يتم التحميل...

الإستعاذة من الحرص والغضب والحسد

مواعظ حسنة

قال الإمام زين العابدين عليه السلام: أللهم إني أعوذ بك من هيجان الحرص، وسورة الغضب، وغلبة الحسد.(أللهم إني أعوذ بك من هيجان الحرص) في الحديث الشريف: " أغنى الناس من لن يكن للحرص أسيراً "2. وفي كتاب الأغاني: " أن أبا العتاهية أنشد...

عدد الزوار: 86

قال الإمام زين العابدين عليه السلام: أللهم إني أعوذ بك من هيجان الحرص، وسورة الغضب، وغلبة الحسد.1

(أللهم إني أعوذ بك من هيجان الحرص) في الحديث الشريف: " أغنى الناس من لن يكن للحرص أسيراً "2. وفي كتاب الأغاني: " أن أبا العتاهية أنشد:
إذا المرء لم يعتق من المال نفسه            تملكه المال الذي هو مالكـه
ألا إنما مـالي الذي أنـا منفـق               وليس لي المال الذي أنا تاركه


فقيل له: من أين أخذت هذا ؟ قال من قول رسول الله صلى الله عليه وآله: " إنما لك من مالك ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت ". 3

و(سورة الغضب ) السورة: الحدة، والشدة4، والغضب لله، والحق واجب، والمحرم منه ما قاد صاحبه إلى حرام، وعلاجه أن يتذكر الغاضب غضب الله على من عصاه، وقال الإمام الصادق عليه السلام: " الغضب مفتاح الشر "5 ، لأنه- في الغالب- سبيل الهلاك، والضلال، وفي أصول الكافي: قال رجل للنبي صلى الله عليه وآله: " علمني يا رسول الله ! قال له: إذهب ولا تغضب، ولما مضى إلى قومه وجدهم فئتين تهيأوا للحرب، فحمل السلاح وانضم إلى إحداهما، ولكن سرعان ما تذكر قول النبي صلى الله عليه وآله: لا تغضب. فرمى السلاح وأسرع إلى الفئة الثانية وقال: ما كان لكم من جراحة، أو قتل، أو ضرب فأنا أكفيكموه من مالي. فقالوا له: ما كان فهو لكم. فاصطلح القوم وجنحوا إلى السلم ". 6


ولو أندفع الرجل وراء غضبه لسفكت الدماء، وترملت النساء، وتيتم العديد من الأطفال... ولكنه فكر، وتأمل فعاد إلى رشده، ونجح في خطته، وتحولت الحرب إلى سلم. قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: " إن التفكر يدعو إلى البر، والعمل به... "7. أبداً لا عقل، ولا دين مع عاطفة الغضب، وسورته، إن الاحتكام إلى العاطفة، أية عاطفة كانت وتكون، معناه الاحتكام إلى الجور، والتعصب الأعمى.

و(غلبة الحسد) قيل في تعريف الحاسد: هو الذي يتمنى زوال النعمة عن أهلها 8، وفي الحديث: " إن المؤمن يغبط ولا يحسد، والمنافق يحسد ولا يغبط "9، أي يتمنى أن يكون له من النعمة مثل ما لأخيه، وقال العقاد: " ليس الحاسد هو الذي يطمع أن يساويك، بل هو الذي يريد أن تساوية تماماً كالساقط العياب يتمنى أن تنزل إلى مستواه" 10.

والحسد من أمهات الكبائر تماماً كالغيبة، والنميمة إذا ظهر أثره في قول، أو فعل، وفي عقيدتنا أن الحسد لا يجلب شراً إلى المحسود، أما قوله تعالى في سورة الفلق: " ومن شر حاسد إذا حسد ". فالمراد شر مقاصد الحاسد، وسوء أقواله، وأفعاله ضد الذين هم أكثر منه نعمة، وفضلاً. وليس المراد أحقاده، ونظرات عينيه.

وتجدر الإشارة أن ما من أحد إلا وعليه من نعم الله ما يستوجب الشكر الجزيل، ولكنه يذهل عن ذلك، ولا يرى إلا الحال أو وضعه المادي ، لأنه مادة الشهوات، وبه يتفاخر الناس ويتكاثرون علماً بأن المال فداء الصحة، والعيال، وكم من حاسد هو أعظم نعمة من الذي يحسده فيما لو كان الحسود سقيم الصحة أو كثير الههموم وما شابه. 11

ثم استعاذ عليه السلام من ضعف الصبر ، وقلة القناعة، وشكاسة الخلق، وإلحاح الشهوة، وملكة الحمية، ومتابعة الهوى، ومخالفة الهدى، وسنة الغفلة، وتعاطي الكلفة، وإيثار الباطل على الحق، والإصرار على المآثم، واستصغار المعصية، واستكبار الطاعة، ومباهات المكثرين، والإزراء بالمقلين، وسوء الولاية لمن تحت أيدينا، وترك الشكر لمن اصطنع العارفة عندنا ، أو أن نعضد ظالماً، أو نخذل ملهوفاً، أو نروم ما ليس لنا بحق، أو نقول في العلم بغير علم.12

1- الدعاء الثامن من الصحيفة السجادية.
2- أمالي الصدوق: 73.
3- الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني: 4 / 36.
4- تاج العروس: 1 / 521.
5- تحف العقول: 395.
6- شرح اصول الكافي: 9 / 314.
7- بحار الأنوار: 68 / 322.
8- مجمع البحرين: 1 / 507.
9- الكافي: 2 / 307 ح 7.
10- فاطمة والفاطميون: 214.
11- في ظلال الصحيفة السجادية / العلامة محمد جواد مغنية ص123_125.
12- الدعاء الثامن من الصحيفة السجادية.

2011-10-13