يتم التحميل...

من معالم الرسالة الإسلامية الخاتمة

رحيل الرسول الأكرم(ص)

بعث الله تعالى نبيّه محمّداً صلَّى الله عليه وآله على حين فترة من الرسل خاتماً للنبيين وناسخاً لشرائع من كان قبله من المرسلين إلى الناس كافة أسودهم وأبيضهم عربيهم وعجميهم وقد ملئت الأرض من مشرقها إلى مغربها بالخرافات والسخافات والبدع والقبائح

عدد الزوار: 54

1 ـ بماذا بعث النبي محمد صلَّى الله عليه وآله؟
بعث الله تعالى نبيّه محمّداً صلَّى الله عليه وآله على حين فترة من الرسل خاتماً للنبيين وناسخاً لشرائع من كان قبله من المرسلين إلى الناس كافة أسودهم وأبيضهم عربيهم وعجميهم وقد ملئت الأرض من مشرقها إلى مغربها بالخرافات والسخافات والبدع والقبائح وعبادة الأوثان.

فقام صلَّى الله عليه وآله في وجه العالم كافة ودعا إلى الإيمان بإله واحد خالق رازق مالك لكل أمر، بيده النفع والضر، لم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل ولم يتخذ صاحبة، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.

بعثه آمراً بعبادته وحده لا شريك له مبطلاً عبادة الأصنام والأوثان التي لا تضر ولا تنفع ولا تعقل ولا تسمع ولا تدفع عن أنفسها ولا عن غيرها ضراً ولا ضيماً، متمماً لمكارم الأخلاق حاثاً على محاسن الصفات آمراً بكل حسن ناهياً عن كل قبيح.

2 ـ سهولة الشريعة الإسلامية
وسماحتها واكتفى من الناس بأن يقولوا لا إله إلاّ الله محمد رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويصوموا شهر رمضان ويحجوا البيت ويلتزموا بأحكام الإسلام. وكان قول هاتين الكلمتين لا إله إلاّ الله، محمد رسول الله يكفي لأن يكون لقائله ما للمسلمين وعليه ما عليهم.

3 ـ سمو التعاليم الإسلامية
وبعث بالمساواة في الحقوق بين جميع الخلق، وأنّ أحداً ليس خيراً من أحد إلا بالتقوى. وبالإخوة بين جميع المؤمنين وبالكفاءة بينهم: تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم، وبالعفو العام عمن دخل في الإسلام.

وسنّ شريعة باهرة وقانوناً عادلاً تلقّاه عن الله تعالى فكان هذا القانون جامعاً لأحكام عباداتهم ومعاملاتهم وما يحتاجونه في معاشهم ومعادهم وكان عبادياً اجتماعياً سياسياً أخلاقياً لا يشذّ عنه شيء مما يمكن وقوعه في حياة البشر مستقبلاً ويحتاج إليه بنو آدم، فما من واقعة تقع ولا حادثة تحدث إلاّ ولها فى الشريعة الإسلامية أصل مسلّم عند المسلمين ترجع إليه.

على أن العبادات في الدين الإسلامي لا تتمحض لمجرد العبادة ففيها منافع بدنية واجتماعية وسياسية فالطهارة تفيد النظافة، وفي الصلاة رياضة روحية وبدنية، وفي صلاة الجماعة والحج فوائد اجتماعية وسياسية ظاهرة، وفي الصوم فوائد صحية لا تنكر، والإحاطة بفوائد الأحكام الإسلامية الظاهرة فضلاً عن الخفية أمر متعذّر أو عسير.

ولما في هذا الدين من محاسن وموافقة أحكامه للعقول وسهولتهاوسماحتها ورفع الحرج فيه والاكتفاء بإظهار الشهادتين ولما في تعاليمه من السمو والحزم والجد دخل الناس فيه أفواجاً وساد أهله على أعظم ممالك الأرض واخترق نوره شرق الأرض وغربها ودخل جميع أقاليمها وأقطارها تحت لوائه ودانت به الأمم على اختلاف عناصرها ولغاتها.

ولم يمض زمن قليل حتى أصبح ذلك الرجل الذي خرج من مكة مستخفياً وأصحابه يعذّبون ويستذلون ويفتنون عن دينهم ، يعتصمون تارة بالخروج إلى الحبشة مستخفين واُخرى بالخروج إلى المدينة متسللين، يدخل مكة بأصحابه هؤلاء في عمرة القضاء ظاهراً لا يستطيعون دفعه ولا منعه ولم تمض إلاّ مدة قليلة حتى دخل مكة فاتحاً لها وسيطر على أهلها من دون أن تراق محجمة دم بل ولا قطرة دم فدخلوا في الإسلام طوعاً وكرهاً وتوافدت عليه رؤساء العرب ملقيةً إليه عنان طاعتها وكان من قبل هذا الفتح بلغ من القوة أن بعث برسله وسفرائه إلى ملوك الأرض مثل كسرى وقيصر ومن دونهما ودعاهم إلى الإسلام وغزا بلاد قيصر مع بُعد الشقة وظهر دينه على الدين كله كما وعده ربه حسبما صرّح تعالى بذلك في سورة النصر، والفتح وغيرهما وكما تخبرنا بذلك كتب التاريخ.

ولم يقم هذا الدين بالسيف والقهر كما يصوّره من يريد الوقيعة فيه بل كما أمر الله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ. ولم يحارب أهل مكة وسائر العرب حتى حاربوه وأرادوا قتله وأخرجوه، وأقر أهل الأديان التي نزلت بها الكتب السماوية على أديانهم ولم يجبرهم على الدخول في الإسلام.

4 ـ القرآن الكريم
وانزل الله تعالى على نبيّه حين بعثه بالنبوّة قرآناً عربيّاً مبيّناً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وقد أعجز النبي صلَّى الله عليه وآله به البلغاء وأخرس الفصحاء وتحدّاهم فيه فلم يستطيعوا معارضته وهم أفصح العرب بل واليهم تنتهي الفصاحة والبلاغة، وقد حوى هذا الكتاب العزيز المنزل من لدن حكيم عليم من أحكام الدين وأخبار الماضين وتهذيب الأخلاق والأمر بالعدل والنهي عن الظلم وتبيان كل شيء ما جعله يختلف عن كل الكتب حتّى المنزّلة منها وهو ما يزال يتلى على كر الدهور ومر الأيام وهو غض طري يحيّر ببيانه العقول ولا تملّه الطباع مهما تكررت تلاوته وتقادم عهده.

وقد كان القرآن الكريم معجزة فيما أبدع من ثورة علمية وثقافية في ظلمات الجاهلية الجهلاء وقد أرسى قواعد نهضته على منهج علمي قويم ، فحثّ على العلم وجعله العامل الأوّل لتسامي الإنسان نحو الكمال اللائق به وحثّ على التفكير والتعقّل والتجربة والبحث عن ظواهر الطبيعة والتعمق فيها لاكتشاف قوانينها وسننها وأوجب تعلّم كل علم تتوقف عليه الحياة الاجتماعية للإنسان واهتم بالعلوم النظرية من كلام وفلسفة وتاريخ وفقه وأخلاق، ونهى عن التقليد واتباع الظن وأرسى قواعد التمسك بالبرهان.
وحثّ القرآن على السعي والجد والتسابق في الخيرات ونهى عن البطالة والكسل ودعا إلى الوحدة ونبذ الفرقة. وشجب العنصرية والتعصبات القبلية الجاهلية.

وأقرّ الإسلام العدل كأساس في الخلق والتكوين والتشريع والمسؤولية وفي الجزاء والمكافأة ، وهو أوّل من نادى بحق المساواة بين أبناء الإنسان أمام قانون الله وشريعته وأدان الطبقية والتمييز العنصري وجعل ملاك التفاضل عند الله أمراً معنويّاً هو التقوى والاستباق إلى الخيرات، من دون أن يجعل هذا التفاضل سبباً للتمايز الطبقي بين أبناء المجتمع البشري.

وبالغ الإسلام في حفظ الأمن والمحافظة على الأموال والدماء والأعراض وفرض العقوبات الشديدة على سلب الأمن بعد أن شيّد الأرضية اللازمة لاستقرار الأمن والعدل وجعل العقوبة آخر دواء لعلاج هذه الأمراض الاجتماعية بنحو ينسجم مع الحرية التي شرّعها للإنسان. ومن هنا كان القضاء في الشريعة الإسلامية مرتكزاً على إقرار العدل والأمن وإحقاق الحقوق المشروعة مع كل الضمانات اللازمة لذلك.
واعتنى الإسلام بحفظ الصحة والسلامة البدنية والنفسية غاية الاعتناء وجعل تشريعاته كلها منسجمة مع هذا الأصل المهم في الحياة.

5 ـ الواجبات والمحرمات في الشريعة الإسلامية:
وترتكز الواجبات والمحرّمات في الشريعة الإسلامية على أسس فطرية واقعية وأمور تستلزمها طبيعة الأهداف السامية للشريعة التي جاءت لإخراج هذا الإنسان من ظلمات الجاهلية وهدايته إلى نور الحق والكمال ، ولا تحتاج الإنسانية إلى شيء يرتكز عليه الكمال البشري إلاّ وأوجبته الشريعة الإسلامية على الإنسان وهيّأت له سبل الوصول إليه ، وحرّمت كل شيء يعيق الإنسان عن السعادة الحقيقية المنشودة له وسدّت كل منافذ السقوط إلى هوّة الشقاء.

وأباحت الطيبات ولذائذ الحياة الدنيا وزينتها ممّا لا يخلّ بأصول الشريعة ومدارج الكمال البشري وحدّدت قنواتها حين حدّدت الأهداف
السامية وحرّمت ما يضرّ وأوجبت ما ينبغي للإنسان امتثاله.

ومع ذلك كله فقد اعتبرت الشريعة مكارم الأخلاق أهدافاً أساسيّة ينبغي للإنسان الذكي اللبيب أن يحصل عليها في هذه الحياة الدنيا ليسعد بها في الدنيا ويحيا بها في الآخرة ذات الحياة الأبدية الدائمة.

واعتنى الإسلام بالمرأة اعتناءً بالغاً وجعلها ركن العائلة وأساس السعادة في الحياة الزوجية وشرّع لها من الحقوق والواجبات ما يضمن لها عزّتها وكرامتها وتحقيق سعادتها وسعادة أبنائها ومجتمعها الإنساني.
وصفوة القول أنّ الإسلام لم يغفل عن تشريع كل ما يحتاجه المجتمع البشري في تكامله وارتقائه1.


1-موسوعة أعلام الهداية / سيرة النبي الأكرم.

2013-01-09