أيـّام الولادة الأولى
كيف تجعل ولدك صالحاً؟
حرص الإسلام على أن تكون أوّل كلمة يسمعها المولود الجديد هي كلمة "الله"، وذلك حينما أكَّد على استحباب قراءة الآذان في أذن المولود اليمنى وقراءة الإقامة في أذنه اليسرى، مفيداً أنّ لقراءتها تأثيراً في صلاح الولد في مستقبله،
عدد الزوار: 275وتابع الإسلام ذكر العوامل المؤثّرة في بناء الولد الصالح من حين ولادته فأرشد إلى ما يلي:
الآذان والإقامة عند الولادة
حرص الإسلام على أن تكون أوّل كلمة يسمعها المولود الجديد هي كلمة "الله"، وذلك حينما أكَّد على استحباب قراءة الآذان في أذن المولود اليمنى وقراءة الإقامة في أذنه اليسرى، مفيداً أنّ لقراءتها تأثيراً في صلاح الولد في مستقبله، فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "من ولد له مولود فليؤذِّن في أذنه اليمنى بآذان الصلاة، وليقم في أذنه اليسرى، فإنّها عصمة من الشيطان الرجيم"1.
وقد ورد عن "أسماء" أنّه بعد ولادة الحسين عليه السلام جاء النبيّ صلى الله
عليه وآله وسلم وقال لها: "يا أسماء هلمِّي ابني، فدفعته في خرقة بيضاء، فأذَّن
في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى"2.
الرضاع
أولى الإسلام أهميّة كبيرة لفترة الرضاع مبيِّناً أهميَّته على مستقبل الولد
الرضيع.
الأمّ أَوْلى بالرضاعة
وقد بيَّن المعصومون عليهم السلام أنّ أَوْلى النساء برضاعة المولود هي أمّه وأنّ
خير لبن هو لبن أمّه، كما أكَّد هذا العلمُ الحديث، فعن نبيّ الإسلام صلى الله عليه
وآله وسلم: "ليس للصبيِّ خير من لبن أمه"3.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "ما من لبن رضع به الصبي أعظم بركة عليه من لبن أمه"4.
ولتشجيع الأمّ على إرضاع ولدها بيَّن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ثواب إرضاعها
بقوله: "إذا حملت المرأة كانت بمنزلة الصائم القائم المجاهد بنفسه وماله في سبيل
الله، فإذا وضعت كان لها من الأجر ما لا يدري أحد ما هو لعظمه، فإذا أرضعت كان لها
بكلّ مصَّة كعدل عتق محرَّر من ولد إسماعيل، فإذا أفرغت من رضاعه ضرب ملك كريم على
جنبها وقال: استأنفي فقد غُفر لك"5.
آثار إرضاع غير الأمّ
وحذَّرت روايات المعصومين عليهم السلام من عدم الدقّة في اختيار مرضعة للمولود هي
غير أمّه مبيّنة أثر لبن المرضعة في أخلاق وطباع الرضيع، فعن الإمام أمير المؤمنين
عليه السلام: "انظروا من يرضع أولادكم؛ فإنّ الولد يشبّ عليه"6.
وعنه عليه السلام: "تخيِّروا للرضاع كما تخيّرون للنكاح، فإنّ الرضاع يغيِّر الطباع"7.
لا تسترضعوا هؤلاء من هنا نهى المعصومون عليهم السلام عن استرضاع النساء اللواتي يحملن الصفات التالية:
1. الحمقاء:
فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "لا تسترضعوا الحمقاء، فإنّ اللبن يغلب الطباع"8.
2. العمشاء:
فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تسترضعوا الحمقاء ولا العمشاء، فإنّ
اللبن يعدي"9 ، والعمشاء هي المرأة المصابة بمرض في عينيها، هو سيلان الدمع بحيث
لا تكاد تبصر بهما10.
3. القبيحة:
فعن الإمام أبي جعفر عليه السلام: "...إيّاك والقِباح فإنّ اللّبن قد يُعدي"11.
4. الناصبيّة:
وهي المرأة التي تحمل في قلبها العداء لأهل البيت عليهم السلام فقد ورد عن الإمام
الصادق عليه السلام: "رضاع اليهوديّة والنصرانيّة خير من رضاع الناصبيّة"12.
5. الزانية وابنة الزنا:
فقد سئل الإمام موسى الكاظم عليه السلام: هل يصلح أن يسترضع لبن الزانية؟ فأجاب
عليه السلام: "لا، ولا ابنتها التي ولدت من الزنا"13.
6. المجنونة:
فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "توقّوْا على أولادكم لبن البغيّة
والمجنونة، فإنّ اللبن يُعدي"14.
استرضعوا هؤلاء
وفي مقابل ما مرَّ حثَّ أهل البيت عليهم السلام على أن تكون المرضعة -بعد الأمّ-
تتحلى بالصفات الحسنة خَلقاً وخُلُقاً. فعن الإمام أبي جعفر عليه السلام: "استرضع لولدك بلبن الحِسان"15. وفي رواية أخرى: "عليكم بالوِضاء16 من الضؤرة17 فإنّ اللّبن يُعدي"18.
أثر الحليب الطاهر
ومن لطيف ما يُحكى عن أثر الرضاع الطاهر هو قصّة الشريفين المرتضى والرضيّ حينما
اقتسما ميراث أبيهما بعد موته، فبقي كتاب واحد لهما، فقال الشريف الرضيّ (جامع نهج
البلاغة) لأخيه وهو يحاول أن يكون الكتاب من نصيبه: "إن هذا الكتاب يكون لمن لم
يفعل حراماً في حياته" وأراد أن يأخذ الكتاب، ففاجأه أخوه السيّد المرتضى - وهو
مرجع الشيعة في عصره - حينما قال له: "إنّ هذا الكتاب يكون لمن لم يفكِّر في
حياته أن يفعل حراماً، فأنا آخذه".
وحينما نرجع إلى تاريخ هذين السيّدين العظيمين لندرس عوامل تربيتهما نجد أنّ
أمّهمها كانت لا ترضعهما إلّا عن وضوء، وهذا ما يؤكّد تأثير الغذاء الطاهر والآداب
المعنويّة في مستقبل الأولاد. صدق الشاعر حينما قال:
لا عذَّب الله أمّي إنّها شربت حبَّ الوصيِّ وغذَّتنيهِ باللّبنِ
وكان لي والدٌ يهوى أبا حسنٍ فصرت ُمن ذي وذا أهوى أبا حسنِ
تحنيك الولد
ومن الأمور التي لها أثر في صلاح الولد هو تحنيكه الذي أكَّد الإسلام على استحبابه، والتحنيك هو إدخال شيء وإيصاله إلى حنكه وهو أعلى الفم19.
أمّا ما يُستحبُّ أن يحنَّك به المولود فهو التالي:
1. التربة الحسينيّة:
فعن الإمام الصادق عليه السلام: "حنّكوا أولادكم بتربة الحسين عليه السلام ،
فإنّه أمان"20.
2. ماء الفرات:
فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "ما أظنّ أحداً يحنّك بماء الفرات إلّا
أحبَّنا أهل البيت عليهم السلام "21.
3. العسل:
ففي كتاب فقه الرضا: "وحنّكه بماء الفرات إن قدرت عليه، أو بالعسل ساعة يولد"22.
4. التمر:
فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "وحنّكوا أولادكم بالتمر، فكذا فعل رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم بالحسن والحسين عليهما السلام "23.
أكل النفساء الرُّطَب
فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "ليكن أوّل ما تأكله النفساء الرُّطَب، فإنّ الله قال لمريم: ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً﴾"، قيل: يا رسول الله فإن لم تكن أيّام الرُّطَب، قال: سبع تمرات من تمر المدينة، فإن لم يكن فسبع تمرات من تمر أمصاركم، فإنّ الله عزّ وجلّ يقول: "وعزَّتي وجلالي وعظمتي وارتفاع مكاني، لا تأكل نفساء يوم تلد الرطب فيكون غلاماً إلاّ كان حليماً، وإن كانت جارية كانت حليمة"24.
* اهتمّ الإسلام بمراحل حياة الإنسان الأخرى بدءاً من اللحظة التي يولد فيها،
ومروراً بفترة الحمل والرضاعة والتربية في أحضان الأمّ وسنّ البلوغ، وانتهاءً
بالموت والقبر وما بعد القبر. إنّ أيّ قانون من قوانين البشرية لم يتكفّل هذا الأمر، وهو مختصّ بقوانين الأنبياء". مكانة المرأة، ص147.
* يُستحبّ غسل المولود عند وضعه مع الأمن من الضرر والأذان في أذنه اليمنى،
والإقامة في اليسرى، وتحنيكه بماء الفرات وتربة سيّد الشهداء. تحرير الوسيلة، ج2، ص281.
* يُستحبّ أن يكون رضاع الصبيّ بلبن أمّه؛ فإنّه أبرك من غيره، إلاّ إذا اقتضت بعض
الجهات أولويّة غيرها من حيث شرافتها وطيب لُبِّها وخباثة الأمّ.
* كمال الرضاع حولان كاملان أربعة وعشرون شهراً، ويجوز أن ينقص عن ذلك إلى ثلاثة أشهر بأن يُفطم على أحد وعشرين شهراً، ولا يجوز أن ينقص عن ذلك مع الإمكان ومن غير ضرورة. تحرير الوسيلة، ج2، ص283.
* كيف تجعل ولدك صالحاً، الشيخ أكرم بركات.
1- الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج15،
ص136.
2- المجلسي، بحار الأنوار، ج104، ص111.
3- الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج15، ص188.
4- المصدر السابق، ص175.
5- المصدر السابق، ص175.
6- المصدر السابق، ص188.
7- المصدر السابق، ص188.
8- الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج15، ص188.
9- المصدر السابق.
10- ابن منظور، لسان العرب، منشورات دار الفكر، بيروت، ج6، ص327.
11- الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج15، ص189.
12- المصدر السابق، ص187.
13- المصدر السابق.
14- المجلسي، بحار الأنوار، ج104، ص96.
15- الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج15، ص189.
16- ذوو النظافة والحُسن.
17- اللواتي يُرضعن أولاد غيرهن.
18- المصدر السابق.
19- الطريحي، مجمع البحرين، تحقيق الحسيني، منشورات مؤسسة الوفاء، بيروت، ط2،
1403هـ، ج5، ص263.
20- الطبرسي، مستدرك الوسائل، ج15، ص138.
21- المصدر السابق، ص139.
22- المصدر السابق، ص138.
23- الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج15، ص138.
24- الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج15، ص134.