يتم التحميل...

العدد 30 - السنة الثالثة - شهر محرم 1422 هـ

دوحة 30

تحميل pdf

عدد الزوار: 35

 الحسين عليه السلام منارة الأحرار عبر التاريخ


جاءت نتائج الثورة كما خطط لها الإمام الحسين عليه السلام من البدء، فلم تمضِ فترة على شهادته وأصحابه حتى أصبح الحكم الأموي يفقد مبررات وجوده حيث استطاع الإمامعليه السلام تعريته وفضحه أمام الأمة التي استيقظ ضميرها وشعرت بعمق المأساة وضرورة الثأر للحسين عليه السلام.

ففاجعة كربلاء كشفت الزيف الديني وأعادت المفهوم الصحيح للخليفة والحاكم في الإسلام وكان هذا من أعظم نتائجها.

بالإضافة إلى هذا فقد كان لثورة الامام الحسين عليه السلام سبب في انبعاث الروح النضالية في الإنسان المسلم من جديد بعد فترةٍ طويلة من الخمود والتسليم، فكان الإطار الديني الذي أحاط الأمويون به حكمهم العفِن الفاسد يحول بين الشعب والثورة، فجاءت ثورة كربلاء وحطَّمت هذا الإطار، وكشفت الحكم الأموي على حقيقته. وقدَّمت للإنسان المسلم أخلاقاً جديدة تقول له: "لا تستسلم، لا تساوم على إنسانيتك ومبدئك".

وخير دليل على تواجد هذه الروح. الثورات التي انطلقت بعد فاجعة كربلاء والتي عبَّرت عملياً عن تصاعد تيار الرفض للانحراف بالاضافة إلى تعبيرها الحي عن انعطاف مسيرة الأمة عملياً لغير صالح السياسة الأموية العدوانية.

وهكذا روت دماء الحسين عليه السلام شجرة الإسلام، ونفخت فيه من جديد روح القداسة والطهر، وأضحى الحسين عليه السلام علماً ومناراً لكل الأحرار عبر التاريخ.

 دور الإنحراف الديني في مأساة كربلاء

كان لبني أميَّة دور فاعل في إيجاد البدع ونشر الانحراف الفكري، حيث عملوا على تضليل الناس لتثبيت حكمهم، والتغطية على تصرفاتهم المعادية والمخالفة للإسلام. وكان لهذا دور مؤثر في وقوع حادثة كربلاء وتخاذل الناس عن نصرة الإمام الحسين عليه السلام ومن أجل تنفيذ مخططاتهم الشيطانية الفاسدة، عمدوا إلى تحريف المفاهيم الدينية الإسلامية الأصيلة وجعلوا يستغلّونها في موارد غير مشروعة.

فقد عمل بنو أمية من خلال ألوان التضليل التي ابتدعوها على تأسيس فِرق دينية سياسية تقدّم للجماهير تفسيرات دينية تخدم سلطة الأمويين وتبرّر أعمالهم ومن هؤلاء المُرجئة الذين اعتبروا الإيمان عملاً قلبياً خالصاً لا يحتاج إلى التعبير عنه بفعل من الأفعال فكان شعارهم "لا تضرّ مع الايمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة، وإن الإيمان هو الاعتقاد بالقلب، وإن أعلن الكُفر بلسانه وعبد الأوثان".

ومن هذه المفاهيم أيضاً مفهوم طاعة الحاكم حيث أصبح الناس يرون التمسّك بالدين يكون عبر طاعة الخليفة مهما كانت صفاته وفي كل ما يأمر، ويرون في الخروج عليه شقَّاً لعصا المسلمين ومروقاً عن الدين، ومن هنا لم يتأثروا بصفات يزيد الذي تربَّع على الخلافة الإسلامية وكان شارباً للخمر، تاركاً للصلاة، ويأمر بقتل سبط الرسول صلى الله عليه وآله ويسبي بناته ويبيح حرم الرسول.

إذاً فقد تبيَّن أن المشكلة يوم ذاك لم تكن مشكلة تسلط الحاكم الجائر فقط كي يعالج بتبديله بحاكم عادل، بل كانت مشكلة ضياع الأحكام الإسلامية، ورؤية المسلمين لمقام الخلافة.

 الحسين عليه السلام في الشعر المسيحي

يقول الشاعر المسيحي بولس سلامة في إحدى قصائد الملحمة:


 كسر النسرُ طرفه إعيـــــاء          
بعدما قرَّح الجفون بكاء

لو أصاب الفرات رزءُ حسين       لانطوى النهر كالرداء انطواء

ولغاضت شطآنه واستطار          الرمل في خاطر الأثير، هباء

يا ضياء الغروب في كربلاء        دونك الشمس في الغروب ضياء

كيف باتت والكوكب الضخم         يهوي مثلما تسقط الجبال انكفاء

يــا سليل المطيبين جدوداً          يفضح الشمس عزة وانتماء

مجدُكم صيَّر النبيل نبيــلاً          وحباه من العُلى ما شاء

دمك السمح يا حسين ضياء        في الدياجير يلهم الشعراء

أي فضل لشاعر منك يعتام         اللالىء، يصوغ منها رثاء

شاعر مقعد جريح مهيض         كل أيامه غدت كربلاء


 الامام الحسين عليه السلام والثقة بالله

في ليلة العاشر من المحرَّم اشتغل الامام الحسين عليه السلام وصحبه الأبرار بالصلاة والدعاء والمناجاة، والتهيؤ للقاء العدو.

ثم وقف الامام الحسين عليه السلام بطرفه الثابت، وقلبه المطمئن، رغم كثافة العدو، وكثرة عدده وعدَّته... فلم تنل تلك الجموع من عزيمته، ولم يؤثر ذلك الموقف على قراره وإرادته، بل كان كالطود الأشم، لم يفزع إلى غير الله... لذلك رفع يديه للدعاء والمناجاة وقال:

"اللهم أنت ثقتي في كل كرب، وأنت رجائي في كل شدَّة، وأنت لي في كل أمرٍ نزل بي ثقة وعدَّة، كم من همٍ يضعف فيه الفؤاد، وتقلّ فيه الحيلة، ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدو أنزلته بك، وشكوته إليك، رغبة مني إليك عمَّن سواك، ففرَّجته وكشفته، فأنت وليّ كل نعمة، وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل رغبة.".

 الانبياء عليهم السلام وعاشوراء

ورد في العديد من الروايات عن علاقة الأنبياء عليهم السلام بعاشوراء وخصوصاً أولي العزم انهم كانوا يبكون على الامام الحسين عليه السلام واهتموا كثيراً بعاشوراء.

ومما ورد في الروايات أن جبرائيل عليه السلام لقن آدم عليه السلام: "قل يا حميد بحق محمد يا عالي بحق علي، يا فاطر بحق فاطمة، يا محسن بالحق الحسن والحسين ومنك الإحسان". فلما ذُكر الحسين عليه السلام سالت دموعه وخشع قلبه وقال آدم عليه السلام: "يا أخي جبرائيل في ذكر الخامس ينكسر قلبي وتسيل عبرتي"، فقال جبرائيل عليه السلام: "ولدك هذا يصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب يقتل عطشاناً غريباً ليس له ناصر ولا معين.. فلا يجيبه أحد إلاَّ بالسيوف وشرب الحتوف. فبكى آدم بكاء الثكلى".

وفي الروايات ما يتعلق بالنبي نوح عليه السلام يقول النص أنه عندما ورد إلى كربلاء وكان يطوف في السفينة وصل الى كربلاء فتداخله الخوف فدعا ربه مستفسراً فنزل جبرائيل وقال: "يا نوح في هذا الموضع يُقتل الحسين سبط محمد خاتم الأنبياء عليه السلام. فقال: ومن القاتل له يا جبرائيل؟ قال: قاتِلُهُ لعين سبع سماوات وسبع أرضين. فلعنه نوح".

وهناك نص عن خليل الله إبراهيم عليه السلام خلاصته أنه عندما أراد أن يذبح ابنه اسماعيل بعدما جاءه الأمر بذلك، ثم جاءه المنع والنهي فتألم لأنه لو ذبح ابنه لكان نال هو وابنه من الثواب ما حُرما منه عندما جاء النهي، فجاءه النداء مخبراً ابراهيم عن شهادة الحسين عليه السلام فبكى ابراهيم وجزع، فأوحى الله تعالى إليه أنه عوَّضه ذلك الثواب الذي تصوّر انه حُرم منه ببكائه على الامام وجزعه عليه.

وكذلك تذكر الرواية أن نبي الله عيسى عليه السلام مرَّ بكربلاء ومعه الحواريين فجلس وبكى فلما سألوه عن سبب البكاء قال: "هذه أرض يُقتل فيها فرخ الرسول أحمد صلى الله عليه وآله وفرخ الحرّة الطاهرة البتول شبيهة أمي..".

 القدس تنادي...

الموت خير من ركوب العار

بين كربلاء والقدس تضيع المسافات ويصير الزمان الماضي زماناً حاضراً بكل جزئياته. فكربلاء الأمس هي القدس اليوم. القضية واحدة والحدث واحد والسلاح واحد.

فالظلم والكفر والطغيان الذي ما غاب عن قضية كربلاء يتمثل في القدس اليوم بنفس الملامح وأعمق العبارات. فقد أضحى ظلماً وكفراً وعدواناً واستكباراً...

أما الحدث فإن تغيرت أساليبه تبقى له نفس النتائج. قتل وإجرام وتعذيب وسفك دماء...

ويبقى السلاح هو اللغة الأقوى. سيفاً يحز أعناق المعتدي أو حجراً يحطّم جدار الصمت والإنكسار أو رصاصة بندقية تفجّر قلباً اعتصرت بالحقد شرايينه.

ومن ساحة المعركة يرتفع النـداء الأبي. هل من ناصر ينصرنا.. وتـردد القدس عبارات كربلاء. الموت خير من ركوب العار.

 نور روح الله‏

"دم سيد الشهداء هو الذي حرَّك دماء الشعوب الإسلامية بأسرها. إن الدماء التي سُفكت في واقعة كربلاء حطَّمت قصر الظالمين. البكاء على مصاب الامام الحسين عليه السلام هو إحياء للثورة وإحياء لفكرة وجوب وقوف الجمع القليل بوجه امبراطورية كبيرة".

 ضياء القائد

"لقد وعد الله تعالى الذي ينصره بالنصر، وعندما تتحرك مجموعة من الناس نحو هذا الوعد ستجد أمامها الشهادة والمتاعب والمصائب ولكنها ستجد أيضاً النصر "ولينصرنَّ الله من ينصره" فهذه سنَّة إلهية".

 إستفتاءات القائد

س: ما هو الحكم في القيام بالدفاع عن الاسلام عند تشخيص تعرّض الإسلام للخطر مع عدم رضا الوالدين بذلك؟
ج: الدفاع الواجب عن الاسلام والمسلمين لا يتوقف على إذن الوالدين ولكن مع ذلك ينبغي له السعي في تحصيل رضاهما مهما أمكن.

س: ما هو واجب الشباب المؤمن في الجامعات المختلطة تجاه المفاسد التي يشاهدونها في بعض تلك الجامعات؟
ج: يجب عليهم ضمن التحرز عن الابتلاء بالمفاسد، القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما لو توفرت لديهم شروطه وتمكنوا من ذلك.

 مداد الشهداء

"كونوا جنداً لأمة حزب الله، جنداً لإمام العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف لأن جنده يخشون الله في قلوبهم وأعمالهم ويسترخصون الدماء الزكيَّة من أجل إعلاء كلمة لا إله إلاَّ الله محمد رسول الله.

وحدهم عشَّاق الشهادة يسارعون للحاق بموكب أبي عبد الله عليه السلام سيد الشهداء".


من وصية الشهيد السيد حسن امين عباس

2009-09-25