خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة عيد النوروز وحلول العام الإيراني الجديد
2013
اللهم صلّ على حبيبتك سيدة نساء العالمين، فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه وآله. للهم صلّ عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها. اللهم کن لوليك الحجة بن الحسن، صلواتك عليه وعلى آبائه، في هذه الساعة وفي کل ساعة،
عدد الزوار: 107بسم الله الرحمن الرحيم
يا مقلب القلوب والأبصار، يا مدبّر الليل والنهار، يا محوّل الحول والأحوال، حوّل
حالنا إلى أحسن الحال.
اللهم صلّ على حبيبتك سيدة نساء العالمين،
فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه وآله. اللهم صلّ عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها.
اللهم کن لوليك الحجة بن الحسن، صلواتك عليه وعلى آبائه، في هذه الساعة وفي کل ساعة،
ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً، حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتّعه فيها
طويلاً.. اللهم أعطه في نفسه وذرّيته وشيعته ورعيته وخاصّته وعامّته وعدوّه وجميع
أهل الدنيا ما تقرّ به عينه و تسرّ به نفسه.
أبارك لكل أبناء وطننا الأعزاء في کل أنحاء البلاد،
ولکل الإيرانيين في أية منطقة من العالم كانوا، ولکل الشعوب التي تُعظِّم النيروز،
وخصوصاً المضحّين الإيرانيين الأعزاء، والمعاقين وعوائلهم، ولکل العاملين والناشطين
في سبيل خدمة النظام الإسلامي وبلادنا العزيزة. نتمّنى أن يجعل الله تعالى هذا
اليوم ومطلع السنة هذا سببَ سرورٍ وتقدّم ونشاط لكل المسلمين في العالم، ويوفقنا
لأداء واجباتنا. أقول لأبناء وطننا الأعزاء أن يتنبّهوا إلى أن الأيام الفاطمية
ستصادف أواسط أيام العيد1، ومن اللازم على الجميع تکريم هذه الأيام
واحترامها.
ساعة تحويل السنة ووقت التحويل هو في الحقيقة حد فاصل بين
نهاية وبداية، نهاية العام الماضي وبداية السنة الجديدة. طبعاً نظرتنا
العامة يجب أن تکون باتجاه الأمام، وأن نرى السنة الجديدة، ونعدّ أنفسنا لها ونخطط
لها، إلا أنه من المؤكد أن النظرة للماضي وللطريق الذي سلکناه ستکون مفيدة لنا من
أجل أن نرى ماذا فعلنا، وکيف سرنا، وما كانت نتائج عملنا، فنستلهم من ذلك الدروس
ونتعلّم التجارب.
عام 91 (2012) كان مثل کل السنين عاماً متنوعاً ذا ألوان وأدوار مختلفة، فقد كانت
فيه الحلاوة وكانت فيه المرارة، وكان فيه الانتصار، وكان فيه التراجع. وهکذا هي
حياة البشر على مدى الزمان، فيها المدّ والجزر والمنعطفات المتنوعة. المهم هو
الخروج من المنعطفات وإيصال أنفسنا إلى الذرى. ما كان واضحاً وجلياً طوال عام 91 من حيث مواجهتنا للعالم الاستكباري هو قسوة
الأعداء على الشعب الإيراني وعلى نظام الجمهورية الإسلامية. طبعاً ظاهر القضية هو
تشدّد الأعداء، لکن باطنها تمرّس الشعب الإيراني وانتصاره في مختلف الميادين. ما
اتخذه أعداؤنا هدفاً لهم هو ساحات ومجالات مختلفة، أهمّها المجال الاقتصادي
والمضمار السياسي. على الصعيد الاقتصادي قالوا وصرّحوا بأنهم ينوون شلّ الشعب
الإيراني عن طريق الحظر الاقتصادي، لکنهم لم يستطيعوا شلّ الشعب الإيراني، وقد
حققنا في الكثير من المجالات، وبتوفيق وفضل من الله، الكثير من التقدّم، وقد ذُكرت
تفاصيل ذلك لشعبنا العزيز، وسوف تُذكر، وسأذكرُ إجمالاً، إن شاء الله، بعض النقاط
في كلمتي يوم الأول من فروردين إذا بقيتُ على قيد الحياة.
من الناحية الاقتصادية تعرّض الشعب طبعاً لبعض
الضغوط والمشکلات، خصوصاً أنه ظهرت في الداخل أيضاً بعض المعضلات، حيث كانت هناك
بعض حالات التقصير والتساهل ساعدت مخططات العدو، ولکن على العموم كانت مسيرة النظام
والشعب متقدّمة نحو الأمام، وستظهر إن شاء الله في المستقبل آثار هذا التمرّس
ونتائجه.
وعلى الصعيد السياسي، انصبّت جهودهم (الأعداء)
من ناحية على عزل الشعب الإيراني، ومن ناحية أخرى على بثّ حالة التردّد وعدم
التصميم في الشعب الإيراني وزعزعة همّته وتقصير مداها. وفي الواقع حصل عکس ذلك. من
حيث عزل الشعب الإيراني لم يفشلوا في تطويق سياساتنا الدولية والإقليمية وحسب، بل
وكانت هناك نماذج من قبيل إقامة مؤتمر عدم الانحياز بحضور عدد كبير من الرؤساء
ومسؤولي بلدان العالم في طهران، فحصل عکس ما كان يريده أعداؤنا، مما أثبت أن
الجمهورية الإسلامية ليست غير معزولة وحسب، بل ينظرون لها ولإيران الإسلامية
ولشعبنا العزيز في العالم بعين التكريم والاحترام.
وعلى الصعيد الداخلي، في المناسبات التي يعبّر
فيها شعبنا العزيز عن مشاعره -وهي في الغالب ذكرى 22 بهمن سنة 91- عبّر الشعب عن ما
يثبت حماسه واندفاعه، إذ شارك في الساحة بملحمية وشوق وکثافة أکبر من الأعوام
الماضية. ومن النماذج الأخرى على ذلك حضور أهالي محافظة خراسان الشمالية في خضم
الحظر، ما يکشف عن نموذج لوضع الشعب الإيراني ومعنوياته تجاه النظام الإسلامي
ومسؤوليه الخدومين. وقد أنجزت والحمد لله طوال العام الماضي أعمال ومشاريع کبرى،
وأبدى المسؤولون والشعب الكثير من الجهود والمساعي العلمية والتحرّك وإنجاز
المشاريع الخاصة بالبنى التحتية، وقد توفرت مقدمات السير نحو الأمام بل وظروف قفزات
نوعية إن شاء الله، سواء في المضمار الاقتصادي أو على الصعيد السياسي، أو کل
المجالات الحياتية الأخرى.
إنّ سنة 92 بناء للآفاق
والتوقعات (المتفائلة) التي رُسِمت لنا بلطف من الله وهمّة الشعب المسلم، ستکون سنة
تقدّم الشعب الإيراني وتحرّکه وتمرّسه، لا بمعنى أن عداء الأعداء سيقلّ، بل بمعنى
أن جاهزية الشعب الإيراني ستکون أکبر، ومشارکته أکثر تأثيراً، وبناءه للمستقبل
بيديه وبهمّته وکفاءته سيكون إن شاء الله أفضل وباعثاً أكثر على الأمل.
طبعاً ما يُشخَّص أمامنا في سنة 92 لا يزال يختصّ بالمجالين الاقتصادي والسياسي.
على المستوى الاقتصادي يجب الاهتمام بالإنتاج الوطني کما جاء في شعار العام الماضي.
وقد أنجزت بعض الأعمال بالطبع، بيد أن ترويج الإنتاج الوطني ودعم العمل ورأس المال
الإيرانيين قضية طويلة الأمد، ولا تُنجز في سنة واحدة. لحسن الحظ تمّت في النصف
الثاني من عام 91 المصادقة على سياسات الإنتاج الوطني وإبلاغها -أي تمّ في الواقع
رسم الطريق والخطة لهذه الأعمال- حيث يستطيع مجلس الشورى الإسلامي والحكومة البرمجة
على أساس ذلك والبدء بمسيرة جيدة والتقدم إلى الأمام إن شاء الله بهمم عالية وجهود
دؤوبة.
وعلى الصعيد السياسي فإن القضية الكبيرة في سنة 92 هي انتخابات رئاسة الجمهورية،
والتي تُبرمج في الحقيقة للمقدرات التنفيذية والسياسية، وبمعنى من المعاني لمقدّرات
البلاد العامة لأربعة أعوام قادمة. وسيستطيع الشعب إن شاء الله بمشارکته في هذه
الساحة أن يسجّل للبلاد ولنفسه مستقبلاً حسناً. طبعاً من الضروري إنْ على المستوى
الاقتصادي وإنْ على المستوى السياسي أن يکون حضور الشعب حضوراً جهادياً. يجب
المشارکة بملحمية وحماس وشوق، وبهمّة عالية ونظرة متفائلة، وقلوب مفعمة بالأمل
والحيوية، للوصول إلى أهدافهم بطريقة ملحمية.
بهذه النظرة، نسمّي سنة 92 باسم "سنة الملحمة السياسية والملحمة الاقتصادية"،
ونتمنى بفضل من الله أن تتحقق ملحمة اقتصادية وملحمة سياسية في هذه السنة على يد
شعبنا العزيز ومسؤولي البلاد المخلصين.
على أمل أن تشملنا نظرات الخالق وعنايته، وأدعية سيدنا بقية الله الإمام المهدي
المنتظر (أرواحنا فداه)، ومع تحياتنا لروح الإمام الخميني الجليل وأرواح الشهداء
الأبرار الطاهرة.
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1- عيد النيروز للعام
1392ش، وهو رأس السنة الهجرية الشمسية الإيرانية، التي تبدأ من 21 آذار من كل عام
ميلادي. يبدأ هذا التقويم من الهجرة النبوية، وقد دوّن في الدستور بعيد انتصار
الثورة الإسلامية عام 79م. أما التقويم السابق( التقويم الملكي الشاهنشاهي) الذي
يبدأ من يوم تتويج الملك الفارسي قورش عام 559 ق. م( أي لحوالى 2578سنة). كانت
الحكومات الملكية السابقة تعتمده تقويما رسميا للبلاد.