إنّ أعظم أجرٍ يُعطى للشهيد في هذا العالم هو بقاء ورسوخ تلك الحقيقة التي ضحّى هذا الشهيد بنفسه من أجلها، والله تعالى يحفظ هذه الحقيقة ببركة دمه.
بسم الله الرحمن الرحيم
المحاور الرئيسة لكلمة للإمام القائد
الخامنئي دام ظله في لقاء أعضاء ثلاثة مؤتمرات إحياء ذكرى الشهداء 1 بتاريخ
16-02-2015.
* ضرورة إحياء ذكرى الشهداء وأهميّته.
* التعرّف إلى حقيقة حياة الشهداء ومآلهم بعد الشهادة.
* الاصغاء إلى نداء الشهداء الملكوتيّ.
* رفض نظام الهيمنة والاستكبار.
إحياء ذكراهم: استمرار وبقاء
يُعتبر إحياء ذكرى الشهداء وتكريمهم وتعظيمهم استمراراً لمسيرة الجهاد والشهادة؛ إذ
لولا ذلك لطوى النسيان الكثيرَ من ذكرياتهم القيّمة والثمينة، ولغاب الأثر العظيم
الذي يظهر في المجتمع بفضل مسيرة الشهادة في مطاوي النسيان.
لذا، من الضروري أن تصبح ذكرى الشهداء وتخليد أسمائهم واحترام أسرهم وعوائلهم
والبحث في سيرهم والتدقيق في زوايا حياتهم يوماً بعد يوم أكثر رواجاً في أوساط
المجتمع. وهذا ما سيجعل من قضية الشهادة قويةً راسخةً في مجتمعنا، وما سيمدّنا
بالنصر والتقدّم باستمرار دون أن تتسرّب روح الهزيمة واليأس إلى قلوبنا. وهذا ما
ينطبق على واقعة كربلاء الإمام الحسين بن علي عليهما السلام وما حدث له. وها قد مضى
اليوم أكثر من 1300 عام على استشهاد سيدنا أبي عبد الله الحسين عليه السلام، وما
زالت قضية الحسين عليه السلام تتعاظم وتكبر يوماً بعد يوم.
أحياءٌ يُرزقون
الشهداء في المنطق الإلهيّ أحياءٌ﴿وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ
اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ (البقرة: 154)، وحياتهم
مملوءة بالرزق والفرح والسعادة والسرور ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي
سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ*فَرِحِينَ
بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ (آل عمران: 169-170). فالآيات القرآنية
الشريفة تصرّح بأنّ حياة الشهداء حقيقيّة، وحياة معنوية، وحياة مليئة بالرزق، بمعنى
أنّ فضل الله تعالى وبركاته تنهمر عليهم دون انقطاع ﴿فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ
اللّهُ مِن فَضْلِهِ﴾.
نداءٌ ملكوتيّ
تكشف الآيات القرآنيّة الستار عن بعض ما سيحدث عند الجانب الآخر للحدّ الفاصل ما
بين الحياة والموت، تلك النشأة المجهولة التي يحبّ البشر أن يطّلعوا على تفاصيلها
وأحداثها وما سيجري فيها. فإننا نعلم فيما يتعلق بالشهداء، أنهم راضون مسرورون
فرحون ﴿فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ﴾، وفوق ذلك
﴿وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ
وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾(آل عمران: 170)، أي إنهم يتحدّثون معنا ويخاطبوننا:
﴿أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾. هذا شيءٌ هامٌّ للغاية؛ إذ
إنّه يدفعنا لأن نوجد في أنفسنا هذه الأذن التي يمكنها أن تسمع نداء الشهداء
الملكوتيّ. إنهم يبشروننا ويخبروننا بأن لا نخاف ولا نحزن: ﴿أَلاَّ خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾. فنحن نصاب بالخوف نتيجة حالات الضعف عندنا،
ونعاني من الحزن، وهم يقولون لنا: لا تخافوا ولا تحزنوا؛ فهم إما يتحدثون عن أنفسهم
أو عنا – حسب الاختلافات الموجودة بشأن تفسير هذه الآية الشريفة – وهم ينفون الخوف
والحزن، سواء في هذه النشأة أو تلك النشأة.
إحياء ذكراهم حاجةٌ للبلاد
لديّ اعتقاد راسخ بأن إحدى الحاجات الأساسية للبلد هي إحياء ذكرى الشهداء، وأن هذه
الحاجة تبدو ضرورية وحيوية على صعيد نظرتنا لمستقبل البلاد، سواء أكنّا أناساً
متديّنين متعبّدين، أم لم نكن كذلك إلى هذا الحد، لكننا جميعاً حريصون على مصير
بلدنا وشعبنا.
إن ثقافة الشهادة هي ثقافة السعي والتضحية وبذل النفس في سبيل الأهداف البعيدة
الأمد المشتركة بين جميع الناس. وطبعاً، ليست تلك الأهداف خاصة بشعب إيران ولا
بالعالم الإسلامي، بل هي أهداف عالم الإنسانية. وإذا ما تكرّست هذه الثقافة لدى
شعب، لأصبحت في الجهة المقابلة تماماً لثقافة النزعة الفردية السائدة في الغرب،
والتي تقيس كل شيء بمعيار المصلحة الخاصة والنفع الشخصي، وتقيّم كلّ شيء بمعيار
مالي مادّي بحت، وكل هذا الأمر بهدف الحصول على المال والنفع المادي. وهذا مناقض
لثقافة ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ﴾ (الحشر: 9). فهؤلاء أفراد يعملون بشعار
الإيثار وبثقافة الإيثار والصفح والتضحية بالنفس من أجل مصير المجتمع والشعب. وإذا
ما انتشرت هذه الثقافة وعمّت، وإذا ما توفرت لأي بلد وأي مجتمع فلن يتوقف أبداً،
ولن يتراجع إلى الوراء، بل سيتقدم إلى الأمام.
رسالتنا: لا لنظام الهيمنة
لقد رفض شعب الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران "نظام الهيمنة" القائم على الخضوع
والتذلّل لقوى الهيمنة والاستكبار، بعد أن بنى الطغاة الناهبون عالمهم على أساس
تقسيم العالم إلى: "مهيمن" و"خاضع للهيمنة"، وهذا هو الحال اليوم، وهكذا كان عندما
تفجّرت الثورة الإسلامية، وهكذا كان أيضاً على مرّ التاريخ. وبالطبع إن هذا الواقع
اليوم هو أشدّ مما كان عليه في العصور الماضية، لأن أدوات الهيمنة اليوم لا تقارن
بما كانت عليه قبل مائة عام أو ألف عام أو خمسة آلاف عام؛ فقد توفرت للمهيمنين فرص
أكبر للهيمنة على المظلومين والمستضعفين، وهم ينتهزون هذه الفرص إلى أقصى الحدود،
فينهبون الثروات ويدمّرون الثقافات ويذلّون البشر ويتسببون بنشر الجوع بين الشعوب
المظلومة المحرومة، ويرتكبون الكثير من الفجائع الأخرى. وفي مقابل هذا المسار ظهرت
هوية اسمها "الثورة الإسلامية" تعتمد على مبادئ الوحي والركائز الإلهية والأخلاق
الإلهية والمسيرة الإلهية وما يقوله القرآن الكريم بصراحة... هذه هي مسيرة الشعب
الإيراني. وقد تنامت هذه المسيرة وهي تتقدّم، ولله الحمد، إلى الأمام يوماً بعد
يوم.
والحمد لله ربّ العالمين
عوائل الشهداء قمّة العطاء
أن تكون المرأة أمّاً لشهيد، لشهيدين، لثلاثة شهداء، لأربعة شهداء... ليس الأمر
بالطرفة التي يسهل ذكرها على اللسان. إذا تعرّض طفل للزكام وسعل مراتٍ عدّة ، كم
نقلق عليه؟ فماذا لو ذهب الولد فقُتل، ثم قُتل الثاني، ثمّ الثالث، هل هذه طرفة؟
وهذه الأمّ بكل عواطفها الأمومية المرهفة والملتهبة تؤدّي دورها بشكل تتشجّع معه
مئة أمّ أخرى لإرسال أولادهنّ إلى ساحة الحرب.
لو أنّ أولئك الأمهات صدرت منهنّ آهات وأنين، عتاب وشقّ للجيوب أو اعتراض على
الإمام الخميني قدس سره وعلى الحرب، فلا شكّ في أنّ الحرب كانت ستُشلّ في تلك
السنوات والمراحل الأولى للحرب.
نساء شابات يفقدن أزواجهن في بداية الحياة الجميلة التي كنّ يتمنّينها، أن يرضين
أولاً بأن يذهب أزواجهنّ الشباب إلى حيث من الممكن أن لا يرجعوا، ومن ثمّ يتحمّلن
شهادتهم، ثمّ يفتخرن بهذا ويرفعن رؤوسهنّ شموخاً، هذه أدوار لا بديل لها ولا مثيل.
عشقٌ متبادل
يقول الإمام القائد الخامنئي دام ظله: "في أحد الأسفار، وبعد أن ألقيت خطابي،
التفتُّ إلى امرأةٍ تتوجه إليّ بالكلام من خلف رجال الحرس، فقلت للإخوة: افتحوا
الطريق لهذه السيدة لنرى ماذا تقول. وعندما اقتربت قالت: بلّغ الإمام عنّي أن ابني
كان أسيراً في أيدي الأعداء، وقد بلغني مؤخّراً أنّه استشهد، فقل له عنّي: فداءً
لك، ولتحيا أنت. إنني حاضرة لتقديم أولادي الآخرين شهداء أيضاً في هذا الطريق.
عندما عدت إلى طهران، ذهبت للقاء الإمام، لكنني نسيت إبلاغه الرسالة، وبعد أن خرجت
من عنده تذكرت، فقلت في نفسي ليس من اللائق عدم إيصال رسالة أمّ الشهيد هذه.
قلت للإخوة في بيت الإمام: نسيت أن أقول للإمام شيئاً، كان الإمام يهمّ بالخروج من
تلك الغرفة الصغيرة المطلّة على الباحة، محاولاً الدخول إلى منزله الخاص، وقد وقف
في الباب المطلّ على الباحة. قلت: أردت قول أمر واحد فقط وهو أنّ أمّاً صفتها كذا
وكذا، أتت وقالت هذا الكلام، وبمجرد أن سمع قول أمّ الشهيد ذاك، تغيّر لون الإمام،
وانهمرت الدموع من عينيه، بحيث انفطر قلبي".
استقباله دام ظله قادة
القوة الجويّة ومنتسبيها في ذكرى ملحمة التاسع عشر من بهمن (2015/02/08)
استقبل سماحة الإمام القائد السيد علي الخامنئي دام ظله قادة القوة الجوية
ومنتسبيها في الجيش، وأوضح السبب والهدف الرئيس من عداء الحكومة الأمريكية المستمر
لإيران طوال 36 عاماً، وخطأ حساباتهم الرامية لتركيع شعب إيران وإهانته. كما أشار
سماحته إلى الأداء الرصين لإيران في المفاوضات النووية، والسلوك غير المنطقي
والابتزازي للطرف المقابل، مؤكداً: سوف يثبت شعب في إيران في الثاني والعشرين من
بهمن أنه لا يخضع لمنطق القوة، وأنه يردّ بضربات مقابلة على كل من تُسوّل له نفسه
توجيه الإهانات. وبيّن سماحته النفوذ الواسع للثورة الإسلامية قائلاً: "بعد انتصار
الثورة الإسلامية، عندما شاهدت شعوب العالم شجاعة الشعب الإيراني وبسالته، حيث وقف
علنياً بوجه التعسُّف الأمريكي، عمّ الحماس تلك الشعوب وانجذبت لرسالة الثورة".
استقباله دام ظله أهالي آذربيجان بمناسبة ذكرى انتفاضة التاسع والعشرين من بهمن
(2015/02/18)
استقبل سماحة الإمام القائد السيد علي الخامنئي دام ظله الآلاف من أهالي محافظة
آذربيجان، وقدّم شكره الوافر لشعب إيران الكبير لمشاركته الكبيرة في مظاهرات الثاني
والعشرين من بهمن ذكرى انتصار الثورة الإسلامية، ومستعرضاً الظروف الاقتصادية
للبلاد وسبل علاج المشكلات. كما أشار سماحته إلى أن الشعب هو المالك الأصلي للثورة
والبلاد. وتطرّق إلى أهميّة أن يستلم الناس المبادرة ويفسح لهم المجال في إدارة
البلاد بتدبير وبرمجة وتخطيط... عندها سيتقدّم هذا الشعب والبلد إلى الأمام؛
معتبراً أن هذه التجربة قد نجحت في الجمهوريّة الإسلاميّة وفي لبنان وفلسطين،
ولافتاً إلى إنجاز الشعبين اللبناني والفلسطيني في مواجهة العدو الصهيوني،
ومتعرّضاً لعمليّة المقاومة الإسلاميّة الأخيرة ضد العدو الصهيوني قائلاً: "وفي
الآونة الأخيرة وجّهت قوات المقاومة ضربة فذة للعدو الصهيوني ولا تزال القضية ساخنة
تجري بها الألسن، ولم تُنس".
استقباله دام ظله المسؤولين عن شؤون البيئة والمصادر الطبيعية (2015/03/08)
استقبل سماحة الإمام القائد السيد علي الخامنئي دام ظله المسؤولين والعاملين في
مجال المصادر الطبيعية وصيانة البيئة، وأوضح أن معالجة مشكلات البيئة بحاجة إلى
برمجة وتخطيط وتدبير ومتابعة مستمرّة وجادّة، وإلى قرارٍ حاسمٍ من قبل الأجهزة
المعنية، مؤكداً: صيانة البيئة واجب سيادي، وينبغي العمل بهذا الواجب عن طريق إعداد
ميثاق وطني للبيئة، وملحق بيئي لكلّ المشاريع العمرانية والصناعية، مضافاً إلى
اعتبار تخريب البيئة جريمة يُعاقب عليها.كما أشار سماحته (دام ظله) إلى وجهة نظر
الإسلام بخصوص أهمية الحفاظ على الأرض والثروات العامّة بالقول: الإسلام والأديان
الإلهيّة شددت دوماً على ضرورة شعور الإنسان بالمسؤولية حيال الطبيعة والحفاظ على
التوازن بين الإنسان والطبيعة.
2015-04-08