يتم التحميل...

ولاية الله ورعايته لفتية الكهف

مفاهيم قرآنية

وفي قصة الفتية من أصحاب الكهف، يحدثنا القرآن بثلاثة أنماط من رعاية الله تعالى وتأييده وتسديده ورزقه لهم: الرزق الأول: عندما آمنوا بالله وتجاوزوا سلطان الارهاب الذي فرضه عليهم الطاغوت في القصر فلما آمنوا بالله، زادهم الله ايماناً وهدى. يقول تعالى:

عدد الزوار: 54

وفي قصة الفتية من أصحاب الكهف، يحدثنا القرآن بثلاثة أنماط من رعاية الله تعالى وتأييده وتسديده ورزقه لهم:

الرزق الأول: عندما آمنوا بالله وتجاوزوا سلطان الارهاب الذي فرضه عليهم الطاغوت في القصر فلما آمنوا بالله، زادهم الله ايماناً وهدى. يقول تعالى: ﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى1.

والرزق الثاني: لما قاموا ونهضوا في اجواء القصر برسالة الإيمان، وأعلنوا الإيمان، ودعوا أبناء القصر إلى الايمان باللّه، رزقهم الله رباطة الجأش، وسكون القلب، وشدَّ على قلوبهم، فلم يرهبهم الطاغية ببطشه وسطوته. يقول تعالى: ﴿وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا2. وليس من شك أن هذه الخطوة في الإعلان عن الدعوة إلى توحيد اللّه، يحتاج إلى جرأة وشجاعة ورباط الجأش، ولكن الله تعالى عندما عرف منهم صدق النية والاحترام لم يكلهم إلى أنفسهم، وإنما ربط على قلوبهم، ورزقهم قوّة في القلب، ورباطاً في الجأش، وسكينة في النفس ﴿وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا....

الرزق الثالث: كان بعد أن اعتزلوا قومهم وقاطعوهم وآواهم الله إلى الكهف وضرب على آذانهم سنين عددا ونشر لهم ربهم من رحمته، وهيأ لهم من أمرهم مرفقا يقول تعالى: ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقً 3.

ولولا أنهم آمنوا لم يجدوا من عند الله هذه الزيادة في الهدى، ولولا أنهم قاموا ونهضوا برسالة التوحيد في القصر لم يجدوا من عند الله هذا الربط على القلب.

ولولا انهم اعتزلوا قومهم لم يجدوا من عند الله الايواء إلى الكهف، ولم يجدوا هذه الرحمة التي نشرها الله عليهم وهذا المرفق الذي هيّأه الله لهم.

وهم لم يؤمنوا، ولم يقوموا بدعوة التوحيد، ولم يعتزلوا قومهم بحول منهم وقوة منهم، ولكن بما آتاهم الله من الحول والقوة والوعي والمعرفة في أصل الخلق.

فلمّا آمنوا زادهم الله هدى.

ولما قاموا ربط الله على قلوبهم.

ولما اعتزلوا قومهم آواهم الله في الكهف ونشر لهم من رحمته، وهذه هي رعاية الله تعالى وتوفيقه وتأييده للصالحين من عباده، ووعده لهم بالتوفيق والتأييد: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ.4

العلاقة المتبادلة بين ولاية العبد للّه وولاية الله على عباده الولاية، كما ذكرنا من الألفاظ المتقابلة في اللغة العربية، يطلق على علاقة الله بعبده، وعلى علاقة العبد باللّه.

يقول تعالى في علاقة الله بعباده: ﴿اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ...5.

وعن علاقة العباد باللّه، يقول تعالى: ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ6.

وهذه العلاقة المتبادلة تجري في الايجاب والسلب معاً ففي الايجاب، يقول تعالى:  ﴿وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ7.

والعلاقة بين الولايتين واضحة.

فإن من يتولى الله ورسوله والمؤمنين فهو من حزب اللّه.

وحزب الله هم أولياء اللّه، ينصرهم الله تعالى وهم الغالبون.

وفي الجانب السلبي كذلك تجري العلاقة التبادلية فمن يعادي الله يعاديه اللّه، ويسلب ولايته عنه، ومن يعرض عن ولاية الله يعرض الله تعالى عنه. يقول تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمً8.

يعني من يتولى عن الله يسلب الله عنه ولايته ويعذبه عذاباً أليماً، ويقول تعالى:  ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ 9.

من يتول منكم عن الله فاولئك هم الظالمون.

وهذه هي العلاقة المعروفة بالعلاقة الجدلية أو (الدور المعي)، وهي من رقائق الثقافة القرآنية.

وقد ورد نظيرها في مواضع متعددة من القرآن من العلاقة بين الله تعالى وعباده في الجانب الايجابي والجانب السلبي معاً.

ففي الجانب الايجابي يقول تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ...10. ﴿رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ11.

وفي الجانب السلبي يقول تعالى: ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ12. ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا 13

وهذه العلاقة التبادلية تجري بين التقوى وولاية اللّه، فإن الله ولي المتقين. يقول تعالى: ﴿...وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ...14 والمخرج من الأزمات والرزق من حيث لا يحتسب الإنسان من مصاديق ولاية اللّه. وهذا أحد طرفي العلاقة.

والطرف الآخر للعلاقة علاقة المتقين باللّه، فإن المتقين أولياء اللّه، يقول تعالى: ﴿... إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ....

آثار ونتائج ولاية الله في النفس إذا عرف العبد أن الله تعالى مولاه ; يتولاه بالرعاية، ويرعاه، ويسدده، ويدبّر أموره، ولا يريد به إلاّ الخير، ولا يغيب العبد عن عين الله وسمعه، وهو تعالى حاضر، يسمعه ويراه في الشدّة والضراء، وأن ما يصيبه من الشدة فقضاء من الله وقدره، والله أرحم الراحمين بعباده... ﴿قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا...15.

عندئذ يسكن العبد ويطمئن إلى قضاء الله وقدره، ويقنع بما رزقه اللّه، ويصبر في الشدة والضراء والبأساء، ولا يفقد توازنه، واستقراره، وسكونه النفسي في الشدة والبلاء.

ويقول أمير المؤمنين عليه السلام عن أولياء اللّه: (في الزلازل وقور).

ويقول علي السلام (نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نزلت في الرخاء).

وقد ورد في الدعاء في الزيارة المعروفة بـ (أمين اللّه): (واجعل نفسي مطمئنة بقدرك، راضية بقضائك.. صابرة عند نزول بلائك).

وهؤلاء يتوكلون على الله في أمورهم، ويثقون بتدبير الله تعالى لهم ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ.

ويفوضون أمورهم إلى الله ﴿وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ.

وليس معنى التوكل والتفويض، الإهمال، بل الحزم والعمل جهد الإمكان، وتفويض النتائج إلى اللّه16.


1- الكهف: 13.
2- الكهف: 14.
3- الكهف: 16.
4- العنكبوت: 69.
5- البقرة: 257.
6- يونس: 62.
7- المائدة: 56.
8- الفتح: 17.
9- الممتحنة: 9.
10- البقرة: 152.
11- المائدة: 119.
12- الأنفال: 30.
13- النمل: 50.
14- الطلاق: 2.
15- التوبة: 51.
16- كتاب ولاية الله /الشيخ محمد مهدي الأصفي.

2012-03-14