يتم التحميل...

صدى الولاية - العدد 216 - ربيع الثاني 1442 هـ

ربيع الثاني

عدد الزوار: 207

 

1- إنّ الرّوح الطاهرة للنبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) تتألّم حقّاً لما تعانيه البشريّة اليوم، كما ورد في هذه الآية المباركة: ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾
2- إن العدوّ الأساسيّ للإسلام اليوم، والمصداق الحقيقيّ لقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ﴾، هي قوى الاستكبار والصهيونيّة
3- رغم كلّ الجهود التي بذلوها، لم يستطيعوا محو الاسم المقدّس لنبيّ الإسلام (صلّى الله عليه وآله وسلّم)
4- إثم بعض دول المنطقة الذين تولَّوا تقديم الدعم الماليّ إلى الجماعات التكفيريّة أكبرُ بكثير من الأفراد التّابعين لها

 
 

خطاب القائد

 

بسم الله الرحمن الرحيم

* التلاؤم الواضح بين بعض آيات «القرآن الكريم» والوضع الحالي للبشريّة
بعضُ الآيات القرآنيّة التي نزلت بشأن شخص النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، يناسب بوضوح الوضع الحاليّ للبشريّة؛ إذ عندما يقرأ الإنسان هذه الآيات يشعر كأنها تخاطب البشريّة الآن. من هذه الآيات قوله تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ (براءة: 128). تخصّ الجملتان الأوليّان في الآية جميع البشر ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعً﴾ (الأعراف: 158). فخطاب النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) موجّه إلى جميع البشر. هاتان الجملتان مهمّتان جدّاً: الأولى ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾؛ أي ليعُزّ على النبيّ العظيم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) معاناة كلّ فرد من أبناء البشر، فهو يـتألّم لآلامهم. والجملة الثانية: ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾؛ أي غيور عليكم ومشتاق إليكم ومهتمّ بمصيريكم. هذا الخطاب موجّه إلى أبناء البشريّة جمعاء.

إنّ المجتمع البشريّ اليوم هو مصداق لهذا الخطاب؛ أي يوجد تناسب كبير بين هذا الخطاب والوضع الحاليّ للمجتمع البشريّ.

في الحقيقة، يمكننا القول إنّ البشرية تعاني اليوم أكثر من أيّ وقت مضى في تاريخها. فهناك غيابٌ للمساواة، وحروب، وإشعال للصّراعات، ونزعة مادّيّة متشدّدة قلّ نظيرها في حقب التاريخ الماضية من حياة البشر، واستخدامٌ للتطوّر العلميّ والتقنيّ لقمع الشعوب، كما للطغيان وأنواع الشرور والطواغيت.

* توظيف الاستكبار العلمَ والتطوّر التّقني لتفعيل قوّته الطاغوتيّة
إنّ غياب المساواة، والتمييز، وفقدان العدالة، ووجود الطواغيت، كانت موجودة على مرّ التاريخ وليست وليدة هذا العصر، لكن اليوم يجري توظيف العلم والتّطور التّقني لإعمال هذه القوّة الطاغوتيّة. مثلاً كان فرعون يقول: ﴿أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ﴾ (الزخرف: 51)، فكان يمارس طغيانه في نطاق محدود هو مصر. أمّا اليوم، فأمريكا التي تمثّل فرعون هذا العصر لا تكتفي ببلاد أمريكا، ولا تقول: «أليس لي ملك أمريكا!»، بل تتدخّل في شؤون البلدان الأخرى، وتصنع الحروب، وتتسلّط، وتنشئ قواعد عسكريّة لها. الوضع على هذا النحو، فاستخدام الطواغيت المعرفة البشريّة والتطوّر العلميّ جعل انتشار التمييز والحروب أكثر من أيّ وقت مضى.

إنّ الرّوح الطاهرة للنبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) تتألّم حقّاً لما تعانيه البشريّة اليوم، كما ورد في هذه الآية المباركة: ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾. وهو في أمَسّ الشّوق إلى تحقيق سعادة البشريّة وهدايتها، وهو بما للكلمة من معنى كأب حنون يريد السعادة للبشريّة، وأن تهتدي إلى الصّراط المستقيم، وأن تصل إلى النهاية التي فيها نفعُها.

* تمييز الخطاب القرآنيّ بين أئمّة الكفر وغيرهم من عامّة الكفّار
من النقاط اللافتة في هذه الآية المباركة أنّها جاءت آخر سورة «براءة» (التّوبة). و«براءة» هي سورة الحرب، والبراءة من الكفّار، وسورة الأمر بالجهاد وأمثال ذلك. فأن يقول القرآن آخر هذه السورة: ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾، ويكون الخطاب موجّهاً إلى أفراد البشر كافّة، فهذا يمكن أن نفهم منه أنّ تلك الخطابات التي وجّهتها هذه السورة لا تخصّ الأفراد الجاهلين والغافلين من غير المسلمين، وإنّما قادة الكفر والاستكبار، وتلك الأنظمة المتحكّمة بمصير المجتمعات البشريّة التي عبّر عنها القرآن في إحدى آياته بأئمّة الكفر: ﴿فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ﴾ (براءة: 12)، كما عبّر عنها في مكان آخر في سورة «القصص» بالأئمّة الذين يدعون إلى النار: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ﴾ (القصص: 41)؛ أي هم يجرّون الناس إلى جهنّم ويدعونهم إلى النار. في الواقع، إنّ تلك الحدّة والشدّة التي يبديها القرآن قُبالة أعداء الإسلام، والكفّار، إنّما موجّهة إلى تلك التيّارات. أما عامّة الأشخاص من غير المسلمين، الذين ينشدون الحقّ ويميلون إليه، وليسوا من أهل العناد، وليس لديهم أهداف مغرضة، فهم المخاطبون بهذه الجملة الجميلة من القرآن الكريم: ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾.

إن العدوّ الأساسيّ للإسلام اليوم، والمصداق الحقيقيّ لقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ﴾، هي قوى الاستكبار والصهيونيّة. هؤلاء مَن يواجهون الإسلام ويعارضونه بكلّ ما أوتوا. وآخر حلقة في مسلسل المواجهة ما حدث، مع الأسف، في باريس. هذه الرسوم المسيئة التي عُرضت في باريس تحتاج إلى كثير من الدّقة والانتباه (إلى الهدف منها).

* سقوط الفن في فرنسا وتلقّيه الدّعم السّياسي من الدّولة
إنّ قضيّة نشر الرّسوم الكاريكاتيريّة المسيئة إلى النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليست مجرّد أن رسّاماً كاريكاتيرياًّ فاسداً ومنحرفاً ارتكب هذا الفعل القبيح وأساء إلى نبيّ الإسلام (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بلغة الكاريكاتير، بل توجد أيدٍ خفيّة وراء هذه الحادثة. ما الدليل على ذلك؟ الدليل هو ما شاهدناه من التحرّك المفاجئ لرئيس جمهوريّة فرنسا، وحتّى بعض الدول، للدّفاع عن هذا العمل الفنيّ العاديّ! واضحٌ أنّ جهاتٍ تقف وراء هذه القضيّة، فالمسألة ليست مجرّد أنّ الفنّ في فرنسا وصل إلى هذا المستوى من السقوط والانحطاط، بل القضيّة هي سياسة تلك الدولة التي تدافع عن هذا العمل الخاطئ، وذاك المسؤول السياسيّ الذي يعلن دعمه الصّريح لهذا العمل.

أنتم تقولون إنّ هذا الطّرف [المسلم] قتل ذلك الإنسان، فلماذا بدلاً من إظهاركم الأسف والتّعاطف مع المقتول تأتون بهذه الرسوم المسيئة، وتنصبونها في مكان ظاهر للجميع، وتدافعون عنها بكلّ صراحة؟ هذه حادثة مؤلمة وقبيحة جدّاً على مستوى دولة، وليست مجرّد عمل لفنّان أو رسّام كاريكاتير.

في المرّات السابقة، عندما حدثت أعمال مشابهة لذلك، رأينا –أيضاً- كيف أنّ مسؤولين في الدولة وشخصيّات سياسيّة انبروا للدّفاع عن هذه الأعمال وحمايتها.

* غضب الأمّة الإسلاميّة يدلّ على أنّ المجتمعات الإسلاميّة حيّة
إنّ الأمّة الإسلاميّة أبدت اعتراضاً وغضباً عارمين، وهذا يدّل على أنّ المجتمعات الإسلاميّة لا تزال حيّة، وهو ما يبعث على الرّضى. إنّ الشّعوب المسلمة وحتّى كثيرين من المسؤولين والشخصيّات السياسيّة شرقيّ العالم الإسلاميّ وغربيّه –طبعاً هناك من أظهر حقارته حتى هنا– عبّروا عن غضبهم واعتراضهم، ودافعوا عن الهويّة الإسلاميّة والشّخصية العظيمة للنبيّ الكريم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وهذا يدّل على أنّ الشعوب المسلمة حيّة. لكن هناك عبرة لافتة في هذه الحادثة هي من جملة الأشياء التي يجب أن يلتفت إليها الذين يعملون في السياسة ويتابعون المسائل السياسيّة في العالم. العبرة في الحادثة هي ربط الدّولة الفرنسيّة بين هذه القضيّة وموضوع حقوق البشر وحرّية التعبير وأمثالها.

* تقديم الدّولة الفرنسيّة الدّعم إلى أكثر الإرهابيّين عنفاً ووحشيّةً في العالم
لنرَ الآن هذه الدولة الفرنسية أيّ دولة هي، وسياستها أي سياسة؟ هي السياسة نفسها التي انتهجتها وجعلت من أراضيها ملاذاً آمناً لأكثر الإرهابيّين عنفاً ووحشيةً في العالم؛ أي الإرهابيّين الذين استهدفوا رئيس الجمهوريّة في بلادنا، ورئيس الوزراء، ورئيس السّلطة القضائيّة، وأشخاصاً كثيرين من أعضاء المجلس والحكومة والسلطة القضائيّة، وأدّوا إلى استشهادهم. طبقاً للإحصاءات لدينا، فقد تسبّب هؤلاء في استشهاد أكثر من سبعة عشر ألف شخص من عامّة الناس في الأزقّة والأسواق. هؤلاء ليسوا إرهابيّين عادييّن، وهم يقيمون في فرنسا وباريس، ثمّ يأتي هؤلاء ويدّعون الدّفاع عن حقوق الإنسان وحرّيّة التعبير. هذه الدولة نفسها كانت من أكبر الداعمين للذئب الدمويّ صدّام أيّام الحرب المفروضة –طبعاً، لا يمكننا القول إنّ دعمها كان أكبر من الدّول الأخرى لكنها كانت من الدّاعمين الكبار لصدّام أثناء هذه الحرب–، وقدّمت له أحدث الطّائرات والمعدّات الحربيّة المتطوّرة، ولم تخجل من فعلتها واعترفت بذلك. هذا سلوكهم تجاه الإرهابيّين وأمثالهم، وقد شاهدتم كيف تعاملوا مع المتظاهرين من شعبهم في مظاهرات أيّام السبت التي اندلعت خلال السنة الأخيرة! ثمّ يأتي هؤلاء ويدّعون أنهم من أهل الدّفاع عن الحريّات وحقوق الإنسان وأمثال ذلك!

* الدفاع عن الوحشيّة الثقافيّة وعن المنافقين وصدّام وجهان لعملة واحدة
إنّ الدفاع عن العمل الإجراميّ لرسام الكاريكاتير، والدّفاع عن المنافقين (جماعة «خلق») وعن صدّام وتقديم الدّعم لهما، هما وجهان لعملة واحدة.
لقد تكرّرت الإساءة إلى القرآن وإلى النبي المعظّم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في السنوات الأخيرة في الدّول الأوروبيّة وأمريكا، لكنّها لن تستطيع الخدش، ولو قليلاً، بكرامة نبيّ الإسلام (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وجلالته وعظمته؛ واضح جدّاً أن الوجه النّورانيّ لنبيّ الرحمة (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لن تؤثّر فيه مثل هذه الأشياء، وسيزداد نور شمسه سطوعاً يوماً بعد يوم. وكما أنّ زعماء مكّة والطّائف في تلك الأيّام، رغم كلّ الجهود التي بذلوها، لم يستطيعوا محو الاسم المقدّس لنبيّ الإسلام (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، اليوم –أيضاً- لن يستطيع هؤلاء «الحضرات» الذين يشبهونهم أن يلحقوا أيّ ضرر بالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

* الابتكار العظيم للإمام الخمينيّ الراحل (قدّس سرّه) بإعلانه «أسبوع الوحدة الإسلاميّة»
في ما يتعلّق بـ«أسبوع الوحدة الإسلاميّة»، أظنّ أنه اتّضحت اليوم أهمّيّة هذا الابتكار العظيم للإمام الراحل (قدّس سرّه) أكثر من أيّ وقت مضى. في ذلك اليوم الذي أعلن فيه إمامنا العظيم «أسبوع الوحدة الإسلاميّة»، ودعا جميع الفرق والمذاهب الإسلاميّة إلى توحيد توجّهاتها وميولها العامّة والسياسيّة والاجتماعيّة، لم يستطع كثيرون ممّن عناهم هذا الخطاب أن يدركوا مدى أهمّيّة هذا النداء، ولا سيّما مسؤولي عدد من الدّول الإسلاميّة، بل إنّ كثيرين منهم أظهروا العناد، وتجاهلوا هذا النّداء لأغراض في أنفسهم. واليوم، نحن ندرك كم كان هذا النداء مهمّاً. عندما يرى الإنسان هذه الأحداث اليوم، وهذه الاختلافات الكثيرة بين الدول الإسلاميّة، وهذه الأحداث المريعة في بعض دول المنطقة؛ في سوريا والعراق وليبيا واليمن وأفغانستان، يدرك كم أنّ الحاجة إلى اتّحاد المسلمين مهمّة، وكم أنّ وحدة الأمّة الإسلاميّة ذات قيمة، تلك التي طرحها الإمام الرّاحل ودعا إليها، ولو أنّها تحققت، ما حدثت كثير من هذه القضايا.

* إدراك العدوّ لمدى الأهمّيّة لوحدة المسلمين وتخطيطِه ضدّها
من المؤسف أنّ كثيراً من الدول الإسلاميّة لم تدرك مدى الأهمّيّة للطرح الذي قدّمه الإمام الراحل آنذاك، لكنّ العدوّ أدرك ذلك جيّداً، وأدرك أهمّيّة هذه الدعوة التي وجّهها الإمام الرّاحل لوحدة المذاهب الإسلاميّة على أساس التوجّهات الكلّيّة –مع احتفاظ كلّ منها بعقائده ومناسكه الخاصّة–، وكم أنّها ستحدّ من نفوذه داخل البلدان الإسلاميّة. لهذا، بدأ التخطيط ضدّ هذا المسار وهذه الحركة. ووضع خططاً عمليّة لمواجهة نداء الوحدة الذي رفعه إمامنا العزيز، من جملتها:

1- إيجاد مراكز لإنتاج الفكر المُعادي لما نسميه التّقريب بين المذاهب الإسلاميّة.
فقد أنشؤوا مراكز لإنتاج الفكر، وقدّموا المال إلى بعض العملاء ليجلسوا في هذه المراكز وينتجوا أفكاراً وأبحاثاً تتعارض مع فكرة التقريب هذه؛ أي أن يعملوا عبر مراكز لإنتاج الفكر من أجل إحباط سياسة الإمام وهذا التدبير الإلهيّ العظيم الذي عمل عليه.

2- صناعة الجماعات التكفيريّة.
فجماعة «داعش» الجرّارة أوجدها أعداء الإسلام، وقد اعترف الأمريكيّون بذلك. طبعاً، نحن كنّا نعلم بذلك، ولدينا معلومات، لكن عندما ندّعي هذا الادّعاء ربّما يكون كلامنا محلّ أخذ وردّ، لكن هم أنفسهم اعترفوا بهذا، سواء الذين أوجدوا «داعش» في الحكومة الأمريكية السابقة أو التي بعدها، ولا سيّما هذا الذي يتربّع على عرش السلطة الآن. لقد قال بكلّ صراحة إنّهم مَن أوجدوا «داعش» وقدموا إليها الحماية والدعم، بل أمروا عملاءهم في المنطقة، الدول التابعة لهم، لكي يمدّوا «داعش» بالمال ويشتروا لها السلاح وكلّ ما تحتاج إليه من عتاد وتجهيزات.

إذاً، هؤلاء أوجدوا مراكز لإنتاج الفكر المُعادي للوحدة، وكذلك تيارات تكفيرية إرهابية، واستطاعوا أن يُقحموا في هذا المسار الكثير من العناصر الجاهلة والغافلة، وأن يُدخلوهم في هذه اللّعبة، بإثارة غضبهم ودفعهم ليشتم كلٌّ منهم الآخر. لهذا، نرى مثلاً شخصاً من أهل المنبر، في إحدى الدول الجارة، يقوم فجأة ويصعد المنبر ويكيل الإساءات إلى مقدسات المذهب الآخر ورموزه، ثمّ ينزل من على المنبر، ويذهب إلى السفارة البريطانيّة طالباً اللجوء. أمثال هذه الحوادث كثيرة وليست قليلة أبداً. يدفعون أشخاصاً ليحرّضوا الناس ويثيروا غضبهم، كي يقتتلوا بينهم.

إذاً، هؤلاء قالوا بصراحة إنّهم وراء هذه الأعمال، ولكن إثم بعض دول المنطقة الذين تولّوا تقديم الدعم الماليّ إلى هذه الجماعات أكبرُ بكثير من الأفراد التّابعين لها؛ أي ذاك الشخص الذي جاء من إحدى بقاع العالم الإسلاميّ، وانضمّ إلى هذه الجماعات من منطلق التعصّب الدينيّ وبسبب الجهل ذنبه أقلّ من ذاك الرئيس وذاك المسؤول وذاك الملك الذي أمدّ هذه الجماعات بالمال، وقدّم إليها التّسهيلات، وهيّأ لها السّلاح والعتاد وغيرها. طبعاً يبقى المجرم الأساسيّ هم الأمريكيّون.

* أمريكا والنّظام السعوديّ هما المجرمان الأساسيّان في مسألة التيّارات التّكفيريّة
أما موضوع التيّارات التكفيرية في هذه المنطقة، فيتحمّل جرمها أساساً الأمريكيّون، ثمّ أتباعهم السعوديّون الذين قدّموا المال والدعم إليها، كما أنّ الأمريكيّين ارتكبوا جرماً آخر بغزوهم البلدان الإسلاميّة بذريعة هذه الجماعات التكفيرية، فغزوا أفغانستان وسوريا، وكانوا يخططون لغزو أماكن أخرى مثل العراق ولا يزالون، لكنّ شباب العراق والشعب العراقي المؤمن لن يسمحوا لهم بذاك، فغيرتُهم وتعصّبهم للحق سيمنعان أمريكا، إن شاء الله، من تحقيق مبتغاها. لكن هؤلاء لديهم خطة ويسعون جاهدين للنفوذ داخل هذه الدول. طبعاً في كلّ مكان دخلوه زرعوا الخراب وسلبوا الأمان. لقد دمّروا البنى التحتية للدول التي دخلوها ونشروا الفوضى وأشعلوا الحروب الداخلية وأرهقوا كاهل الحكومات بإشغالهم بالمشكلات لكي لا تتمكّن من القيام على وظائفها الأساسية. إنّهم المصداق الحقيقيّ لقوله – تعالى –: ﴿وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ﴾ (البقرة، 205)؛ هذا ما فعلوه تماماً، فهذه الآية تنطبق عليهم بما للكلمة من معنى.

 

 
 

من توجيهات القائد (دام ظله)

 

التّصوّر الخاطئ لبعضهم حول الاستسلام أمام أمريكا

إنّ بعضهم لديه تصوّر خطأ عن الدولة والنظام الأمريكيّين. يظنّون أنّه لو استسلمت دولة ما للنظام الأمريكيّ، فستحقّق مكاسب من ذلك. هذا الأمر غير صحيح، وإنْ كان هناك دول تقيم علاقات مع أمريكا ووضعها الاقتصاديّ جيّد، فذلك بسبب أنّها لا ترضخ –بمقدار ما تسمح هذه الدول لأمريكا أن تتدخل في شؤونها، ستتلقى الضربات–، وأما تلك الدول التي استسلمت للإرادة الأمريكيّة، وخضعت لسياساتها وإملاءاتها، فتلقّت ضربة. مثال ذلك معاهدة «كامب ديفيد» التي أدّت إلى تأخّر الدولة الموقّعة عليها ثلاثين سنة أو أربعين إلى الوراء. المثال الآخر النظام البهلوي في بلادنا الذي أرجعها إلى الوراء بسبب استسلامه أمام سياسات أمريكا. ويوماً بعد يوم تزداد هذه الأنظمة تبعيّة ومعاناة.

 

 
 

استفتاء

 

الاستخارة للزواج

س: يلجأ بعض الآباء للاستخارة قبل التقدّم لزواج أبنائهم، ويعملون على أساسها. فهل تلزم الاستخارة في مثل هذه الموارد؟
ج: بشكل عام تستخدم الاستخارة لرفع الحيرة والتردّد في الإتيان بالأعمال المباحة؛ سواءٌ كان التردّد في أصل العمل أو في خصوصياته. بناءً عليه، إذا كان الموضوع عمل خيرٍ ولا حيرة فيه، فلا تلزم الاستخارة. نعم، لا يوجد إلزام شرعي بالعمل بنتيجة الاستخارة وإن كان الأفضل عدم مخالفتها.

 
 

القائد (دام ظله) يكشف الأعداء

 

الانحطاط السياسيّ والمدنيّ والأخلاقيّ في النّظام الأمريكيّ

للحقّ والإنصاف، إنّ النّظام الأمريكيّ يعاني من تردٍّ كبير على المستوى السياسيّ والمدنيّ والأخلاقيّ. هذا ليس تحليلاً. ما أقوله ليس مجرّد تحليل، بل هو ما يقولونه بأنفسهم، ما يقوله كتّابهم ومفكّروهم داخل أمريكا. هم من يقولون هذا. في السنوات الأخيرة، أُلّفت كُتُب عدّة حظيت بنسبة مبيع كبيرة داخل أمريكا تكشف الستار عن أمور كثيرة. تُرجم أحدها إلى الفارسيّة، وقد قرأته شخصيّاً. إنّه مليء بالشواهد على هذا التردّي والانحطاط، فمن يقرأ هذا الكتاب، سيجده من أوّله إلى آخره يشير إلى مدى الانحطاط في النظام السياسيّ الأمريكيّ وتصرّفات الرؤساء الأمريكيّين. بناء على هذا، لن يطول أمد هذه الإمبراطوريّة. عندما يصل الوضع السياسيّ إلى هذا المستوى من التردّي في نظام ما، من الواضح أنّه لن يُعمّر طويلاً، وسوف ينهار. طبعاً إنْ جاء أحدهم إلى السلطة، فسيُعجّل الانهيار، والآخر ربّما يؤخّره قليلاً، لكن في جميع الأحوال هذه هي الحقيقة.

 
2020-11-24