يتم التحميل...

الموضوع: آثار الثقافة المستقله والثقافة التابعة وتبعاتهما

نداء

المخاطب: التلاميذ، طلاب الجامعات، الشباب، المعلمون، الأساتذة

عدد الزوار: 102

التاريخ 31 شهريور 1360 هـ ش/ 23 ذي القعدة 1401 هـ ق/ 22 أيلول (سبتمبر) 1981 م‏
المكان: طهران جماران‏
المناسبة: بداية العام الدراسي‏
المخاطب: التلاميذ، طلاب الجامعات، الشباب، المعلمون، الأساتذة

بسم الله الرحمن الرحيم

أري من الضروري ونحن على أعتاب فتح المدارس ودخول التلاميذ الأعزاء في الأجواء العلمية تذكير الأبناء الأعزاء والآباء والأمهات المحترمين والشعب الإيراني العظيم ببعض الأمور:

لاشك في أن أهم العناصر وأعظمها قدراً ممّا يلعب الدور الأساسي في وجود كل مجتمع هو ثقافه ذلك المجتمع. فإن ثقافه كل مجتمع أساساً تشكل هوية ذلك المجتمع ووجوده فإذا ما انحرفت الثقافة فإن المجتمع سيكون تافهاً خاوياً أجوف حتى إذا كان قوياً ومتماسكاً في الأبعاد الاقتصادية والسياسية والصناعية والعسكرية. إذا ما كانت ثقافة مجتمع تابعة عميلة فإن أبعاد المجتمع الأخري ستتجه لامحالة نحو الاتجاه المخالف وستذوب فيه في نهاية المطاف وسيخسر المجتمع هويته في جميع الأبعاد.

إن استقلال كل مجتمع وهويته نابعان من استقلال ثقافته. وإنه لمن السذاجةبمكان تصور أن الاستقلال في جميع الأبعاد أو بعد واحد ممكن مع وجود التبعيةالثقافية. وليس بلا سبب ومن باب الصدف أن المستعمرين يستهدفون ثقافة المجتمعات التي يسيطرون عليها بل يجعلون ذلك على رأس أهدافهم. كما ليس من باب الصدف أن نري مراكز التربية والتعليم في البلدان المختلفه ومنها ايران منذ الإبتدائيه وحتي الجامعة مجالًا لهجوم المستعمرين خاصةالغربيين منهم وأمريكا والاتحاد السوفيتي في الآوثةالأخيرة.

لقد قدمت ألسنه وأقلام المنبهرين بالغرب والشرق عن وعي وعن غير وعي للغرب وللشرق وكذلك الأساتذة المنبهرون بالغرب والشرق في الجامعات منذ تأسيسها وخاصةفي العقود الأخيرة خدمات جليلة لهما. وإن كان بين الكتاب والخطباء والأساتذة أناس ملتزمون واعون ومازالوا موجودين، كانوا يسيرون على العكس من التيار ولكنهم كانوا بين أغلبية كبيرة ويشكلون أقلية.

إن هجوم الطلاب بعد تخرجهم وتعلمهم للعلوم الغربية والشرقية سواء من الثانويات أو الجامعات نحو الغرب أو الشرق الذي كانت نتيجته الثقافة الغربية والشرقية- سبًب كارثة أدت إلى استسلام مجتمعنا دون قيد أو شرط إلى القوى الكبرى حيث أن مجتمعنا كان في داخله غربياً أو شرقياً على الرغم من ظاهره الإيراني الإسلامي.

و بكل أسف ورغم مضي ثلاث سنوات من انتصار الثورة الإسلامية وصمود ومقاومة الجمهورية الاسلامية أمام الشرق والغرب ومدارسهما الفكرية المنحرفة وعلى الرغم من وفاء هذه الجمهورية والتزامها بالإسلام باعتباره نافيا لجميع التبعيات والانحرافات إلّا أننا مازلنا مبتلين بالفئات والمجموعات التابعة لأحد القطبين وكذلك المستسلمين للمدارس المنحرفه والتابعة لأحدهما.

كما أننا نواجه أشخاصاً منحرفين تغلغلوا في مراكز التربية والتعليم وإن إفساح المجال أمام هؤلاء لخطر كبير يودي إلى انحراف الشباب والناشئة وإن انحراف أولادنا وتبعيتهم للثقافة الغربية أو الشرقية لاسمح الله- سيؤدي إلى أن يستسلم المجتمع ويصبح تابعاً للغرب أو للشرق. وستضيع جهود الشعب وأتعابه ودماءشبابه وأحبابه سدي.

على التلاميذ وطلاب الجامعات الأعزاء وعلى الأساتذة والمعلمين الملتزمين أن يعملوا بكل قواهم في معرفة عوامل الفساد وأن يطهروا بيئة التعليم والتربية من دنس وجود هؤلاء. ولا يتصورنّ أحد أن هذا النفوذ يهدف إلى انحراف الجامعات فقط إذا أن المنحرفين والمنافقين يهتمون بالثانويات وحتي المدارس الابتدائيةاكثر. حتى يُعدّوا الشباب لانحراف الجامعات إنهم يدركون جيداً بأنه لوتمت تربية الناشئة تربيةصحيحة واستطاعوا أن يعرفوا حيل المستعمرين ومؤامراتهم ذات الأبعاد المتعددة فإن فرصة عملاء الاستعمار في النجاح سوف تكون أقل. لذلك فانهم يولون أهمية خاصة للمدارس الابتدائية والثانويات قبل الدخول في الجامعةلبناء النظام الاستعماري الشرقي والغربي للدخول في الجامعة، لذلك يجب على الأجهزة التعليمية الملتزمة المشفقه أن تهتم اهمتماماً كبيراً بحفظ الناشئة والشباب الذين يرتبط استقلال البلاد وحريتها في المستقبل بتربيتهم الصحيحة ومن هنا يأتي دور المعلمين والأساتذة في تربية التلاميذ والطلاب وتهذيبهم باعتباره أهم الأدوار وأكثرها تأثيراً. ولقد رأيتم جميعاً أن توجههم نحو الشرق والغرب سبب لبلادنا أية كوارث وحول الجامعات كحصن منيع لتقديم الخدمة للشرق والغرب وقدم للمجتمع غالبية من المنبهرين بالغرب والشرق في هذا البلد كمتخرجين، ويتحتم اليوم على المعلمين الملتزمين في المدارس الابتدائية والثانويات أن يقدموا للجامعات شباباً يعلمون بانحرافات الماضي ويعتمدون على الثقافة الإيرانية الإسلامية الثرة المستقلة وعلى الأساتذة الملتزمين أن يوعّوا الشباب للمؤامرات والدسائس في حالة مشاهدة الانحراف فيهم وتوجههم نحو أحد قطبي القوة والمكر إلى حين فتح الجامعات وأن يقدموا للمجتمع شباباً ملتزمين بمصالح البلادووا عين بأهداف الإسلام. وأن يطمئنوا أن هذه الخدمة ستضمن لهم استقلال بلادهم الغالية وحريتها التامة ولذلك فإن دور الأسرة وخاصة الأم يحظي بحساسية بالغة في تربية الناشئه والأطفال. ولو تمت تربية الأولاد في أحضان الأمهات وتحت رعاية الآباء الملتزمين بشكل مناسب وبمنهج سليم وأُرسلوا إلى المدارس لكان ذلك تسهيلًا لمهمة المعلمين.

إن التربية تبدأ أساساً من أحضان الأم الطاهرة وبرعايةالأب ويتّم من خلال تربيتهم الإسلامية والصحيحة التأسيس للاستقلال والحرية والالتزام بمصالح البلاد. على الآباء والأمهات اليوم أن يراقبو سلوك أولادهم وأن ينصحوهم في حالة مشاهدة أعمال غير طبيعية لكي لاينخدعوا بالمنافقين والمنحرفين لأن سعادة دنياهم وأخراهم ستضيع في هذه الحالة. وعلى الآباء والأمهات أن يدركوا أن سنوات الدراسةالمدرسية والجامعية سنوات الحماس والانفعال في أطفالهم وينشدّون بسرعة إلى الشعارات الخلابه لهذه المجموعات وللمنحرفين.

و على التلاميذ في الثانويات أن يتنبهوا بوعي كامل ألا يجرهم عملاء الأجنبي إلى أحضان الشرق والغرب حتى إذا كان ذلك باسم الاسلام الأصيل. وأن ينتبهوا ليعرفوا ماذا يعرف هؤلاء عن الإسلام اذ يتحدثون عن الإسلام الأصيل. وما مدي اطلاعهم على قوانين الإسلام وأحكامه ومامدي التزامهم بأوامر القرآن الكريم والإسلام العظيم ونواهيه.

على الشباب الأعزاء في الثانويات والجامعات أن يعلموا أن قادة ورؤساء الأحزاب الذين يريدون إضعاف الإسلام باسم الإسلام ويحاولون توريط الشباب ليس لديهم أدني اطلاع عن الإسلام وأهداف قوانينه. ولا يمكن للانسان أن يصبح عالماً بالإسلام من خلال قراءة عدد من الآيات وبعض الجمل من نهج البلاغة وتقديم التفاسير الخاطئة والجاهلة للإسلام.

إنهم ينكرون الآيات والجمل الصريحة التي تخالف نهجهم المنحرف الانتقائي من خلال تفسير منحرف لبعض الجمل وعدة آيات. وفي الحقيقه فإن تمسكهم بالقرآن ونهج البلاغة يهدف إلى القضاء على الإسلام والقرآن ليفتحوا الطريق أمام قادتهم الغربيين والشرقيين ويعبئوكم أنتم الشباب الأعزاء الذين تعدون ثروات للبلاد ضد مصالح بلادكم.

أيها الشباب الأعزاء تيقظوا وادرسوا نشاط المنافقين الذين هم بمثابةمكبرات صوت للفكر الغربي ونشاط المنحرفين الذين هم بمنزلة مكبرات صوت للفكر الشرقي بكل تفكير وعقلانية.

إن أكبر دليل على عدم صحة طريقهم اليوم هو تضامن جميع القوى المعادية للثورة ومحاولتهم جميعاً في معارضة الجمهورية الإسلامية التي هي مطلب الشعب والتي قدم الشعب‏ المجاهد الشريف حياته لأجلها وقدم أبناءه الأعزاء في سبيل تحقيقها. إن صدقهم في إسلاميتهم يُشبه صدقهم في ادعائهم معاداة الغرب وأمريكا حيث ثبت للجميع صدقهم في انجرارهم إلى أحضان الغرب ودفاع الغرب اللامتنا هي عنهم 1.

كما أن صدقهم في ادعائهم الدفاع عن الشعب قد ثبت إذ رأيناهم يقتلون الشعب ويحرقون أمواله ووينهبون البنوك.

إن هدفهم المشؤوم كان منذ البدايةالإسلام وقد جعلوا القرآن ونهج البلاغه ألعوبةبأيديهم وأوقعوا الشباب المخلصين في شركهم حتى يضيّعوا شبابهم في سبيل أهدافهم الاستعمارية وأوكدمرة أخري أن يعمل آباء وأمهات هؤلاءالأطفال الأبرياء والشباب الذين يفتقرون للتجربة لينقذوا شبابهم وأعزّتهم من هذه الورطة التي تفسد دنياهم وآخرتهم وأن ينقذ الشعب المجاهد الملتزم بوعيه وجهاده شبابه وناشئته الذين هم ثروات هذه البلاد من شرور هؤلاء المنحرفين الأميركيين. سيتم غدا فتح المدارس الابتدائية والثانويات ومراكز تعليم الأطفال كما ستفتح الجامعات بإذن الله في القريب العاجل. وعلى التلاميذ أن يعلموا أن الإصغاء إلى أهداف المنافقين المشؤومة والمنحرفين سيحرمهم من الحضور في المدارس وسوف لا يسمح لأي شخص بالإخلال في أمور المدارس. أسأل الله تعالي اليقظه والوعي المتزايد لجيل الشباب كما أرجو تقدمهم العلمي والأخلاقي والسلام على عباد الله الصالحين.

روح الله الموسوي الخميني‏

* صحيفة الإمام، ج15، ص:215


1- إشاره إلى هروب الرئيس المخلوع( ابو الحسن بني صدر) وقادةمنظمه منافقين الارهابية ومنح الدول الأروبيةاللجوء لهم ودعم الغرب المستمر للمنافقين وسائر مناهضي نظام الجمهوريه الاسلامية في إيران.

2011-06-06