حق الحياة للجميع
مواعظ حسنة
الحياة قيمة محترمة في الإسلام، وقد أكد القرآن على أهمية المحافظة على الحياة ابتداءاً من حياة الأولاد والذرية وانتهاءً بحياة الآخرين. فذات الحياة لها قيمتها المقدسة واحترامها الكبير،
عدد الزوار: 108
﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا﴾ الإسراء:31.
﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً﴾ الإسراء:32. ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾ الإسراء:33.
الحياة قيمة محترمة في الإسلام، وقد أكد القرآن على أهمية المحافظة على الحياة ابتداءاً من حياة الأولاد والذرية وانتهاءً بحياة الآخرين.
فذات الحياة لها قيمتها المقدسة واحترامها الكبير، ولذلك فإن ﴿مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الاَرْضِ فَكَاَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً﴾.
لأن هذا القاتل قد أراد إنهاء الوجود، والوجود هو الحياة. ولما أرخص القاتل حياة أحد الأفراد، فكأنما قد أرخص كل حياة.
من هذه الزاوية نهانا ربنا عز وجل عن أن نقتل أولادنا. ولكن هل يمكن تصوّر أن يقتل الإنسان أولاده؟ وكيف؟!
نعم، يمكن ان يقتل المرء أولاده حيث تتراكم على نفسه أكداس من الخرافات وأساطير الأولين ووساوس الشيطان، فبيدأ بقتل الأولاد كما كان ذلك سارياً في بعض القبائل العربية الجاهلية، حيث كانت تدس البنات في التراب، فيقول قائلهم. نعمَ الصهر القبر، أي أنه يرضى للقبر أن يكون له صهراً، بدلاً عن أن يجهد في تربيتها والإنفاق عليها ثم يزوجها حتى جاء الإسلام مندداً بهذا الواقع الرهيب، حيث قال: ﴿وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ﴾ التكوير: 8. ﴿بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ﴾ التكوير :9.
بل لقد تعدى الأمر إلى أبعد من هذا، فقد عمدوا الى قتل الذكور من أولادهم بداعي الخوف من الفقر وضنك العيش، يائسين من رحمة الله ورزقه. قال الله تعالى: ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا﴾ الإسراء :31.
نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ فالله وحده مصدر العطاء والرزق، فلا يظنن ظانٌّ أنه يعيش بطوله وقدرته.
أما الآن فقد اخذت بعض البلدان والمؤسسات الدولية تعمل وتحرض على تحديد النسل، تحت غطاء قلة المستشفيات الكافية لولادتهم، وشحة المدارس لتعليمهم، وندرة فرص العمل لتشغيلهم، واستفحال النقص في الغذاءء لإطعامهم، وهكذا كان من الأفضل -في تصورهم- منعهم من المجيء إلى الحياة.
وللأسف الشديد يمضي العالم في الوقت الراهن قدماً نحو إباحة الإجهاض -وبكافة مبرراته الواهية- وتسويغ عملية قتل الأولاد وهم أجنة في بطون أمهاتهم.
وهنا لنا أن نتساءل عن الفرق بين حق الحياة لطفل قد ولد وبين حق طفل سيولد غداً، مع أن الحياة هي نفس الحياة، سواء كان هذا الطفل جنيناً في بطن أمه أو موجوداً خارج البطن. ولكن لغة المادة والماكنة ووساوس الشيطان قد تحكّما في مجريات عصرنا الراهن!
وهناك نوع آخر من القتل، يتمثل في إشاعة الزنا -والعياذ بالله- قلمّا كان الطفل بحاجة إلى التربية والتنمية وإلى حنان الأبوين، والله تبارك وتعالى قد أمر بالاهتمام الكامل بالأسرة لضمان نمو الأطفال نمواً حسناً، كانت إشاعة الزنا عبارة عن إعلان الحرب الشعواء ضد الطفل والأسرة وكافة بنود مبادئ التربية السليمة والهادفة.
فالزاني أو الزانية لا يفكران بالأنجاب، وإنما يهتمان بإفراغ شهواتهما العاجلة، وبالتالي فإن الطفل المتولد من الزنا سيعاني فيما بعد عقد الأب من جهة، وسيعاني من جهة اخرى نقص التربية وحنان الأم المنشغلة بتجاوز حجاب العفة والشرف. وعلى هذا الأساس نهى الإسلام عن الزنا، فقال الله عز وجل: ﴿وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً﴾. إذ الطفل سيولد ميتاً وإن كان يسير ضمن الأحياء، فكل شيء فيه مقتول، والقاتل هو الشهوة العاجلة.
وثَمَّ شكل آخر للقتل، وهو قتل الناس بعضهم بعضاً، في حين لا يوجد أي سبب من الأسباب يبرر الجرأة على حياة الآخرين وقتلهم، اللهم إلاّ أن يكون المقتول قد اختار لنفسه الخروج عن إطار ومحتوى الإنسانية، وهو الواقع الذي عبر عنه القرآن الكريم بقوله: ﴿وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ﴾.
أما الثقافة الجاهلية، حيث تستولي الديكتاتورية ويسود الظلم وتندلع الحروب الباطلة، فإن النفس الإنسانية المكرمة من قبل خالقها تصبح أرخص من كل رخيص. وهنا أجد نفسي حريصاً كل الحرص على توجيه نصيحتي الخالصة للمسلمين جميعاً، لأن يعرفوا أن الإسلام قد وضع ضوابط شديدة جداً لإباحة القتل، وعليهم أن يحسبوا المرة بعد الأخرى حساباتهم إذا ما وجدوا أنفسهم في صراعات واختلافات لإباحة قتل هذا أو ذاك، ولا ينسوا قول الإمام محمد الباقر عليه السلام، حيث قال: " من أعان على مسلم بشطر كلمة كتب بين عينيه يوم القيامة آيس من رحمة الله".
* في رحاب القرأن / السيد مدرسي _ ص25_28.
2012-03-22