الصفات السَّلبية : ليس محلاً للحوادث
صفات وأسماء الخالق
اتّفق الإِلهيّون ما عدا الكرّاميّة على أنَّ ذاته تعالى لا تكون محلاً للحوادث، ويستحيل قيام الحوادث بذاته.والدليل على ذلك أنَّه لو قام بذاته شيء من الحوادث للزم تغيّره، واللازم باطل، فالملزوم مثله. بيان الملازمة: إنَّ التغير عبارة عن الانتقال من حالة إلى أُخرى.وأمَّا بطلان اللازم: فلأن التغيّر مستلزم للانفعال أي التأثّر.
عدد الزوار: 239
اتّفق الإِلهيّون ما عدا الكرّاميّة على أنَّ ذاته تعالى لا تكون محلاً للحوادث، ويستحيل قيام الحوادث بذاته.والدليل على ذلك أنَّه لو قام بذاته شيء من الحوادث للزم تغيّره، واللازم باطل، فالملزوم مثله.
بيان الملازمة: إنَّ التغير عبارة عن الانتقال من حالة إلى أُخرى. فعلى تقدير حدوث ذلك الأمر القائم بذاته، يحصل في ذاته شيء لم يكن من قبل، فيحصل الانتقال من حالة إلى أُخرى.
وأمَّا بطلان اللازم: فلأن التغيّر مستلزم للانفعال أي التأثّر، وإِلاَّ لما حصل له، والاستعداد يقتضي أنَّ يكون ذلك الشيء له بالقوة، وذلك من صفات الماديات، والله تعالى منزّه عنها فلا يكون منفعلاً، ولا يكون متغيّراً، ولا يكون محلاً للحوادث.
وبعبارة ثانية: إنَّ التغير نتيجة وجود استعداد في المادة الّتي تخرج تحت شرائط خاصة من القوة إلى الفعل.فالبَذْر الّذي يُلقى في الأرض ويقع تحت التراب، حامِلٌ للقوة والاستعداد، ويخرج في ظل شرائط خاصة من تلك الحالة ويصير زرعاً أو شجراً.فلو صحّ على الواجب كونه محلاً للحوادث، لصحّ أن يحمل وجودُه استعداداً للخروج من القوة إلى الفعلية. وهذا من شؤون الأُمور المادية، وهو سبحانه أجلّ من أن يكون مادة أو مادّياً.
وبالجملة، لو وَقَفَتْ الكرّاميّة على ما يترتب على قولهم من حلول الحوادث فيه من المفاسد، لما أصرّوا على ذلك.فإن ظهور الحوادث في الذات، سواء أكان بمعنى تغيّر الذات وصفاتها وتبدلها، أو وجود الحركة فيها، عبارة أُخرى عن كون وجوده ذا إمكان استعدادي يخرج من القوة إلى الفعل ومن النقص إلى الكمال، كخروج عامة الموجودات الإِمكانية صوب الفعلية، ونحو الكمال. ومَنْ كانت هذه صفته يعدّ من الممكنات.
وهناك بيان آخر لهذا المطلب، وهو أنَّ وجوب الوجود يقتضي تحقّق كل شؤونه وكمالاته فيه طُرّاً، وما لم يزل في طريق التكامل والتغاير، لا يتصف بوجوب الوجود إذن، الوجوب يلازم الفعلية ويناقض التدّرج. وعلى ذلك اعتمد المحقق الطوسي في التجريد1.
*الإلهيات،آية الله جعفر السبحاني،مؤسسة الامام الصادق عليه السلام.ج2،ص121-122
1- لاحظ تجريد الاعتقاد، ص 180، طبعة صيدا، وإرشاد الطالبين، ص 232.
2009-08-01