يتم التحميل...

إن أميرالمؤمنين عليه السلام هو الأسوة الحقيقيّة لكلّ‏ِ إنسانٍ متأسٍّ‏ٍ يتوق للعروج بنفسه إلى ما يرتفع به فوق جميع مخلوقات هذا الكون.

 
 

ربيع الأول ربيع الحياة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

حياة الإمام علي عليه السلام دروسٌ للأجيال

إنّ حياة أمير المؤمنين عليه السلام تعدّ درساً خالداً لكلّ الأجيال؛ سواءٌ في حياته على المستوى الشخصي أم في محراب عبادته أم في مناجاته أم في زهده أم في فنائه في ذكر الله... وفيما يلي نماذج من عدالة أمير المؤمنين عليه السلام.

عندما بايع الناس عليّاً عليه السلام ، قال لهم: إذاً لنذهب إلى المسجد. ارتقى المنبر في المسجد، وألقى خطبة قال: سأعيد الأموال الّتي استحوذ عليها الخواصّ والوجهاء من دون وجه حقّ إلى بيت المال، حتّى "لو وجدته قد تُزوّج به النساء" حتّى لو وجدت أنّكم جعلتم تلك الأموال مهوراً لنسائكم، أو "مُلك به الإماء" واشتريتم به الجواري. وليعلم جميع الناس أنّ هذا هو سبيلي في الحكم.

وبعد أيّام قام أصحاب النفوذ والمتضرّرون بالاعتراض؛ فعقدوا اجتماعاً ثم جاء بالنيابة عنهم الوليد بن عقبة - والي الكوفة في زمن عثمان - إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، وقال له: يا عليّ إنّ لبيعتنا إياك شروطاً، "ونحن نبايعك اليوم على أن تضع عنّا ما أصبناه من المال فـي أيام عثمان"، فشرطنا هو أن لا تنال من الأموال الّتي حصلنا عليها، ثم جاءه طلحة والزبير - وهما يومذاك من أكابر المسلمين ومن البقية الباقية لأصحاب الرسول صلى الله عليه وآله – وتكّلما معه بكلامٍ فيه عتاب، فقالوا: "إنّك جعلت حقّنا فـي القَسْم كحقّ غيرنا، وسوّيت بيننا وبين من لا يماثلنا فـي ما أفاء الله تعالى بأسيافنا ورماحنا" فأيّ قسمة هذه؟ نحن الذين حصّلنا هذه الخيرات بسيوفنا، ونحن الّذين رفعنا لواء الإسلام.

فما كان من الإمام عليه السلام إلّا أن صعد المنبر وقال بشأن قضية المساواة في القسمة من بيت المال: "فإنّ ذلك أمرٌ لم أحكم فيه بادئ بدء"، ولست أنا من أسّس هذا المنهج "بل وجدتُ أنا وأنتما رسول الله صلى الله عليه وآله يحكم بذلك" وإنّما أنا أتّبع الفعل الّذي كان يأتي به الرسول صلى الله عليه وآله ... وقد خاض بسبب ذلك أمير المؤمنين صلى الله عليه وآله بعد ذلك ثلاث معارك ثمن اتِّباعه منهج الرسول صلى الله عليه وآله.

ثلاث حروب لإحياء السنة النبوية

لم يتحرّك أمير المؤمنين عليه السلام أبداً طيلة خمس وعشرين سنة من أجل الخلافة، ولم تصدر عنه إزاء ذلك أية ردود فعل. ولكن الإمام عليه السلام تحمّل ثلاث حروب: الجمل، صفّين، النهروان، تجاه قضيّة تخصّ العدالة الاجتماعية، وإحياء المبادئ النبوية. هذا الإنجاز العظيم هو ما نهض به أمير المؤمنين عليه السلام.

وفـي هذا المجال كلمة أخرى له عليه السلام يقول فيها: "لا تمنعنّكم رعاية الحقّ لأحدٍ عن إقامة الحقّ عليه"، أي أنّ الإنسان إذا كان مؤمناً ومجاهداً فـي سبيل الله وأنجز أعمالاً كبيرة فمراعاة حقّه واجبة. وأمّا إذا تعدّى هذا الشخص حدوده أو ضيّع حقّاً من الحقوق، فلا ينبغي التغاضي عنه بحجّة أعماله الحسنة السابقة. هذا منطق أمير المؤمنين عليه السلام.

فليرحل إذا شاء

كان هناك شاعرٌ اسمه النّجاشيّ، من شعراء أمير المؤمنين عليه السلام ومدّاحيه، وهو صاحب أفضل القصائد فـي حرب صفّين وكان له دورٌ في تحريض الناس ضدّ معاوية، وأفعاله مشهورة بالإخلاص والولاية والسوابق، هذا الشّاعر كان قد شرب الخمر فـي يوم من أيام شهر رمضان. حين علم أمير المؤمنين عليه السلام بالأمر أقام عليه الحدّ وجلده ثمانين سوطاً أمام أعين الناس. فجاءت عائلته وقبيلته إليه وقالوا له: يا أمير المؤمنين، أرقتَ ماء وجوهنا. لقد كان هذا من أصحابك وأصدقائك! فقال عليه السلام: إنّه مسلم ارتكب مخالفة، فوجب عليه حدّ من حدود الله، فأقمت ذلك الحدّ. أمّا النّجاشيّ فبعد أن جُلد قال سأذهب إلى معاوية وأنظم به أشعاري. والتحق بمعسكر معاوية بالفعل. أمير المؤمنين عليه السلام لم يعتبر ذلك خسارة مؤسفة، بالطبع، كان يفضّل أن يبقى. وقال الإمام عليه السلام لأصحاب النجاشي: "فهل هو إلاّ رجل من المسلمين انتهك حرمة من حُرَم الله فأقمنا عليه حدّاً كان كفّارته".

ولو كان قريبنا

وفي قصّة أخرى عن رجل من قبيلة بنـي أسد - كان من أقارب أمير المؤمنين عليه السلام - وجب عليه حدٌّ من الحدود. فذهب نفرٌ من أقاربه إلى أمير المؤمنين عليه السلام لمعالجة المشكلة. فجاؤوا بدايةً إلى الإمام الحسن عليه السلام ليتوسط لهم عند أبيه، فقال عليه السلام لهم: لا ضرورة لذهابي معكم، فوالدي أمير المؤمنين يعرفكم. فجاؤوا إلى الإمام عليه السلام وطلبوا مساعدته. فقال عليه السلام لهم: لا مانع لديّ فـي أيّ أمر أكون فيه حرّاً مختاراً، وسأفعله لكم. ففرح هؤلاء وخرجوا، وفـي الطريق صادفوا الإمام الحسن عليه السلام فسألهم: ماذا فعلتم؟ قالوا له: انتهى الأمر على خير والحمد لله، وقد وعدنا أمير المؤمنين عليه السلام. فسألهم: ماذا قال لكم أمير المؤمنين؟ قالوا: قال لنا: أفعل لكم ما أكون حرّاً فيه ويعود أمره إلـيّ. فتبسّم الإمام الحسن عليه السلام وقال: إذاً اذهبوا وافعلوا كلّ ما يجب أن تقوموا به فـي حال إقامة الحدّ عليه! وأقام أمير المؤمنين عليه السلام الحدّ عليه بعد ذلك. فجاؤوا وقالوا: يا أمير المؤمنين، لمَ أقمت الحدّ على هذا الرجل؟ فقال: ليس الحدّ ممّا أملك أمره وحرّية التصرّف فيه. الحدّ حكمٌ إلهيّ. قلتُ لكم ما أكون حرّاً فيه أفعله لكم. والحدّ ليس فـي يدي. هذا، وبنو أسد من أصدقاء أمير المؤمنين عليه السلام والمخلصين له... هكذا كانت حياة أمير المؤمنين عليه السلام.

 
 

نور من نور

 

العدالة هدف الأديان النهائي

إنّ الأديان جعلت العدالة هدفها بشهادة القرآن ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ (الحديد:25).

فالآية تحكم بأنّ هدف إرسال الرسل وإنزال الكتب ومجيء البيّنات هو القيام بالقسط لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ. وبالطبع، لا شكّ بأنّ القيام بالقسط وكلّ ما يتعلّق بالحياة الدنيوية والاجتماعية والفردية للنّاس، هو مقدّمة لذاك الهدف المتعلّق بالخلق ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون (الذاريات:56).

فهدف الحضارات وغاية حراك البشر في المحيط الاجتماعي هو العدالة. ومثل هذا لا يوجد في أي مذهبٍ آخر،  فهو من مختصّات الأديان.

 
 

خواطر

 

ضيف بيت المال

يقول آية الله جوادي آملي: "في أحد الأيام، حللتُ ضيفاً على السيد القائد علي الخامنئي دام ظله ، وكان ابنه السيد مصطفى حاضراً أيضاً، حيث أحضر طعام الغداء، فنظر إليه السيد القائد طالباً منه أن يذهب إلى المنزل ويتناول الطعام هناك.

فطلبت منه أن يبقيه معنا قائلاً: أنا الذي طلبت منه البقاء. أجاب القائد: هذا الطعام من بيت المال، وأنت ضيف بيت المال، ولا يحقُّ لأولادي أن يجلسوا إلى هذه المائدة. فليذهب ويتناول الطعام في البيت. عندها أدركت لماذا وهب الله كل هذه العزّة لهذا الشخص المقدّس".

 
 

نشاطات القائد

 

 

كلمته دام ظله بمناسبة حلول العام الإیراني الجدید 1392 هـ ش (12/3/2013)
بمناسبة حلول العام الإیراني الجدید 1392 هـ ش، ألقى سماحة القائد الخامنئي دام ظله في مرقد الإمام علي بن موسی الرضا عليهما السلام كلمة عرض فيها تقییماً للمكتسبات والتقدم الذي حققه الشعب الإیراني علی الرغم من العقبات التي یبثّها أعداء الشعب الإیراني، وأشار إلی نقاط أساسیة بخصوص قضیة المفاوضات مع أمریكا، وكذلك متطلبات الملحمة الاقتصادیة، لا سیّما ضرورة التحرّر من التبعیة للنفط، والاهتمام الجاد بالسیاسات الاقتصادیة العامة، والمبادرة الواعیة قبل تنفیذ الأعداء لمخططاتهم. وبخصوص الملحمة السیاسیة اعتبر سماحته انتخابات رئاسة الجمهوریة التي ستقام بعد نحو ثلاثة أشهر مظهر هذه الملحمة.

كما أشار دام ظله إلی أن أعداء الشعب الإیراني یستخدمون أسلوبین لمواجهة تقدمه:
1. خلق العقبات والموانع العملیة مثل الحظر الاقتصادي والتهدیدات وإشغال المسؤولین والنخبة والشعب بالأمور الفرعیة التي لا تحظی بالأولویة.
2. الإعلام والدعایة الواسعة الضخمة للتعتیم علی تقدم الشعب الإیراني، وتضخیم بعض نقاط الضعف لديه.

كما أكّد سماحته أنّ القطب الأصلي للمؤامرات ضد شعب إیران هو أمریكا. وبما يخصُّ الكیان الصهیوني الغاصب فلم يعتبر دام ظله أنّه بمستوی وحجم یخوّله لأن یعدّ في عداد أعداء الشعب الإیراني. وقد قلّل دام ظله من قيمة التهدیدات التي یطلقها ساسة الكیان الصهیوني بخصوص الهجوم العسكري علی إیران مؤكداً: إذا صدرت عنهم حماقة فإن الجمهوریة الإسلامیة سوف تُسوّي تل أبیب وحیفا بالأرض.

بعدها أشار دام ظله إلی بعض نماذج التقدم والمكتسبات الكبری والتأسیسیة خلال عام 91 والتي تحققت في ظروف الحظر، والتي منها: إرسال القمر الصناعي "ناهید"، وإطلاق صاروخ "پیشكام" البحثي مع كائن حيّ، وصناعة طائرات مقاتلة فوق المتطورة، وإنتاج أدویة حساسة وذات تراكیب جدیدة، وإحراز المرتبة الأولی في مجال تقنیات النانو في المنطقة، وأكَّد سماحته قائلاً: الدرس الكبیر لنجاحات ومكتسبات عام 91 هو أنّ الشعب الحيّ لا یركع أبداً نتیجة الحظر الذي یفرضه الأعداء وضغوطهم وتشدّدهم.

تعزيته دام ظله بوفاة العلامة الفضلي رحمه الله (9/4/2013)
بعث القائد السيد علي الخامنئي دام ظله رسالة تعزية بمناسبة رحيل عالم الدين والمفكر الإسلامي آية الله الدكتور عبد الهادي الفضلي رحمه الله الذي وافته المنية في السعودية. وفيما يلي نص رسالته دام ظله:

تلقيت ببالغ الحزن والأسى نبأ رحيل العلامة آية الله الدكتور عبد الهادي الفضلي إلى جوار ربِّه.

لقد قضى العلامة الفقيد عمره الشريف في الجهاد العلمي والسياسي والدفاع عن مقدسات الأمة الإسلامية وقضاياها العادلة.

كان الفقيد من رواد الفكر والمنظرين الإسلاميين البارزين وخير دليل على ذلك ما نجده في مؤلفاته وآثاره الجليلة.

كان رحمه الله ملاذاً لعلماء الأمّة؛ حيث جسَّد بفكره وحركته وجهاده وجهوده الوحدوية قدوةً لتأليف القلوب وتوحيد الصف الإسلامي ولمِّ الشمل ونبذ الخلافات وتوجيه الأنظار والأفكار نحو العدو المشترك لأبناء أمَّتنا الإسلامية العظيمة.

كما قدَّم الفقيد الراحل من خلال صبره على الابتلاء الإلهي في أواخر حياته ـ حيث ألم به المرض وكبده الكثير من العناء ـ تصويراً ومثالاً رائعاً للإنسان المؤمن الصابر الشاكر المحتسب المتوكل على الله العلي القدير.

إنّني بهذه المناسبة الأليمة إذ أتقدَّم بأحرّ التعازي لأعضاء أسرته الكريمة ورفاق دربه وتلامذته ومحبيه، ولاسيما لعلماء أمَّتنا الإسلامية والحوزات العلمية الدينية، أسال الله أنْ يتغمَّده برحمته الواسعة، ويسكنه فسيح جنانه، ويدخله في سعة رضوانه ويلهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان، كما أسال الله جلّ وعلا أنْ يمنَّ على جميع علمائنا الأخيار بوفور الصحة ودوام التوفيق والاقتداء بفقيدنا السعيد فكراً وسلوكاً وجهاداً. وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.

 
 

فقه الولي

 

س: هل مسح الوجه باليدين بعد القنوت حال الصلاة يوجب بطلانها؟
ج: لا يوجب البطلان ولكنّه مكروه.

2013-05-06