الانسان كائن كريم
مواعظ حسنة
لقد قدر الله الحكيم الخبير أن يكون القرآن كتاباً يعيد إلى الإنسان تطلعاته، وأن يبعث فيه روح السمو والهدفية. ولهذا ؛فقد كان القرآن الكريم كتاباً لو تمسك به الإنسان لتطور وتقدم، لأنه الحبل الممدود بين السماء والأرض، فطرف منه بيد الله، ومن تمسك بالطرف الآخر ارتفع وسما.
عدد الزوار: 105
﴿يثَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ المنافقون:8 .
لقد قدر الله الحكيم الخبير أن يكون القرآن كتاباً يعيد إلى الإنسان تطلعاته، وأن يبعث فيه روح السمو والهدفية.
ولهذا ؛فقد كان القرآن الكريم كتاباً لو تمسك به الإنسان لتطور وتقدم، لأنه الحبل الممدود بين السماء والأرض، فطرف منه بيد الله، ومن تمسك بالطرف الآخر ارتفع وسما.
وحينما يوضح القرآن للإنسان الاهداف العليا والحقيقية، ويامره بالتطلع والتحليق، فإنه يثير فطرته الكامنة نحو التطلع السامي. ولا يخفى أن كل إنسان ومهما كانت ظروفه وأصوله ومستواه يملك هذا التطلع.
فإذا كانت الثقافات البشرية والأنظمة الجاهلية تقتل في الإنسان روحه الوثّابة، فإن آيات الذكر الحكيم تعيد إليه ذلك التطلع من جديد، وتؤكد له بانه مخلوق مكّرم؛ فلابد له من التضحية بكل شيءٍ من أجل المحافظة على هذه الميزة الربانية.
وتتناول آيات سورة "المنافقون" تفاصيل سياسة إثارة الوساوس والأفكار الشيطانية التي كان يعتمدها جمع المنافقين، حيث ﴿يَقُولُونَ لَئِن رَجَعْنَآ إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلّ﴾ .
كما كانوا يزعمون بان العزة تتولد بامتلاك قطعة من الأرض، أو من سبق في الوجود عليها، أو بكثرة القوم والعشيرة ، أو بالثروة المادية.
ولكن القرآن الكريم يجيب بكل صراحة: أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، إلاّ أن المنافقين لا يعلمون ولا يفقهون بأن حقيقة العزة موجودة في ذات الإنسان وليس في الأمور المحيطة به، كالأرض والقوم والثروة المادية.
فإذا عرف المرء قيمة نفسه، وعرف أنه فوق هذه الأمور المادية المؤقتّة، استطاع أن يخطو خطوة كبرى نحو النمو. والسمو فإذا مرّ بجاهل معاند قال سلاماً وإذا مرّ باللغو مرّ مرور الكرام وإذا خيّر بين أمور اختار أرقاها وأفضلها واقربها إلى الله جل جلاله فتراه يعتز بمالديه من فضائل ونعم إلهية، ذلك لأنه أثار في داخله الذات الكريمة التي تفضل الله بها عليه.
وهكذا نجد آيات القرآن تشبع الإنسان وتغمر قلبه وعقله بالعواطف والأفكار السامية والأخلاق الرفيعة.
والعزة والشرف والكرامة -حسب النظرة القرآنية- صفات إنسانية يستطيع كل فرد أن يثيرها ويركزها في نفسه بقدر اقترابه من مصدرها ووعائها. وهما الخالق العزيز الكريم والقرآن الحكيم.
وإذ ذاك فإننا نوجه الدعوة النصوح إلى المؤمنين لأن يستزيدوا من الفضائل والآداب، لأنهم يُفترض فيهم السعي نحو الشرف والكرامة والعزة. وهذه الخصال الحميدة لا يمكن أن تتكرس في البيت أو الثروة أو الحالة القبلية؛ فالبيت ليس إلا مجموعة مرصوفة من الأحجار، والثروة ليست إلا مالاً متنقلاً، والعشيرة ليست إلا افراداً لهم ما كسبوا ولكم ما كسبتم. والمرء ليس ثيابه ولا جيبه ولا هيكله، بل هو شخصيته على حقيقتها، وهو تقواه واقترابه الى ربه .
* في رحاب القرأن / السيد المدرسي ص 10_132.
2012-01-06