يتم التحميل...

كيف نقيم مجالس العزاء؟

مدرسة عاشوراء

الأول: أن تسهم هذه المجالس في زيادة حب آل البيت في قلوب الناس، لأن الرابطة العاطفية رابطة ذات قيمة عظيمة، عليكم أن تعملوا ما من شأنه أن يزيد من حب الناس المشاركين ...

عدد الزوار: 147

كيف تقيمون مجالس العزاء؟ سؤال أوجهه إلى كل الذين يشعرون بالمسؤولية تجاه هذه المسألة.

ثلاثة أمور يجب أن تقوم عليها المجالس حسب اعتقادي:
الأول: أن تسهم هذه المجالس في زيادة حب آل البيت في قلوب الناس، لأن الرابطة العاطفية رابطة ذات قيمة عظيمة، عليكم أن تعملوا ما من شأنه أن يزيد من حب الناس المشاركين للحسين بن علي عليه السلام وآل بيت الرسول صلى الله عليه واله ومصادر المعرفة الإلهية، وإذا ما قمتم في هذه المجالس، لا قدر الله، بما من شأنه عدم تقريب المستمع الحاضر أو ذاك المستمع خارج، عاطفياً من أهل البيت عليهم السلام، أو قمتم بما من شأنه إبعاده عنهم أو لا سمح الله، انزجاره مما يسمع، يعني نقلتم الواقعة بشكل يبعد المستمع عاطفياً عن أهل البيت عليهم السلام، عندها ستفقد مجالس العزاء أحد أكبر فائدة قامت من أجلها، بل وستصبح أحياناً مضرة، عليكم أن تعلموا ما ستفعلونه، أنتم القائمين على المجالس والخطباء فيها، اعرفوا كيف تزيدون من عواطف الناس تجاه الحسين بن علي عليه السلام وأهل بيت النبوة، عليهم أفضل صلوات الله، في هذه المجالس.

الأمر الثاني: أن تتوضح مبادئ قيام عاشوراء للناس، يجب أن لا نأتي إلى مجالس الحسين بن علي عليه السلام ونرتقي المنابر ونخطب ويخرج المستمع، وهو من أهل الفكر والتأمل وما أكثرهم في مجتمعنا اليوم من شباب وشيوخ ونساء ورجال وذلك بفضل ثورتنا، يخرج هذا المستمع وهو يتساءل: لم جئت هنا وعلام ذرفت الدموع؟ ما القضية؟ لماذا يجب البكاء على الحسين عليه السلام ؟ لماذا قدم الحسين إلى كربلاء لتحصل واقعة عاشوراء؟ يجب أن تجيبوا على هذه الأسئلة قبل أن تتبادر لأحد، يجب أن تتوضح مبادئ واقعة كربلاء، إذن إذا تجاهلتم في مجالسكم وخطاباتكم وبياناتكم إشارة حتى ولو كانت صغيرة، إلى هذا المعنى فإن ركناً من الأركان التي أشرت إليها يكون ناقصاً، وقد يخسر المجلس الفائدة التي انعقد من أجلها، وقد يؤدي أحياناً إلى الضرر، لا سمح الله.

الأمر الثالث: الذي يجب أن تقوم عليه المجالس هو العمل على زيادة المعرفة الدينية والإيمانية، عليكم أن تذكروا شيئاً ما عن الدين في مجالسكم يزيد من معرفة الناس وإيمانهم، كأن تأتوا بموعظة حسنة أو حديث مسند، وأن تتحدثوا عن برهة تاريخية صحيحة، وأن تفسّروا آية من القرآن، وأن تنقلوا أخباراً عن أحد العلماء والمفكرين الإسلاميين، يجب أن تخطوا إحدى هذه الخطوات، ينبغي أن لا نرتقي المنابر لمجرد الحديث أو أحياناً ذكر أحاديث ضعيفة، ليس فقط لا تسهم في دعم إيمان الناس بل تضعف الإيمان لديهم، وإذا ما حصل ذلك نكون قد تعثرنا في بلوغ فوائد وأهداف مثل هذه المجالس، ويؤسفني أن أبلغكم أن ذلك يحصل أحياناً، فنسمع أن خطيباً ما استند في مجلسه إلى حيث ضعيف من حيث الاستدلال وقاعدة الادراك العقلي ومن حيث التأثير على ذهن مستمع مستفسر من أهل المنطق والاستدلال.

ثمة أمور كثيرة تنقلها الكتب ليس هناك دلائل تشير إلى دحضها، فقد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة، ولكن عندما تستندون إليها حتى وإن لم يثبت خلافها، فإن مستمعيكم من الشباب أو الطلبة أو الجامعيين أو المقاتلين أو الثوريين الذين تفتحت أذهانهم بفضل الثورة، عندما يسمعون منكم مثل هذه الأمور قد تتبادر إلى أذهانهم أسئلة كثيرة حول الدين وقد تثار لديهم عقد ومشاكل كثيرة.

يجب أن تتجنبوا ذلك حتى وإن كان الحديث مسنداً لكنه يؤدي إلى ضلالة وانحراف، فكيف بتلك الأحاديث التي هي في غالبيتها فاقدة للسند الصحيح؛ أحدهم يسمع شيئاً ما، فينقل ذلك الذي سمعه خلال سفر كان يقوم به، مجرد حادثة قالها أحدهم وسمعها الآخر وصدّقه، ثم لنفرض أن المستمع جاء وذكر ما سمعه في كتاب ألّفه، لماذا يجب علينا أن ننقل ذلك الذي لا يمكنه أن يكون مبرراً لأصحاب الأذهان المستفسرة والواعية؟ هل من المفروض نقل كل ما يكتب وأينما كتب؟ إن الجزء الأكبر من التحول الثقافي في مجتمعنا يكمن في أن شبابنا من الجامعيين أو من عامة شباب الوطن وحتى من غير الشباب، من الرجال والنساء والصبيان والبنات، الذين تفتحت أذهانهم، وهم ينظرون إلى الأمور بعين البصيرة والاستفسار، يريدون أن يعرفوا، لا تجعلوا هؤلاء يغرقون في الشبهات، إنه عصر التحول الثقافي، والعدو يثير الشبهات، ليس العدو وحده بل حتى الذين ينكرون أفكارنا يثيرون الشبهات.

هل يمكن إخراس كل من لا يتفق مع أفكارنا ودعوته إلى عدم إثارة الشبهات؟
كلا، لا يمكن ذلك، إنهم يثيرون الشبهات ويتحدثون بما يروق لهم ويحاولون إثارة الشكوك، وعليكم أن تدحضوا هذه الشبهات بما تقولونه لا أن تدعموها، البعض يرتقي المنبر متجاهلاً هذه المسؤولية المهمة ويتحدث بما يزيد من شكوك وعقد المستمع! إذا ما حصل ذلك وأصيب عشرة شباب أو خمسة أو شاب واحد بشكوك حول مسألة من مسائل الدين وخرج من المجلس دون أن نعرفه، فكيف سنعوّض ذلك؟ وهل يمكن التعويض؟ وهل سيسامحنا الله؟ إذن فالقضية أكبر من ذلك1.


1- في مدرسة عاشوراء /آية الله العظمى السيد علي الخامنئي دام ظله.

2012-11-13