مشاريع تجزئة جديدة
الوحدة الإسلامية
وقد لا تكون هذه الحدود المرسومة الآن، والتي تقطع أوصال جسد الأمة وأجزاء كيانها إلى أكثر من خمسين دولة، قد لا تكون حدوداً نهائية للتجزئة والتقسيم..
عدد الزوار: 117
وقد لا تكون هذه الحدود المرسومة الآن، والتي تقطع أوصال جسد الأمة وأجزاء كيانها إلى أكثر من خمسين دولة، قد لا تكون حدوداً نهائية للتجزئة والتقسيم.
فهناك الكثير من الأسباب الداخلية والعوامل الخارجية، التي تضغط باتجاه المزيد من التفتيت والتمزيق والتجزئة.
حيث يتألف العالم الإسلامي من 190 إثنية قومية، يتحدثون بمئآت اللغات واللهجات الخاصة، وتتعدد انتماءاتهم المذهبية ضمن الإسلام، كما تتنوع مدارسهم الفكرية الإسلامية.
ولهذا التنوع والعدد العرقي والقومي والمذهبي والفكري، تاريخ تعكر صفوه مرارات وأحقاد وثارات.
كما أن الواقع السياسي والاجتماعي المعاش في أغلب البلدان الإسلامية، لا تتوفر فيه أدنى درجة مطلوبة من المساواة والرضا والانسجام، في التعايش بين الحكومات وشعوبها، وفيما بين الانتماءات المتعددة عرقياً ومذهبياً.
وإذا أضفنا لكل ذلك وجود قوى خارجية معادية ترى أن من مصلحتها إضعاف هذه الأمة، وإشغالها بالحروب والنزاعات الداخلية، لعرقلة أي مسعى لنهضة الأمة، وتقدم مستوى التنمية لدى شعوبها.
هنا يكون الخطر ليس وهماً ولا مجرد احتمال، بل خطر داهم يستلزم الكثير من اليقظة والحذر لمواجهته وإبطال مفاعيله.
و تحدث الأمين العام للأم المتحدة الدكتور بطرس غالي، في محاضرة ألقاها في جامعة أكسفورد، عن وقوع العالم الآن في قبضة قوتين متعارضتين: العولمة والتفتيت، وقال في كلمته في قاعة شلدونيان مشيراً إلى خطر التفتيت: "يسعى الناس في كل مكان نتيجة الإحساس المتزايد بانعدام الأمان، وعدم تلبية الحاجات على الصعيد الوطني للبحث عن ملاذ في إطار جماعات أصغر... ويمكن لهذا الاتجاه أن يشجع التطور الصحي لمجتمع مدني، كما يتجلى في انتشار تنظيمات المواطنين والمنظمات غير الحكومية التي تنشط من أجل أهداف عامة، لكن التفتيت يمكن أن يولّد أيضاً التعصب ونزعات الانعزالية والانفصالية وانتشار النزاعات الأهلية".
ولعل القوى الصهيونية اليهودية، هي أكثر الجهات حماساً لخطط ومشاريع إعادة رسم خريطة المنطقة العربية والإسلامية، من أجل توسيع نطاق التجزئة والتفتيت، لإضعاف شعوب المنطقة وإشغالهم بالصراعات الداخلية، ولإبعاد أي احتمال لتوحُّد الأمة حيث يشكل خطراً ماحقاً على الكيان الصهيوني.
وقد أعد المستشرق اليهودي برنارد لويس دراسة لحساب البنتاغون الأمريكي، ونشر بعضها عام 1980م، وفيها يقول: "إن المنطقة الممتدة من باكستان حتى المغرب ستبقى في حالة اضطراب إلى أن يعاد النظر في الخريطة السياسية لدولها" ويبرر عمليات إعادة رسم الحدود، بأنها تجاهلت انتشار القبائل والقوميات. وفي رأيه أن الطريقة الوحيدة لتحقيق الاستقرار على قاعدة العلاقة مع الغرب، تكمن في إعادة النظر في الخريطة السياسية استجابة لتطلعات كل أقلية بدولة أو بحكم ذاتي.
كما تؤكد على ذلك دراسة رسمية إسرائيلية نشرتها مجلة كيغونيم [الحقيقة] الإسرائيلية، وهي من المجلات المتخصصة بالفكر السياسي المعاصر، حيث أكدت تلك الدراسة: أن التفوق العسكري الإسرائيلي لا يمكن أن يكون أبدياً. والتفوق من خلال التحالفات الدولية يخضع لحكم المتغيرات السياسية المتحركة، والثابت الوحيد الذي يمكن أن يحقق الأمن الإسرائيلي على المدى الطويل وبثبات، هو ضرب الخصم من الداخل، وتقسيمه إلى دويلات قومية وطائفية ومذهبية متصارعة في مسيرة تواكب التسوية السياسية الإقليمية.
وعلى الأرض فإننا نسمع ونلحظ العديد من الدعوات والاتجاهات الانفصالية في أكثر من بلد إسلامي، كما نشاهد مشاريع وخطط للتجزئة وهي تتحرك على الأرض كما يحصل الآن في الصومال، وما يطرح لمستقبل العراق من قيام نظام كونفودرالي يتكون من ثلاث ولايات: شمالية للأكراد وجنوبية للشيعة والوسط للسنة.
وهناك مشروع دولة لـ الازواد شمالي جمهورية مالي في غرب أفريقيا، وتشمل أجزاء من جنوب الجزائر والنيجر وموريتانيا، ومشروع لدولة الطوارق يهدد وحدة الجزائر، ومشروع لفصل جنوب السودان1.
1- الشيخ حسن الصفار.
2013-01-24