الموضوع: بيان موقع المرأة في الثقافة الإسلامية وتكريم المرأة الإيرانية المجاهدة الشجاعة
نداء
المخاطب: المرأة الإيرانية
عدد الزوار: 118
التاريخ 25 فروردين 1361 هـ. ش/ 19 جمادى الثانية 1402 هـ. ق
المكان: طهران، جماران
المناسبة: الميلاد المبارك للصديقة الزهراء / يوم المرأة
المخاطب: المرأة الإيرانية
بسم الله الرحمن الرحيم
أبارك للشعب الإيراني العظيم وخاصة المرأة العظيمة، يوم المرأة الكبير، يوم ولادة الوجود الساطع الذي يعتبر أساس الفضائل الإنسانية والقيم السامية لخليفة الله في العالم.
وافضل من ذلك هو اختيار هذا اليوم المجيد يوم العشرين من جمادى الثانية يوم ولادة امرأة هي من معجزات التاريخ ومفاخر عالم الوجود. المرأة التي ربت في غرفة صغيرة متواضعة اشخاصاً سطعت أنوارهم على عالم الأرض والأفلاك وعالم الملك والملكوت، فصلاة الله تعالى وسلامه على هذه الغرفة المتواضعة التي عكست نور العظمة الإلهية، وكانت موضعا لتربية خيرة أبناء آدم.
ان دور المرأة في العالم له مميزات خاصة حيث ان صلاح اوفساد أي مجتمع ينشأ من صلاح وفساد نساء ذلك المجتمع، فالمرأة هي الموجود الوحيد الذي يمكن ان يقدم من حجرها أشخاصا الى المجتمع، تنال المجتمعات من بركاتهم وتحقق لنفسها الاستقامة والقيم الإنسانية العليا ويمكن ان يقع عكس ذلك. ولا شك ان ما حدث في هذا البلد خلال السنوات الخمسين السوداء على يد هنا النظام التعس، وما جرى على الشعب العزيز وخاصة المرأة الإيرانية المظلومة فانه تم وفق خطة محسوبة من قبل كبار مجرمي العالم. فالجرائم التي ارتكبها رضا خان وابنه المجرم من خلال أفكارهم المريضة ليس لها مثيل أو قل نظيرها في تاريخ هذا البلد.
ان المجرمين الدوليين الذين يرون ان استمرار حياتهم يكمن في اسر الشعوب ولا سيما الشعوب الإسلامية بحيث مهدوا لانفسهم للنفوذ الى الدول الإسلامية النفطية والغنية أدركوا ان" الشريحة المتدينة "في هذه الدول هي وحدها التي تشكل شوكة في طريقهم لاستعمارهم واستغلالهم. وعلموا أيضا ان حكما يصدره مرجع ديني في نصف سطر يكون تأثيره على الشعب حدا بحيث تركع الحكومة الإنجليزية والحكومة القاجارية القوية أمامه 1، وأدركوا كذلك ان المرأة لعبت دورا أساسيا في تلك الحركة، وانتبهوا الى ان الحركة الدستورية وبعد ذلك المرأة وخاصة الشريحة المتوسطة المظلومة منها، هم القادرون على جر الرجال الى الساحة، كما أحسوا انه إذا ما بقيت هذه العناصر على قوتها فان ذلك سيحبط خططهم، فرأوا ان من الضروري لأجل التغلغل في هذه الدول ونهب خيراتها الوفيرة.
إضعاف أسس الدين والقيادة الدينية للشرائح المتدينة، ومنذ ذلك الحين وضعوا ونفذوا مخططاتهم ضد هذه الشرائح وحققوا نجاحات في ذلك حتى اعدوا رضا خان لتنفيذ هذه المخططات وأوصلوه الى السلطة، حيث بدأ حربا ضارية ضد هذه العناصر الثلاثة، ويتذكر الذين عاصروا تلك الفترة ماذا فعل هذا الخائن المنحرف وأعوانه اللاوطنيون مع هذه العناصر، وأي الأساليب استخدموها لإنجاح خططهم بأسرع ما يمكن وإفساد المرأة المظلومة وتحريف المجتمع، ويكفي للاجيال الحالية التي لم تعاصر تلك الفترة ان تراجع الكتب والاشعار والمقالات والأفلام والصحف والمجلات ومراكز الفساد ودور القمار والبارات ودور السينما التي تعتبر من ذكريات تلك الفترة أو ان تسأل الذين شاهدوا الأوضاع بما جرى على المرأة والمربية والمعلمة من ظلم وخيانات، تظاهرت تحت العنوان المخادع" المرأة المتطورة ". ولا شك ان قطاعات المرأة المتدينة وخاصة الطبقة المحرومة قاومت هذه السياسة. لكن المستعمرين الخونة حققوا نجاحات في اوساط الكثير من الشرائح المرفهة التي شجعت المستعمرين على ذلك، والآن حيث قطعت أيادي الجائرين بفضل الله تعالى والحركة الوطنية العظيمة وخاصة النساء الشجاعات، مازالت هناك قلة قليلة تواصل أعمالها الجاهلية، ولكننا نأمل ان يتنبه هؤلاء الى أحابيل الشيطان الكبيرة والصغيرة .. وان يخلصوا أنفسهم من شراكهم.
ينبغي علينا في يوم المرأة في إيران ان نفتخر بالمرأة الإيرانية وما أعظم فخرا من أن تقف المرأة العظيمة مقابل النظام الجائر السابق، ثم مقابل القوى العظمى وعملائها وتقاومها حيث لم تسجل مثل هذه المقاومة والشجاعة من قبل الرجال في اي عصر، لقد بلغت مقاومة وتضحيات هؤلاء النساء العظيمات في الحرب المفروضة درجة عجيبة بحيث يعجز القلم والفكر من ذكرها، بل يشعر بالخجل إزاءها. ولقد شاهدت في هذه الحرب مشاهد عن الأمهات والأخوات والزوجات اللاتي فقدن أعزاءهن، حيث لا أظن ان تكون لهن مثيل إلا في الثورة. ومن المشاهد التي لن أنساها رغم ان جميع المشاهد كذلك زواج فتاة من شاب في حرس الثورة فقد يديه في الحرب وأصيبت عيناه، وقد قالت هذه الفتاة الشجاعة بروحية عظيمة مفعمة بالنقاء والطهر: (بما انني لم استطع ان اذهب الى الجبهة، اسمحوا لي ان أؤدي وظيفتي ومسؤوليتي تجاه الثورة وتجاه ديني بهذا الزواج). ولا يستطيع الكتاب والشعراء والفنانون والخطباء والرسامون والفلاسفة والفقهاء وأي إنسان آخر ان يعكس العظمة الروحية لهذا المشهد وما فيه من قيمة إنسانية وأنغام إلهية. كما لا يستطيع أي إنسان ان يقيس عظمة وتضحية وروحية هذه الفتاة العظيمة بالمعايير الموجودة في العالم. وفي هذا اليوم المبارك يوم هذه المرأة وسائر النساء أدعو الله تعالى بالعظمة للإسلام ولإيران ولهذه المرأة.
والآن اقدم نصيحة أبوية مخلصة الى النساء الشابات اللاتي فقدن أزواجهن، وهي ان لا يرفضن الزواج وهو سنة إلهية، وان يتركن بزواجهن ذكريات قيمة عنهن وعن مقاومتهن، وان لا يلتفتن الى ايحاءات بعض الذين لا يعرفون الصلاح والفساد. كما اذكر الحرس والجنود والشباب الأعزاء ان يعتبروا الزواج من أمثال هذه الفتيات فرصة ثمينة ويواصلوا من خلال اختيار مثل هذه الزوجات الطيبات حياتهم الشريفة، داعيا الله تعالى ان تعينكم على ذلك.
التحية والسلام الى النساء .. هذه العناصر الغالية والمقاومة ومبروك للجميع يوم المرأة الغالي، داعيا الله ان يكون معينا وعونا لهذا البلد العزيز وللجميع.
روح الله الموسوي الخميني
* صحيفة الإمام، ج16، ص: 146
1- فتوى المرجع الكبير الميرزا الشيرازي في حرمة التنباك في عهد ناصر الدين شاه القاجار، حيث أدت هذه الفتوى القصيرة الى إلغاء معاهدة( روجي).
2011-06-08