الافتتاحية |
الخيار الحاسم
عندما نمضي بعقولنا وقلوبنا وتصوراتنا إلى ليلة العاشر، إلى صحراء كربلاء،إلى ذلك الجمع القليل المحاصر بعشرات الألوف من الجنود، نجد أنفسنا أمام مجموعتين من الناس:
مجموعة قليلة مستضعفة ومحاصرة، قائدها وأميرها أبو عبد الله الحسين عليه السلام، وثلة من الشباب الهاشميين، النساء الهاشميات، وبعض الأصحاب من رجال ونساء.
مجموعة كبيرة حاشدة من عشرات الألوف، أمراؤها يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد، يحاصرون المجموعة الصغيرة.
أمام هذا المشهد، نحاول أن نطل على المجموعتين بعين تنظر إلى الآخرة قبل أن تنظر إلى الدنيا، وأمام هذا المشهد، يحق لنا أن نتساءل:
ألا يمكن أن نجد أنفسنا، أنا وأنت، في يوم ما، في ساعةٍ ما، في لحظة ما، أمام موقف يتطلب منَّا أن نحسم خياراتنا، فإما أن نكون مع هؤلاء، أو مع أولئك؟!
سماحة السيد حسن نصر الله حفظه الله
شذى الولاية |
نداء روح الله
أعزائي: لا تخشوا التضحية وإنفاق المال والروح في سبيل الله والإسلام والشعب المسلم، فإنَّها سنّة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله والأوصياء والأولياء عليه السلام ودماؤنا ليست أكثر حمرة من دماء شهداء كربلاء.
الإمام الخميني قدس سره
قصة وعبرة |
كفُّ العباس
في إحدى فجريات الثلاثة والثلاثين يوماً كان "عبد القادر" ما يزال نائماً في "الرباط". فتح عينيه الواسعتين، حدَّق، لم يرَ شيئاً، تذكَّر أنَّ عليه لبس النظارات، لبسها ونظر فوجد وجهاً مدوَّراً قباله يقول له:
- عبد القادر، قم للصلاة، أذَّن الصبح.
- وأنت كيف استفقت؟ هذا ليس من عادتك يا حيدر.
- فعلاً عجيب، رأيت في منامي يدي أبي الفضل العباس كأنَّهما تهزاني.
- أليس لدينا عمل إلَّا الصلاة؟ ابتسم عبد القادر بمكر محبب.
- نعم، أهم شيء الصلاة، ألديك أي شك أننا خلقنا لها؟
- ... ولإطلاق الصواريخ من هذه الراجمة الواقفة أمامك، أضاف "عبد القادر".
ضحكا وقاما للوضوء والصلاة... لم تكد تتم صلاتهما حتى سمعا صوت الفاكس وورقة تسقط منه أرضاً. تناولها عبد القادر وقرأ: "عشرة صواريخ على قاعدة... عند التاسعة ثم عشرة أخرى بعد ربع ساعة.
إنطلقا بمحمولتهما يلتحفان أضواء الصباح الخافتة التي تخفيهما عن طائرات الاستطلاع، وصلا إلى مكانٍ بعيد عن القرية، أوقفا الراجمة وأطلقا الصلية الأولى ما همد الغبار حتى جاء صوت الراصد: أخليا المنطقة الحربي يغير عليكما.
قفز حيدر عن المحمولة، أنزل عنها دراجة نارية وقال لعبد القادر:
- هيا بنا، على الدراجة أسرع، ليس لدينا وقت.
- اذهب أنت، يجب أن أحرك المحمولة إلى تلك الشجرات كي أخفيها، بقي فيها عشرة صواريخ يجب أن نطلقها بعد ربع ساعة، هذا ضروري.
لم يكد حيدر يبتعد عن المحمولة أمتاراً قليلة حتى سمع صوت انفجار هائل، التفت ليجد قطعاً معدنية تتطاير في الفضاء.
بعد توقف الحرب عاد حيدر مع الإخوة ليحملوا جثمان عبد القادر، كان يفتش بين الصخور، فعاد إلى الحلم ثانيةً عندما رأى كفاً لا يشك أنها هي التي أيقظتهُ على صلاة الصبح في ذلك النهار الذي قام فيه إخوة عبد القادر بدك القاعدة من عشرين مربضاً كرمى لعينيه الباسمتين خلف النظارات.
الموضوع الاساسي |
غريب... حسين
يقول حفيد الحسين عليه السلام الإمام الخامنئي دام ظله:
إنِّي أمعنت النظر جيداً في تاريخ الإسلام فلم أجد واقعةً كواقعة كربلاء، ومن يحبّ فليراجع، فلا يوجد في أية واقعة من الوقائع الدامية غربة ووحدة كما في واقعة كربلاء. وهذه النكبّة وإن كانت ترجع إلى قوة الإخلاص، لكنها في نفسها مهمة، غربة الحسين عليه السلام.
في حوادث صدر الإسلام وغزوات النبي صلى الله عليه وآله وحروب أمير المؤمنين عليه السلام، كانت الدولة تشارك إلى جانب الجنود في الحرب ومن ورائهم أدعية الأمهات، وآمال الأخوات، وتشجيع القيادة العظيمة للنبي صلى الله عليه وآله أو لأمير المؤمنين عليه السلام، وكانوا يضحون بأنفسهم أمامهم وهذا ليس صعباً... وكم منَّا من يأمل في إشارة من الولي الغائب المفدى عجل الله فرجه الشريف ليضحي بنفسه.
... أما في كربلاء، فإنَّ أسس القضية ولبَّ لباب الإسلام ـ أي الإمام الحسين عليه السلام ـ موجودٌ في ميدان المعركة ويعلم أنَّه وأصحابه سيستشهدون ولا أمل له في أي شخص في هذا العالم الواسع، هو غريب ووحيد... فلم يكن له أدنى أمل بمن هم خارج الميدان... الأمل مقتصرٌ على هذا الجمع، والجمع مسلمٌ للشهادة. وبعد الاستشهاد لا يقام لهم مجلس فاتحة (حسب الموازين الظاهرية)، فيزيد متسلط على كل شيء، وتساق نساؤهم أسارى ولا يرحم أطفالهم... فلولا الإيمان والإخلاص والنور الإلهي في قلب الحسين عليه السلام، والذي بعث الحرارة في قلوب الصفوة المؤمنة حوله، لما تحققت تلك الواقعة، فانظروا إلى عظمتها "لا يوم كيومك يا أبا عبد الله".
فقه القائد |
أم البنين أم الشهداء
كان لأم البنين رضي الله عنها أولادٌ أربعة من أمير المؤمنين عليه السلام. هؤلاء الأبطال استشهدوا في نصرة أخيهم الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء يوم عاشوراء.
أكبرهم وأفضلهم: "العبــاس" عليه السلام ويكنّى بـ "أبي الفضل" وهو آخر من قتل منهم، حيث قدَّمهم بين يديه فقتلوا جميعاً.
وقد كان للعباس عليه السلام عقب ولم يكن لأخوته الثلاثة، وكان جميل المحيا فلقّب بـ"قمر بني هاشم"... وكان شجاعاً جسيماً بحيث يركب الفرس المطهّم ورجلاه تخطان الأرض خطاً، وكان لواء الإمام الحسين عليه السلام معه يوم استشهد، ولقّب بـ"السقاء" لأنه استسقى الماء من الأعداء لأخيه الحسين عليه السلام وعائلته ولكن قتل قبل أن يوصل الماء إليهم.
وقد ذكر أصحاب المقاتل شيئاً عن بطولات أولاد أم البنين ومواساتهم للإمام الحسين عليه السلام وكيفية استشهادهم، فقالوا:
إنه لما رأى العباس عليه السلام كثرة القتلى في أهله وفي أصحاب الحسين عليه السلام ـ بالنسبة إلى عددهم القليل ـ قال لإخوته الثلاثة من أبيه وأمه، عبد الله وجعفر وعثمان:
"يا بني أمي تقدموا للقتال، بنفسي أنتم، فحاموا عن سيدكم حتى تستشهدوا دونه، وقد نصحتم لله ولرسوله".
فقاتل عبد الله وعمره خمس وعشرون سنة فقتل بعد قتال شديد.
ثم تقدّم جعفر بن علي عليه السلام وعمره تسع عشرة سنة وقاتل قتال الأبطال حتى قتل.
ثم تقدّم عثمان بن علي عليه السلام وعمره إحدى وعشرون سنة وقاتل قتالاً شديداً حتى قتل.
وكان الإمام الحسين عليه السلام يحملهم من أرض المعركة إلى الخيمة كما جرت العادة في ذلك اليوم، ولكنه عليه السلام لم ينقل العباس عليه السلام وتركه في مصرعه.
ولما وصل خبر استشهادهم إلى أمهم ـ أم البنين ـ في المدينة المنورة بكتهم بكاءً مرّاً، لكن كان بكاؤها لهم أقل من بكائها على الحسين عليه السلام، وذلك في قصة مشهورة.
وهذا الموقف المشرف من السيدة أم البنين رضي الله عنها يدلّ على علوّ معرفتها بالإمام عليه السلام.. فالسلام عليك يا فخر أمهات الشهداء، يا من نصرت الحسين عليه السلام حقاً.
مناسبات شهر ذو القعدة |
*1 محرم: بدء مراسم عاشوراء.
*10 محرم: استشهاد الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه 61هـ.
*13 محرم: دفن شهداء الطف 61هـ.
*25 محرم: استشهاد الإمام علي بن الحسين عليهما السلام 94هـ.
*28 محرم: تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة 2هـ.
*1 كانون الثاني: رأس السنة الميلادية.
*10 كانون الثاني: مولد السيد المسيح عليه السلام عند الشرقيين.