يتم التحميل...

شبهات في طريق الولادة

الإمام المهدي (عج)

والحمد لله رب العالمين... والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمّد وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين واللعنة الدائمة على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.

عدد الزوار: 81

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين... والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمّد وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين واللعنة الدائمة على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.

تذكير:

من هوان الدنيا على الله سبحانه أن نعقد الندوات لإثبات ولادة الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف، وهو الإمام الذي بشّر به الأنبياء عليهم السلام السابقون والرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة الأطهار عليهم السلام.
بل ووعد به ربّ العزة في كتابه الكريم على نحو الإيماء والإشارات: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ.... ومعلوم أن هذه النبوءة وهذا الوعد لم يتحقق لغاية هذا اليوم ولا بدّ من أن يتحقق لأنه قد أخبر الله سبحانه وتعالى عن ذلك، والروايات من الفريقين عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه يأتي من ولدي أو من ولد الحسين عليه السلام من يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً.

والذي احتمله أن الداعي لأعداء أهل البيت عليهم السلام وأعداء الإمام عجل الله فرجه الشريف من إثارة مثل هذه الإشكالات أمران، حيث أنهم يتصوّرون وهذا دليل على ضعف مخيلتهم أنهم يتمكنون من الوصول إلى أحد الأمرين أو كليهما على سبيل (مانعة الخلو) كما يقال في التعبير العلمي:

أحدهما: أن يتمكنوا من صرف شيعة أهل البيت عليهم السلام عن الإمام عجل الله فرجه الشريف، ولكن الله تعالى يريد أن يحق الحق ويبطل الباطل ولو كره الكافرون أو المجرمون.

والأمر الثاني: حسب تخيّلهم، لجهلهم بمعنى الإمامة وعلم الإمام عليه السلام أو عن حقيقة الإمام أنهم يريدون بهذه الطريقة أن يتمكنوا من معرفة مقام الإمام عجل الله فرجه الشريف وموضع وجوده وشخصه الشريف، حتى يتمكّنوا من القضاء عليه.

وقفة على الشبهات:

وعلى كل حال، قدّمنا في بعض المقدّمات السابقة التي يجب أن ننتبه إليها في هذا الصدد، و هنا نشير إلى بعض الإشكالات الواهية التي ذكرها دعاة الضلالة في كلماتهم.

أهل النسب:

وقد لهج ابن تيمية وغيره أنّ أهل النسب نفوا وجود عقب للإمام العسكري عليه السلام، في كتاب الشيعة والتشيع لإحسان إلهي ظهير، ومنهاج السنة لابن تيمية، وحينما نطالع كلمات هذين الرجلين نريد أن نعرف من هو من النسّابة أي من علماء النسب الذين نفوا ولادة الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف ؟ فكل واحد منهم يقول: أكّد علماء النسب ولم يذكر واحداً منهم.

وقلنا سابقا إنّ عدم الوجود لا يدل على العدم، لو ثبت أنّ أحداً من علماء النسب نفى ولادة الإمام عجل الله فرجه الشريف، لم يكن في جعبته أكثر من أن يقول بأنّه لم يجد، وليس له أن يثبت العدم، وذلك لأنّ عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود.

كيف ما كان، هذا أهم ما يستند إليه هؤلاء في قولهم بأن النسّابة أكدوا أن لا ولد للإمام العسكري عليه السلام، في الوقت الذي نرى فيه أن بعض النساب يؤكد أنّ للإمام العسكري ولد وهو المنتظر عجل الله فرجه الشريف، كما أن عدم الإيجاد لا يدل على عدم الوجود.

الاختلاف في المولد:

ومن جملة إشكالاتهم أنه اختلف في مولد الإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف، وهذا دليل على عدمه.

وهذا غريب، حيث استدلوا على أن الاختلاف في ولادة دليل على عدمها، أليس المسلمون اختلفوا في ولادة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ؟!

أليس القرآن الكريم قد شهد باختلاف الناس في عدد أصحاب الكهف؟! ليس في تاريخهم بل في أنفسهم يقول: ﴿سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ... فهل يعني أن أصحاب الكهف غير موجودين.

إنكار جعفر:

ومن جملة أدلتهم بل نقول سخافاتهم يقولون: لو كان له ولد لعلم أخوه جعفر، لأنّه أقرب الناس إليه، لكنّه أنكر وادعى الإمامة.

ونحن نقول لهؤلاء: إنكار عمّ النبي لرسالته هل يصلح دليلاً على عدم نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟

لماذا إنكار قحافة لخلافة ابنه لا يعدّ دليلاً على عدم خلافته؟ لقد أرسل أبو بكر إلى أبيه وقال له: لقد بايعني الناس وأنا خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: كلامك متناقض تقول خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم تقول الناس اختاروني! اخرج من الأمر الذي أنت لست أهلاً له، لما اختارك الناس وفيهم عليّ بن أبي طالب عليه السلام ؟ قال: أنا أكبر منه سناً، قال: أنا أبوك أكبر منك سناً، إذا كانت الخلافة بكبر السن فأنا أكبر منك وإذا كانت في العمر كان سلمان الفارسي أكبر منهم.

إن كان إنكار جعفر لولادة الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف دليلاً، كذلك إنكار قحافة يكون دليلاً على عدم خلافة أبي بكر.

الاختلاف في اسم الأم:

ومن جملة إشكالاتهم وسخافاتهم اختلافهم في اسم أمّ الإمام المنتظر. هذا من جملة الأدلة.

فمن هوان الدنيا أن يكون ويعبر عن هؤلاء الأشخاص بأنهم علماء ومحققون للمسلمين.

وقد تغافل هؤلاء أن هناك رواية صرحت بتعدد أسماء أمّ الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف باعتبارات متعددة، وليس هناك اختلاف في اسمها بل لها أسماء متعددة، كما للزهراء سلام الله عليها وكذلك لعائشة.

وتعدد الأسماء لا يقتضي عدم وجودها على من كان له خبرة بالتاريخ ولو بسيطة جداً، إن الجواري كانت تتعدد أسماؤها غالباً، وأمّ الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف أمّ ولد، كما أنّ أمّ الإمام الحسن العسكري عليه السلام أمّ ولد.

وتعدّد الأسماء كان له أسباب وكانت الأسباب حسب الجارية، إما لعفتها أو لنزاهتها وغيرها، وربما تعددت الأيدي على ملكها، ويستحب تغيير اسم المملوك عندما يشتريه المشتري، ولذلك ربّما تعددت الأسماء لهذا السبب، وأمّ الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف كانت في بلد النصارى وكان لها اسم بلغتها ثم هي أخفت اسمها وسميت باسم جديد لها في الطريق، ثم الإمام عليه السلام سماها باسم آخر.

وهناك وجوه أخرى وردت في الرواية لماذا تعددت أسماء أمّ الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف.

عدم الظهور:

ومن أدلتهم على عدم وجود الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف أنه لو كان موجوداً لظهر إلى العيان.

وهذا عين دليل الملاحدة الذين ينكرون وجود الله سبحانه قائلين بأنّه لو كان الله موجوداً لرأيناه. وهناك أحد الملعونين في الاتحاد السوفيتي السابق يقول: صواريخنا وصلت إلى القمر وما وراء القمر لم تر الله سبحانه وتعالى.

وما ورد في القرآن الكريم: ﴿وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَْسْبابَ أي سلماً عالياً أرى إله موسى عليه السلام.

اختفاء الإمام عليه السلام:

ومن جملة خرافاتهم أنه لو كان موجوداً ما كان هناك داعٍ للاختفاء. ونحن نقول: لماذا أخفى الله سبحانه وتعالى آثار أهل الكهف؟ ولماذا أخفى ولادة موسى بن عمران عليه السلام ؟ أفهل كان سبحانه وتعالى عاجزاً عن حماية موسى عليه السلام من فرعون إلاّ بالإخفاء (العياذ بالله). هذه أبرز الإشكالات.

إثبات الولادة:

قلنا سابقا بأنّ انتساب إنسان ما إلى والده لا بدّ أن يكون بذكر اللازم فقط، وإلاّ نفس الانتساب وإقامة البينة عليه، وإقامة الشهادة عليه مستحيلة، لأنه كيف يعلم أن زيداً ولد من نطفة عمر، هذا لا يمكن مشاهدته، بل أكثر ما يمكن الشهادة عليه هو أن والده واقع زوجته وبعد تسعة أشهر خرج من بطن أمه، وخروجه من بطن أمه يثبت بنوته لأمه ولا يثبت بنوته لأبيه، إلاّ أن يثبت أنّ هذه النطفة خرجت من فلان ودخلت إلى رحم فلانة، ولا طريق لإثباته من طريق الحواس الخمس، وليس له طريق إلاّ بإثبات اللازم بالشهادة، الأم تقول: إنّ هذا ابن فلان، الأب يعترف أن فلان ابنه، ولم يكن له مانع.

والفراش يعتبر علامة شرعية بحكم الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: (الولد للفراش) وذلك حينما يدعي غيره.

وأمّا أصل الإثبات فلا يكون إلاّ بالاعتراف من الوالد أو أو الأم.

أما إثبات نسبته للأم فيمكن ذلك بشهادة القابلة، وبشهادة من حضر من النساء أو غير النساء عند خروج الطفل من بطن أمه.

فإنّ هناك روايات متعددة من رواة متعددين تحمل شهادة حكيمة عليها السلام أنّها كانت حاضرة في خدمة أم الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف، ليلة ولادة الإمام المنتظر عليه السلام فولد عليه السلام.

وطائفة أخرى من الروايات تذكر شهادة الإمام الحسن العسكري عليه السلام حيث قدّم ولده الشريف إلى الخاصة من شيعته وقال: (هذا إمامكم بعدي وهو الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً... ).

هاتان طائفتان من الروايات، وهناك طائفة ثالثة تروي اعتراف الأئمّة السابقين، فمثلاً إمام يقول: كذا جيل بعدي يكون السابع أو التاسع من أولادي إمام، أي يحدد العدد.

وبعض الروايات: عن الإمام الرضا عليه السلام،أو عن الإمام الصادق عليه السلام، والبعض الآخر عن الإمام الكاظم عليه السلام كلها تثبت ولادة الإمام عجل الله فرجه الشريف.

وقلنا: الولادة والنسب يثبت بإثبات اللازم فقط ولا يحتاج إلى تكوّن الولد من النطفة.وعليه لا سبيل للإثبات إلاّ عن هذا الطريق.

فتكون عندنا ثلاث طوائف من الروايات:
طائفة عن الإمام العسكري عليه السلام قال فيها بأنّ هذا ابني وهو إمامكم بعدي.
وطائفة ثانية تنتهي إلى حكيمة عليها السلام وشهادتها بذلك، وشهادة النساء بخصوص الولادة مسموعة.
وطائفة ثالثة ترجع إلى الأئمّة عليهم السلام الذين أخبروا أنّه بعد العدد الفلاني من الأئمّة يكون الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف، أو يكون منه الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف.

مما يثبت أن الروايات متواترة، لأنّها روايات من أشخاص متعدّدين مختلفين لا يعرف أحدهم الآخر، فكل منهم يدخل في سند مستقل عن الآخرين.

أما أخبار الأئمّة عليهم السلام ففي عقيدتنا أنّهم يخبرون عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنهم أئمّة، وأنهم أولياء أمر، وأنهم معصومون، فعندما يذكر الإمام الرضا عليه السلام أنّ فلاناً بعد فلان وبعد فلان فلان من ولدي فالإمام الرضا عليه السلام حسب مسلكهم لا يعلم الغيب ولكن يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأنّ التسلسل الفلاني من ولده يكون هو الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف، وهذا أكبر شاهد ودليل على ولادته سلام الله عليه.


* ولادة الإمام المهدي عليه السلام تأليف: الشيخ بشير النجفي

2012-07-02