قصة واقعية (الايمان بالله عند الرجوع الى الفطرة)
أدلة إثبات الخالق
انَّ الذين ينكرون الله بألسنتهم، إنَّما هم يؤمنون بالله في أعماقهم. لاشك أنَّ إنجازات الانسان وانتصاراته تثير في نفسه الغرور، وخاصة إذا كان هذا الانسان ضيق الأفق. وهذا الغرور يؤدي به الى النسيان، بحيث ينسى أحياناً حتى نظرياته. ولكن عندما تتوالى عليه ضربات الحوادث في الحياة، وتعصف به رياح المشكلات من كل جانب. تنكشف عن عينيه غشاوة الغرور.
عدد الزوار: 378
انَّ الذين ينكرون الله بألسنتهم، إنَّما هم يؤمنون بالله في أعماقهم. لاشك أنَّ إنجازات الانسان وانتصاراته تثير في نفسه الغرور، وخاصة إذا كان هذا الانسان ضيق الأفق. وهذا الغرور يؤدي به الى النسيان، بحيث ينسى أحياناً حتى نظرياته. ولكن عندما تتوالى عليه ضربات الحوادث في الحياة، وتعصف به رياح المشكلات من كل جانب. تنكشف عن عينيه غشاوة الغرور، وتتجلّى فيه فطرة التوحيد.
إنَّ في التاريخ نماذج كثيرة لمثل هذا الانسان. وفيما يلي نموذج لواحد من هؤلاء:
كان هناك وزير قدير واسع السّلطة، أمسك بيديه كل أزمة القدرة، ولم يكن هناك من يستطيع معارضته.
دخل هذا الوزير يوماً الى مجلس ضم جمعاً من رجال الدين العلماء، فالتفت إليهم وقال بشيء كثير من الغرور: الى متى تظلون تقولون أنَّ للعالم ربّاً؟ إنَّ عندي ألف دليل يدحض هذا القول.
العلماء الحاضرون كانوا يعلمون أنَّ هذا الوزير ليس من أهل المنطق والبرهان، وأنه مغتر بقدرته بحيث أنَّ أية كلمة حق لا تؤثر فيه، ولذا التزموا الصّمت أمامه، ذلك الصمت المليء بالمعاني والازدراء.
بعد ذلك مضتْ الايّام حتى جاء يوم اتهمت فيه الحكومة هذا الوزير، والقت القبض عليه وأودعته السجن.
عندئذ خطر لأحد العلماء الذين حضروا ذلك المجلس أنَّ الوقت قد حان لكي يستيقظ هذا الوزير بعد أنْ ترجل عن صهوة غروره، وازيحت عن عينيه حجب الأنانية، وتنبهت فيه مشاعر تقبل الحق، فقد تنفعه النصيحة. فطلب من المسؤولين السماح له بمقابلة الوزير: فأذنوا له، ولمّا اقترب من زنزانته وجد أنَّه وحيد فيها، وهو يذرع أرض الغرفة جيئة وذهاباً مفكراً ويهمهم ببضعة أبيات من الشعر، مفادها: إنَّنا نشبه صورة الاسد على الراية وكأنه يهجم، ولكنه في الحقيقة لا يفعل شيئاً، إنّما الريح هي التي تعطيه القدرة على الحركة، فنحن مهما عظمت قدرتنا فإننا لا نملك شيئاً في ذواتنا. إنَّ الله الذى منحنا القدرة قادر على أنْ يسلبها منّا وقتما يشاء.
لاحظ العالم أنَّ الرجل فضلاً عن كونه لا ينكر وجود الله، فانه قد أصبح يعرفه حق المعرفة. فتقدم إليه، وبعد تفقد أحواله، سأله قائلاً: أتذْكر يوم قلت أنَّ عندك ألف دليل على عدم وجود الله؟ لقد جئت لأ دحض أدلتك الألف بدليل واحد: إنَّ الله هو ذلك الذي سلبك في لحظة واحدة كل تلك القدرة التي كانت لديك. فأطرق الرّجل برأسه بخجل ولم يقل شيئاً، لأنه كان معترفاً بخطئه بعد أنْ رأى نور الله في داخله.
يخاطب القرآن المجيد فرعون قائلاً: ﴿حَتّى إذا أدْرَكَهُ الغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أنَّهُ لا إلهَ إلاّ الّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسرائِيلَ﴾(يونس:90).
*سلسلة دروس في العقائد الاسلامية،آية الله مكارم الشيرازي ، مؤسسة البعثة،ط2،ص32-34