نحن نحتاج إلى الاستفادة القصوى من ساعات شهر رمضان وأيّامه ولياليه المليئة بالبركة، وإلى تقوية علاقتنا القلبيّة بعالم المعنويّات وعالم الغيب والابتهال والتضرّع والخشوع بين يديّ ربّ الأرباب.
بسم الله الرحمن الرحيم
شهر العتق من
النار
نقرأ في دعاء شهر رمضان: "وَهذا شَهْرُ العِتْقِ مِنَ النَّارِ
وَالفَوْزِ بِالجَنَّة". فشهر رمضان المبارك فرصةٌ للنجاة من النار والفوز بالجنّة؛
حيث إنّ النار والعذاب الإلهيّ وكذلك الجنّة والنعيم موجودة في هذه الدنيا، وما
يتحقّق في الآخرة هو باطن الموجود في هذه الدنيا: ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ
بِالْكَافِرِينَ﴾ (التوبة:49)، فهي محيطة بهم في هذه الدنيا.
والعبور من النار إلى الجنّة عائدٌ إلينا، فيمكننا أن نطوي هذا السفر وهذا المسير
من جهنّم العمل السيّئ، والباطن السيّئ والفكر السيّئ إلى جنّة العمل الحسن، والفكر
الحسن، والسلوك الحسن والخلق الحسن، وتسمّى هذه الحركة: الإنابة والتوبة "وَهذا
شَهْرُ الإنابَةِ وَهذا شَهْرُ التَوبة".
بركات شهر رمضان
إحدى بركات شهر رمضان هي هذه الأدعية الواردة فيه. فهي تعلّمنا كيف
نخاطب الله ونستعين به ونتوجّه إليه، وتعلّمنا أنواعاً من المعارف الكثيرة لن نجد
لها مثيلاً حتّى في الروايات الأخلاقيّة المعروفة.
ففي دعاء اليوم الأوّل من شهر رمضان المبارك: "اللَّهُمَّ اجْعَلْنا مِمَّنْ نَوى
فَعَمِلَ وَلا تَجْعَلْنا مِمَّنْ شَقِيَ فَكَسِلَ وَلا مِمَّنْ هُوَ عَلى غَيْرِ
عَمَلٍ يَتَّكِل".
"اللَّهُمَّ اجْعَلْنا مِمَّنْ نَوى فَعَمِل"؛ اللهمَّ اجعلنا ممّن يقومون بالعمل
بنيّة وتوجّه ومعرفة. العمل الهادف، العمل مع النيّة، العمل المعلوم وجهتُه وهدفُه
مسبقاً.
"وَلا تَجْعَلْنا مِمَّنْ شَقِيَ فَكَسِل"؛ الكسل يعني التقاعس والتراخي والبطالة.
"وَلا مِمَّنْ هُوَ عَلى غَيْرِ عَمَلٍ يَتَّكِل"؛ أي لا تجعلنا من الذين يتّكلون
على غير العمل. الجلوس والتمنّي والترجّي والثرثرة، وحياكة المواضيع لبعضنا بعضاً
في الاجتماعات دون أنّ نُتبعها بالعمل؛ اللهم لا تجعلنا من هؤلاء. لاحظوا، هذا هو
الدرس الموجود في هذا الدعاء.
يدخل المؤمن هذه الضيافة الإلهيّة في اليوم الأوّل من شهر رمضان بهذا النَفَس وبهذه
الروحيّة. وهذه بحدّ ذاتها من الفوائد الكبيرة لهذه الضيافة. هذا الدعاء الأوّل.
وفي الدعاء اليوميّ لشهر رمضان المبارك: "وَأَذْهِبْ عَنِّي فِيْهِ النُّعاسَ
وَالكَسَلَ وَالسَّأَمَةَ وَالفَتْرَةَ وَالقَسْوَةَ وَالغَفْلَةَ وَالغُرَّةَ".
اللّهم جنّبني وأبعدني عن هذه الخصال: "النعاس"، و"الكسل" أي البطالة والتقاعس،
و"السآمة" أي الملل والضجر، ثمّ "الفترة" أي القيام بالأعمال بفتور ولا مبالاة وعدم
إحكامها، ثمّ "القسوة"، قسوة القلب والتحجّر والخشبيّة؛ ثمّ "الغفلة"، غفلتنا عن
واقعنا ووضعنا وما يجري حولنا، و "الغُرّة"؛ الغرور والانخداع بما نقوم به وبما
حقّقناه.
إنّ تطبيق هذه المفاهيم الراقية والعظيمة بالنسبة للمسؤولين والذين ينهضون بشؤون
العمل والمجتمع لهو أكثر أهميّة من تطبيقها من قِبل الأفراد العاديّين. عندما ندعو
الله ونقول لا تجعلنا في معرض الكسل والغفلة والقسوة، فنحن نحتاج إلى هذا الطلب
الإلهيّ وإلى هذه المراقبة من الجهة الشخصيّة لأنفسنا كي لا ننزلق، ولا نخطئ، ولا
نقع في المشاكل، وفي مجال عملنا ومسؤوليّتنا وما هو في عهدتنا. وهذا ما يثقل عاتقنا
ويضاعف مسؤوليّتنا.
التقوى مفتاح العلم والمعرفة
إنّ شهر رمضان في ثقافتنا الدينيّة، هو شهر المواجهة بين الشيطان
والسلوك الشيطانيّ من جهة، وبين السلوك الرحماني والطاعة والعبوديّة من جهة أخرى.
إنّ غواية الشيطان للإنسان تكون بتعطيل نظام العقل، ونظام الفطرة، ونظام القياس
السليم المُودَع في وجود الإنسان؛ ليوقعه في الأخطاء. أمّا عمل التقوى فهو النقطة
المقابلة. يقول تعالى: ﴿إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانً﴾
(الأنفال:29)، بمعنى أنّ التقوى تهبكم الفرقان أي العلم والفهم لفصل الحقّ عن
الباطل. وفي موضعٍ آخر: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾
(البقرة:282). فالتقوى تفضي إلى أن يفتح الله أمامكم منافذ العلم والفهم والمعرفة
والإدراك.
﴿وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورً﴾
إنّ الشيطان يؤثّر فينا عن طريق الوعد والوعيد؛ فمن جهة يعمد إلى
تخويفنا ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا
تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ (آل عمران:175). ففي شأن
الغزوة التي حصلت بعد معركة أُحُد، حيث أثيرت شائعة أنّ العدو آتٍ وسيقضي عليكم
وسينتهي أمركم، طَلَبَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أولئك الذين جُرحوا في
معركة أُحُد أنْ يحملوا سيوفهم ويأتوه؛ وحتى لو لم يأتِ أحدٌ منهم سيذهب وحيداً.
تقدّم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأخذ أولئك الذين جُرحوا في معركة أُحُد
سيوفَهم وذهبوا معه، وهَزَموا العدو الذي كان يكمن بالقرب من المدينة، وكان يريد أن
يباغت المسلمين ويهجم عليهم، ومن ثم عادوا ﴿فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ
وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ﴾ (آل عمران:174)؛ ثم يقول: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ
الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ﴾.
إنّ أحد أعمال الشيطان إلقاء الرعب والتخويف: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ﴾
(البقرة:268) يخوّفكم من الفقر ويهدّدكم به، ومن الجانب الآخر التطميع. من جهة أخرى
يقدّم الشيطان وعوداً مخادعة، ﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ
الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورً﴾(النساء:120)؛ يعدهم، ويمنّيهم، ويبعث الآمال في
قلوبهم، ويرسم مستقبلاً ملوّناً زائفاً وخياليّاً كالسراب أمام أعين المؤمنين به:
﴿وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورً﴾ إلّا أنّه خداع، تماماً كسلوك
أمريكا والقوى الاستكباريّة اليوم. فهؤلاء يهدّدون من جهة، ومن جهةٍ أخرى يَعِدُون
إلّا أنّهم لا يقومون بشيء، هم يكذبون؛ هذا هو عمل الشيطان.
لا تبديلَ لسُنّةِ الله
لقد ذكرتُ أنّ المراقبة بالنسبة لشخصٍ ليس في موقع المسؤوليّة أمرٌ،
والمراقبة في شأن الذين هم في موقع المسؤوليّة أمرٌ آخر. لنحذر أنْ لا تُصيب شياطين
الإنس والجنّ نظام محاسبتنا بالخلل، وأن لا نسيء فهم الأمور. لا يقتصر الشيطان على
شياطين الجنّ، ليس هو إبليس وحسب: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا
شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ
الْقَوْلِ غُرُورً﴾ (الأنعام:112)؛ فشياطين الجنّ والإنس يتعاونون ويساعد بعضهم
بعضاً.
وهنا أؤكّد: من الأخطاء في الحسابات أن نبقى أسرى الأسباب الحسيّة الملموسة
والمادّيّة المحدودة فحسب، ونغفل عن الأسباب المعنويّة والسنن الإلهيّة التي أخبر
عنها الله والتي لا تُرى بالعين.
يقول تعالى: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾
)محمّد:7)، فإذا ما تحرّكتم في سبيل إحياء الدين الإلهي وحافظتم على هذه الوجهة،
سينصركم الله! هذا ما ذكره القرآن صراحةً.
اعلموا أنّ هذه البرهة من تاريخ الثورة، لهي من أبرز مقاطع التاريخ تألُّقاً. أن
يقوم نظام على أساس الإسلام، في عالم مادي، عالم تهيمن عليه القوى الكبرى، عالم
يواجه فيه الإسلام ومعارف الإسلام والقيم الإسلاميّة هجمةً شاملةً متعدّدةَ
الأبعاد، بالتحديد في منطقة تخضع لتأثير تلك القوى الضالّة أكثر من أي مكان آخر في
العالم، لهو أمر مدهش؛ وقد اعتدنا عليه، أنا وأنتم. فلا تصبحوا عرضة للتزلزل بالرغم
من كلّ هذا الضغط، والمؤامرات، والأذى، والتخاذل.
والحمد لله ربّ العالمين
|
|
من توجيهات القائد دام ظله
|
|
|
|
|
اعملوا ما استطعتم
اسعوا واعملوا ما استطعتم، وطالما سنحت لكم الفرص، فالفرص محدودة. نحن
أفراد زائلون، والفرص لدينا محدودة، لنعمل طالما نحن موجودون وقادرون.
لا تقولوا إنّهم لا يدعونا نعمل ولا يسمحون لنا بذلك؛ كلمة "لا يدعونا" غير مقبولة!
أنتم لديكم قدرات وطاقات وإمكانات، في أيّ مجالٍ كنتم وفي أيّ قسمٍ من الأقسام
المختلفة عملتم، فلا تدعوا أحداً يحدّ من نشاطكم وطاقاتكم
وقدراتكم. أنتم لديكم إمكانات استفيدوا منها، واعملوا، ولا تسمحوا أن تمرّ لحظة بلا
عمل.
ليست المسألة اسم الإسلام!
قال الإمام قدس سره ذات مرّة: "عندما جاء الإنكليز واحتلّوا العراق في العقد الثاني
من القرن العشرين، وسمع أحد ضبّاطهم شخصاً ينادي ويصرخ بصوتٍ عال، فأثار استغرابه
ودهشته - كان هناك شخص يؤذّن من على إحدى المآذن -
سأل الضابط أهو ضدّنا؟ أجابه أحدهم: لا، فقال: لا بأس فليقل ما يشاء. إذا لم يكن
الأذان ضدّه، وكلمة "الله أكبر" لا تُصغِّره؛ لا بأس، فليقل ما يريد. ليست المسألة
اليوم اسم الإسلام وطقوس الإسلام وشعائره؛ فهناك اليوم بلدان
تحمل اسم الإسلام ولديها طقوس إسلاميّة بنسب متفاوتة، لكنّ نفطهم وإمكاناتهم بيد
الاستكبار، ومصادرهم المعيشيّة بتصرّف هؤلاء، ولا يوجد أيّ اعتراض عليهم، لا بل
يحبّونهم كثيراً!".
زيارته دام ظله معرض طهران الدوليّ الثامن والعشرين للكتاب (13/05/2015).
زار سماحة الإمام القائد دام ظله معرض طهران الدولي الثامن والعشرين للكتاب المُقام
في قاعات مصلّى الإمام الخميني قدس سره بالعاصمة الإيرانية طهران.
ورافق الإمام الخامنئي دام ظله في زيارته هذه التي استمرت ساعتين ونصف الساعة وزير
الثقافة والإرشاد الإسلامي علي جنّتي. وقدم مسؤولو الأجنحة وبعض الناشرين في المعرض
إيضاحاتهم للإمام الخامنئي دام ظله بخصوص الجديد من
إصداراتهم ونشاطاتهم في مجال طباعة الكتاب ونشره.
استقباله دام ظله رئيس جمهورية العراق السيد فؤاد معصوم (13/05/2015).
استقبل سماحة الإمام القائد دام ظله السيد فؤاد معصوم رئيس جمهورية العراق، وأكّد
على أنّ العراق بلد مهمّ ومؤثّر جدّاً بين البلدان العربية والإسلامية.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والعراق
عميقة وأخوية جداً، ورحّب بالنمو المطّرد لهذه العلاقات قائلاً: العلاقات الحالية
بين إيران والعراق غير مسبوقة بالمقارنة مع السنين الماضية، وهذا السياق الدالّ
على حكمة الإخوة العراقيين ووعيهم، ينبغي أنْ يستمر.
وأكّد سماحته دام ظله استعداد الجمهورية الإسلاميّة لتقديم مختلف المساعدات؛ بهدف
تقدُّم العراق واستقراره.
لقاؤه دام ظله مسؤولي البلاد وسفراء البلدان الإسلامية بمناسبة المبعث النبويّ
الشريف (16/05/2015).
في ذكرى المبعث النبويّ المبارك لرسول الإسلام الكريم محمد بن عبد الله صلى الله
عليه وآله وسلم ، استقبل الإمام القائد دام ظله عدداً من مسؤولي البلاد وسفراء
البلدان الإسلامية، وأكّد على ضرورة الانتهال من دروس البعثة النبوية الشريفة
لمواجهة الجاهلية الحديثة في الوقت الراهن مواجهةً واعية، الجاهلية التي هي أخطر
بكثير وأكثر عدداً وعدّةً من جاهلية ما قبل الإسلام.
كما اعتبر سماحته دام ظله الاستكبار وعلى رأسه أميركا عاملاً أساسياً في تكوين
وتشكيل الجاهلية الحديثة، قائلاً: "لقد أثبتت تجربة الأعوام الخمسة والثلاثين
الماضية التي خاضتها الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران أنّ الأمّة الإسلاميّة الكبرى
بمحافظتها على مبدأَي "البصيرة" و "العزيمة والهمّة" تستطيع الوقوف بوجه هذه
الجاهلية وفرض الهزيمة عليها".
حضوره دام ظله مراسم تخرُّج طلبة جامعة الإمام الحسين عليه السلام (20/05/2015).
حضر سماحة الإمام القائد دام ظله مراسم تخرُّج الطلبة الجامعيين الضباط وإعداد
الحرس الثوريّ في جامعة الإمام الحسين عليه السلام.
أشار سماحته دام ظله في كلمةٍ له إلى "الخطاب الإسلاميّ الحديث" و "الخطاب
الجاهليّ" باعتبارهما خطابين رئيسيين في العالم المعاصر، وأكّد على تعذّر تقارب
هذين الخطابين أو تصالحهما. كما أشار دام ظله إلى أخبار تتعلق بمساعي
خصوم الشعب الإيراني وبعض المسؤولين في منطقة الخليج الفارسي لجرّ الحروب بالنيابة
إلى الحدود الإيرانية قائلاً: إذا حصلت أيّة أعمال شيطانيّة فإنّ ردود فعل
الجمهوريّة الإسلامية في إيران ستكون شديدة جدّاً.
س: يُرجى بيان رأيكم الشريف في الحقن بالإبرة من قِبَل طبيب الأسنان وغيرها من
الحِقَن الأخرى بالنسبة للصائمين في شهر رمضان المبارك؟
ج: الأحوط وجوباً أنْ يجتنب الصائم عن الحقن بالإبر
المغذّية أو المقوّية مطلقاً، وكذا الإبر التي تعطى عن طريق الوريد وسائر أنواع
المصل. وأمّا استخدام الإبر لمثل التخدير للبدن ونحوه فلا مانع منها.
2015-06-17