يتم التحميل...

صدى الولاية109- جمادى الأولى1433 هـ

العدد109

عدد الزوار: 59

"يجب تخليد ذكر الشهداء، وإحياء وصيانة مفهوم الشهادة، هذا المفهوم العظيم والقيِّم والمؤثِّر الذي كانت دماء شهدائنا سبباً في إحيائه على الصعيد العالمي مرة أخرى"
 

 
 

في صبيحة عيد الميلاد

 

طلب السيد القائد ترتيب زيارة إلى منزل أحد الشهداء المسيحيين في صبيحة عيد ميلاد النبي عيسى بن مريم عليهما السلام. اخترنا أحد الشهداء وخلال الطريق كنا نفكر بالطريقة التي علينا ترتيب أمر الزيارة مع عدم معرفة أحدٍ بالزائر.. فارتأينا أن نقول لهم إننا فريق من مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، وإننا حضرنا إليهم بمناسبة عيد الميلاد لإجراء مقابلة مباشرة على الهواء وتم ترتيب ذلك.

وعندما حان وقت وصول القائد كان لا بد من إخبارهم بما كنا نخفيه عليهم فتوجهنا إلى المنزل... طرقنا الباب ودخلنا إلى المنزل ثم خاطبنا السيّدة التي فتحت الباب قائلين: عفواً سيدتي، سيصل بعد قليل حضرة السيد القائد.

قالت: على رأسي، فليتفضل، ثم استدركت: مَنْ؟؟

قلت لها: السيد القائد، وما إن أعدت الاسم حتى خرَّت مغشياً عليها.

احترنا ماذا نفعل، فرفعنا صوتنا لعل أحداً في المنزل يأتي لمساعدتنا، وإذ بفتاتين أقبلتا مسرعتين فطلبنا منهما المساعدة، فحملوا السيدة إلى المطبخ، لتستعيد وعيها، ثمّ سألتا عمّا حصل، فأخبرناهما بما جرى.

دقائق ووصل السيد القائد إلى المنزل، وقد كنّا في حالة ارتباك شديد بسبب إغماء السيدة صاحبة الدار والتي من المفترض أن تقوم باستقبال السيد القائد الذي رفض الدخول خطوة واحدة إلى المنزل من دون إذن صاحب الدار قائلاً: نحن لن ندخل بيتاً لم يأذن لنا صاحبه، فيما وقوفه أيضاً خارجاً يشكل أزمةً لرجال الأمن الذين شكَّلوا حوله طوقاً من الشباب طوال القامة حتى لا يكون ظاهراً للعيان، فطلبنا من إحدى الفتيات أن تقوم باستقباله إذ لم يكن لدينا سبيل آخر، فخرجت إحدى الفتاتين واستقبلت القائد ودَعَتْهُ للدخول ثم أخبرته بأن والدتها ستحضر بعد قليل. سأَلَنا السيد عمّا إذا كان الوالد موجوداً أو أي أخ للشهيد فاعتذرنا بأنه لم يسعفنا الوقت في ذلك وسارعتُ إلى حيث الفتاة في الغرفة المجاورة وسألتها عن والدها فقالت إن الوالد متوفّى وليس لديها أخ إلا الشهيد إلا أن عمها يسكن في منزل مجاور لمنزلهم.

ذهبنا إلى البيت المجاور، وهناك استقبَلَنا الرجل وسلّم علينا، فيما احترنا كيف نعرّف له عن أنفسنا، ثمَّ قلنا له: عفواً، نحتاجكم لأمرٍ فيه خير، ولعل شكلنا لم يوح له بذلك. شباب تعبئة يأتون إليه يطلبون إليه مرافقتهم، بدا محتاراً، ولكنه مشى معنا نحو منزل أخيه بغاية الاحترام، دخلنا إلى المنزل، حيث تم تفتيش الرجل وهو مستغرب تماماً، حينئذ قلنا له: إن السيد القائد في المنزل، وأحببنا أن تكونوا في استقباله، أدخلناه الغرفة، فانهار بين أيدينا، عندها حملناه إلى كرسي ووضعناه إلى جانب السيد، كان صعباً عليه في البداية حتى أن يقول السلام عليكم" بشكل طبيعي، ولكنّه تدريجياً بدأ بالحديث مع السيّد.

بعد قليل جاءت الوالدة، فدعاها السيد للجلوس إلى جانبه، ثم قال لها: أمّاه! أتينا لنسمع الكلام منكم، لكن عندما تعرّضتم لمشكلة، قام الأصدقاء بإحضار عم الأولاد.

أثناء كلام السيد، دخلت الفتاتان وجلستا، فسأل حضرة السيد أولاً: ماذا تفعل الفتاتان في الحياة؟ أجابت الوالدة: طالبتان جامعيتان، فأثنى على ذلك وبدأ بالحديث معهما...

سألتني إحدى الفتاتين عمّا إذا كان ممكناً إحضار شيء لحضرة السيد ليشربه. كانت إجابة حضرته درساً لنا. لم يكن عندي أدنى فكرة عمّا عليّ أن أجيب، فذهبت قرب السيد، وسألته: سيدي، تطلب الفتاة الإذن بتقديم شيء للضيافة، شيء تشربه. شاي؟ فأجابني: نحن الضيوف، وهل يسأل المضيف الضيف عادةً عن الإذن للضيافة؟.. حسناً، لو ضيّفونا سنشرب. ثم قال السيد للشابة مباشرةً: نعم يا ابنتي! نزاحمكم بكوب شاي أو عصير، أنا لا مشكلة عندي في الخيارين. فذهبت الشابة وأحضرت شاياً وعصيراً وفاكهة، فشرب السيد الشاي وبعد ذلك العصير ثمّ أكل من الحلوى. بقي حضرة السيد في منزل العائلة الأرمنية حوالي الأربعين دقيقة وهو يتبادل معهم أطراف الحديث. وكما جرت عادته في منازل عوائل الشهداء، قال السيد طالباً: لم لا نرى صورة الشهيد؟ أحضروا صورة شهيدنا العزيز. فأحضروا ألبوم الصور ووضعوه أمام حضرة السيد، ولكن، كان ألبوم صور ليلة عرس الشهيد، وكل الصوَر فيه ثنائية. بدأ السيد يقلِّب صفحات الألبوم وهو يتحدّث مع الآخرين حتى انتهى إلى آخره! ثم قال: هل لديكم صورة فردية للشهيد؟ فبحثوا عن صورة فردية وأعطوها لحضرته، فبدأ السيد بالسؤال عن الشهيد وعن كيفية شهادته... كان اسم الشهيد الكبير "مانوكيان". وقد كان طياراً، وقام بأكثر من مئة مهمّة قتالية ناجحة حتى أصيبت طائرته أيام الطوق الحديدي فوق بغداد، فارتفع الشهيد بالطائرة إلى أعلى نقطة ممكنة، ثم وجّه الطائرة باتجاه إيران ليقوم بسقوط حُرّ فوق أرض بلاده. ولكن تعطّلت محركات الطائرة وتعطّل نظامها الكهربائي، فلم يستطع الشهيد تشغيل مقعده القاذف أو استعمال مظلته، فارتطمت الطائرة بالأرض وختمت حياته بالشهادة. للشهيد الكبير شهرة واسعة في أوساط القوات الجوية.

قالت الوالدة: اليوم عرفت من هو علي عليه السلام، حضرة السيد، بما أنكم في منزلنا، هل يمكن أن أقول لكم شيئاً؟ أجابها: تفضّلوا، لقد جئنا لنسمع كلامكم هذه الليلة. قالت: نحن وأنتم مختلفون في الثقافة الدينية. نحن نشارك في مجالس عزائكم، لكننا، في الغالب، لا ندخل إلى الداخل. نحن نوزّع الشراب في أيام تاسوعاء وعاشوراء، ونجلس بين جموعكم، نشرب الماء من أكواب بلاستيكية حتى لا نشكل لكم مشكلة في شرب الماء!

حضرة السيد يقولون: كان للمسلمين قائد اسمه علي عليه السلام كفّوا يده عن حقّه في الحكم خمسةً وعشرين عاماً. في تلك الأعوام كان شغله في الليل حَمْلَ الخبز والتمر على ظهره والذهاب إلى بيوت الأيتام. لم أفهم المغزى من هذا أيضاً. ولكن، اليوم فهمت من كان علي عليه السلام ! اليوم، بحضوركم، على كثرة مشاغلكم، خصصتم وقتاً لتأتوا إلى منزلي أنا التي من غير دينكم. الآن فهمت كم كان أمراً عظيماً ذهاب علي عليه السلام إلى بيوت الأيتام.

نحن لم نأكل - كما أكل القائد - في منزل الشهيد. لقد كنا ملكيين أكثر من الملك. ولكن وعندما وصل السيد إلى المكتب، طلب منَّا أن نجتمع ولامنا على عدم تناولنا الطعام هناك وقال: إن كنتم لا تريدون أن تأكلوا، لا تدخلوا.

 
 

ضرورة التجديد والتطور في مراحل الحياة

 

إن المصير النهائي للإنسان يرتبط بسلوكه واختياره، فالله سبحانه قد أودع فيه القابلية والاستعداد ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (البلد: 10)، وترك له الاختيار، حتى عندما تكون الظروف معقدة وصعبة، لكن في النهاية الاختيار له.

عندما نكرر ذكر ﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (الفاتحة: 6) يومياً، فهذا يعني أنّ الصراط المستقيم الذي نسير فيه يصل في كل لحظة إلى مفترق طرق، فالصراط ليس نفقاً يدخله المرء ويضمن خروجه من الناحية الأخرى. كلا، فهناك تقاطعات عديدة تقع على مسير الصراط المستقيم لا بُدّ من التعرّف إليها واختيار الصواب منها. وهذا هو المراد من ﴿اهدِنَا التي نكررها يومياً، أي: اليوم ﴿اهدِنَا، وغداً ﴿اهدِنَا وبعد غدٍ ﴿اهدِنَا، وفي هذا الموقف ﴿اهدِنَا، وفي ذلك الموقف ﴿اهدِنَا.

مرحلة جديدة وحياة جديدة

إن وضع مراحل زمنية جديدة في مجرى الحياة أمر نافع. فلو استمرّت الحياة بشكل نمطي فمن الطبيعي أنّ الإنسان لن يفكر بالتجديد والتطوير. لذلك فمن فوائد جعل المقاطع الزمنية في مجرى الحياة هو أن يتأمّل الإنسان ويقول: جيّد، إنّ المرحلة السابقة قد انتهت، وبدأنا مرحلة جديدة، والمرحلة الجديدة تتطلب عملاً جديداً، فكراً جديداً، عزماً جديداً، دوافع ومحفزاتٍ جديدة.

والفائدة المرجوّة من وجود مرحلة جديدة هي أن يكتسب الإنسان فرصة للتفكير في أفعاله السابقة وأفعاله المستقبلية، فيقول مثلاً: السنة الماضية انتهت وكانت لدينا المشاكل التالية، فلنبدأ من هذا العام بتلافيها ومحاولة الإصلاح. وهذا الأمر يمكن تعميمه على كافة مجالات الحياة.

العلاقة بالله بين الجانب الإيجابي والسلبي

وبرأيي، فإنّ أولى القضايا التي تستحق الوقوف عندها والتأمل فيها، علاقتنا بالله سبحانه. ففي كل مرحلة زمنية جديدة، علينا أن نعيد التفكير في علاقتنا بالله سبحانه وتعالى، سواء بالجانب السلبي منها أم الإيجابي، والمراد بالجانب السلبي: الإثم، فالإنسان قد اعتاد ارتكاب بعض الذنوب، لدرجة أنّه أصبح غافلاً عنها ولا يعي خطورتها. لكنّه ما إن يقف ويتأمّل قليلاً حتى يدرك تأثيرها السلبي على سلوكه.

فالإنسان قد يعتاد على ارتكاب بعض الآثام مستصغراً ومحتقراً لها. والمطلوب - اليوم - أن يتأمّل الإنسان في كيفية وضع حد لفعل الموبقات، أي يبدأ بإحصائها وكتابتها.

عندما كنت أطالع سيرة أحد الشهداء لفت انتباهي أنّه كان يدوّن ذنوبه التي صدرت منه مساء كل يوم ويحاسب نفسه كل ليلة. ألا نستطيع نحن أن نكتب رواية عن أنفسنا ومن ثمّ نعلن عنها، على الأقل بيننا وبين أنفسنا. لقد كتب الشهيد في مذكراته على سبيل المثال: لقد وجدت نفسي هذه الليلة أنّني ارتكبت ذنوباً عديدة في ذلك النهار.

إنّ محاسبة النفس أمر مفيد جداً. على الإنسان أن يحاسب نفسه، ويبدأ بالحد من ذنوبه واحداً تلو الآخر.

الصلاة هي البداية

والأمر كذلك بالنسبة للجانب الإيجابي من الموضوع، وبرأيي فلتكن البداية من الصلاة - وذلك لخطورتها وأهميتها - فالاهتمام بها يساهم في تذليل العقبات وحلحلة المشاكل والأزمات. ولا بُدّ للإنسان أن يأتي بالصلاة تامّة على أحسن وجه ويكون ملتفتاً خاشعاً فيها، فلا يغفل عمّا يقول وعمّا يدور في خاطره، بل لا بُدّ من أن ندرك أنّ هناك من نتحدّث إليه ويستمع إلينا. وقد يسعني القول: إنّ من لم يدرك مفهوم الصلاة أو لم يعِ المراد من هذه الكلمة، لكنّه يدرك أنّه واقف أمام الله سبحانه ويتحدّث إليه فلا شك أن حاله أفضل من حالنا، نحن الذين ندرك معنى الصلاة، وندرك تفسيرها، وطالعنا حولها كتباً عديدة، لكن عندما نقف للصلاة نغفل بالمرّة عمّا نقوم به.

فالصلاة أمر حسن، والخشوع بداية حسنة، والصلاة في وقتها كذلك، وصلاة الجماعة كذلك، والنوافل كذلك، وهكذا يمكن للمرء أن يوسع برنامجه العبادي شيئاً فشيئاً. والأمر يتطلّب قليلاً من الهمّة والعزم وسيكون عمر الإنسان حافلاً بهذه الخيرات والبركات إن شاء الله.

نسأل الله أن يمنّ عليكم بالخير والسؤدد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 
 

خواطر

 

علاقته بعوائل الشهداء

يقول السيد مجتبى السادات فاطمي: "أثناء لقاء السيد القائد دام ظله مع عوائل الشهداء في مدينة مشهد، كانت له زيارة إلى عائلة قدَّمت أربعة شهداء.

وبعد أن أُحضرت صور الشهداء للقائد ومشاهدته لها، سأل عن أسماء أفراد العائلة كافّة. وفي غضون لحظات صار يناديهم بأسمائهم أثناء حديثه معهم وقد أعطى كلَّ واحدٍ منهم هديَّة تذكارية.

في هذه الأثناء، حضر أخ لهؤلاء الشهداء - وكان من الجرحى - وبعد السلام وتقبيل يدي القائد، شرع يبكي من شدّة الشوق، فأخذ القائد يتودَّد له ويطيِّب خاطره، عندها قال الوالد: "ادعُ الله لشفاء زوجة ابني، فهي مريضة جداً وبحاجة إلى المال للعلاج".

فأجابه القائد: "لا تقلق أبداً، سوف تُحلُّ المشكلة إن شاء الله".

وفي نهاية اللقاء، وزَّع القائد الحلوى على الجميع ذاكراً كلَّ واحدٍ منهم بالاسم، وأطعم الأطفال منها بيديه المباركتين.

وفي صباح اليوم التالي، وبطلب من السيد القائد، نُقلت زوجة الجريح إلى المستشفى لتلقي العلاج في أفضل الظروف".

 
 

نور من نور

 

اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً

أوصي جميع الإخوة والأخوات المصلين الأعزاء بمراعاة التقوى، فالله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً(الأحزاب:70-71).
يجب أن نراعي تقوى الله في سلوكنا، وأقوالنا، وحتى في أفكارنا وظنوننا، أي نراقب ونحذر من أن نتعدّى رضا الله حتى بمقدار ذرة في سلوكنا وأعمالنا وأقوالنا. أتمنى أن يوفقني الله تعالى أنا العبد الضعيف لأن أذكر ما أريد ذكره دائماً على أساس هذا المبدأ القرآني الأساس، أي التحدث والكلام من منطلق التقوى.

من كلمة الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ولادة الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام سيدة نساء العالمين 4/5/2010م.

 
 

فقه الولي

 

تكرار آية السجدة للحفظ

س: أعلِّم طفلي قراءة سور العزائم، فهل يجب عليَّ السجود كلما قرأت آية السجدة أو كلما قرأها ابني مع العلم أن الحفظ لا يتم إلّا بتكرارها مرّات عديدة؟
ج: يتكرر السجود مع تكرر القراءة أو الاستماع ولا فرق في وجوبها بين الاستماع لقراءة المكلّف أو غيره كالصغير.

مسابقة
ما هي المدة التي قضاها السيد القائد دام ظله في النجف الأشرف طالباً للعلم؟
آخر مهلة لتقديم الأجوبة الأول من جمادى الآخرة

للمشاركة في المسابقة ولاقتراحاتكم راسلونا عبر:
-البريد الالكتروني:www.almaaref.org- sada@almaaref. org
-رسالة نصيّة على الرقم:
76953355
جمعية المعارف الإسلامية الثقافية- الضاحية الجنوبية -المعمورة -الشارع العام

2012-03-27