معاجز النبي محمد دليل نبوته
نبوة النبي محمد (ص)
معاجز النبي غير القران إنّ أوّل ما كان الأنبياء يُطالَبون به كوثيقة تثبت صحّة مدعاهم، وصحة انتسابهم إلى الله تعالى هو الإتيان بالبيّنات والمعجزات. وهذا هو القرآن يحدّثنا أنّ صالحاً عليه السَّلام عندما حَذّر قومه من سخط الله، وأخبرهم بأنّه رسولُهُ إِليهم طالبوه بالمعجزة قائلين:مَا أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَة إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ.
عدد الزوار: 210
معاجز النبي غير القران
إنّ أوّل ما كان الأنبياء يُطالَبون به كوثيقة تثبت صحّة مدعاهم، وصحة انتسابهم إلى الله تعالى هو الإتيان بالبيّنات والمعجزات. وهذا هو القرآن يحدّثنا أنّ صالحاً عليه السَّلام عندما حَذّر قومه من سخط الله، وأخبرهم بأنّه رسولُهُ إِليهم، طالبوه بالمعجزة قائلين: ﴿مَا أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَة إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾(الشعراء:154)1.
وقد جرت سيرة الناس مع النبي الأكرم على ذلك، حيث طالبوه بالإتيان بالمعاجز في بدء دعوته، وكان الرسول العظيم يلبّي طلباتهم. وبالرغم من كثرة هذه المعاجز الّتي حفظها الحديث والتاريخ، أبى بعض من ناوئ الإسلام، إلاّ إنكارها، والإصرار على أنّ نبيَّ الإسلام لم يأت بمعجزة سوى القرآن.
إنّ هذه الشبهة حول معاجز الرسول الأكرم، نجمت من الكُتَّاب المسيحيين، تقليلاً من أهمية الدعوة المُحَمَّدية، وحطّاً من شأن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
فهذا هو "فندر" القسيس الألماني يقول في كتابه "ميزان الحق": "إنّ محمداً لم يأت بآية معجزة قط"2. وتبعه سائر القساوسة، ولاكوه بين أشداقهم، وما زالوا إلى يومنا هذا. وإليك فيما يأتي تفنيد هذه المزعمة بأدلة ثلاثة.
1 ـ المحاسبة العقلية.
2 ـ الرجوع إلى نفس القرآن.
3 ـ معاجز الرسل في الحديث والتاريخ.
الدليل الأوّل: المحاسبة العقلية
إنّ القرآن الكريم وصف الرسول الأعظم بأنّه خاتم الأنبياء، وأنّ رسالته خاتمة الرسالات، وكتابه خاتم الكتب3.
وأخبر عن وقوع معاجز على أيدي الرسل والأنبياء، فنقل في شأن موسى قوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَات بَيِّنَات﴾(الإسراء:101).
كما تحدّث عن المسيح ودعوته، وبيّناته فقال: ﴿وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَة مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾(آل عمران:49).
وفي ضوء هذا، هل يصحّ للقرآن الكريم أن يخبر بهذه المعاجز للأنبياء، ويصف محمداً بأنّه خاتمهم وآخرهم، وأفضلهم، ثم لا يكون له معجزة؟ وإذا طلبوا منه إظهار الإعجاز، يتهرب أو يسكت، أو يقول ليس لي معجزة؟!
ولو فرضنا أنّ النبي الأعظم لم يكن إلاّ نابغة من النوابغ الذين نهضوا لإصلاح أُمّتهم، متستراً برداء النبوة، لَما صحّ لَهُ أَنْ يُخْبر عن معاجز الأنبياء السالفين، ثم يصف نفسه بالخاتمية، ودينه بالأكملية، وينكص عن الإتيان بمثل معاجزهم عند الطلب منه.
فالمحاسبة العقلية تحكم ببطلان مزعمة القساوسة، بل تثبت أنّ النبي الأعظم قد أظهر معاجز عديدة لقومه عندما طلبوا منه ذلك، كيف والقرآن يصفه بما لا يصف به أحداً من أنبيائه، وهو يقتضي عقلاً أن يكون له أفضل ما أُوتي سائر الأنبياء.
الدليل الثاني: القرآن يثبت للنبي معاجز غير القرآن
إنّ القرآن يخبر بصراحة عن وقوع معاجز على يَدَي الرسول الأمين، وفيما يلي نذكر الآيات القرآنية الواردة في هذا المجال.
1ـ انشقاق القمر
قال سبحانه: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْر مُسْتَقِرٌّ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَر﴾(القمر:1-4).
أطبق أكثر المفسّرين على أنّ المشركين اجتمعوا إلى رسول الله، فقالوا: إنْ كُنْتَ صادِقاً فَشُقَّ لَنا القَمَرَ فَلْقَتَيْن فقال لهم رسول الله إِن فَعَلْتُ تُؤْمنونَ؟. قالوا نَعَمْ. وكان ليلة بدر، فسأَل رسول الله رَبّه أن يعطيه ما قالوا، فانشق القمر فَلْقَتَينْ، ورسول الله ينادي: "يا فلان، يا فلان، إشهدوا"4.
ومعنى قوله: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ)، أنّ القيامة قد قربت، وقرب موعد وقوعها، والكفار يتصورونها بعيدة، قال سبحانه: ﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا﴾(المعارج:6ـ7).
وقوله: (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)، يدلّ على وقوع انشقاق القمر، لأنّه فعل ماض. وحمله على المستقبل، لانشقاق القمر يوم القيامة، تأويل بلا جهة.
وأمّا وجه الربط بين الجملتين (اقتراب الساعة وانشقاق القمر)، فهو أنّ انشقاقه من علامة نبوّة نبينا، ونبوّته وزمانه من أشراط الساعة، وقد أخبر القرآن عن تحقق هذين الشرطين (ظهور نبي الإسلام، وانشقاق القمر) وقال: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا﴾(محمد:18).
وفي الآية قرينتان على أنّ المراد، انشقاق القمر بوصف الإعجاز، لا انشقاقه يوم القيامة.
الأُولى: قوله: (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا عَنْها)، فالمراد من الآية، الآية المعجزة، غير الآيات القرآنية، وذلك لأنّه لو كان المراد هو الآيات القرآنية، لكان المناسب أن يقول: وإِنْ سمعوا آية، أو نزلت عليهم آية. وعلى هذا تكون الآية المرئية هي انشقاق القمر الّذي تقدم ذكره في الآية.
الثانية: أنّ قوله: (وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ)، يُعَيِّن ظرف هذا الحَدَث، وأنّه هو هذا العالم المنتظم لا يوم القيامة. إذ لو كان راجعاً إليها، لما كان لأحد أن يتفوّه بغير الحق، أو يصف فعل الحق بالسحر، لأنّ ذلك الظرف ظرف الخَتْم على الأفواه، واستنطاق الأيدي والأرجل، قال سبحانه: ﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾(يس:65).
فهذا المقطع من الآية يدلّ على أنّ الإنشقاق كان في زمن الرسول، ولأجل ذلك اتَّخذ منه المشركون موقفاً متعنتاً مجادلاً، وقال قائلهم: "سَحَرَكُمْ ابن أبي كبشة"5. وقد كان المشركون يدعون الرسول الأعظم به، وأبو كبشة من أجداد النبي من ناحية أُمه.
2ـ إسراء ومعراج النبي صلى الله عليه وآله وسلم
إنّ إسراء النبي ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، أحد المعاجز العظيمة الّتي أنعم الله سبحانه بها على نبيه، وأخبر عنها القرآن حيث قال: ﴿سُبْحَانَ الذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَالسَّمِيعُ الْبَصِير﴾(الإسراء:1).
وقد تحقق عبور تلك المسافة الطويلة في قصير، في ظرف لم يكن يتوفّر فيه شيء ممّا يتوفر الآن من وسائل النقل السريعة، وهذا هو الوجه في إعجازها.
إنّ القرآن الكريم يثبت هذا الإعجاز، في سورة أُخرى أيضاً، ويدعمها بقوة لا تُبقي في النفس شكاً بها، ويخبر أنّ رحلة النبي تجاوزت المسجد الأقصى (الوارد في الآية السابقة) إلى سدرة المنتهى6.
3ـ مباهلة النبي لأهل الكتاب
تعرّض القرآن لقضية المباهلة، في قوله تعالى: ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾(آل عمران:61).
إنّ قصة المباهلة مذكورة في التفاسير5، ومعجزة النبي وهي حلول العذاب على نصارى نجران وإن لم تتحقق بسبب انصرافهم عن المباهلة، إلاّ أنّ ذهاب الرسول إلى المباهلة واستعداده لذلك من جانب، وانسحاب نصارى نجران من خوض معركة التباهل من جانب آخر، يكشفان عن أنّ حلول العذاب بدعاء الرسول كان حتمياً لو تباهلوا، فقد أدركوا الخطر وأحسُّوا بعواقب الموقف، فتنازلوا وتصالحوا.
4ـ طلب المعاجز من النبي صلى الله عليه وآله وسلم الواحدة تلو الأُخرى
إنّ القرآن الكريم يصرّح بأنّ النبي كان كلما أتى قومه بآية، طالبوه بآية أُخرى، وكانوا يصرّون على أن تكون مثل معاجز السابقين، وهذا يدلّ على أنّ الرسول أظهر معاجز غير القرآن حتى جاء الطلب منهم بعد الطلب.
قال سبحانه: ﴿وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ﴾(الأنعام:124). وليس المراد من (آية) نفس القرآن، ولا الآية القرآنية، لوجهين:
1ـ أنّها جاءت بصورة النكرة، وهذا يكشف عن نوع خاص من الآيات.
2ـ لو كان المقصود هو القرآن أو الآية القرآنية، كان المناسب إلقاء الكلام بنحو آخر بأن يقول بدل المجيء، "النزول"، فيقول: "إذا نَزَلت عليهم آية". وعلى هذا فلفظ "آية"، فيها، نظيرها في قوله سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَة حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ﴾(يونس:96ـ97).
وفي قوله سبحانه حاكياً عن المسيح عليه السَّلام: ﴿أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَة مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللهِ...﴾(آل عمران:49).
وأمّا علّة اختلاف الأنبياء في أصناف المعاجز، فقد قدمنا ذكره في صدر هذا الفصل.
5ـ وصف معاجز النبي بالسحر
إنّ هناك آيات تصرّح بأنّ المشركين كلما رأوا من الرسول آية، وصفوها بالسحر. قال سبحانه: ﴿وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ * وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ﴾(الصافات:14ـ15).
إنّ تنكير (آية)، واستعمال (رأوا)، دليلٌ على أنّ المقصود من الآية، غير القرآن من المعاجز، وإلاّ لكان المناسب تعريف الآية، ووصفها بالسماع أو النزول.
وهذه الآية نظير قوله سبحانه: ﴿وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَة لاَ يُؤْمِنُوا بِهَا﴾(الأنعام:25).
6ـ النبيُّ الأعظم وبيِّناته
يشير القرآن الكريم إلى أنّ النبيَّ الأعظم بُعث مع البينات، والمراد منها المعاجز، كما تشهد به الآيات الأُخر.
قال سبحانه: ﴿كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾(آل عمران:86).
و"البيِّنات" جمع "البيِّنة"، وهي الدليل على الشيء، وربما يحتمل أنّ المراد هو القرآن، أو البشائر الواردة في الكتب النازلة قبله حول النبي، ولكن ملاحظة الآيات الأُخر الّتي استعملت فيها هذه الكلمة، تؤيّد أنّ المراد المعاجز والأعمال الخارقة للعادة.
قال سبحانه: ﴿وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ﴾(البقرة:87).
وقال سبحانه: ﴿ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾(النساء:153).
وقال سبحانه: ﴿وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾(المائدة:110).
وقال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ﴾(المائدة:32).
إلى غير ذلك ممّا ورد فيه لفظ البينات، وأُريد منه الأفعال الخارقة للعادة. والظاهر أنّ المراد منه في الآية السابقة هو نظائر تلك المعاجز.
7ـ إخبار النبي عن الغيب، كالمسيح
إنّ القرآن المجيد يَعُدُّ إِخبار المسيح صلى الله عليه وآله وسلم، عن المغيبات، من معاجزه، في قوله حاكياً عنه: ﴿وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾(آل عمران:49).
فإذا كان الإخبار عن الغيب، آية معجزة للمسيح، فقد أخبر النبي عن المغيَّبات بكتابه الّذي يجاء به، كما تقدم في الشواهد على إعجاز الكتاب.
الدليل الثالث: معاجز النبيِّ في الحديث والتاريخ
إنّ كُتُبَ الحديث والتاريخ، زاخرةٌ بمعاجز النبي، الّتي لا يمكن نقل معشارها في هذا الكتاب. وقد قام بعض المحدِّثين، بتآليف مفردة في هذا المجال، أجْمَعُها فيه ما أَلَّفه الشيخ الحرّ العاملي (م 1104 هـ)، وأسماه ب"إثبات الهُداة بالنصوص والمعجزات"، وطبع في ثلاث مجلدات كبار. وقد جمع فيها معاجز النبي من كتب الشيعة والسنّة، جزاه الله عن الإسلام خير الجزاء.
مقارنة بين معاجز النبي وغيره من الأنبياء
إنّ أحاديث المسلمين حول معاجز النبي، تمتاز عن روايات اليهود والنصارى حول معاجز أنبيائهم من ناحيتين:
الأُولى: قلّة الفترة الزمنية بيننا وبين حوادث العهد النبوي، وكثرتها بيننا وبين حوادث عهود النبيَّيْن موسى وعيسى عليهما السَّلام، وغيرهما، وهذا يوجب الاطمئنان إلى روايات المسلمين أكثر من روايات غيرهم.
الثانية: تواتر الروايات الإسلامية حول معاجز النبي الأكرم وعدمه في الجانب الآخر، فإنّها تنتهي إلى أفراد قلائل.
ومن أراد الوقوف على معاجز النبي فعليه المراجعة إلى الكتاب الّذي أشرنا إليه حتى تتضح مصادر ما ذكره، ويتبين تواترها إجمالاً، وإن لم يكن بعضها متواتراً لفظاً7.
*الإلهيات.آية الله جعفر السبحاني،مؤسسة الامام الصادق عليه السلام،ج3،ص437-445.
1- وقد وردت آيات بهذا المضمون في سُوَر شتّى
2- ميزان الحق، ص 277. وقد كتبه حول حياة الرسول.
2- لاحظ مفاهيم القرآن، ج 3، ص 118-180.
3- مجمع البيان، ج 5، ص 186. تفسير الرازي، ج 7، ص 748، ط مصر في ثمانية أجزاء، الكشاف، ج 3، ص 181.
4- الدرّ المنثور، ج 6، ص 133، وقد جمع كلمات الصحابة حول شقّ القمر.
5- تقدمت إليها الإشارة في مباحث النبوة العامة.
6- لاحظ النجم:5-18.
7- التواتر ينقسم إلى لفظي ومعنوي وإجمالي، والفرق بينها واضح لمن كان له إلمام بعلم الدراية، وحاصله: أنّ الحديث إذا كان بنصّه متواتراً فهو التواتر اللفظي. وإذا كان كل واحد من الأحاديث غير متواتر نصّاً لكن الجميع يشهد عن قدر مشترك بينها، كالأخبار الواردة حول سَخاء حاتم، وبطولة الإمام علي، فإنّ كلَّ واحد، وإن كان لا يتجاوز أخبار الآحاد، لكن الجميع يتفق في حكاية سماحة الأول، وشجاعة الثاني، فهذا الجامع، متواترٌ معنىً. وأمّا الثالث فهو ما إذا كثرت الأخبار في موضوع، ونعلم بصدور عدّة منها، وإن لم يكن كل واحد معلوم الصدور، كما في المقام، فإنّ كلّ واحد من الأخبار حول معاجزه وإن كان غير متواتر، لكن نعلم بصدور البعض قطعاً، فهو متواتر إجمالاً.