الحجّ الحقيقيّ هو ذاك الحجّ المصحوب بالبراءة من المشركين، والذي يشكّل أرضيّة لوحدة المسلمين واتحاد كلمتهم.
الحجّ ساحةٌ عمليةٌ للدلالة على امتزاج الدين بالسياسة والحياة والعلم، وامتزاج الدنيا بالآخرة والمعنويّة بالماديّات.
|
بسم الله الرحمن الرحيم
* الحج: امتزاج الدنيا بالآخرة
مضافاً إلى كلّ الجوانب المتنوعة الموجودة في الحجّ- هذه الفريضة الكبرى – فإنَّ
الحجّ يتميّز بخصوصيّة أنّه مظهر امتزاج المعنويّات بالسياسة، والمعنويّات بالجانب
المادّي، والدنيا بالآخرة. ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي
الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ (البقرة:
201). إنّ الذين يدعون الله هكذا في الحجّ ويسألونه تعالى حسنة دنيويّة وحسنة
أخرويّة هؤلاء ممدوحون ومقبولون في القرآن؛ بمعنى أنَّ الدنيا والآخرة مجتمعتان في
الحجّ.
* الحجّ: توأمة الدين والسياسة
عمل أعداء الإسلام والجهلاء الذين لا يعرفون عن الإسلام شيئاً- على مدى سنين طويلة-
على الفصل بين المعنويّات وبين شؤون الحياة وقضايا إدارة المجتمع في الإسلام، وهذا
معناه «فصل الدين عن السياسة».
ولكن عندما ظهرت الجمهورية الإسلاميّة بطَلت كلُّ هذه الأقاويل وتبيَّن أنَّ
الإسلام قادر على إدارة ساحة السياسة وساحة الحياة وساحة إدارة البلاد وساحة تعبئة
الجماهير بكلّ قدراتهم وطاقاتهم، على أفضل وجه، فهو أكثر توفيقاً ونجاحاً في هذه
المجالات من الشعارات التي كان يطلقها الشيوعيّون والليبراليّون والغربيّون عموماً.
* الحجّ: اجتماع الناس ليس للعبادة فقط
الحجُّ ساحةٌ عمليّةٌ للدلالة على امتزاج الدين بالسياسة والحياة والعلم، وامتزاج
الدنيا بالآخرة والمعنويّة بالماديّات.
كيف ذلك؟ لديكم في الحجّ التضرُّع والدعاء والتوسل والبكاء والطواف والسعي والصلاة
وأيضاً اجتماع الناس، وهذا مهم جدّاً؛ إذ لو كان الله تعالى في دعوته الناس إلى
الحجّ يقصد فقط أن يأتي الناس إلى هناك ويقضوا أيّاماً في رحاب المعنويّات، لما كان
من اللّازم أن يحدّد زمناً معيّناً، بل كان يمكن لكلّ شخص أن يذهب في أي وقت أراد،
ولكن لا، للحج زمانه المعيّن المحدّد. في هذا الزمن المحدّد يجب أن يأتي الناس من
كلّ العالم الإسلاميّ، وليس لسنة واحدة، أو لسنتين، بل على طول التاريخ، على مدى
أيام معينة يجتمع الذين يستطيعون في مكان واحد من كل العالم الإسلامي، فما معنى هذا؟
هذا معناه أنّ هذا الاجتماع نفسه بين المسلمين هو ما يقصده الله تعالى، هذا ما
يريده الله تعالى. وهذا معناه تشكيل الأمّة الإسلامية، وهذه هي النظرة لاجتماع
المسلمين وتجمّعهم، والحجّ مظهر هذا الشيء.
* مكّة لجميع المسلمين
في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ (البقرة: 199)،
وقوله سبحانه: ﴿سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ﴾ (الحج: 25)، لا فرق بين أهل
مكّة وغيرهم، فهذه الأرض ملكٌ لجميع المسلمين. فلا يتصور بعض الناس أنَّ هذه الأرض
لهم ومن حقّهم أن يتصرفوا فيها كيفما حلا لهم. كلّا، كلُّ المسلمين لهم حقّ متساوٍ
في الكعبة الشريفة والمسجد الحرام وهذا الموطن الشريف والفضاء المقدس للحرمين
الشريفين. والأمر نفسه ينطبق على المدينة المنوّرة، فهي أيضاً لجميع المسلمين؛
لأنَّ الرسول (ص) للجميع.
* وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ
تجمُّع المسلمين في الحجّ وتعاطفهم وانسجامهم وتناسقهم وتواصلهم وارتباطهم أحد
الأهداف المهمة للحجّ.
طبعاً، الدولة المسيطرة على تلك المنطقة لا تريد هذا، وتختلق العقبات بأيّ وسيلة
ممكنة. إذاً، الذين يفصلون السياسة عن الإسلام ويرفضونها لم يفهموا الإسلام بالشكل
الحقيقيّ، ولم يفهموا آيات القرآن. آيات القرآن، سواء ما يتعلق منها بالحجّ أو
بالجهاد أو بالعلاقات بين الناس في المجتمع أو بسيادة الحاكم الإسلامي في
المجتمع...، تُشكّل سياسات تختصّ بالإسلام. وسيادة الشعب الإسلاميّة التي تحدّثنا
عنها مستمدّة من متن الإسلام ومتن القرآن، ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾
(الشورى: 38).
* إنّهم يصدّون عن سبيل الله
إحدى النقاط هي أنّه يجب أن لا يمانع أيُّ شخص ويحول دون تطبيق مفاهيم الحجّ كافّة.
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ﴾ (الحجّ: 25) الذين يصدون عن سبيل الله ويصدون عن المسجد الحرام، هذا
الصدُّ والمنع والحؤول لا يعني فقط أنّهم لا يسمحون لكم بالذهاب إلى مكّة، فقد
يسمحون لكم بالذهاب إلى مكّة، لكنّهم لا يدعونكم تستفيدون من مفاهيم الحجّ. هذا
أيضاً صدٌّ عن سبيل الله، وهو أيضاً صدٌّ عن المسجد الحرام. الذين يقومون بهذا، تلك
الدولة وتلك الحكومة التي ترتكب هذه الحماقة الكبرى، إنّما تصدُّ عن سبيل الله.
ينبغي معرفة مفاهيم الحجّ والعمل والسلوك طبقاً لها.
الحكومة السعودية التي تحول دون انتفاع الحجّاج من مفاهيم الحجّ إنما ترتكب حماقة
كبرى وتصدُّ عن سبيل الله والمسجد الحرام.
وحصيلة القضيّة هي أنَّ الكعبة ملك الجميع. ما نعتقده هو أنَّ الشعب الإيرانيّ بعد
انتصار الثورة وببركة هداية الإمام الخميني الجليل أدرك واكتشف وفهم معنى جديداً
للحج.
منذ السنة الأولى لانتصار الثورة حين توجّه بعض الأشخاص للحجّ، وأرسل الإمام
الخمينيّ الجليل نداءً للحجّاج ولمسلمي العالم تبينت واتضحت للشعب الإيراني مفاهيم
جديدة للحج، فتابع تلك المفاهيم وسار عليها، الحجّ المصحوب بالبراءة، الحجّ المصحوب
بالتفاهم مع المسلمين، الحجّ الذي هو مظهر ﴿أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ﴾
و﴿رُحَمَاءُ بَينَهُم﴾ (الفتح: 29). الحجّ يجب أن يكون مظهر ﴿أَشِدَّاءُ عَلَى
الْكُفَّارِ﴾ و﴿رُحَمَاءُ بَينَهُم﴾. والحالة المعاكسة لذلك هي أن يخلقوا الخلافات
ويفصلوا بين الإخوة. لكنَّ هؤلاء مرتبطون بالاستكبار العالمي وبأمريكا. هذه هي
الحالة المعاكسة لما أراده الحجّ من الناس وما أراده للناس، والشارع المقدس شُرّع
لخير الناس ولصالحهم. ينبغي أداء الحجّ بهذه الروح وهذه الحالة.
* الأمن: حقّ الحجّاج الكبير
الأمن هو حق الحجاج الكبير على الذين يسيطرون على تلك المنطقة، وهذا هو مطلبهم
الأصلي. «الأمن» من الخصوصيات التي عيَّنها الله تعالى لبيته ولمدينة مكة وللحرم
﴿جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنً﴾ (البقرة: 125). يجب أن يجتمع
الجميع هناك ويجب أن يكون المكان آمناً. أمن الناس وأمانهم من أهم الأعمال وينبغي
مراعاة هذا الأمان. وهذا بحاجة إلى مطالبة ومتابعة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
|
وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا
إنّه قانون الخِلقة: الصبر والتقوى يجعلان العدوّ المعاند، على الرغم من كلّ
قدراته التي وفّرها لنفسه، لا يستطيع ارتكاب أيّ حماقة في مواجهتكم. ﴿لَا
يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئً﴾ (آل عمران: 120)؛ أي لا يستطيعون إصابتكم بأيّ ضرر،
ولكن بأي شرط؟ بشرط الصبر والتقوى.
والصبر معناه البقاء في الساحة وعدم الخروج منها، والمقاومة في الميدان، والاستقامة.
الصبر يعني التطلُّع إلى الأهداف والآفاق البعيدة. التطلُّع نحو الأهداف البعيدة.
فإذا صبرنا فستكون الآفاق البعيدة لنا، وإذا صمدنا اليوم فسوف ترتقي الأجيال
القادمة لتلك القمّة.
والتقوى تأتي بمعنى مراقبة الذات من أجل عدم الانحراف عن جادة الشريعة الإسلامية
المستقيمة، وبمعنى الورع ومراقبة الذات عند مواجهة العدو، وتجنُّب الثقة بالعدوّ؛
وذلك بقرينة الآيات السابقة لهذه الآية والتي هي حول الأعداء. فكونوا حذرين متنبهين
يقظين مقابل العدوّ، ولا تثقوا به، بل أدركوا حيله وأحابيله وخططه واعلموا ما الذي
يفعله، وما هي حيلته، وكونوا مستعدين يقظين.
|
الغسل لدخول حرم سيد الشهداء (عليه السلام)
س: هل يجب الغسل لدخول
حرم سيد الشهداء (عليه السلام) أم يتعين دخول حرمه بغبار الطريق؟
ج: يُستحب الغسل لسفر زيارة الإمام الحسين (عليه السلام)، أمّا لدخول حرمه
الشريف فيؤتى بالغسل رجاءً.
|
الإيمان هو الذي أحيا فينا روح الأمل والإيثار والتضحية
قبل الثورة كان الشعب أسيراً وعديم الحرية والاختيار، وكان الآخرون مسلطين عليه، فزالت هذه الهيمنة عن الشعب وذاق الشعب الإيراني طعم الاستقلال والحرية. وبتواجد الشعب الإيراني في ساحات الثورة وبانتصار هذه الثورة، تولدت لديه الثقة. وكانت هذه الثقة بالذات مصحوبة بقوّة الإيمان. لم تكن ثورتنا كثورات البلدان الأخرى، لم نكن بلا إله وبلا توكل وبلا روح معنويّة، حتى نتوقّف وسط الطريق، إنّما كان الإيمان هو الذي صاننا وحفظنا وهدانا وتقدَّم بنا إلى الأمام. هذا الإيمان جوهرة ثمينة، وكان روحاً في جسد هذه الحركة العامة. الإيمان هو الذي أحيا فينا روح الأمل وروح الإيثار والتضحية. أن تبعث أم أبناءها الشباب الثلاثة الذين ربَّتهم كالورود في أحضانها إلى ساحة الحرب وتعرِّض أرواحهم للخطر ثم تفتخر بأنها فعلت ذلك، فهذا ما لا يمكن حدوثه إلا بالإيمان. ذلك الشاب الذي يقف أمام قادته ويغضُّ الطرف عن حياته المريحة الوادعة بكل إصرار وتوسل وبكاء ليأخذوه إلى ساحة الحرب، حالة لم تكن ممكنة إلّا بالإيمان. لقد أثار الإيمان الأمل والإيثار والإقدام عند الشعب.
|
1- رد الإمام الخامنئي على هواجس مناصري الثورة الإسلامية خارج إيران: كونوا
على ثقة بأنَّ أحداً لا يستطيع ارتكاب أيّ حماقة، أخبروا الجميع بذلك (2018/08/08)
التقى عدد من الناشطين في المجال الثقافي خارج الجمهورية الإسلامية بالإمام
الخامنئي (دام ظله). وخلال اللّقاء أعرب أحد الحضور عن مخاوف وهواجس مناصري الثورة
الإسلامية في الخارج حيال المستقبل، فردَّ الإمام الخامنئي (دام ظله) عليه قائلاً:
«يجب أن لا يقلقوا [مؤيدو الثورة الإسلامية] على حالنا، إنَّ أحداً لا يستطيع
ارتكاب أيّ حماقة، فليكونوا على ثقة بذلك، لا يوجد أي شكٍّ في هذا الأمر؛ فلتخبروا
الجميع بذلك».
2- انطلاق خدمة موقع الإمام الخامنئي الرسمي على تطبيق whatsapp
في إطار حرصه على تعزيز التواصل مع شعوب الأمة الإسلامية، أطلق الموقع الرسمي
للإمام الخامنئي باللغة العربية (arabic.khamenei.ir) خدمته الإعلامية عبر تطبيق
whatsapp، حيث تُعنى الخدمة بمواكبة آخر أخبار ومواقف قائد الثورة الإسلامية حول
شؤون العالم الإسلامي وقضاياه المركزية.
للاشتراك في هذه الخدمة يُرجى إضافة هذا الرقم 825886 81 961+ إلى قائمة الاتصال
وإرسال كلمة «اشتراك».
3- مواقف للإمام الخامنئيّ (دام ظله) من الحرب على اليمن (2018/08/04):
- ما يحدث في اليمن فاجعة، إنّها كارثة؛ إذ يتعرّض شعب اليمن- ولسبب واهٍ- لهجمات
وقصف من قبل بلد آخر يُسمّى إسلامياً.
- إنّنا سندافع عن أيّ مظلوم، والشعب اليمنيّ اليوم شعبٌ مظلوم، وما من ظلم أشدّ من
أن تُقتل المسلمين في الشهر الحرام، حتّى مشركو مكّة عندما كان يحلّ الشهر الحرام
كانوا يوقفون الحرب.
- نظام الهيمنة يدعم مباشرةً البلد الذي يقصف الشعب اليمني، وليس قصف جبهات قتال
إنّما المستشفيات وبيوت الناس والمساجد والبنى التحتية للبلد هي التي تقصف وتدمَّر.
هذا وضع لا يقبل الدوام والاستمرار.
- يجب على المعتدي أن يكفّ عن عدوانه، وعلى العالم الإسلامي أن يعاقب المعتدي حتّى
لا يفكر الآخرون في الاعتداء.