لا سبيل أمام الشعب الفلسطيني سوى الحفاظ على مشعل الكفاح وهّاجاً بالاتكال على الله تعالى والاعتماد على قدراته الذاتية.
|
بسم الله الرحمن الرحيم
فلسطين ومؤامرة التاريخ
إن قصّة فلسطين المليئة بالغصص والحزن المُمِضّ لمظلومية هذا الشعب الصابر المثابر
المقاوم، لتؤلم بحقٍ، أيّ إنسان تائق إلى الحرية والحق والعدالة، وتملأ قلبه بالأسى
الكبير.
إن تاريخ فلسطين زاخر بالمنعطفات والأحداث في ظلّ احتلالها الظالم وتشريد الملايين
من أبنائها والمقاومة الباسلة التي سطرها هذا الشعب البطل. وإن بحثاً واعياً في
التاريخ يبين أنه لم يواجه شعب من شعوب العالم في أيّ فترة من فترات التاريخ مثل
هذه المحنة والمعاناة والممارسات الظالمة، بأن يتعرض بلد بأكمله للاحتلال بفعل
مؤامرة تتجاوز حدود المنطقة، ويشرَّد شعب من دياره وأرضه، لتحِلّ محلّه جماعة أخرى
تأتي من مناطق شتّى من العالم، ما يُشكّل تجاهلاً لوجود حقيقي مع إحلال وجود زائف
محلّه. بيد أن هذه تُمثّل صفحة ملوّثة من صفحات التاريخ التي ستطوى كغيرها من
الصفحات الملوّثة بإذن الله تعالى وعونه، فقد قال تعالى: {إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ
زَهُوقًا} (الإسراء:81)، وقال: {... أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ
الصَّالِحُونَ} (الأنبياء:105).
فلسطين محور الوحدة
إنّ منطقتنا التي طالما كانت دعامة لشعب فلسطين في كفاحه ضد مؤامرة عالمية، تعيش
هذه الأيام اضطرابات وأزمات متعددة؛ الأمر الذي أدى إلى تهميش موضوع دعم القضية
الفلسطينية والهدف المقدس في تحرير القدس الشريف. إنّ التفطن لنتيجة هذه الأزمات
يجعلنا ندرك مَن هي القوى التي تربح منها. الذين أوجدوا الكيان الصهيوني في هذه
المنطقة ليستطيعوا -عن طريق فرض صراع طويل الأمد- أن يحولوا دون استقرار المنطقة
وتقدّمها، هم اليوم يقفون أيضاً وراء الفتن القائمة التي أدّت إلى استنزاف طاقات
شعوب المنطقة في نزاعات عبثية كي يحبط بعضها مساعي بعضها الآخر؛ ما يوفّر الفرصة
لزيادة قوة الكيان الصهيوني الغاصب أكثر فأكثر بعدما أصيب الجميع بالفشل. كما إننا
نشهد مساعي الخيّرين والعقلاء والحكماء في الأمة الإسلامية الذين يسعون بإخلاص لحلّ
هذه النزاعات. ولكن المؤسف أن مؤامرات الأعداء المعقدة نجحت، من خلال استغلال غفلة
بعض الحكومات، في فرض حروب داخلية على الشعوب وتحريض بعضها ضد بعضها الآخر؛ ما
يقلّل من تأثير مساعي هؤلاء الخيّرين للأمّة الإسلامية. الشيء الخطير في هذه الغمرة
هو محاولات إضعاف مكانة القضية الفلسطينية والسعي لإخراجها من دائرة الأولوية. على
الرغم مما يوجد بين البلدان الإسلامية من خلافات يكون بعضها طبيعياً، وبعضها نتيجة
لمؤامرات الأعداء، وبعضها ناجماً عن الغفلة، إلّا أنّ فلسطين ما زالت تُمثّل
عنواناً من شأنه أن يكون -ويجب أن يكون- محوراً لوحدة كل البلدان الإسلامية.
ادعموها سياسيّاً
إنّ من مكتسبات هذا الملتقى الكريم هو طرح ما يمثل الأولوية الأولى للعالم الإسلامي
ولطلاب الحرية في العالم، ألا وهو موضوع فلسطين، وتوفير أجواء التعاطف لتحقيق الهدف
السامي المتمثل في دعم شعب فلسطين وكفاحه المطالب بالحق والعدالة. يجب ألا تُهمَل
أبداً أهمية الدعم السياسي لشعب فلسطين. وهذا ما يتمتع اليوم بأهمية خاصة في
العالم. إنّ الشعوب المسلمة والمتحرّرة -على اختلاف مسالكها واتجاهاتها- تستطيع أن
تجتمع حول هدف واحد هو فلسطين وضرورة السعي لتحريرها.
بعد ظهور علامات أفول الكيان الصهيوني وضعف حلفائه الأصليين، وخاصّة الولايات
المتحدة الأمريكية، يلاحظ أن الأجواء العالمية تتجه شيئاً فشيئاً نحو التصدّي
لممارسات الكيان الصهيوني العدائية واللاقانونية واللاإنسانية. ولا شك في أن
المجتمع العالمي وبلدان المنطقة لم تستطع حتى الآن العمل بمسؤولياتها تجاه هذه
القضية الإنسانية.
لا يزال القمع الوحشي للشعب الفلسطيني مستمراً، وكذلك الكثير من المظالم الأخرى
التي ترتكب ضده من قبيل الاعتقالات الواسعة النطاق وعمليات القتل والنهب، واغتصاب
أراضيه وبناء المستوطنات فيها والسعي لتغيير ملامح وهوية مدينة القدس المقدسة
والمسجد الأقصى وسائر الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية فيها، وسلب الحقوق
الأساس للمواطنين. وهي ممارسات تحظى بدعم شامل من قِبَل الولايات المتحدة الأمريكية
وبعض الحكومات الغربية. وللأسف لا تواجه ردود فعل عالمية مناسبة.
الانتفاضة الثالثة ورهان النصر
إنّ الشعب الفلسطيني يفتخر بأنْ منّ الله تعالى عليه وحمّله رسالة عظيمة تتمثل في
الدفاع عن هذه الأرض المقدّسة والمسجد الأقصى. ولا سبيل أمام هذا الشعب سوى الحفاظ
على مشعل الكفاح وهّاجاً بالاتكال على الله تعالى والاعتماد على قدراته الذاتية.
وهذا ما قام به إلى الآن والحقّ يقال.
الانتفاضة التي انطلقت اليوم في الأراضي المحتلة للمرة الثالثة لهي مظلومة أكثر من
الانتفاضتين السابقتين، لكنها تسير متألّقة ومفعمة بالأمل، وسترون -بإذن الله- أن
هذه الانتفاضة ستُسجّل مرحلة مهمة جداً من تاريخ الكفاح، وتفرض هزيمة أخرى على
الكيان الغاصب.
إنّ هذه الغدة السرطانية نمت -منذ البداية- على شكل مراحل إلى أن تحولت إلى البلاء
الحالي، وينبغي أن يكون علاجها أيضاً على شكل مراحل، حيث استطاعت انتفاضات عدة
ومقاومات متتابعة ومستمرة تحقيق أهداف مرحليّة مهمّة جدّاً، وأن تسير إلى الأمام
صادحة نحو تحقيق باقي أهدافها إلى حين تحرير كامل تراب فلسطين.
لا مفاوضة على الهويّة الفلسطينيّة
إن الشعب الفلسطيني الكبير الذي يتحمّل بمفرده الأعباء الثقيلة لمواجهة الصهيونية
العالمية وحماتها العتاة، منح الفرصة -صابراً محتسباً، ولكن قوياً صامداً- لكل
الأدعياء ليختبروا ادّعاءاتهم ويجرّبوها. يوم طرحت مشاريع الاستسلام بشكل جادّ تحت
طائلة الزعم الباطل الذي يدعو إلى الموضوعية وضرورة قبول الحد الأدنى من الحقوق
للحؤول دون تضييعها، منح الشعب الفلسطيني، وحتى كل التيارات التي كان قد ثبت لديها
مسبقاً عدم صحّة هذه الرؤية، الفرصة لها. طبعاً، أكدت الجمهورية الإسلامية في إيران
-منذ البداية- على خطأ هذا النوع من الأساليب الاستسلامية ونبّهت إلى آثارها
الضارّة وخسائرها الجسيمة. إن الفرصة التي منحت لمسيرة الاستسلام كانت لها آثار
مخرّبة على مسار مقاومة الشعب الفلسطيني وكفاحه، بيد أن فائدتها الوحيدة هي إثبات
عدم صحة فكرة «الموضوعية» هذه على الصعيد العملي، بل إن طريقة ظهور الكيان الصهيوني
كانت بالشكل الذي لا يمكنه معها أن يكفّ عن نزعته التوسُّعية وقمعه وسحقه لحقوق
الفلسطينيين؛ لأن وجوده وهويته رهن بالقضاء التدريجي على هوية فلسطين ووجودها؛ ذلك
أن الوجود غير الشرعي للكيان الصهيوني لا يمكنه الاستمرار إلّا على أنقاض هوية
فلسطين ووجودها.
ولهذا، فإن الحفاظ على الهوية الفلسطينية وحماية كل ملامح وعلامات هذه الهوية
الحقيقية الطبيعية كان أمراً واجباً وضرورياً وجهاداً مقدّساً. وطالما بقي عالياً
صامداً اسم فلسطين وذكر فلسطين والمشعل الوضاء لمقاومة هذا الشعب الشاملة، فلن يكون
من الممكن لأركان الكيان المحتلّ أن تتعزّز.
مشكلة مشروع الاستسلام لا تقتصر على أنه بتنازله عن حق شعب، يمنح الشرعية للكيان
الغاصب، وإنْ كان هذا بحدّ ذاته خطأ كبيراً لا يُغتفر، إنما المشكلة في أنه لا
يتلاءم إطلاقاً مع الظروف الحالية لقضية فلسطين، ولا يأخذ بنظر الاعتبار النزعات
التوسعية والقمعية والجشعة للصهاينة. على أن هذا الشعب اغتنم الفرصة واستطاع إثبات
خطأ مزاعم دعاة الاستسلام، وبالتالي فقد حصل نوع من الإجماع الوطني بخصوص الأساليب
الصحيحة للكفاح من أجل استعادة الحقوق المشروعة لشعب فلسطين.
بين مشروعين: الاستسلام أو المقاومة
والآن، فإن الشعب الفلسطيني قد جرّب طوال العقود الثلاثة الماضية نموذجين متباينين
وأدرك مدى ملاءمة كلٍّ منهما لظروفه. فهناك مقابل مشروع الاستسلام نموذج المقاومة
البطولية المستمرة للانتفاضة المقدسة الذي أتى بمكتسبات عظيمة لهذا الشعب. وليس دون
سبب أنْ تقوم جهات مفضوحة اليوم بمهاجمة المقاومة أو إثارة الشكوك حول الانتفاضة،
إذ لا يتوقع من العدوّ غير هذا، لأنه يعلم علماً تامّاً بصحّة هذا الدرب وجدوائيته.
ولكن نشاهد أحياناً بعض التيارات وحتى البلدان التي تدّعي في الظاهر مواكبة القضية
الفلسطينية ولكنها تريد في الحقيقة حرف المسار الصحيح لهذا الشعب، نشاهدها هي
الأخرى تهاجم المقاومة. ذريعة هؤلاء هي أن المقاومة لم تستطع بعد عقود من عمرها
تحقيق تحرير فلسطين، وبناءً على ذلك فإن هذا الأسلوب بحاجة إلى إعادة نظر! وينبغي
القول في معرض الرد: صحيح أن المقاومة لم تستطع بعدُ الوصول إلى هدفها الغائي أي
تحرير كل فلسطين، بيد أن المقاومة استطاعت إبقاء قضية فلسطين حيّة. لنتصور أنه لو
لم تكن هناك مقاومة فما كانت الظروف التي كنا نعيشها اليوم؟ أهم مكتسبات المقاومة
إيجاد عقبة أساس أمام المشاريع الصهيونية. لقد تمثّل نجاح المقاومة في فرض حرب
استنزافيّة على العدو، بمعنى أنها استطاعت إفشال الخطة الأصلية للكيان الصهيوني وهي
السيطرة على كل المنطقة. وفي هذا السياق ينبغي بحقّ تكريم مبدأ المقاومة والأبطال
الذين بادروا إلى المقاومة خلال فترات مختلفة ومنذ بداية تطبيق مسرحية تأسيس الكيان
الصهيوني، ومن خلال تقديم أرواحهم حافظوا على راية المقاومة عالية خفاقة، ونقلوها
من جيل إلى جيل. ولا يخفى على أحد دور المقاومة خلال الفترات التي أعقبت الاحتلال،
ومن المتيقن منه أنه لا يمكن تجاهل دور المقاومة حتى في الانتصار الذي تحقق في حرب
عام 1973 وإن كان انتصاراً بسيطاً.
حزب الله: عونٌ للفلسطينيّين
ومنذ عام 1982 ألقيت أعباء المقاومة عملياً على عاتق الشعب في داخل فلسطين، إلّا أن
المقاومة الإسلامية في لبنان (حزب الله) ظهرت هي الأخرى لتكون عوناً للفلسطينيين في
دربهم الكفاحي. لو لم تكن المقاومة قد شلّت الكيان الصهيوني لشهدنا اليوم تطاوله
مرة أخرى على أراضي المنطقة ابتداء من مصر إلى الأردن والعراق والخليج الفارسي وغير
ذلك. نعم، هذا مكسب مهم جداً، بيد أنه ليس المكسب الوحيد للمقاومة، فتحرير جنوب
لبنان وتحرير غزة يعدّان هدفين مرحليين مهمّين في سياق تحرير فلسطين، استطاعا تغيير
مسار التوسّع الجغرافي للكيان الصهيوني إلى العكس. منذ بدايات عقد الستينات -هجري
شمسي- المصادف للثمانينات من القرن العشرين للميلاد فصاعداً لم يعد الكيان الصهيوني
قادراً على التطاول على أراضٍ جديدة، وليس هذا وحسب بل بدأ تراجعه بالخروج الذليل
من جنوب لبنان، واستمر بخروج ذليل آخر من غزة. ولا أحد يستطيع إنكار الدور الأساس
والحاسم للمقاومة في الانتفاضة الأولى. وقد كان دور المقاومة في الانتفاضة الثانية
أيضاً أساساً وبارزاً، تلك الانتفاضة التي اضطرت الكيان الصهيوني في نهاية المطاف
إلى الخروج من غزة. كما إن حرب الثلاثة وثلاثين يوماً في لبنان، وحرب الاثنين
وعشرين يوماً، وحرب الثمانية أيام، وحرب الواحد وخمسين يوماً في غزة، كلها صفحات
مشرقة في ملف المقاومة تبعث على فخر واعتزاز كل شعوب المنطقة والعالم الإسلامي وكل
إنسان تائق إلى الحرية في أرجاء المعمورة.
في حرب الثلاثة وثلاثين يوماً تم عملياً إغلاق كل طرق إمداد الشعب اللبناني
والمقاومة البطلة في حزب الله، ولكن بعون من الله وبالاعتماد على الطاقة الهائلة
لشعب لبنان المقاوم تكبّد الكيان الصهيوني وحاميه الأساس أعني الولايات المتحدة
الأمريكية، هزيمة فاضحة بحيث لن يتجرّأ بعدها بسهولة على الهجوم على تلك الديار.
الشعب المقاوم بطل الحروب
والمقاومات المتتابعة في غزة التي تحولت الآن إلى حصن منيع للمقاومة، أثبتت عبر
حروب عدة متلاحقة أن هذا الكيان أضعف من أن يستطيع الصمود أمام إرادة شعب. البطل
الأصلي في حروب غزة هو الشعب الباسل المقاوم الذي لا يزال يدافع عن هذا الحصن
بالاعتماد على قوة الإيمان على الرغم من تحمّله الحصار الاقتصادي لسنين عدّة. ومن
الجدير أن يقدَّر عالياً كل فصائل المقاومة الفلسطينية مثل سرايا القدس من حركة
الجهاد الإسلامي، وكتائب عز الدين القسام من حماس، وكتائب شهداء الأقصى من فتح،
وكتائب أبي علي مصطفى من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي كان لها جميعاً دور
قيّم في هذه الحروب.
فلسطين أسمى من خلافاتكم
أيُّها الضيوف الكرام! ينبغي عدم الغفلة أبداً عن الأخطار الناجمة عن وجود الكيان
الصهيوني، ولذلك يجب أن تتوفر لدى المقاومة جميع الأدوات اللازمة لمواصلة مهامّها.
وفي هذا المسار، من واجب كل الشعوب والحكومات في المنطقة وجميع طلاب الحرية في
العالم تأمين الاحتياجات الأساس لهذا الشعب المقاوم، فالأرضية الأساس للمقاومة هي
صمود وثبات الشعب الفلسطيني الذي ربّى بنفسه أبناءه الغيارى المقاومين. تأمين
احتياجات شعب فلسطين والمقاومة الفلسطينية واجب مهم وحيوي ينبغي للجميع العمل به.
وفي هذا السياق يجب عدم الغفلة عن الاحتياجات الأساس للمقاومة في الضفة الغربية
التي تتحمل الآن العبء الأصلي للانتفاضة المظلومة. وعلى المقاومة الفلسطينية أن
تعتبر من ماضيها، وتتنبّه إلى نقطةٍ مهمة هي أن المقاومة وفلسطين أسمى وأهمّ من أن
تنشغل هذه المقاومة بالخلافات التي تحدث بين البلدان الإسلامية والعربية، أو
بالخلافات الداخلية للبلدان، أو الخلافات الاثنية والطائفية. على الفلسطينيين
وخصوصاً الفصائل المقاومة أن تعرف قدر مكانتها القيّمة ولا تنشغل بهذه الخلافات. من
واجب البلدان الإسلامية والعربية وكل التيارات الإسلامية والوطنية أن تعمل لخدمة
القضية الفلسطينية وأهدافها. فدعم المقاومة واجبنا جميعاً وليس من حق أحد أن يتوقع
منهم توقعات خاصة مقابل المساعدات. نعم، الشرط الوحيد للمساعدة هو أن تصبّ هذه
المساعدات باتجاه تعزيز قدرة الشعب الفلسطيني والمقاومة. وإن الالتزام بفكرة الصمود
بوجه العدو والمقاومة بكل أبعادها، يضمن استمرار هذه المساعدات.
إن موقفنا تجاه المقاومة موقف مبدئي ولا علاقة له بجماعة معينة. أي جماعة تصمد في
هذا الدرب فنحن نواكبها، وأي جماعة تخرج عن هذا المسار ستبتعد عنا. وإن عمق علاقتنا
بفصائل المقاومة الإسلامية لا يرتبط إلّا بدرجة التزامهم بمبدأ المقاومة.
الوحدة أساس الخطّة الجهاديّة
النقطة الأخرى التي ينبغي الإشارة إليها هي الاختلافات بين الفصائل والمجموعات
الفلسطينية المتعددة، فاختلاف التصورات بسبب تنوع الأذواق بين المجاميع حالة طبيعية
ويمكن تفهّمها، وإذا بقيت عند هذه الحدود فقد تؤدي حتى إلى التآزر والتكامل وإثراء
كفاح الشعب الفلسطيني أكثر. بيد أن المشكلة تبدأ عندما تتحول هذه الاختلافات إلى
نزاع -ولا سمح الله- إلى اشتباك، وفي هذه الحال سوف تحبط التيارات المتنوعة قدرات
بعضها البعض وتسير عملياً في طريق يريده عدوها المشترك. إن إدارة الخلافات والتباين
في التصورات والأذواق فن ينبغي لكل التيارات الأصلية استخدامه، وأنْ تنظّم خططها
الكفاحية المختلفة بحيث لا تضغط إلّا على العدوّ، وتؤدي إلى تقوية العمل الكفاحي.
إن الوحدة الوطنية على أساس الخطة الجهادية ضرورة وطنية لفلسطين، يُتوقع من كل
التيارات المختلفة السعي لتحقيقها من أجل العمل وفق إرادة كل الشعب الفلسطيني.
المقاومة أذكى من أن تقع في فخّكم
وتواجه المقاومة هذه الأيام مؤامرة أخرى تتمثل في مساعي المتلبّسين بثياب الأصدقاء
الرامية إلى حرف مسار المقاومة وانتفاضة الشعب الفلسطيني، ليستفيدوا من ذلك في
صفقاتهم السرية مع أعداء الشعب الفلسطيني. والمقاومة أذكى من أن تقع في هذا الفخ،
خصوصاً وأن الشعب الفلسطيني هو القائد الحقيقي للكفاح والمقاومة، والتجارب الماضية
تدلّ على أن هذا الشعب بوعيه الدقيق للظروف يحول دون مثل هذه الانحرافات، وإذا ما
سقط - لا سمح الله - تيار من تيارات المقاومة في هذا الفخ فإن هذا الشعب قادر، كما
كان في الماضي، على إعادة إنتاج مستلزماته [حاجاته]. إذا ألقت جماعة راية المقاومة
أرضاً فمن المتيقن منه أن جماعة أخرى ستظهر من صميم الشعب الفلسطيني لترفع هذه
الراية عالياً.
لا ريب في أنّكم أيها الحضور المحترمون سوف تتطرقون في هذا الملتقى لفلسطين فقط، فلسطين التي شهدت في الأعوام الأخيرة للأسف حالات تقصير في الاهتمام اللازم والضروري بها. ولا مراء في أن الأزمات القائمة في مواطن مختلفة من المنطقة وداخل الأمة الإسلامية جديرة بالاهتمام، بيد أن الباعث على عقد هذا الاجتماع هو قضية فلسطين. ويمكن لهذا الملتقى أن يكون بحد ذاته نموذجاً يقتدى به ليستطيع كل المسلمين وشعوب المنطقة تدريجياً بالاعتماد على المشتركات فيما بينهم احتواء الخلافات، وأن يعملوا -من خلال حلّ كلّ تلك الخلافات واحداً واحداً- على تعزيز الأمة المحمّديّة أكثر فأكثر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
|
انظروا كم أصبح ضعيفًا
إنّ الكيان الصهيونيّ قد أصبح أضعف بكثير من السّابق. هذا الكيان الذي كان يُطلق شعار من النّيل إلى الفرات، ويعلن ويصرّح بأنّ كلّ المنطقة الواقعة بين النّيل والفرات هي له، لم يتمكّن من احتلال الأنفاق الفلسطينيّة طيلة خمسين يومًا في غزّة، هوذا الكيان نفسه الذي أعمل كلّ قوّته طيلة الخمسين يومًا لكي يتمكّن من تخريب الأنفاق الدّاخليّة لحماس والجهاد والفلسطينيّين واحتلالها وتدميرها لكنّه لم يتمكّن، هوذا الكيان نفسه الذي كان يقول من النّيل إلى الفرات، انظروا كيف اختلف الأمر، وكم أصبح ضعيفًا.
|
لا تستخفّوا بقوّتكم
استطاع الفلسطينيّون أن يفرضوا شروطهم على العدو، وأن يُفشلوا أهداف الهجوم على غزّة. وهذا إنّما يدلّ على أنّنا أقوياء في ذاتنا وداخلنا، إنّ لدينا طاقات وقدرات هائلة، نحن نستطيع أن ننزع أي اعتداء ونتغلّب عليه، نحن قادرون على الدفاع عن أنفسنا. يجب أن لا نستخفّ بقوّتنا، قوّة الإسلام، وقوّة القرآن والإيمان، قوّة الأمّة الإسلاميّة قوّة كبيرة وقادرة، يجب أن لا نستخفّ بهذه القوّة، فهي قادرة على رفع الظلم.
|
الإمام القائد الخامنئي (دام ظله) خلال لقائه رئيس الحكومة السويدية: كان لأميركا
وللعديد من الدول الأوروبية دور كبير في الأحداث المريرة في المنطقة 2017/02/11
التقى رئيس الحكومة السويدية السيّد «ستيفان لوفن» والوفد المرافق له
بالإمام القائد الخامنئي (دام ظله). وخلال اللقاء أكد سماحته على ترحيب الجمهورية
الإسلامية بتطوير العلاقات بين الجمهورية الإسلامية والسويد في جميع المجالات كما
أمل سماحته أن تنفذ المفاوضات والتفاهمات التي تمت بين الجانبين على أرض الواقع.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية مستوى العلاقات بين إيران والسويد أقل بدرجة كبيرة من
الإمكانيات الموجودة، قائلاً: السويد وبسبب علاقاتها الطويلة مع الجمهورية
الإسلامية تعتبر دولة ذات سمعة طيبة بالنسبة لشعبنا، وحُسن الظن هذا الموجود بين
الشعبين يعتبر أرضية مناسبة لتوسيع التعاون بين الجانبين.
وضمن إشارته إلى زيارة العديد من المسؤولين الأوروبيين لطهران وتوقيعهم العديد من
الاتفاقيات والتفاهمات مع الجمهورية الإسلامية خلال العام ونصف العام الماضيين وعدم
تنفيذ الكثير من هذه الاتفاقيات على أرض الواقع خاطب الإمام الخامنئي رئيس الوزراء
السويدي: مما يعرف عن جنابكم أن شخصيتكم شخصية عمل ومبادرة وإننا نتوقع منكم أن
تتعاملوا بطريقة لا تبقى من خلالها هذه الاتفاقيات مجرد حبر على ورق.
واعتبر سماحته (دام ظله) «الشباب المتعلمين وذوي النشاط والمستعدين للعمل، والشعب
المتحمس وصاحب العزيمة والإرادة العالية» أهم إمكانيات إيران.
وفي قسم آخر من كلامه (دام ظله) اعتبر سماحته أنّ جذور مشاكل المنطقة اليوم تعود
إلى تدخّلات بعض القوى العظمى، قائلاً: «أميركا ومعها العديد من القوى الأوروبية
كان لها دور كبير في صناعة الأحداث المريرة في سوريا والعراق وإن شعوب المنطقة ومع
علمها بهذه التدخّلات متشائمة من هذه القوى العظمى بكلّ ما للكلمة من معنى».
خلال لقائه جمعاً من أهالي محافظة أذربيجان الشرقية
الإمام القائد الخامنئي (دام ظله): الجميع يذعن لوجود إيران المؤثر في المنطقة
ودورها في اتخاذ القرار 2017/02/15
على أعتاب الذكرى السنوية لانتفاضة الشعب التبريزي في (18/2/1987)،
التقى الآلاف من أهالي محافظة أذربيجان الشرقية بالإمام القائد الخامنئي (دام ظله).
في هذا اللقاء، أشار الإمام الخامنئي إلى أن إحدى حيَل العدو -سواء الحكومة
الأميركية السابقة أو الحالية- هي التهديد المستمر بنشوب الحرب وأن الخيارات
العسكرية مطروحة على الطاولة... الحرب الحقيقية هي الحرب الثقافية والاقتصادية وفرض
العقوبات والاستحواذ على ساحات العمل والنشاط والطاقة في البلاد. يحرفون أنظارنا
صوب الحرب العسكرية لنغفل عن هذه الأمور.
وفي إشارة منه إلى الاتفاق النووي مع الدول الغربية وإساءة استخدام الغرب لهذا
الاتفاق قال سماحته: «ذاك المسؤول الأوروبي يقول لمسؤولينا إنّه لو لم يكن الاتفاق
النووي لكان من الحتمي نشوب حرب في إيران؛ هذا كذبٌ مطلق! لماذا يتحدثون عن الحرب؟
لأن الذهن يذهب مباشرة باتجاه الحرب».
وقرأ سماحته الآية الكريمة "وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة" ووضح قائلاً ليس
المقصود بهذه الآية هو مجرّد أخذ القوة العسكرية بعين الاعتبار، بل ما تعنيه هذه
الآية هو أن: اسعوا قدر ما استطعتم في سبيل زيادة قوّتكم الذاتيّة في المجالات
كافّة.
لقاؤه (دام ظله) عدداً من شعراء الجمهورية الإسلامية
23/2/2017م
على أعتاب ذكرى استشهاد كريمة نبي الرحمة السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)
التقى الإمام القائد الخامنئي (دام ظله) بعدد من شعراء الجمهورية الإسلامية.
وخلال الكلمة التي ألقاها، أكّد سماحته على أهميّة مضمون الأشعار الدّينيّة،
قائلاً: «إنّ المدح والثناء وذكر مصائب الأئمة (عليهم السّلام) تشكّل جزءاً هاماً
من الشّعر الديني، لكن من الضروري أن تتمّ في هذا الجانب الاستفادة من مقولات
منطقيّة نابعة من نظرة صحيحة وذوق سليم، كما يجب اجتناب الاستفادة من التلقّفات
السطحية والبسيطة وطرح قضايا مزيّفة ووهميّة».
واعتبر سماحته (دام ظله) أنّ الاتّباع الحقيقي للأئمّة المعصومين (عليهم السلام)
يتمثّل في الاتّباع العملي لسيرة أولئك العظماء، والاستمرار بمكافحة الكفر
والنّفاق، قائلاً: «الكفاح ضدّ الكفر والنّفاق العالمي في الجمهوريّة الإسلاميّة
أمرٌ سهلٌ ومتاح، في الوقت الذي يستدعي أقل إعلان عن البراءة من أمريكا في ظلّ بعض
الدول المشؤومة في المنطقة الغضب وردود فعلهم القاسية».
كما أضاف (دام ظله): «مكافحة الظالمين لا تنحصر بالسّيف. الدّعايات تتصدّر اليوم
المكانة الأولى في العالم وبالإمكان مكافحة الظّالمين من خلال استخدام أداة الشّعر
والخطابة، وقد شهدنا في الأعوام الأخيرة إنتاج نماذج قيّمة جدّاً في هذا الخصوص
تبعث روح الأمل».
وأعاد (دام ظله) خلال كلمته التأكيد على موضوع «نمط الحياة الإسلامية» وواجبات
الشعراء الدينيين نحو هذا الموضوع، قائلاً: «اليوم توجد في أوروبا وأمريكا مراكز
وأجهزة لها نشاط محدد ومعلن لتغيير نمط الحياة في الدول غير الغربية وخاصة إيران
الإسلامية. إن الهدف من مهاجمة نمط الحياة الإسلامية يتمثل في إيجاد إرادة وحركة
موافقة لرغبة الأجهزة الغربية، وإنشاء الأسوار حولنا لا يكفي لمواجهة هجمة الأجهزة
الغربية لنمط الحياة الإسلامية. يمكننا من خلال توضيح وشرح نمط الحياة الإسلامية
وتبيان المفاهيم والمبادئ الأخلاقية، السياسية والثقافية بواسطة الشعر أن نؤدي
واجبنا تجاه هذه القضية».
|
خمسُ المال مع وجود الدين
س: هل يجب الخمس على الموظفين الذين قد يزيد عندهم شيء
من المال عن مؤنة سنتهم، مع العلم أن عليهم ديوناً نقداً وأقساطاً؟
ج: إذا كان الدَّين حاصلاً من الاقتراض في خلال السنة لمؤنة نفس تلك السنة،
أو من شراء بعض حاجيات السنة نسيئة، فإن أراد أداء الديون من أرباح نفس تلك السنة
فإنه يُستثنى من الأرباح المتبقية، وإلاّ فالأرباح المتبقية يجب فيها الخمس.