من صفات النبي صلى الله عليه وآله وسلم
رحيل الرسول الأكرم(ص)
وعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنه قال: عرض عليّ ربّي ليجعل لي بطحاء مكة ذهباً، قلت: لا يا ربّ ولكن أشبع يوماً وأجوع يوماً.. فإذا جعت تضرّعت إليك وذكرتك، وإذا شبعتُ شكرتُك وحمدتُك.
عدد الزوار: 708
1- زهد منقطع النظير :
قال تعالى: ﴿وَلَا
تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾.
وعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنه قال: عرض عليّ ربّي ليجعل لي
بطحاء مكة ذهباً، قلت: لا يا ربّ ولكن أشبع يوماً وأجوع يوماً.. فإذا جعت تضرّعت
إليك وذكرتك، وإذا شبعتُ شكرتُك وحمدتُك.
ونام على حصير فقام وقد أثّر في جنبه، فقيل له: يا رسول الله لو اتخذنا لك وطاءاً
فقال: ما لي وما للدنيا؟! ما أنا في الدنيا الاّ كراكب استظلّ تحت شجرة ثم راح
وتركها.
وقال ابن عباس: كان رسول الله يبيت الليالي المتتابعة طاوياً وأهله لا يجدون عشاءاً وكان اكثر خبزهم خبز الشعير.
وعن أنس بن مالك أن فاطمة جاءت بكسرة خبز إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ما هذه الكسرة يا فاطمة؟ قالت: قرص خبز، فلم تطب نفسي حتى أتيتك بهذه الكسرة. فقال: أما إنّه أوّل طعام دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيّام.
وعن قتادة قال: كنّا عند أنس وعنده خبّاز له فقال: ما أكل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم خبزاً مرقّقاً ولا شاة مسموطة حتى لقي الله.
2- جود وحلم عظيمان :
قال ابن عبّاس: كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود
ما يكون في شهر رمضان.. إن جبريل كان يلقاه في كل سنة من رمضان.. فإذا لقيه جبريل
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة.
وقال جابر: ما سُئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيئاً قطّ فقال لا. وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتى صاحب بزٍّ فاشترى منه قميصاً بأربعة
دراهم فخرج وهو عليه، فإذا رجل من الأنصار. فقال: يا رسول الله أكسني قميصاً كساك
الله من ثياب الجنة فنزع القميص فكساه إيّاه، ثم رجع إلى صاحب الحانوت فاشترى منه
قميصاً بأربعة دراهم وبقي معه درهمان فاذا هو بجارية في الطريق تبكي فقال: ما
يبكيك؟ قالت: يا رسول الله، دفع إليّ أهلي درهمان اشتري بهما دقيقاً فهلكا، فدفع
النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إليها الدرهمين فقالت: أخاف أن يضربوني فمشى معها
إلى أهلها فسلّم فعرفوا صوته، ثمّ عاد فسلّم، ثمّ عاد فثلّث، فردّوا، فقال: أسمعتم
أوّل السلام؟ فقالوا: نعم ولكن أحببنا أن تزيدنا من السلام. فما أشخصك بأبينا
وأمِّنا؟ قال: أشفقت هذه الجارية أن تضربوها، قال صاحبها: هي حرّة لوجه الله لممشاك
معها. فبشّرهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالخير وبالجنّة; وقال: لقد بارك
الله في العشرة كسا الله نبيّه قميصاً ورجلاً من الأنصار قميصاً وأعتق منها رقبة،
وأحمد الله هو الذي رزقنا هذا بقدرته.
وكان إذا دخل شهر رمضان أطلق كل أسير وأعطى كل سائل.
وعن عبيد بن عمير: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أتي في غير حدٍّ إلاّ عفا عنه.
وقال أنس: خدمت رسول الله عشر سنين. فما قال لي اُفٍّ قطّ، وما قال لشي صنعتهُ: لِم
صنَعْتَه؟ ولا لشيء تركتُه: لِمَ تركتَه؟.
وجاءه أعرابي فجذب رداءه بشدّة حتى أثرت حاشية الرداء على عاتق النبي صلى الله عليه
وآله وسلم ثم قال له: يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك. فالتفت إليه فضحك ثم
أمر له بعطاء.
لقد عُرف صلى الله عليه وآله وسلم بالعفو والسماحة طيلة حياته... فقد عفا عن وحشي
قاتل عمه حمزة... كما عفا عن المرأة اليهودية التي قدمت له شاة مسمومة وعفا عن أبي
سفيان وجعل الدخول إلى داره أماناً من القتل. وعفا عن قريش التي عتت عن أمر ربّها
وحاربته بكل ما لديها.. وهو في ذروة القدرة والعزّة قائلاً لهم: (اللهم اهدِ قومي
فإنّهم لا يعلمون.. اذهبوا فأنتم الطلقاء).
لقد أفصح القرآن عن عظمة حلم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بقوله تعالى: ﴿وَلَوْ
كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ
وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾،
ووصف مدى رأفته ورحمته بقوله تعالى: ﴿لَقَدْ
جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ
عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾.
3- حياؤه وتواضعه :
عن أبي سعيد الخدريّ: كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أشدّ حياء من العذراء في
خدرها وإذا كره شيئاً عُرف في وجهه.
وعن علي عليه السلام: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا سُئل شيئاً فأراد أن
يفعله قال: نعم وإذا أراد أن لا يفعل سكت، وكان لا يقول لشيء لا.
وعن يحيى بن أبي كثير أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: آكُل كما يأكل
العبد وأجلس كما يجلس العبد. فإنّما أنا عبد. كما اشتهر عنه أنه كان يسلّم على
الصبيان.
وكلّم النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجلاً فأرعد. فقال: هَوِّن عليك فإني لستُ
بملِك إنّما أنا ابن امرأة تأكل القديد.
وعن أبي أمامة: خرج علينا رسول الله متوكّئاً على عصا، فقمنا إليه فقال: (لا تقوموا
كما تقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضاً). وكان يداعب أصحابه ولا يقول إلاّ حقّاً. ولقد شارك أصحابه في بناء المسجد وحفر
الخندق وكان يكثر من مشاورة أصحابه بالرغم من أنّه كان أرجح الناس عقلاً.
وكان يقول : (اللهم أحيني مسكيناً وتوفّني مسكيناً واحشرني في زمرة المساكين وإنّ
أشقى الأشقياء من اجتمع عليه فقر الدنيا وعذاب الآخرة). هذه صورة موجزة جداً عن بعض صفاته شخصيته صلى الله عليه وآله وسلم وبعض جوانب سلوكه
الفردي والاجتماعي..
* موسوعة أعلام الهداية / سيرة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.