مما قيل في قصر الأمل والأعمار
مواعظ حسنة
قال الله تعالى: "ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ" الحجر الآية:3. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: حان الأجل دون رجاء الأمل.
عدد الزوار: 114
قال الله تعالى: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ الحجر الآية:3.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: حان الأجل دون رجاء الأمل.
وقال بعضهم: لو رأيت الأجل ومسيره لبغضت الأمل وغروره.
وقال أنس: كنّا عند رسول الله صلى الله عليه وآله فوضع ثوبه تحت رأسه ونام، فهبّت ريح عاصفة فقام فزعاً وترك رداءه، فقلنا: يا رسول الله مالك؟ قال: قد ظننت انّ الساعة قد قامت.
وقال صلى الله عليه وآله: يهرم ابن آدم ويبقى معه اثنان: الحرص وطول الأمل.
وقال أميرالمؤمنين عليه السلام في خطبة: اتقوا الله فكم من مؤمّل ما لا يبلغه، وجامع ما لا يأكله، ولعلّه من باطل جمعه ومن حق منعه، أصابه حراماً وورثه عدواً، فاحتمل اصره، وبآء بوزره، وردّ على ربّه خاسراً آسفاً لاهفاً، قد خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين.
وقال الأصمعي: سمعت أعرابيّاً يقول: انّ الآمال قطعت أعناق الرجال كالسراب، أخلف من رجاه، وغرّ من رآه، ومن كان الليل والنهار مطيّتاه أسرعا به السير، وبلغاه المحل.
وأنشد بعضهم:
ويمسي المرء ذا أجل قريب وفي الدنيا له أمل طويل
ويعجّل للرحيل وليس يدري إلى ماذا يقرّبه الرحيل.
وقال آخر:
يا أيّها المطلق آماله من دون آمالك آجال
كم أبلت الدنيا وكم جددت فينا وكم تبلي وتغتال
وقال الحسين عليه السلام: ياابن آدم انّما أنت أيّام، كلّما مضى يوم ذهب بعضك.
وقال بعضهم لرجل: كيف أصبحت؟ فقال: أصبحت والله في غفلة عن الموت، مع ذنوب قد أحاطت بي وأجل مسرع، أقدم على هول لا أدري على ما أقتحم، فمن أسوء حالاً منّي وأعظم خطراً، ثم بكى.
ودخل أبو العتاهيّة على أبي نواس في مرضه الذي مات فيه، فقال: كيف تجد نفسك؟ فقال أبو نواس:
دبّ في الفنى سفلاً وعلواً وأراني الموت عضواً فعضواً
ذهبت جدتي لطاعة نفسي فتذكّرت طاعة الله نضواً
ليس من ساعة مضت بي الاّ نقصتني بمرّها لي جزواً
قد أساءت كلّ الاساءة اللهم صفحاً عنّا وعفواً وعفواً
وقال آخر:
يمد المنى للمرء آمال نفسه وسهم الردى من لحظ عينيه قد نزع
لمن يجمع المال البخيل وقد رأى مصارع من قد كان بالأمس قد جمع.
في قصر الأعمار وسرعة انقضائها وترك الاغترار بها
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أعمار امّتي ما بين الستين إلى السبعين، وقلّ ما يتجاوزها.
وجاء في قوله تعالى: ﴿وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ﴾ فاطر الآية 37 انّه معاتبة لابن الأربعين، وقيل لابن ثمانية عشر سنة، {وجاءكم النذير} الشيب.
وفي قوله: ﴿قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا﴾ مريم الآية 8. جاوزت الستين. وروي انّ لله ملكاً ينادي أبناء الستين: عدّوا أنفسكم في الموتى.
وقال بعضهم: يوشك انّ من سار إلى منهل ستين سنة أن يردّه.
وأنشد بعضهم:
تزوّد من الدنيا فانّك لا تبقى وخذ صفوها لمّا صفت ودع الزلقا
ولا تأمننّ الدهر انّي أمنته فلم يبق لي خلاًّ ولم يبق لي حقّاً.
وقال آخر:
تزوّد من الدنيا فانّك راحل وبادر فإنّ الموت لا شك نازل
وانّ امرءً عاش ستين حجّة ولم يتزوّد للمعاد فجاهل.
وقال آخر:
إذا كانت الستون عمرك لم يكن لدائك الاّ أن تموت طبيب
وانّ امرءً عاش ستين حجّة إلى منهل من ورده لقريب
إذا ذهب القرن الذي أنت فيهم وخُلّفت في قرن فأنت غريب.
وروي في قوله تعالى:﴿ فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا﴾ مريم الآية 84. ان الأنفاس، يخسرها من أنفقها في غير طاعة الله.
وقال بعضهم: العمر قصير، والسفر بعيد، فاشتغل بصلاح أيّامك، وتزوّد لطول سفرك، وانتفع بما جمعت فقدّمه من ممرّك إلى مقرّك قبل أن تنزعج عنه فتحاسب به ويحضي به غيرك، فما أقلّ مكثك في دار الفناء، وأعظم مقامك في دار البقاء.
وقال بعضهم:
لهفي على عمر ضيّعت أوّله وغال آخره الأسقام والهرم
كم أقرع السن عند الموت من ندم وأين يبلغ قرع السن والندم
هلاّ انتبهت ووجه العمر مقتبل والنفس في جدة والعزم مخترم
وجاء في قوله تعالى:﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ التين الآية 4. قال: الشباب، ﴿;ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾ التين الآية 5. قال: الهرم.
وقال بعضهم: الشيب رائد الموت، ونذير الفناء، ورسول المنيّة، وقاطع الاُمنيّة، وأوّل مراحل الآخرة، ومقدّمة الهرم، ورائد الانتقال، ونذير الآخرة، وواعظ فصيح، وهو للجاهل نذير، وللعاقل بشير، وهو سمت الوقار، وشعار الأخيار، ومركب الحمام، والشباب حلم المنام.
وقيل لشيخ من العبّاد: ما بقي منك مما تحب له الحياة؟ فقال: البكاء على الذنوب.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: خير شبابكم من تزيّا بزيّ شيّابكم، وشرّ شيّابكم من تزيّا بزيّ شبابكم.
وقال صلى الله عليه وآله: قال الله تعالى: b>&"وعزّتي وجلالي انّي لأستحي من عبدي وأَمَتي يشيبان في الإسلام أن اُعذّبهما، ثم بكى صلى الله عليه وآله فقيل: ممّ تبكي يا رسول الله؟ فقال: أبكي ممّن استحى الله من عذابهم ولا يستحون من عصيانهم".
وقال بعضهم: من أخطأته سهام المنيّة قيّده عقال الهرم.
وقال بعضهم:
انّي أرى رقم البلاء في قود رأسك قد نزل
وأراك تعثر دائماً في كلّ يوم بالعلل
والشيب والعلل الكثيرة من علامات الأجل
فاعمل لنفسك أيّها المغرور في وقت العمل
وقال آخر:
ولقد رأيت صغيرة فسترت شيبي بالخمار
قالت: غبار قد علاك؟ فقلت: ذا غير الغبار
هذا الذي نقل الملو ك إلى القبور من الديار.
* ارشاد القلوب / الديلمي _ باب قصر الأمل والأعمار..
2012-03-05