يتم التحميل...

إنَّ العبادة والتضرّع والدعاء هي التي تعيد الإنسان إلى خالقه ومنه إلى حقيقة ذاته وحاجته.

 
 

خطاب القائد

 

بسم الله الرحمن الرحيم

معنى الدعاء

الدعاء هو ارتباط الإنسان باللّه، بأنْ يناديَ ربَّه ويناجيه ويكلِّمه.
والدعاء يشمل النداء فضلاً عن الطلب؛ فعندما تقول: «يا اللّه» فهذا دعاء، فيعقبه «لبيك» من الباري تعالى.

لذلك ندعوه

نحن ندعو الله سبحانه للشكر أوّلاً، ولطلب الهداية الإلهيّة في المستقبل ثانياً، وللصبر على المصائب وما سيحلُّ بنا ثالثاً، فلكلّ هذه الأمور نحن بحاجة إلى الدعاء والارتباط باللّه.

أبعاد الدعاء

إنّ للدعاء ثلاثة أبعاد، ولكلِّ بُعدٍ أهمِّيَّتُه الخاصَّة:

أوّلاً: الدعاء لعرض الطلب والرغبة على اللّه، كأن يغفر الذنوب ويمدّ في العمر، وطلب السلامة وشفاء المريض، وسلامة المسافر ورفع المشاكل، وطلب المال وقضاء حوائج الدنيا...

وهذا بُعدٌ مهمٌّ من أبعاد الدعاء، والباري تعالى وَعَدَ بالإجابة إنْ كان الدعاء والطلب حقيقيَّاً لا لقلقة لسان، ولا يتعارض مع مصلحة أخرى. فإنْ دعا أحدكم ربّه ولم يستجب دعاءه، فلا يتصوّر أنّ اللّه سبحانه وتعالى لا يعتني بدعائه، كلا، بل لكلّ دعاء مقتضى في الإجابة: «وَدَعْوَةَ مَنْ ناجاكَ مُسْتَجابَهٌ... وَعِداتِكَ لِعِبادِكَ مُنْجَزَهٌ».

فالطلب من اللّه مستجاب لا محالة، ومن الوعود الإلهيَّة قوله تعالى: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾، فالجواب لا يكون بالنفي، ولا معنى أن تكون الاستجابة بالنفي بأن يقول: «لا أعطيك ما تريد»، بل تكون بالإيجاب؛ أي «أعطيك ما تريد».

ثانياً: بُعد المعرفة؛ إذ إنّ الأدعية المأثورة عن الأئمة (عليهم السلام) هي بحر من المعارف الإسلامية. فلا شيء يحوي من المعارف أكثر مما في الأدعية، وهذه نتيجة استنتاجي الإجمالي من الأدعية، وربَّما يمكنُني القول إنَّه لو جمعت كلّ الروايات حول المعارف فإنّها لا تكون بمقدار المعارف الواردة في الأدعية.

ففهم الأدعية يجعل الإنسان على معرفة بالإسلام وبالمعارف الإسلامية ويبعده عن الخرافات، ويرشده إلى ما يجب الاعتقاد والإيمان به وما يجب ردُّه.

ثالثاً: العلاقة والارتباط باللّه، فيجب على كلّ إنسان الإحساس بهذا. وفي هذه الحالة يكون الدعاء هدفاً لا وسيلة، ويكون الدعاء هو العلقة والإحساس نفسيهما، وهذا الإحساس يحصل بالدعاء وهو لازمٌ وثمينٌ جداً، ويعطي للإنسان حالةً من المعنويّة والعُروج والسلوك. وهذا ما يستفاد من الأدعية المأثورة عن المعصومين وكيف أنّ الأئمة (عليهم السلام) كانوا يناجون ربّهم وينسون أنفسهم.

دور الدعاء في حياة الإنسان

يا عَونَ مَنْ لا عَونَ له
إنَّ مَن يشعر بالارتباط باللّه فهو سعيد؛ لأنَّ عمدة مصائب الإنسان إمّا من الإحساس باليأس والذلِّ والوحدة والضعف، وإمّا من الطغيان. وإنَّ شقاءَ أكثر الشعوب والأمم والمجتمعات والأفراد وتعاستها، هي من العجز والضعف، وعدم وجود الناصر والمعين والوحدة والغربة المطلقتين. فارتباط الإنسان باللّه معناه الارتباط بمركز القدرة والعلم، فهو ليس وحيداً إن كان اللّه معه: « يا عَونَ مَنْ لا عَونَ له»، و«يا رجاءَ مَن لا رجَاء له».

فلو كنتم في قلب العدو، وآمنتم بوجود وسيلة يمكنكم الارتباط والاتصال بها في لحظة واحدة فتحميكم من العدو، فهل تشعرون في هذه الحالة بالخوف والضغط عليكم؟

لا أحيف ولا أظلم
إنّ الارتباط باللّه يمنع الإنسان من الطغيان والاستكبار، ومن يرتبط باللّه وإن كان قويّاً ويشعر بالقوة، لكن يعلم أنّ هذه القوة ليست من ذاته، بل من اللّه .

فالاستكبار والطغيان والغنى عن اللّه سببها عدم ارتباط الإنسان باللّه، وتصوّر الإنسان أنّ القوة الظاهرية منه، والثروة الظاهرية ملكه، ولا يتصوّر أنَّه يمكن أن تزول في لحظة واحدة.

فإن دعا الإنسان ربَّه وشعر بالارتباط فلا يصاب بالضعف والانكسار، ولا بالطغيان والاستكبار، فببركة الدعاء يمكن بناء مجتمع مؤمن متكامل مرتبط باللّه.

اطلبوا مختلف الحاجات

إذا تأمَّلنا في الروايات نلاحظ الكثير من الروايات تدعو إلى طلب الأمور الصغيرة من اللّه، فبمقدوركم أن تطلبوا مختلف الحاجات -حتَّى الحاجات الصغيرة- من خلال إقبالكم على الله تعالى، بالدعاء والمناجاة، ولا بدّ لكم من فعل ذلك، إلا أنَّ ذلك لا يعني أن تقصروا دعاءكم على طلب الحاجات الصغيرة، بل اطلبوا من الله تعالى قضاء حوائجكم الكبيرة أيضاً. فقد ورد في الحديث: «لا تستكثروا شيئاً ممَّا تطلبون»، فلا فرق عند اللّه بين القليل والكثير، فإن طلبتم مائة شيء فاطلبوا الواحد بعد المائة... وهكذا، واطلبوا الأشياء الكبيرة من اللّه أيضاً، وقد ورد في الصحيفة السجاديَّة في باب دعاء السحر: « إِلهِي، طُمُوحُ الآمَالِ قَدْ خابَتْ إِلاّ لَدَيْكَ وَمَعاكِفُ الهِمَمِ قَدْ تَعَطَّلَتْ إِلَّا عَلَيْكَ».

إنَّ أكبر الحاجات هو (غفران الذنوب)، فاطلبوا من الله تعالى أن يزيل الآثار المتبقّية في القلوب والنفوس؛ نتيجة ارتكاب المعاصي والذنوب، واسألوه أن يفتح أمامكم أبواب التوبة.

ومن الحاجات الكبيرة الأخرى (محبَّة الله)، فعليكم أن تطلبوا من الله تعالى أن يمنحكم مقام المحبَّة الإلهيَّة.

ومنها أيضاً (صلاح أمور الأمَّة الإسلامية)، فعليكم أن تطلبوا من الله تعالى أن يُصلح كافة أمور الشعوب الإسلامية وبلدانها، بل عليكم أن تطلبوا من الله تعالى أن يهدي جميع أفراد البشرية إلى الصراط المستقيم.

الدعاء منجاةٌ لنا

يقول الإمام علي (ع) في دعاء كميل: «لا أَجِدُ مَفَرّاً مِمّا كانَ مِنِّي وَلا مَفْزَعاً أَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ فِي أَمْرِي، غَيْرَ قَبُوُلِكَ عُذْرِي». فلو لم تكن هناك حالة قبول العذر التي منَّ الله الكريم الرحيم بها علينا، كيف كنّا سنستطيع إنقاذ أنفسنا من كلّ ما أنزلناه بأنفسنا، ومن شرور كلّ تلك الأعباء الثقيلة من الذنوب، والمخالفات، والخطايا، واتّباع الأهواء؛ لما كان لنا مفرّ ولا ملاذ.

دعاء كُميل والمناجاة الشعبانيّة

لدينا العديد من الأدعية المليئة بالمضامين السامية، لكنّ بعضها أكثر تمايزاً. لقد سألت الإمام العظيم رضوان الله عليه، وقلت له: أيّ دعاءٍ من بين كلّ الأدعية التي وصلت إلينا عن الأئمّة (عليهم السلام) أحببتَه وتعلّقتَ به أكثر؟ فأجاب: دعاء "كُميل" و"المناجاة الشعبانيّة". كان الإمام مُقبلاً على الله، كان أهل التوسّل، أهل التضرّع، أهل الخشوع، أهل الاتصال بمنشأ الخِلقة. وكان هذان الدعاءان بنظره هما الوسيلة الأمثل: "دعاء كُميل والمناجاة الشعبانيّة".

عندما يعود الإنسان لهذين الدعاءَيْن ويدقّق فيهما، يجد كمْ هما متشابهان إلى حدّ كبير، مناجاة إنسانٍ خاشع، مناجاة إنسان متوكّلٍ على الله «كأَنِّي بِنَفْسِي وَاقِفَةٌ بَيْنَ يَدَيْكَ وَقَدْ أَظَلَّها حُسْنُ تَوَكُّلِي عَلَيْكَ فَقُلتَ ما أَنْتَ أَهْلُهُ وَتَغَمَّدْتَنِي بِعَفْوِكَ». مناجاة إنسانٍ مؤمِّلٍ بالمغفرة الإلهيّة، بالرحمة الإلهيّة، بالتوجّه الإلهيّ، بالهمّة العالية في الطلب من الله، «إِلهِي هَبْ لِي كَمال الاِنقطاعِ إِلَيْكَ وَأَنِرْ أَبْصارَ قُلُوبنا بِضِياءِ نَظَرِها إِلَيْكَ».

سلاح الذكر والتوجّه

استفيدوا من سلاح الذّكر والتوجّه والتوسّل إلى الله تعالى والاعتماد عليه في هذا الطّريق الصّعب.

«يَا مَنْ لاَ يَجْبَهُ بِالرَّدِّ أَهْلَ الدَّالَّةِ عَليهِ»، فحتَّى أولئك الّذين يتجاسرون في كلامهم أثناء مخاطبتهم لربّ العالمين فإنّ الله تعالى يشملهم برحمته، ورحمته تعالى بمتناول من يريدها ويطلبها.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 
 

من توجيهات القائد دام ظله

 

امزجوا المعنويَّة بالمعرفة

أيُّها الشباب: قوُّوا ارتباطكم المعنويّ والشخصيّ بالله تعالى.

إنَّ نظرتكم الشابَّة وكلامكم النابع من القلب إلى الله، الاستغفار، التهليل والتكبير، الاستغاثة، التضرع لرب العالمين، تترك الأثر الكبير في أنفسكم، لا تنسوا ذلك.

اسعوا كي تترافق لقاءاتكم المعنويّة وأدعيتكم بالمعرفة، فليكن دعاء «كُميل» مثلاً متلازماً مع معرفة مفاهيم دعاء «كُميل» ومعرفة الدعاء نفسه، وكذلك دعاء الندبة وباقي الأدعية.

 
 

خواطر

 

في السجـن

يقول حجَّةُ الإسلام صادقي: "في سنة 1971 م حين كان مقرراً الاحتفال بمرور 2500 عام على قيام الإمبراطورية الفارسية، حرك خطاب الإمام الخميني من النجف الأشرف، العلماء في الحوزة العلمية في مشهد، ولأن جهاز السافاك كان يعلم أن الموجه الرئيسي لهذه التحركات ينحصر بعدة أشخاص، على رأسهم آية الله السيد علي الخامنئي، تم إلقاء القبض عليه لإبعاده عن الساحة، ولهذا السبب كنت أنا أيضاً هناك في السجن.

في اليوم التالي، التفت إلى أن السيد الخامنئي كان في الزنزانة المجاورة لي، وقد تفأجات بتأثيره المعنوي على السجَّانين، بحيث استطاع الخروج من زنزانته والمجيء إليّ للسؤال عن أحوالي والاطمئنان على صحتي، بعد أن سمع أنيني أثناء الليل. وقد سألته عن صلاة الصبح التي صليتها آنذاك وأنا ملطخ بالدماء خوف أن تفوتني، هل هي صحيحة أم لا؟ فأجاب: "قد تكون هذه الصلاة أصح صلاة تصليها في عمرك، فحين سمعت صوتك ليلاً، دعوت الله متوسِّلاً بجدتي الزهراء (ع) كي ينجيك من التعذيب".

لقد كان لكلام السيد الخامنئي ورؤيته في ذلك الوقت أثر عجيب في تخفيف ألمي ونسيانه".

 
 

نشاطات القائد

 


1- استقباله (دام ظله) رئيس وأعضاء مجلس خبراء القيادة بعد اجتماعهم الدوري (10/03/2016).
استقبل سماحة الإمام القائد الخامنئي (دام ظله) رئيس الدورة الرابعة من مجلس خبراء القيادة ونوَّابها في آخر لقاء له بهم في هذه الدورة. وألقى سماحته كلمةً أثنى فيها على المشاركة العميقة المعاني والعظيمة للشعب في الانتخابات وإعلانه الالتزام والوفاء القاطع للنظام الإسلامي.

كما سلَّط الأضواء على سمات هذه الانتخابات وأهم واجبات وأولويات مجلس خبراء القيادة ومجلس الشورى الإسلامي في دورتيهما الجديدتين، وعدّد أولويّات البلاد في الفترة الراهنة، معتبراً قضيّة التغلغل على جانب كبير من الأهميّة والجدّ، قائلاً: «السبيل الوحيد للتقدُّم الحقيقيّ هو تمتين البنية الداخليّة للبلاد في المجالات الاقتصاديّة والثقافيّة والسياسيّة، وصيانة الخصوصيّات الثوريّة، والحركة الجهاديّة، وحفظ العزّة والهُويّة الوطنيّة والإسلاميّة، وعدم الذوبان في الهاضمة العالميّة الخطيرة».

2- غرسه (دام ظله) شجيرة بمناسبة أسبوع المصادر الطبيعية (08/03/2016).
في أسبوع المصادر الطبيعية، غرس سماحة الإمام القائد الخامنئي (دام ظله) شجيرة. وأكَّد سماحته على ضرورة معرفة قدر النباتات والأشجار التي تعود بالبركة على حياة البشر، قائلاً: «على جميع أبناء الشعب والمسؤولين أن يبذلوا مساعيهم كواجب من واجباتهم في صيانة المساحات الخضراء، وخصوصاً المساحات الخضراء الخاصة بالغابات والمراتع».

3- حضوره (دام ظله) مجلس فاتحة لروح سادن الروضة الرضويَّة الشيخ واعظ طبسيّ (05/03/2016).
حضر سماحة الإمام القائد الخامنئيّ (دام ظله) مجلس فاتحة عن روح المرحوم آية الله الشيخ عباس واعظ طبسيّ، سادن الروضة الرضويّة المطهرة، وذلك في رواق الإمام الخميني (قده) في الحرم الرضويّ الشريف بمدينة مشهد المقدَّسة.

4- استقباله (دام ظله) رئيس جمهوريّة سويسرا (27/02/2016).
استقبل سماحة الإمام القائد الخامنئيّ (دام ظله) رئيسَ جمهوريّة سويسرا السيّد يوهان اشنايدر آمان، وأشار إلى سوابق العلاقات بين البلدين والانعكاس الإيجابي لسلوك الحكومة السويسريّة في الرأي العام الإيراني. كما رحّب (دام ظله) برفع مستوى التعاون الاقتصادي والعلمي بين البلدين، قائلاً: «حجم التبادل التجاري بين إيران وسويسرا قليل وغير متوازن، ويمكن للتجار والمستثمرين السويسريّين باطلاعهم على الإمكانيات والفرص الكثيرة في إيران أن يرفعوا هذا المستوى».
واعتبر سماحته عدم وجود سوابق سلبية بخصوص معاضدة سويسرا للضغوط والحظر الذي فرضته بعض الحكومات الغربية ضد إيران، من جملة الأرضيَّات الثقافيَّة المناسبة لزيادة حجم التعاون بين البلدين، قائلاً: «إنَّنا نعرف سويسرا من الماضي كقطب للسلام والصداقة والتعاون».

 
 

استفتاء

 

الخمس الحاصل من ارتفاع القيمة

س: المنزل أو السيارة أو غيرهما من احتياجات الإنسان، لو اشتراه بعين المال المخمّس، ولكن لا بقصد البيع أو التجارة، بل بقصد الاستفادة منه، وبعد ذلك باعه لسببٍ من الأسباب، فهل ارتفاع القيمة السوقيّة فيه الخمس؟
ج: لا خمس في الربح الحاصل من ارتفاع القيمة في مفروض السؤال.

2016-04-12