يتم التحميل...

الهندوسية

أديان

كان يطلق على دين الهندوس قديماً اسم البرهمية نسبة إلى براهما إله الهندوس، ولم يعرف لها مؤسس يمكن الرجوع إليه. بل هو دين متطور عن أديان قديمة يتضمن مجموعة من التقاليد والأوضاع الاجتماعية والثقافية

عدد الزوار: 240

تعريف الهندوس
 
كان يطلق على دين الهندوس قديماً اسم البرهمية نسبة إلى براهما إله الهندوس، ولم يعرف لها مؤسس يمكن الرجوع إليه. بل هو دين متطور عن أديان قديمة يتضمن مجموعة من التقاليد والأوضاع الاجتماعية والثقافية مقرونة بتهذيب النفس وترويضها. وقد ترك هذا الدين بصمات واضحة على حضارة الهند وعلى حياة سكانها الفردية والجماعية.

أصول الديانة الهندوسية
أصول الديانة الهندوسية عبارة عن الاعتقاد بالكتب القديمة والطقوس الدينية للبراهمة واحترامها، وعبادة الآلهة التي ظهرت في الأدوار القديمة، والاعتقاد بالتناسخ، ورعاية مقررات الطبقات الاجتماعية في أسلوب المعيشة والزواج، واحترام الموجودات الحية أيضاً لاسيما البقرة التي هي من أصول دينهم.

إن لفظة أم التي تعني آمين، لفظة مقدسة للغاية عند الهندوس، لأنها الاسم الأعظم الإلهي، وهذه النظرة تشبه إلى حد بعيد نظرة اليهود إلى لفظة يهوه التي هي الاسم الأعظم.

الكتب المقدسة
جمعت أدعية ومعتقدات الهندوس في مجموعة أطلق عليها اسم الفيدا Vedas التي تعني العلم في اللغة السنسكريتية، وعرفت بـشروتي Sruti التي تعني الوحي والإلهام أو العلوم المقدسة الموروثة.

ويعتقد المؤرخون أن تصنيف مجموعة الفيدا يعود إلى ما بين 1400 ـ 1000 ق.م. والفيدات عبارة عن أربعة كتب دينية هي:
1-ريغ فيدا Rig-Veda وضعت ليتضرع بها أتباعها أمام الآلهة أو يتغنون بها.
2-ياجور فيدا Yajur-Veda وتشمل العبادات النثرية التي يتلوها الرهبان عند تقديم القرابين.
3-ساما فيدا Sama-Veda وتشمل الأغاني التي ينشدها المنشدون أثناء إقامة الصلوات وتلاوة الأدعية.
4- ـ آثارفا فيدا Atharva-Veda وآثارفا اسم مصنّف هذه الفيدا.

وقد بلغت طقوس القرابين حد الإفراط مما ألحق أضراراً بالغة في الإقتصاد، مما دفع بالبراهمة إلى التفكير في إصلاح الدين من خلال إعداد البراهمانات، وهي تشتمل على قسمين:
أ ـ أرنياكات Aranyakas وتضم المسائل الضرورية للمرتاضين.
ب ـ أبانيشادات Upanishads وتعني الجلوس عن قرب، كناية عن تعلّم أسرار الدين. وقد حاز الأخير على شهرة واسعة، وهذا الكتاب يلج عمق الفيدات ويجذب انتباه الناس إلى أن هذه الآداب الظاهرية تنطوي على أسرار ومفاهيم باطنية.

الآلهة الثلاثة
إن الآلهة الثلاثة للهندوس عبارة عن:
1-برهما Brahma رب الخلق.
2-شيفا Siva رب الفناء والدمار، وقد انتشرت تماثيله ذات الأيدي الأربع في حالة الرقص، ويدل رقص شيفا على دوره الهام في الدمار والفناء.
3-فشنو Vishnu رب الحفظ.
4-والتجليات العشر لهذا الإله على طول التاريخ عبارة عن: السمك، السلحفاة، الخنزير الوحشي - موجود على هيئة نصف إنسان ونصف أسد، القزم، راما Rama وبيده طبر، كريشنا Krishna ، بوذا Buddha ، وكلكي kalki وهذا الأخير هو الموعود به في آخر الزمان لإصلاح العالم، يظهر على فرس أبيض شاهراً سيفه. وقد تشعبت الهندوسية إلى فرق لا حصر لها، وهي تعيش مع بعضها البعض في صلح وصفاء، وأقبلت كل فرقة على عبادة إله من الثلاثة، ويشكل أتباع شيفا وفشنو نسبة عالية منهم.

آلهة الفيدا
آمن الهندوس بعدد ضخم من الآلهة السماوية والأرضية، وذكروا لها أسماء وصفات عجيبة وغريبة، وأقاموا لكل منها هياكل عظيمة، وترتبط هذه الآلهة في ما بينها بروابط نسبية وسببية.

وقد نقلت كتبهم المقدسة الكثير من التفاصيل عن الصفات الجسمية والنفسية لهذا العدد من الآلهة، ويعتبر الاعتقاد بتجلي الآلهة على هيئة إنسان أو حيوان في أدوار مختلفة، من المعتقدات التي حازت على اهتمام واسع. وقد صنّفت الآلهة وفق الطبقات الاجتماعية السائدة، ومن أشهرها: اغني Agni إله النار، فارونا Varuna إله السماء، ايشفارا Isvara إله القوة والقدرة، رودرا Rudra إله الخوف والفزع، راما Rama إله العواطف، كريشنا Krishna إله الماء الصافي، ياما Yama إله الموتى وحاكمهم، اشفين Asvin وتعني الفارس وتطلق على ملكين اثنين من ملائكة الهندوس الذين يعتقدون أنهما يمنحان الصحة والسعادة والغنى، كالي Kali تعني أسْود وهي قبيحة المنظر ويقدمون إليها هدايا من عمليات السلب والنهب.

نظرية التناسخ
طبقاً لقانون كارما Karman الذي يعني العمل، فإن الإنسان سيرى نتيجة عمله في أدوار الرجوع إلى الدنيا مجدداً، فمن يعمل خيراً فإنه يحظى بعد رجوعه إلى الدنيا بحياة طيبة سعيدة، ومن يعمل شراً فإنه يحيا بعد رجوعه في تعاسة وشقاء، وقد يتجلى بهيئة حيوان. وحسب نظرية التناسخ فإن رجوع الإنسان يمكن أن يتزامن مع إحدى الصور الأربع، وهي:
1-الرسخ، ويعني حلول روح المتوفى في الجمادات.
2-الفسخ، ويعني حلول روح المتوفى في النباتات.
3-المسخ، ويعني حلول روح المتوفى في الحيوانات.
4- النسخ، ويعني حلول روح المتوفى في الإنسان.

ويعتقدون أن الإنسان في دوامة التناسخ في هذا العالم، والمنقذ الوحيد له هو اللحوق بنيرفانا Nirvana وتعني هذه الكلمة الخمود والهدوء، واصطلاحاً الفناء في الله.

فلسفة اليوغا
يعتقد الهندوس أن الوصول إلى الحقيقة أو الاتحاد بالإله القادر يتم عبر طريقة اليوغا، وتعني وضع القيود، وهي رياضة صعبة وصارمة، يجلس فيها المرتاض جلسة القرفصاء، ويستغرق في السكون والتأمل طويلاً، وثمة أساليب أخرى متداولة مثل الوقوف منكوساً، الانحناء وتعليق اليدين، الجلوس على سرير مشحون بالمسامير. هذه الأعمال قد تستمر لعقود يرافقها أمور صعبة للغاية كوضع الماء أمامه والبقاء في حالة الظمأ. وقد جاءت آداب وشرائط اليوغا في كتاب بتانجالي Patanjali .

الثقافة والتربية الفيدائية
بلغت سطوة رجال الدين الهندوس أوجها في حدود القرن السادس قبل الميلاد حيث ساد نظام طبقي صارم، ألقى بظلاله على بلاد واسعة كالهند وما تزال آثاره باقية إلى اليوم، ويصنف المجتمع الهندوسي إلى أربع طبقات:
1-البراهمة Brahmanas وهم طبقة الكهنة ورجال الدين.
2-الكشتريا Kshartrias وهم طبقة الملوك والأمراء والمقاتلين.
3-فيشيا Vaisyas وهم طبقة التجار والمزارعين.
4-الشودرا Sadras وهم أصحاب المهن السافلة والخَدم.

ويمنع شرعاً وعرفاً معاشرة أفراد كل طبقة من الطبقات المذكورة للطبقات الأخرى، لاسيما الطبقة الأخيرة، حيث يحظر الاتصال بها، بل النظر إليها من قبل أفراد الطبقات العليا، ويعد تجاوز ذلك من الذنوب الكبيرة التي لا تغتفر.

وهناك طبقة أدنى من الطبقات الأربعة المذكورة وهي طبقة المنبوذين Untouchables وأفراد هذه الطبقة هم سكان الهند الأصليون من غير الآريين، ويحظر على هؤلاء مخالطة أفراد سائر الطبقات والتردد إلى أماكن سكنهم، إلا إذا اقتضت الضرورة ذلك كالقيام بجمع القمامة مثلاً، وإذا أرادوا ذلك فعليهم أن يرفعوا صوتهم معلنين عن طبقتهم، كي لا تقع أنظار الطبقات العليا عليهم، وفي غير هذه الصورة يجب على من نظر إليهم التطهّر بالغسل، كما يتم البيع والشراء معهم من بُعد كأن يضع النقود في مكان خاص وينادي بالمتاع الذي يبغيه ويتوارى عن الأنظار.

كما يحظر عليهم الاستماع إلى تلاوة الكتاب المقدس، ومن استمع لها منهم يجازى بصب الرصاص المذاب في أذنيه.
ومن العجيب إيمان أهل الطبقة الدنيا بذلك وأنه نتاج الأعمال القبيحة التي ارتكبت في الماضي وحلت بهم عن طريق التناسخ? وقد ألغيت هذه السنن الاجتماعية رسمياً عام 1955 م. إلا أن آثارها ما تزال باقية. ويحظى نهر الكنج Ganga الذي يغطي مساحات من الهند، بمرتبة عالية من القداسة عند الهندوس، ويعتبر الغسل فيه وخصوصاً في مدينة بنارس Benares عبادة مهمة.

وراجت في أوساطهم القرابين كعبادة، لا سيما قرابين الخيول، ومن ثَم أقيمت هذه المراسم من أجل تلبية الحاجات.
ويعد أهيمسا Ahimsa الذي يعني الاحتراز عن أذى الحيوانات، أصلاً مهماً، وتمنع بعض التعاليم تناول لحوم الحيوانات، وتعتبره عملاً غير أخلاقي، ما ترك أثراً على أسلوب معيشة الهندوس.

والهندوس يحرقون أجساد أمواتهم وينثرون رمادها في نهر الكنج، وتزامن هذا العمل في الماضي مع نوم الزوجة في وسط ركام من الحطب وحرقها مع زوجها الميت، وإذا لم تتحمل هذه التضحية فإنها تحلق شعر رأسها وتبارح الوطن. ولما احتل الانكليز بلاد الهند عام 1829 م. منعوا حرق الزوجة حية، ولم يتخلف عن هذا المنع إلا القليل.


*دروس في الأديان, سلسلة المعارف الإسلامية , نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

2013-02-09