- إنّ انتصار الجمهوريّة الإسلاميّة في الحرب المفروضة كان واضحاً وضوح الشمس.
- في «الدّفاع المقدّس»، برزت أعلى مراتب الفضائل العسكريّة والعروج المعنويّ والارتقاء الروحيّ.
- علّمتنا مرحلة «الدّفاع المقدّس» أنّ الكثير من الأشياء التي تبدو مستحيلة في الظاهر يمكن أن تتحقّق فعليّاً، إذا عزمنا.
- إنْ كنتم تريدون ألّا يصيبكم الخوف ولا الحزن، اتخذوا من المقاومة والاستقامة نهجاً لكم.
|
بسم الله الرحمن الرحيم
* «مرحلة الدّفاع المقدّس»
1- انتصار الثورة وهزيمة العدوّ
إنّ العدو أثار هذه الحرب لإسقاط نظام الجمهوريّة الإسلاميّة، النظام الإسلاميّ، واستبدال حكومة تابعة وضعيفة وعميلة له، ليُعيد هيمنته على البلاد، لكن العدوّ قد هُزم. إنّ هذه المسألة الأساسية والمُهمّة جدّاً: هل إيران انتصرت في الحرب أم لا؟
جوابها: إنّ انتصار الجمهوريّة الإسلاميّة في الحرب المفروضة كان واضحاً وضوح الشمس. هل هناك نصر أكبر من هذا؟ أنْ تهاجم جميع القوى الكبرى في العالم آنذاك دولة ما، لتُسقط نظامها ولتُسيطر عليها ولتُقسِّم أراضيها، وتستخدم كلّ قدراتها على مدى ثماني سنوات، ثمّ لم تقدر في النهاية على فعل شيء، أليس هذا نصراً؟ لقد حقّق الشّعب الإيرانيّ نصراً متلئلئاً.
2- المشاركة الشعبيّة وتفجّر الطاقات
استطاعت مرحلة «الدّفاع المقدّس» أن تُقدِّم نموذجاً جديداً عن المشاركة الشعبيّة. كانت طريقة مشاركة الناس مذهلة وأساساً لتفتّح المواهب.
لقد استطاع أفراد الشعب الراغبون في المشاركة على هذا الصعيد، أيّاً كانوا، أن يجدوا لهم مكاناً ضمن هذه الحركة التطوّعيّة والحيّة والفعّالة والمفعمة بالحماسة. مثلاً المقاتل في الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة الذي وصل إلى الجبهة بتزوير البطاقة الشخصيّة استطاع أن يجد له مكاناً هناك، ولم يجلس دون عمل، فكان يأتي بالماء للمقاتلين، أو ينقل الرسائل والأخبار، وغيرها من الأعمال. كذلك الشيخ المسنّ، ابن السبعين، يذهب إلى الجبهة، ويجد ما يفعله. فما يُنتظر من رجل مسنّ في الجبهة كان واضحاً ومعلوماً؛ لم يكن أحد بلا عمل، لا الطفل ابن الثالثة عشرة، ولا المسنّ ابن السبعين. أو مثلاً التلميذة في الثامنة أو التاسعة أو العاشرة – في المرحلة الابتدائية – التي كانت تريد أن تشارك في هذا العمل كانت تجد لها مكاناً، فتُمسك ورقة وتكتب رسالة إلى أخيها المجاهد المجهول، وتضع هذه الرسالة في صناديق الطعام والهدايا التي يرسلها الناس إلى الجبهة. كثيراً ما كان يحدث أن يفتح أحد المجاهدين في ساحة المعركة صندوق الطعام، فيجد فيه رسالة، فيقرؤها ليجد أنها مرسلة من طفلة في السابعة أو الثامنة أو العاشرة، كتبت فيها: «أخي المجاهد! قوّاك الله، أنا أدعو لك»... وغيرها من العبارات؛ أي حتّى الطفلة الصغيرة استطاعت المشاركة هنا. كما كان يمكن لسيّدة محترمة أن تشارك في تقديمها العون إلى المجاهدين خلف خطوط الجبهة، بالخياطة أو الطّبخ أو صناعة المربّى أو المخلّلات أو الخبز أو غسل الثياب. أنا شخصيّاً ذهبت إلى الأهواز أيّام الحرب، ورأيت في إحدى النقاط جمعاً من السيّدات المحترمات كنّ يغسلن ثياب المجاهدين المتّسخة. الكلّ كان يجد سبيلاً للمشاركة وأداء عمل ما. الأطبّاء الجرّاحون كان بإمكانهم أن يشاركوا، وقد شاركوا، ورأيناهم هناك. التاجر، رجل الدّين، عمال المصانع، الشاعر، المنشد، السّائق، الحرفيّ، المزارع القروي، الموظّف... كلّ أصناف الناس كان بإمكانهم أن يشاركوا في هذه الحركة الشعبيّة العظيمة. كان هذا أنموذجاً جديداً ليس له نظير في العالم.
على إثر هذه الحركة الجماعيّة، كم ظهرت من طاقات ومواهب! على سبيل المثال، ينهض شابّ من قرية من نقطة ما في البلاد، ويأتي إلى المدينة، وينضمّ إلى هذه الحركة، ليصبح في ما بعد الحاجّ قاسم سليمانيّ. لقد كانت حركة عظيمة. أو مثلاً ذاك الطالب الجامعيّ الشابّ، الذي لم يكن قد أمسك البندقيّة بيده حتّى مرّة واحدة، ويذهب إلى الجبهة تطوّعاً، وفي أحداث الجبهة، وخلال سنة ونصف مثلاً، يصير عضواً بارزاً ومؤثّراً في أحد المقرات العسكريّة الرفيعة المستوى. أو مثلاً شابّ يعمل في إحدى الصحف وينشط في عمل النشرات، فيذهب إلى الجبهة، وبعد مدة قصيرة يصير الشهيد حسن باقريّ، النابغة في استخبارات الحرب. لقد شوهدت مثل هذه الحالات العجيبة وظهور هكذا مواهب. والوجوه التي خلّدتها الحرب وشهداؤها العظام هي من قبيل هؤلاء.
3- ظهور أعلى الفضائل الأخلاقيّة والعروج المعنويّ
في «الدّفاع المقدّس»، برزت أعلى مراتب الفضائل العسكريّة والعروج المعنويّ والارتقاء الروحيّ. فأنا لم أجد مثيلاً لذلك في أيّ مكان إلّا في جبهات «الدّفاع المقدّس». السِيَر التي كُتبت تُظهر هذه الخصوصيات، والوصايا أيضاً، والأحوال التي كانت تُنقل عن بعض المجاهدين، (كلّها) تُظهر ذلك. الفضائل الأخلاقية مثل المودّة والصّدق والصفاء. أساساً كانت الجبهة منطقة للصّدق والصّفاء، فالجميع كانوا يعيشون الصفاء بينهم. الإخلاص والعمل لله... كان هناك أشخاص يتدرّبون على الإخلاص، وفي الوقت نفسه يُثبتون إخلاصهم في العمل لله هناك. التواضع وخدمة الآخرين... يقرأ المرء في السِيَر مثلاً أنّ مجموعة كانوا نائمين في خيمتهم ليلاً، وعندما يستيقظون في الصباح، يجدون أحذيتهم العسكريّة مُلمّعة. من الذي لمّعها؟ غير معلوم. بعد التحرّي، يُعلم أن قائد السّرية مثلاً أو المجموعة جاء ليلاً ولمّع جميع الأحذية، أو غسل ثيابهم التي كانوا قد جمعوها ليغسلوها، أو نظّف لهم المَرافق. هذا التواضع وهذه الخدمة وروح الخدمة والإيثار والتضحية والفداء إنّها أمور عجيبة.
وبعد ذلك تلك الحالات المعنويّة، وذاك البكاء في جوف الليل، وقيام الليل، وتلك الحماسة، والعشق التوحيديّ، وذاك العزوف عن الزخارف الدنيويّة، والارتباط الغيبيّ في بعض الحالات. بعض هؤلاء الأعزّاء، وصل بهم الأمر في الجبهة أن يروا المستقبل ويخبروا عنه: عن شهادتهم، عن شهادة أصدقائهم، عن الأحداث التي يمكن أن تصير. هذه الأشياء ذكرت في سِيَر المجاهدين، وهي مهمة جدّاً.
4- مكاسب مرحلة «الدّفاع المقدّس»
إنّ مرحلة «الدّفاع المقدّس» صنعت مكاسب ثمينة وأشياء كثيرة للبلاد.
أوّلاً: أمن البلاد هو ببركة «الدّفاع المقدّس». فعندما يثبت أيُّ شعب أنّ لديه الهمّة والقدرة للدفاع عن نفسه، وأن يردّ على المعتدي بردٍّ ساحق، هذا يجعل العدوّ يفكّر مليّاً قبل أن يرتكب أيّ عدوان. وإذا أراد أن يحسبها بعقلانيّة، سيفهم أنّ هذا العمل ليس مجدياً وسيكلّفه كثيراً.
ثانياً: إنّها مَنحَت شعبنا روح الإيمان بالذّات. فمثلاً عندما ينهض شابّ يبلغ من العمر نيّفاً وعشرين عاماً، ويقود خلفه مجموعة أو فرقة عسكريّة بكلّ اقتدار وثقة بالنفس، ويوجّه ضربة موجعة إلى العدوّ، هذا يمنح الناس الإيمان بالذّات. ولقد استطاعت «الدّفاع المقدّس» أن تُثبت أنّها تستطيع إخراج الشعب من الأزمات مرفوع الرأس، كأزمة الحرب المفروضة.
ثالثاً: الحركة باتّجاه الإبداع التقني والعلميّ التي حققناها هي أيضاً من مكاسب «الدّفاع المقدّس»؛ لأنّنا كنّا فيها بحاجة إلى أشياء كثيرة، ولم نكن نملكها ولم نملك إمكاناتها، فتحرّكت الطاقات المؤمنة والمُضحّية وذهبت تفكّر في صناعتها. مثلاً قام الشهيد حسن (طهراني) مُقدَّم في تلك الأوقات وعمل في مرحلة على صناعة الصواريخ بإتقان، إذ إنّه وآخرين قالوا لنا: تعالوا وزورونا، وقد ذهبنا إلى هناك ورأينا كيف انطلقوا بهذا العمل.
وهناك الإقدام على أعمال تبدو غير ممكنة في الظاهر، وهذا الأمر علّمتنا إيّاه «الدّفاع المقدّس» أيضاً. فهي صنعت لنا هذا المكسب: أن نعرف أنّ الكثير من الأشياء التي تبدو مستحيلة في الظاهر يمكن أن تتحقّق فعليّاً، إذا عزمنا.
رابعاً: الارتقاء بثرواتنا البشريّة. ولحسن الحظّ، الكثير من العناصر الذين حضروا في سنوات «الدّفاع المقدّس» الثماني وبعدها موجودون ولا زالوا يخدمون في القطاعات المختلفة والمتنوّعة في البلاد، وشهيدنا العزيز قاسم سليماني كان أنموذجاً عن ذلك، فقد كان له نشاطات مذهلة على الصعيد الدبلوماسيّ والدوليّ، والمنطقة. في الحقيقة، إلى الآن لا يَعرف الكثير من الأصدقاء والإخوة المؤمنين والشعب الإيراني عن مدى نشاط الشهيد سليماني ونطاقه. إنهم يعرفون بعض الأشياء مثل وجوده في بعض الجبهات، أما تفاصيل نشاطه وجزئياته، فهي أكثر من ذلك بكثير. ربما يُكشف عنها في المستقبل بالتدريج، إن شاء الله. كان أنموذجاً عن الثروة البشريّة التي صُنعت في الحرب.
خامساً: فضح الغرب وإظهاره على حقيقته. فمن المكاسب الأخرى التي قدّمتها مرحلة «الدّفاع المقدّس» أنها عرّفتنا حقيقة الحضارة الغربيّة المُزيّفة وواقعها.
إنّ جميع الغربيّين كانوا يحرموننا أقلّ الإمكانات! لم نحصل على أيّ شيء من الخارج، حتّى الأسلحة الخفيفة، بل حتّى الذخائر، لم نحصل عليها بسهولة. أمّا للطرف المقابل، فكانوا يعطونه كلّ شيء. من طائرات «ميراج» القاذفة إلى طائرة «سوبر اتندارد» لقصف السفن، إلى تزويده بالمعلومات عبر الأقمار الصناعيّة عن أماكن تجمّع قوّاتنا وتحرّكاتها، وإلى المال والدبّابات، إلى السّلاح الكيميائيّ! وهذا يعني أنّ الغربيّين والأوروبيّين داسوا بذلك على كلّ ادعاءاتهم الإنسانيّة وحقوق البشر، وناقضوا كلّ هذه الادعاءات بتقديمهم الدعم إلى نظام فاسد وقمعيّ وعدوّ للإنسانيّة.
* زوال الخوف والحزن بالمقاومة وبالاستقامة
إنّ الحرب بطبيعتها ظاهرة مخيفة وعنيفة، لكن من هذه الظاهرة المخيفة والعنيفة الممتدة ثماني سنوات تمّت هذه البركات التي ذكرت بعضها، وهي أكثر من ذلك بكثير. أي كسبنا من الحرب البِشارة والتقدّم والتجدّد. إنّ هذه الحرب رغم كلّ صعوباتها ومشكلاتها، ورغم كلّ الخسائر التي تركتها لنا في كلّ مكان، فإنّها حقّقت لنا مكاسب. بالفعل كانت كذلك.
إن أدبيات الحرب عامة هي أدبيات مُبشّرة؛ انظروا ماذا يقول القرآن الكريم حول الشهداء: ﴿وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (آل عمران: 170). يُعطَون بشارة. يُبَشّرون بماذا؟ بأنّه يجب ألّا يكون لديهم آفتان، وليس لديهم ذلك؛ أي أنهم يُبَشّرون بانتفاء هاتين الآفتين: أحدهما الخوف، والأخرى الحزن.
في اعتقادي، إذا كنّا نريد النشاط الاجتماعيّ والأمل والحيويّة، وإذا كنّا نريد التجدّد لأجيالنا الشابّة، يجب علينا أن نؤمن بهذا البيان القرآنيّ الملكوتيّ، فكلمة «يستبشرون» مهمّة جدّاً. إنّ الخوف والحزن آفتان كبيرتان على أيّ شعب، أو جماعة، أو إنسان ما. هاتان الآفتان لا يمكن التخلّص منهما إلّا بالبشارة القرآنيّة، وكذلك يمكن التخلّص منهما إذا قاومنا، وهذا أيضاً هو مفاد الآية القرآنيّة: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُو﴾ (فُصّلت: 30). فالمقاومة هي كذلك. إنْ كنتم تريدون ألّا يصيبكم الخوف ولا الحزن، اتخذوا من المقاومة والاستقامة نهجاً لكم. عندئذٍ ستتحرّرون من الخوف والحزن.
|
ضرورة العمل بواجباتنا في موضوع «كورونا»
لا تستهينوا بموضوع «كورونا». تلاحظون كيف يبذل المسؤولون جهوداً جبّارة وتضحيات كبيرة؛ من أطبّاء وممرّضين ومديرين وغيرهم، فيعملون ويبذلون الجهود بصورة متواصلة. يجب علينا، نحن الناس، أن نتحمّل مسؤوليّاتنا، وأن نراعي مسألة التباعد الاجتماعيّ، وأن نرتدي الكمامات، وأن نعمل بالتوصيات، وأن نغسل أيدينا دائماً... جميعها أعمال ضروريّة يجب أن نفعلها.
|
الصوم الاستئجاريّ لمن عليه قضاء شهر رمضان
س: هل يجوز لمن عليه قضاء صوم شهر رمضان أن يصوم صوماً استئجارياً؟
ج: لا إشكال في ذلك.
|
اذهب من أجل الإسلام
يقف الإنسان حائراً أمام تأثير الإيمان الدينيّ العميق لأمّهات الشهداء، فأن تأتي أمّ -ولا أحد يستطيع أن يدرك شعور الأمومة إلّا الأمّ نفسها- تأتي هذه الأمّ وترسل ابنها الشاب إلى الجبهة، وعندما يأتي الشابُّ ويطلب من أمّه أن تأذن له بالذهاب، تقول له: لأنّك تريد الذهاب من أجل الإسلام فاذهب، اذهب من أجل الإسلام. وعندما يُحضرون جثمان هذا الشابّ نفسه، تفرح الأمّ بأنّها قدّمته في سبيل الله، فتقول: لقد قدّمتُ ابني في سبيل الله.