يتم التحميل...

العدد 6 - السنة الأولى - شهر محرم 1420 هـ

دوحة 6

تحميل pdf

عدد الزوار: 124

 مأثور الكلام

"موت في عز خير من حياة في ذل"

 الإمام الحسين عليه السلام

عطر القلوب

‏يقول تعالى في كتابه المجيد: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي(الفجر:27-30).

ما ألطفها من دعوة، وما أجمله من تعبير!

تعبير يحكي دعوة الله سبحانه لتلك النفوس المؤمنة، المخلصة، المحبة والواثقة بوعده جل شأنه، دعوتها لتعود إلى ربها ومالكها ومولاها الحقيقي فما أعظمه وأكرمه من داع، وما أسعده من مدعو!

أما الإطمئنان، فلما اختارته هذه النفس من العبودية والتسليم لله الواحد الأحد، ومن كان الله وليه فلم يهمه أقبلت الدنيا أو أدبرت، وفي الآخرة الرجوع إلى جوار الله تعالى وقربه حيث الرضا بالثواب والنعيم، ففي الدنيا هي واثقة مطمئنة وفي الآخرة هي راضية مرضية.

وفي رواية عن الإمام الصادق عليه السلام أن المقصود من الآية الكريمة هو الإمام الحسين عليه السلام، ولا يعني ذلك الحصر، بل هو المصداق الأبرز للآية، حيث يروي الإمام زين العابدين عليه السلام فيقول: كان كلما يشتد الأمر يشرق لونه وتطمئن جوارحه، فقال بعضهم: انظروا كيف لا يبالي بالموت وقال آخر: والله ما رأيت مكثوراً قد قتل أولاده وأصحابه أربط جأشاً منه ولا أمضى جناناً منه، ووالله ما رأيت قبله ولا بعده مثله.

وبعد ذلك لا نستغرب أن تسمى سورة الفجر المباركة المتضمنة لهذه الآيات الكريمة بسورة الحسين عليه السلام، فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: اقرأوا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم، فإنها سورة للحسين بن علي عليه السلام، من قرأها كان مع الحسين عليه السلام يوم القيامة في درجته من الجنة، إن الله عزيز حكيم.
 

 ثمرات العقول

القبر

لا شك أن أوحش المنازل التي لم يألفها الإنسان قط هو القبر، فهو المكان الأول الذي يحط فيه الإنسان رحاله بعد انتقاله من الحياة الدنيا إلى الآخرة بانتظار قيام الساعة وبدء المساءلة والحساب.

وهو المكان الذي تضطرب منه القلوب وترتعد لذكره الفرائص، حيث يقترن ذكره دوماً بذكر الظلام والوحدة والحشرات المؤذية وما إلى ذلك من أهوال عظيمة يشير إليها الإمام السجاد عليه السلام في دعائه حين يقول:

وما لي لا أبكي! أبكي لظلمة قبري، أبكي لضيق لحدي! أبكي لسؤال منكر ونكير إياي، أبكي لخروجي من قبري عرياناً ذليلاً حاملاً ثقلي على ظهري... إلى آخر الدعاء.

ترى ماذا حضّرنا لذلك المنزل؟ وما هو زادنا الذي أعددناه لتلك المحطة؟

تفيد الروايات أن أهم الزاد لذلك المنزل هو إدخال السرور على المؤمنين حيث يتحول السرور إلى وجه نوراني يصاحب الإنسان في القبر يؤنسه ويطرد عنه الوحشة والغربة ويقول له: أنا ذلك السرور الذي أدخلته على قلب المؤمن الفلاني، فكيف إذا كان ذلك المؤمن نبياً أو إماماً؟

نعم، يمكننا إدخال السرور على قلب نبينا الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وعلى قلوب أئمتنا الأطهار عليهم السلام وذلك بإحياء أمرهم فنفرح في أفراحهم ونحزن لأحزانهم استجابة لنداء الصادق عليه السلام: أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا.

وهذه أيام الحسين عليه السلام والبكاء عليه يمحق الذنوب ويكشف الحجب ويرقق القلب ويطفئ غضب الرب، وهو أفضل زاد يعين على أهوال القبر والمحشر.
 

 الإيثار والتضحية

إن المجتمع البشري الذي يريد أن يكون مجتمعاً إلهياً ومجتمعاً إنسانياً بكل ما للإنسانية من معنى لا بد أن تسود بين أفراده علاقة التوادّ والتراحم والإيثار والاستعداد التام للتضحية والعطاء. وإلا فلو كان المرء لا يعبأ لمشاكل أخوته وأصحابه والآخرين لعاش كل فرد وحيداً غريباً في مجتمعه، بل لما كان هناك مجتمع، وإن وجد فليس فيه حياة.

من هنا فإن المجتمع الإنسان الحي هو المجتمع الذي يؤثر أبناءه بعضهم بعضاً ولا يبخلون بأنواع التضحية والفداء.

وقد مثل أصحاب الحسين عليه السلام وأهل بيته وأخوته أقصى درجات الإيثار والتضحية وهم مدرسة للسابقين واللاحقين. وأحد دروسها العظيمة ما أفادنا به رائد التضحية والفداء أبو الفضل العباس عليه السلام الذي قدّم أخوته جميعاً بين يدي الحسين عليه السلام وضاق صدره لحال الحسين عليه السلام وأطفاله العطشى فاستأذن عليه السلام للخروج للقتال وجلب الماء، فجاهد وقاتل ووصل إلى الماء، فغرف منه وأراد أن يشرب إلا أنه آثر أن يشرب أخوه والأطفال قبله، رغم العطش الشديد الذي أعياه، فرمى الماء من كفه، وملأ القربة وانطلق نحو الخيام، وقطعت الطريق أمامه من كل جانب وقطعت يده اليمنى فحمل القربة بيده اليسرى وقاتل وهو يقول: "والله إن قطعتم يميني إني أحامي أبداً عن ديني". فقطعوا يده اليسرى فحمل القربة بأسنانه وهكذا حتى انقلب عن فرسه صائحاً: أدركني يا أخي، وهكذا مضى العباس عليه السلام قمر بني هاشم رمزاً للإيثار والتضحية مدافعاً عن دين الله وسيد الشهداء والأطفال والنساء فاستشهد عطشاناً رغم وصوله للماء ليشرب من جنان الله.
 

 العلم والعمل

ورد في غرر الحكم عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: أنفع ما عمل به، وقال أيضاً: العلم بغير العمل وبال، والعمل بغير علم ضلال.

لا شك أن الإسلام اهتم بالعلم اهتماماً شديداً، وحث عليه كما لم يحث على أمر آخر، إلا أن هذه القيمة العظيمة للعلم تذهب هباءً إذا لم يقترن بالعمل.

فالإسلام لا ينظر إلى العلم والعمل كأمرين متمايزين منفصلين، بل إن احترام الإسلام لهما يكمن في ارتباطهما، فإذا انفصلا فقدا أهميتهما. فهما كالجناحين يطير بهما الإنسان، وكل منهما يكمل الآخر، ومثل العالم غير العامل كمثل إنسان يمتلك فانوساً في ليلة ظلماء ولكنه لا يقدر على المشي، وآخر قادر على المشي ولكنه لا يمتلك فانوساً يضيء له الطريق. فكلاهما عاجز عن تلمّس طريقه في الحياة.

إن التعاون أساس مقدس، ولكن لا شيء أسمى من تعاون العلم والعمل.
 

 أحسن القصص

الإمام الحسين عليه السلام والرجل الشامي

دخل عصام بن المصطلق المدينة لشأن كان يطلبه فرأى الحسين بن علي عليه السلام فأعجب لما رآه فيه من هيبة ووقار فثار في نفسه ما كان يخفيه من حسد لعلي عليه السلام، فقال مخاطباً الإمام الحسين عليه السلام: "أأنت ابن أبي تراب؟"، نعم.

فبالغ الرجل في شتمه وشتم أبيه، فنظر إليه الإمام عليه السلام نظرة عاطف رؤوف ثم قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم؛ خذ العفو وأمر بالمعروف واعرض عن الجاهلين، وأما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم، إن الذين اتقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون وإخوانهم يمدونهم في الغيّ ثم لا يقصرون، ثم أردف الإمام قائلاً: هوّن عليك استغفر الله لي ولك، إنك لو استعنتنا لأعنّاك، ولو استرفدتنا لأرفدناك ولو استرشدتنا لأرشدناك ثم سأله: أمن أهل الشام أنت؟ قال: نعم، فقال الإمام عليه السلام: "أنت رجل غريب، ابسط لنا حاجتك وما يعرض لك تجدني عند أفضل ظنك إن شاء الله تعالى". فضاقت الأرض على عصام بما رحبت وودّ لو ساخت به ثم انصرف عن الإمام وما على الأرض أحب إليه من الحسين ومن أبيه عليه السلام.
 

 لطائف الأدب

هلّ المحرم فاستهل دموعي            وأثار نار الوجد بين ضلوعي
وأمات سلواني وأحيا لوعتي           وأطال أحزاني وروع روعي
هذا هلال لاح أم هو خنجر             طعن الفؤاد فبان طيب هجوعي
يا ليته طول المدى لم يبدُ من           حجب السرار ولم يفز بطلوع
ما هلّ إلا جُددت حلل الأسى           وتداعت الأحشاء للتقطيع
إذ كان يذكرني مصيبة ذي على       فوق السماوات العلى مرفوع
سبط النبي المصطفى خير الورى      أكرم به من منعم وشفيع
فهوى صريعاً بالدماء مرملاً           أفديه من دامي الجبين صريع
فاسودت الآفاق والدنيا غدت           مقلية المنظور والمسموع
أتموت عطشاناً وكفك سحبها          كم أنبتت للناس زهر ربيع
قد قلت للورقاء لما أن غدت             تبدى الأسى بالنوح والترجيع
ما من تباكي من يبكي دماً           فضح
التطبع شيمة المطبوع

من شعر السيد نصر الله الموسوي الحائري رضوان الله تعالى عليه السلام

 إستفتاءات القائد

وفقاً لاستفتاءات آية الله العظمى الخامنئي:

س: إذا كان الرحم ممن يقتحم في المعاصي ولا يبالي بها، فما هو التكليف في صلته؟
ج: إذا احتُمل أن ترك صلته سيدفعه إلى الكف عن المعصية وجب عليه ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإلا فلا يجوز له قطع الرحم.

س: ما هو الأسلوب الذي ينبغي للابن سلوكه تجاه الأبوين اللذين لا يهتمان بتكاليفهما الدينية بسبب عدم اعتقادهما الكامل بها؟
ج:
يجب عليه أمرهما بالمعروف ونهيهما عن المنكر بلسان ليّن مع المحافظة على احترامهما كوالدين.
 

 نور روح الله‏

"عاشوراء هو يوم الحداد العام للمظلومين، هو يوم الملحمة ويوم الولادة الثانية للإسلام والمسلمين".
 

 ضياء القائد

"واقعة كربلاء حية وباقية، ليس في مجرد قطعة أرض صغيرة فقط، وإنما في محيط الحياة البشرية بأسرها".
 

 مداد الشهداء

على مر السنين لم تنطفئ الشعلة الحسينية في نفوس الثائرين، بل ازداد وهجها مستمدة من عزيمة وقوة من معاناة ومظلومية وصبر أهل البيت عليهم السلام.

ولأن كل هذا كان لله، كان لا بد من استمراريتها بالزخم ذاته في كل عصر متصدرة بذلك صراع الحق مع الباطل.

الشهيد علي وهيب حجازي (أبو رائد)

 بأقلامكم

بركات قبر الحسين

أحببت في هذه الفقرة أن أورد نبذة عما ورد في بركات قبر سيدنا ومولانا أبي عبد الله الحسين عليه السلام عسى أن تكون مورداً للقبول وينتفع بها المؤمنون والموالون.

فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أن قبر الحسين روضة من رياض الجنة.

وأن من قبّله وأمرّ سائر بدنه عليه فإنه له أمان وحرز.

وأن ما بين القبر إلى السماء السابعة مختلف الملائكة، ومنه معراج الملائكة إلى السماء.

وأن الله سبحانه وتعالى اتخذ بفضل قبر الحسين عليه السلام كربلاء حرماً آمناً مباركاً قبل أن يتخذ مكة حرماً، وأن البركة منه عشرة أميال.

وجاء في الحديث أيضاً أن مشهده المبارك لا ترد فيه دعوة داع ولا سؤال سائل.

رزقنا الله تعالى زيارته في الدنيا وشفاعته في الآخرة إنه ولي الإجابة وهو على كل شيء قدير.

الحاج أبو حسن الزين

 أيام الله

*1 محرم: رأس السنة الهجرية.
* 2 محرم: محرم سيد الشهداء إلى كربلاء عام 61 هـ.
*10 محرم: ذكرى عاشوراء واستشهاد الإمام الحسين عليه السلام.
*11 محرم: سبي العترة الطاهرة إلى الكوفة.
*12 محرم: دفن شهداء الطف ليلاً.
*17 محرم: هلاك جيش أبرهة (أصحاب الفيل).
*24 محرم: فتح خيبر.
*25 محرم: وفاة الإمام زين العابدين عليه السلام.

مراقبات شهر محرم:

هو شهر أحزان آل محمد عليهم أفضل الصلاة والسلام، شهر المصيبة الكبرى والفاجعة العظمى التي لم تبقِ لغيرها من المصائب والأحزان ذكر ولم تذر. ولنعم قول الشاعر:

فاجعة إن أردت أن أكتبها          مجملة ذكرة لمدّكر
جرت دموعي فحال حائلها        ما بين لحظ الجفون والزبر
وقال قلبي بقياً عليّ فلا             والله ما قد طُبعت من حجر
بكت لها الأرض والسماء         وما بينهما في مدامع حمر


وكان الصادق عليه السلام إذا دخل شهر المحرم لم يُر ضاحكاً، وكانت كآبته تغلب عليه حتى يمضي عشرة أيام، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول: هذا اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه السلام.

فينبغي للمؤمن أن يظهر الحزن في هذا الشهر في قلبه وهيئته ووجهه ويترك لذائذ المطعم والمشرب والمنام والكلام، وليغتنم الأعمال الخاصة في هذا الشهر الحرام والمذكورة في الكتب المختصة ولا سيما زيارة عاشوراء وزيارة الوارث والتدبر في مضامينهما الراقية في معرفة المقام السامي لأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام والتأكيد على موالاة أوليائهم والبراءة من أعدائهم واللعن على ظالميهم، والعمل بما يوجب مودتهم من الورع عن محارم الله عز وجل والالتزام بطاعته والمأمول أن يكونوا شفعاءه يوم الفقر الأكبر إلى الله تعالى.

2009-09-25