم في سبیل سعادة هذا الشعب أعباء العمل الثقیلة. الله تعالی یقدّر جهودكم ومساعیكم ونسأله أن یجزل لكم الأجر والثواب.

من الدارج بمناسبة یوم العمّال أن یثنی أصحاب الأقلام والبیان والخطابة علی شریحة العمال ومناقبهم، وهذه ممارسة محمودة وفی مكانها طبعاً. بغضّ النظر عن مدی تأثیر الكتابات والخطابات في رفع مرتبة العامل، فإن المنقبة الأصلیة والمحوریة للطاقات العاملة في المجتمع هي أن العامل یضمن بجسمه وروحه وعقله مسیرة تقدم البلاد إلی الأمام وتوفیر الراحة والخدمات للشعب. صحیح أن ثمة عوامل أخری مؤثرة في هذا المضمار - نظیر الطاقات التی توفر رؤوس الأموال والطاقات الإداریة - وینبغی تثمینها وتقدیرها في مواطنها، لكن العامل یقوم بهذا العمل بجسمه وروحه، ولهذه القضیة قیمة وأهمیة مضاعفة.

إذا لم تتوفر في بلد من البلدان طاقات إنسانیّة عاملة، أو إذا كانت هذه الطاقات ضعیفة، أو غیر ماهرة، أو إذا شابت أذهانها وأفكارها طرائق سیاسیة متنوعة، فإن ذلك البلد سیصاب بالشّلل. أنتم المنظومة العمّالیة في البلد العمود الفقری للبلد، وأنتم الذین تعملون غالباً علی الحیلولة دون إصابة البلد بالشلل. هذا شیء یجب أن یُعلم ویكون واضحاً ويتوجّب أن یعلمه ویفهمه جمیع الناس. علی مستوی صناعة الثقافة یجب أن یعرف الناس قیمة العمل والعامل، وعلی المستوی العملي أیضاً ینبغی للمشرّعین والتّنفیذیین أن یولوا هذه الأمور أهمیة دائمة. إذا تمتعت شریحة العمّال في بلد من البلدان بالرعاية والأمل والأمن المهني، فستكون مسیرة ذلك البلد نحو التقدّم سهلة یسیرة. هذه حقیقة یجب أن یعلمها ویدركها الجمیع.

و أنا أعتقد أن أهمیة طبقة العمّال أعلی حتی من هذا. ما سلف ذكره أمرٌ یتعلق بكل مكان وبجميع البلدان. ولكن ثمة حالة مضاعفة هنا وهي أن العمال - إضافة إلى- قیامهم بواجباتهم المهنیّة والعملیة قاموا علی أحسن نحو بالوظائف الثوریة والوطنية. في بدایة انتصار الثورة الإسلامية كانت حركة العمّال العظیمة إحدى مفاتیح النصر - عمّال شركة النفط وغیرهم وغیرهم - وكذلك في فترة الدفاع المقدس. ففي جبهات القتال، أین ما كان ینظر المرء یجد العمال الشباب والكهول یملؤون الفراغات. وفی الأحداث السیاسیة المختلفة لم یرضخ العمال لإغراءات ووساوس الذین أرادوا أن یكون للعمّال مواقف مناهضة للثورة والنظام الإسلامي. هذه لیست بالأمور القلیلة. طبعاً الكثیرون لا یعلمون هذه الحقائق، وقد لمسناها عن قرب.

فی الأیام الأولی لانتصار الثورة الإسلامية حضرت شخصیاً وسط جماعة عمّالیة في غرب طهران، وشاهدت ماذا یفعل أعداء الإسلام والثورة، وكیف یخططون ویبرمجون وما هي مخططاتهم لیستطیعوا - منذ البدایة ومع بزوغ أنوار الثورة وبواسطة طبقة العمّال- تكریس نفوذهم السیاسی التّابع لبعض القوی الكبری. هذا ما شاهدته عن كثب. وشاهدتُ في مقابل ذلك الشریحة العاملة المؤمنة المتدینة، بفضل ما لها من إیمان وبفضل ثقتها بالإمام الخمینی الجلیل ورجال الدین، شاهدتها تقف بصراحة وشجاعة مقابل أولئك، وهذا ما تكرّر علی مدی سنوات طویلة. وقد مضى علی تلك الأیام 34 عاماً. حاول الكثیرون وسعوا وأنفقوا الأموال لیضعوا طبقة العمّال في مقابل النظام الإسلامي. لكن الطبقة العاملة وقفت وقاومت، وهذا علی جانب كبیر من الأهمیة. هذه حقائق تكشف لنا قیمة المنظومة العمّالیة في إیران، قیمتها الإنسانیة والثوریة والحضاریة. هذه أمور یجب أن تتحوّل إلی ثقافة لیعلمها ویدركها الجمیع. وعلیكم أیها العمّال أن تفخروا بذلك.

فی العام الماضی أطلقنا شعار "دعم العمل ورأس المال الإیرانيین". وهذه المسألة لا تنتهی في سنة واحدة. یرفع الأعزاء والمسؤولون تقاریر عن إنجاز كذا وكذا، لا بأس، بارك الله في أی عمل یُنجز بنیة صالحة خیّرة، ولكن ینبغي متابعة الأمر بصورة جدّیّة ومحوریة، وهذا یقع علی عاتق كل الناس. هذا جانب مهم من صناعة الثقافة التی أشرنا إلیها.

رفعنا شعار: الإنتاج الداخلی، العمل ورأس المال الإیراني. هذا معناه أن لا یختطف بریق وسحرالأسماء الأجنبية الأنظار.فلیعلم الجميع أن هذا المنتج الذي یشترونه إما یزید من رفاهیة عامل إیراني أو یتسبّب في حرمانه وفقره ویزید من رفاه العامل الأجنبي. طبعاً نحن نحبّ البشریة كلها، لكن العامل الإیراني یعمل لرفعة بلاده وشموخها، وهو جزء مهم وثمين وعزیز من جسد هذا الشعب، فينبغي تعضیده وتأییده وتقویته. بعضهم لا یفهمون هذا ولا یدركونه، أو لا تختلف بالنسبة لهم علامات المنتجات الإیرانية والأجنبية، أو حتی علی العكس، بدل أن یبحثوا عن علامات الإنتاج الإیراني یبحثون عن علامات الإنتاج الأجنبي. هذا انحراف وخطأ. كل الناس مخاطبون بهذا الكلام.

إننی أؤكد وأصرّ وأطلب من كل الشعب الإیراني أن یتجّه نحو استهلاك المنتجات الداخلیة. هذه لیست بالقضیة الصغیرة ولا بالعملیة قلیلة الأهمیة، إنما هي قضیّة وممارسة كبری. طبعاً الأجهزة والمؤسسات الحكومیة وأجهزة الدولة - الحكومیة بالمعنی العام للكلمة - تتحمّل من هذه الناحیة واجبات مضاعفة. الوزارة الفلانیة والمؤسسة الفلانیة والدائرة الفلانیة حینما ترید تأمین ما تحتاجه من بضائع ولوازم یجب أن لا تستخدم البضائع الأجنبية مطلقاً، وتستخدم المنتجات الداخلیة. طبعاً من الجانب الآخر یُطالَبُ المنتِج الداخلي - سواء كان مدیراً أو عاملاً أو مستثمراً - ویُصَرُّ علیه بأن یقدّم منتجات جیدة وكاملة ومناسبة. فكلا الجانبین مما أشار له دیننا الإسلامي المقدس واهتمّ به. یطالبنا الله سبحانه بمتانة العمل، ویطالبنا أیضاً باحترام العامل، وبتأمین أمنه الحیاتی والمهنی، ویطالبنا الله كذلك بتأمین أمن رأس المال.

حینما تلاحظ هذه الأمور كلها إلی جانب بعضها، فلن تحصل هذه الحالات من الإفراط والتفریط تحت مسمّیات مختلفة، سواء في حیّز نشاط الاقتصاد اللیبرالي الذي یسمّونه الحرّ - الحرّ یعنی حرّاً لأصحاب رأس المال، وسجناً وحبساً وضغوطاً علی الطبقات المظلومة والفقیرة، وتلاحظون الیوم ردود الأفعال علی ذلك في أوربا - أو في الحیّز الاشتراكی. الدلیل الأكبر علی خطأ الاقتصاد الذي یسمّی لیبرالی هو الأحداث الجاریة الیوم في أوربا بشكل وفي أمریكا بشكل آخر. لقد أثبت الاقتصاد الرأسمالی خطأه وإخفاقه علی الصعید العملي وعلی صعید التجربة، وهو لا ینفع حتی الطبقات التی تكوّن هذا الاقتصاد وظهر لحمایتها. والطبقة العمّالیة تُسحق منذ سنوات طویلة هناك، لكن الوضع حتی لیس في صالح أصحاب الرسامیل والبنوك والكارتلات أنفسهم. وهذه هي بدایة المطاف، وسوف یزداد الأمر سوءاً في المستقبل. وهم لا یكفون عن إطلاق الوعود بإصلاح الأمور، لكنهم لن یستطیعوا إصلاحها، فطریقهم طریق منحدر زلق، وهم ینحدرون إلی الأسفل، وهذا جزء من تضعضع الحضارة الغربیة المادیة الخاطئة. هذا ناهیك عن مشكلاتهم الأخلاقیة والعقیدیة والنظریة والفكریة. هذه تجارب بالنسبة لنا. والعالم الاشتراكی أثبت عجزه وإخفاقه منذ سنوات طویلة.

للإسلام نظرته المتوازنة الإنسانیة العادلة لكل المجالات والمیادین، بما في ذلك هذا المجال، فهو یراعی هذا الطرف وذاك الطرف، ویدعو إلی الأخوّة بینهم ولیس إلی التعارض والاختلاف، والجميع یركزون علی الواجب الإلهي ویعلمون أن الله تعالی حاضراً ناظراً یراهم. هذه یجب أن تكون ثقافة حیاتنا، وینبغی أن نعمل علی هذه الشاكلة.

رفعنا شعار "الملحمة السیاسیة" و"الملحمة الاقتصادیة". والملحمة الاقتصادیة لیست بید الحكومة فقط، فلا مراء أن التخطیط والبرامج الحكومية هي علی جانب كبیر من الأهمیة. الملحمة تعني الحدث الجهادی الحماسي الكبیر. هذا شیء یجب أن یأخذه الشعب الإیراني ومسؤولو البلاد بنظر الاعتبار، ویردموا الهوّات ویملؤوا الفراغات بعد أن یعرفوها ویشخّصوها. یجب النظر لحیاة الطبقات الضعیفة والفقیرة وأخذها بنظر الاعتبار في كل البرامج والتخطیطات.. هذه هي الملحمة. علی كل الناس سواء في ما یتعلق باستهلاكهم أو إنتاجهم، والقطاعات الإنتاجیة بشكل والقطاعات المستهلكة بشكل، والقطاعات الخدمیة بشكل، علی الجمیع أن یعلموا أنه لا بدّ من قفزة واسعة لتقدم البلاد، ولا بدّ من صناعة ملحمة. عندها ستتقدم البلاد وتستقر. الملحمة السیاسیة والملحمة الاقتصادیة توأمان. كل واحدة منهما تعزّز الثانیة وتصونها وتحفظها.

حین قلنا في بدایة السنة "الملحمة السیاسیة والملحمة الاقتصادیة" قلنا ذلك عن وعی وإدراك، وأدرك العدو أیضاً ماذا نقول؟ حاول العدو بالحظر والضغوط الاقتصادیة المختلفة إخراج الشعب من الساحة، ویقول مع ذلك:إننی لا أعادی الشعب. هو یكذب.. یكذب بكل سهولة وبكل وقاحة! معظم الضغوط هي من أجل إزعاج الناس وإیذائهم والتضییق علیهم وتعریضهم للضغوط عسی أن یستطیعوا الفصل بین الشعب والنظام الإسلامي. الهدف هو الضغط علی الناس. إذا جری الاهتمام بهذه الحركة الاقتصادیة العظیمة وهذه القفزة الاقتصادیة وهذه البرمجة الصحیحة، سواء علی مستوی التشریع أو علی مستوی التنفیذ، وعلی سائر المستویات، فسوف یتمّ إحباط كل هذه الضغوط. علی الشعب الإیراني ومسؤولی البلاد إبداء عزیمة راسخة لفرض الیأس علی العدو.

و كذا الحال بالنسبة للملحمة السیاسیة. الملحمة السیاسیة تعني الحضور الواعی للشعب في الساحة السیاسیة وفی ساحة إدارة البلاد. والنموذج البارز لهذا التواجد هو المشاركة في الانتخابات التی ستقام بعد فترة وجیزة إن شاء الله وبتوفیق من الله في وقتها المقرر، وبمشاركة وتواجد واندفاع من قبل جماهیر الشعب. ولأنهم أدركوا ما هو هدف الملحمة السیاسیة والملحمة الاقتصادیة بدأوا بالتخریب والتشویه - حسب ما تمليه عليهم أوهامهم - من الآن. الیوم ثمة صنوف من الإعلام والدعاية غايتها بثّ الیأس في نفوس الناس علی الصعید الاقتصادی، والتقليل من محفزات الشعب للحضور في الساحة السیاسیة وخصوصاً في ساحة الانتخابات. إنهم لم یعرفوا الشعب الإیراني بعد. هذه الحركة العظیمة للشعب الإیراني في المیادین المختلفة لم تستطع بعدُ إزاحة الغفلة والنوم أن تنبه المخططين وواضعي السیاسات الاستكباریة خلف الكوالیس من غفلتهم وجهلهم، فهم لا یعلمون من هو الجانب الآخر. لقد صبر الشعب الإیراني وقاوم طوال أكثر من ثلاثین عاماً علی الرغم من كل هذه المعارضات والعداوات. إذا كان المسؤولون قد صبروا وقاوموا فما ذلك إلا بدعم من الشعب. الفضل الأول یعود للناس والثناء الأكبر تستحقه جماهیر الشعب. هم الذین ربطوا علی قلوب المسؤولین وساندوهم لیستطیعوا المقاومة - أین ما قاوموا - أمام تعسّف الأعداء والمستكبرین وضغوطهم وجشعهم. وكذا الحال الیوم أیضاً، وسیكون الوضع علی نفس الشاكلة في المستقبل بتوفیق من الله.

قضیة الانتخابات قضیة مهمة. ساحة الانتخابات ساحة ظهور الاقتدار الوطنی في البلد. الشعب الحيّ والنشط والمعتمد علی الإرادة الإلهیة والواثق بتعضید الله وعونه، هذا الشعب سوف ینتصر في كل الساحات والمیادین. وكذا الحال في هذه الساحة أیضاً.
قلنا: لتنزل إلی الساحة كل الأذواق والتیارات المختلفة وكل من یشعر بأن لدیه المقدرة، وسوف تشارك كتل الشعب الهائلة البالغة عشرات الملایین في الساحة إن شاء الله، ولكن لا یخطئ الذین یرشّحون أنفسهم في حساباتهم، ولیعلموا ما هي إدارة البلاد تنفیذیاً. لا یخطئوا في تقییم حاجة البلاد لقوة وسلطة تنفیذیة، ولا یخطئوا في تقییم قدراتهم علی حمل هذه الأعباء. إذا كانت لهم تقییماتهم الصحیحة فیخوضوا غمار الساحة، والشعب ینظر وینتخب.

آلیّة الانتخابات في بلادنا آلیة متینة. اعتراضات البعض هنا وهناك غیر منطقیة وفی غیر محلّها حقاً. وجود مجلس صیانة الدستور في دستور البلاد - والذی شدّد علیه الإمام الخمینی مراراً وتكراراً - وجود مبارك بحق. تشخیص مجلس صیانة الدستور تشخیص مجموعة من الأفراد عدول ومحایدین وذوي بصیرة في ما یخصّ الأهلیات. هذا شيء مبارك وممدوح بالنسبة لنا ولكل أبناء الشعب. وأبناء الشعب یبحثون ویحققون بین الذین تمّ تأیید أهلیاتهم وصلاحیتهم، ویستفسرون من الذین یثقون بهم، وینظرون لسوابق المرشّحین وشعاراتهم وكلامهم وأقوالهم، ثمّ یتخذون قرارهم.

المرشح للانتخابات یجب أن یكون أولاً مؤمناً معتقداً بالله وبهذه الثورة وبدستور البلاد وبهذا الشعب. وثانیاً یجب أن یتحلی بروحية مقاومة. لهذا الشعب أهدافه وطموحاته السامیة ومشاریعه الكبری، وهو شعب غیر مستسلم، ولا أحد بوسعه التحدّث مع هذا الشعب بلغة القوة. الذین یتولون المسؤولیات العلیا في السلطة التنفیذیة یجب أن یكونوا مقاومین أمام ضغوط الأعداء، فلا یسارعوا إلی الخوف والفزع، ولا یسارعوا لترك الساحة. هذا من الشروط اللازمة. وثالثاً یجب أن یكونوا أفراداً مدبّرین ذوي حكمة. رفعنا في السیاسة الخارجیة شعارات "العزة والحكمة والمصلحة". وكذا الحال في إدارة البلاد، وفي القضایا والشؤون الداخلیة، وكذلك في الشؤون الاقتصادیة. یجب أن ینظروا للأمور والأعمال من زاویة التخطیط والبرمجة وبحكمة وتدبیر وبنظرة طویلة الأمد وشاملة وبهندسة صحیحة للأعمال والمهمات.

التفكیر الاقتصادی بطریقة یومیة موقتة حالة مضرّة، وتغییر السیاسات الاقتصادیة بشكل دائم ممارسة مضرّة -إنها مضرّة في كل القطاعات وخصوصاً في المجال الاقتصادی- والاعتماد علی الآراء والقرارات غیر الخبرویة حالة مضرّة، وانتهاج الأسالیب التعضیدیة في الاقتصاد المفروضة من قبل الشرق والغرب أيضاً أمر مضرّ. السیاسات الاقتصادیة یجب أن تكون سیاسات اقتصاد مقاوم. والاقتصاد المقاوم یجب أن یكون مقاوماً في بُنیته الداخلیة، وبمقدوره أن یصمد ولا یتلاطم بالتغییرات المختلفة في العالم هنا وهناك. هذه أمور ضروریة ولازمة. رئیس الجمهوریة الذي یرید إدارة هذا البلد الكبیر والسیر في هذا الدرب الزاخر بالمفاخر بمساعدة الناس، یجب أن یتحلی بمثل هذه الخصوصیات. ورابعاً یجب أن یتحلی بالتهذیب الأخلاقي وعدم الخوض في القضایا الجانبیة. هذه أمور ضروریة. وقد كانت هذه توصیتي دائماً لكل الحكومات. وتعلمون إننی دعمت دوماً الحكومات ورؤساء الجمهوریة طوال هذه الأعوام. وقد أوصیتهم بتوصیاتي أیضاً، وفی حالات كثیرة طالبتهم بإیضاحات. ما شدّدتُ علیه هو أن لا یخلقوا للناس تكالیف ومشاكل وهموم وقلق، ولا یسبّبوا لهم التشویش والاضطراب. وطبعاً یجب أن لا یطلقوا وعوداً اعتباطیة من دون أساس، ولا یمنّوا الناس أمنیات حالمة غیر منطقیة. بل یتحركوا بطریقة منطقیة ومعقولة ومتطابقة مع الواقع وبالتوكل علی الله تعالی. ویجب أن یكون هذا هو الحال في المستقبل أیضاً إن شاء الله.

ما فهمناه من تجربة الثورة طوال سنین، هو أن الله تعالی سینصر بفضله وهدایته هذا الشعب علی كل أعدائه. والأعداء أنفسهم سیعترفون -وهم یعترفون الیوم- أن كل من یصطدم بهذا الشعب وبهذه المسیرة العظیمة وبهذه المحفزات الإیمانیة العمیقة لدی هذا الشعب، سوف یسقط ویُهزم لا محالة.

نسأل الله تعالی أن یجعل مستقبل هذا الشعب العزیز وهذا البلد أفضل من ماضیه یوماً بعد یوم، وأن یمنّ علیكم أیها الشعب العزیز بالانتصارات المتعاقبة. وستستطیع طبقة العمّال والمنظومة العمّالیة الهائلة في البلاد التی خلقت لحد الآن كل هذه المفاخر، أن تضاعف مفاخرها في المستقبل، وتزید من إشراق الوجه المشرق للطاقات العمّالیة بين الناس إن شاء الله.

 السّلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته.‌

2013-05-07