يتم التحميل...

بعض آداب تكبيرات الأذان والإقامة وأسرارهما

العلاقة مع الله

ومن الآداب المهمّة للتكبير أن السالك عليه أن يجاهد نفسه ليصل قلبه إلى مرحلة يحصر كبر الشأن والعظمة والسلطان والجلال بذات الحق المقدسة. وإذا كان في القلب أثر من كبرياء أحد غير الله، فليعلم أن قلبه مريض ومعلول، وعلامة هذا المرض ان الإنسان يقدّم رضا المخلوق على رضا الخالق.

عدد الزوار: 112

من الآداب المعنوية للتكبيرات
1- ما قاله الإمام علي عليه السلام: "الله أكبر فيه نفي كيفيته كأنه يقول"أي المؤذن": الله أجلّ من أن يدرك الواصفون قدر صفته التي هي موصوف بها وإنما يصفه الواصفون على قدرهم لا على قدر عظمته وجلاله تعالى الله عن أن يدرك الواصفون صفته علوّاً كبيراً...".

2- ومن الآداب المهمّة للتكبير أن السالك عليه أن يجاهد نفسه ليصل قلبه إلى مرحلة يحصر كبر الشأن والعظمة والسلطان والجلال بذات الحق المقدسة.

وإذا كان في القلب أثر من كبرياء أحد غير الله، فليعلم أن قلبه مريض ومعلول، وعلامة هذا المرض ان الإنسان يقدّم رضا المخلوق على رضا الخالق.

3- كذلك من آدابه، أنه لا بد للسالك أن يذكّر القلب بعحز نفسه وكبرياء الحق، وعجزه عن القيام بالثناء على الذات المقدّسة واعلام قصور نفسه عن إقامة الصلاة.

يروى عن الإمام الصادق عليه السلام: "فإذا كبّرت فاستصغر ما بين السموات العلى والثرى دون كبريائه فإن الله تعالى إذا اطلع على قلب العبد وهو يكبّر وفي قلبه عارض عن حقيقة تكبيره، فقال: ياكذاب أتخدعني وعزتي وجلالي لأحرمنك حلاوة ذكري ولأحجبنّك عن قربي والمسرّة بمناجاتي، واعلم أنه غير محتاج إلى خدمتك وهو غني عنك وعن عبادتك ودعائك وإنما دعاك بفضله ليرحمك ويبعدك عن عقوبته وينشر عليك من بركات حنانيته ويهديك إلى سبيل رضاه ويفتح عليك باب مغفرته، فلو خلق الله عزّ وجلّ على ضعف ما خلق من العوالم أضعافاً مضاعفة على سرمد الأبد لكان عند الله سواء كفروا به بأجمعهم أو وحّدوه فليس له من عبادة الخلق إلا إظهار الكرم والقدرة فاجعل الحياء رداء والعجز إزاراً وادخل تحت سرير سلطان الله تعالى تغتنم فوائد ربوبيته مستعيناً به مستغيثاً إليه".

بعض آداب الشهادة بالألوهية

الألوهية إما أن تكون مشتقة من أله في الشيء أي تحير فيه، أو مشتقة من لاه بمعنى ارتفع، أو مشتقة من لاه يلوه بمعنى احتجب، أو مشتقة من اله بمعنى عبد ويكون المراد هو المألوه أي المعبود، وقد تكون بمعنى المدبّر والمؤثر والمتصرّف.

فعلى معنى العبودية، يكون معنى الشهادة: أن لا معبود إلا الله، فعليه إذا كان في القلب معبود سواه فهذا نفاق في الشهادة، فلا بد أن يوصل الشهادة بالألوهية إلى القلب، ويكسر الأصنام الكبيرة والصغيرة المنحوتة بيد الشيطان والنفس الأمارة.

وعلى معنى التصرف والتدبير والتأثير فيكون معنى الشهادة: إني أشهد أن لا متصرف ولا مؤثر ولا مدبّر في الكون إلا ذات الحق المقدسة جلّ وعلا، وإذا كان في قلب السالك اعتماد على موجود من الموجودات واطمئنان لأحد من العباد فقلبه مريض وشهادته زور. فعليه لكي يكون صادقا في شهادته أن لا يمدّ يد حاجته إلا إلى المحضر المقدس للحق تعالى ولا يفتح عين رجائه إلى موجود من الموجودات ويظهر الغنى والاستغناء عند العباد والضعفاء، ويجتنب عندهم عن الضعف والذلة والعجز، وهذا المعنى وارد في كثير من الأحاديث.

كما في الحديث: "إن عزّ المؤمن استغناؤه عن الناس" وإن من إحدى المستحبات الشرعية اظهار النعمة والغنى، ومن المكروهات طلب الحوائج من الناس.

وعن علي بن الحسين عليه السلام: "رأيت الخير كله قد اجتمع في قطع الطمع عمّا في أيدي الناس ومن لم يرج الناس في شيء وردّ أمره إلى الله تعالى في جميع أموره استجاب الله تعالى له في كل شيء".

بعض آداب الشهادة بالرسالة

اعلم أنه لا يمكن القرب من الله تعالى بلا نور، ﴿... وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ(النور:40).

فعلى السالك إلى الله التمسك بهداة الطريق إليه، فهم الواصلون إلى الله والعاكفون عليه، وهم النور الذي يضيء لنا الطريق إلى الحبيب الحقيقي، فلو أراد أحد أن يطوي الطريق إلى الله بقدم الأنانية ويعتمد على نفسه من دون التمسك بولاية أهل البيت عليهم السلام فسلوكه إلى الشيطان والهاوية.

وبالجملة، التمسّك بأولياء النعم الذين اهتدوا إلى طريق العروج وأتمّوا السير إلى الله من لوازم السير إلى الله، كما أشير إلى ذلك في أحاديث كثيرة، وقد عقد في كتاب الوسائل باباً في أن العبادة بدون ولاية الأئمة والاعتقاد بإمامتهم باطلة، ومن هذه الروايات في الكافي:

عن الباقر عليه السلام: "... إن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دنيا الله قد ضلوا وأضلوا فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد".

وعن أبي جعفر عليه السلام: "أما لو أن رجلا قام ليله وصام نهاره وتصدّق بجميع ماله وحجّ جميع دهره ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه فتكون جميع أعماله بدلالته إليه ماكان له على الله حق في ثوابه وما كان من أهل الإيمان".

عن أبي حمزة الثمالي قال: قال لنا علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام: "أي البقاع أفضل؟ فقلت الله ورسوله أعلم، فقال: إن أفضل البقاع ما بين الركن والمقام ولو أن رجلا عمّر ما عمّر نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يصوم النهار ويقوم الليل في ذلك الموضع ثم لقي الله بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك شيئاً".

وأما آداب الشهادة بالرسالة فهي أن يوصل الشهادة بالرسالة إلى القلب فإذا دخلت عظمة رسول رب العالمين في قلب الإنسان يدخل فيه أهمية رسالته الإسلام، وعلامة صدق الشهادة أنها تظهر آثارها في نفس الإنسان وسلوكه وحياته.

بعض آداب الحيّعلات

إن القول: "حي على الصلاة" هو إعلان للحضور بين يدي الله تعالى، وأدب السالك في هذا المقام هو أن يفهم قلبه قرب الحضور حتى يتهيأ له ويراقب آداب الصلاة الصورية والمعنوية كمال المراقبة ثم يعلن سرّ الصلاة ونتيجتها بقوله: "حي على الفلاح" و"حي على خير العمل" كي يوقظ الفطرة لأن الفلاح والنجاح هي السعادة المطلقة، وفطرة جميع البشر عاشقة للسعادة المطلقة ؛لأن الفطرة طالبة للكمال والراحة وحقيقة السعادة هي الكمال المطلق والراحة المطلقة وهي في الصلاة التي هي خير الأعمال.

فإذا وصل السالك إلى "قد قامت الصلاة" فلا بد أن يرى نفسه في حضرة مالك الملوك وسلطان السلاطين والعظيم المطلق، وليتقدّم بخجل من عدم القيام بالأمر، ويستشعر الخوف والرجاء، وليفد على الكريم ولا يحسب عمله من الحسنات حتى لا يقع في العجب الذي هو من موانع التقرب إلى الله في الصلاة.

ثم ينبغي عليك عدم إهمال الاذان والإقامة فقد ورد فيها فضل في الروايات، فعن أبي عبد الله عليه السلام: "إذا أذّنت وأقمت صلّى خلفك صفان من الملائكة وإذا أقمت صلّى خلفك صف من الملائكة".

*دروس من الآداب المعنوية للصلاة، إعداد ونشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، ط1، آذار 2004م، ص61-67.

2009-08-21